يوسف الحمدان: "حرير آدم".. المٌغتصب لا يكون دائما ظالما/ متابعة: بشرى عمور
في الندوة التطبيقية التي أعقبت العرض الأردني:”حرير آدم”
بحضور مميز، أعقب العرض الأردني “حرير آدم” الذي قدمته فرقة مسرح الحر مساء اليوم (الأحد 11 يناير 2015) على خشبة مسرح المنصور، ندوة تطبيقية قام فيها الناقد البحريني (د. يوسف الحمدان) بدور المعقب للعرض وذلك بحضور المخرج (إياد شطناوي) وأدراها الإعلامي الكويتي الناجي عبد الستار.
كانت البداية مع المعقب الذي أشار إلى أن تجربة “حرير آدم” للمسرح الأردني نص يحتمل تأويلات كثيرة خاصة أنه كُتب للعرض وطالما هو كتب للعرض،
فبالتالي أن مسحات الكتابة المستمرة والمتراكمة على هذا النص تبقى أيضا موجودة بمعنى يفترض هذا النص يُراكم عليه لأنه عمل شارك في كتابته الممثل والمخرج و المؤلف، هي عملية ارتجال بشكل عام، خاصة وأنه ارتجال لحظي سواء في الكتابة أو الإخراج أو الأداء المستمر من خلال المرتجلات المستمرة. وهو كذلك استخدام للجسد و الكلمة والفعل والفكرة وبالتالي هناك مساحات لنمو المادة المتاحة للقراءة أو التأويل بشكل مستمر، بمعنى أنه هذا النوع من العرض. ولكن حينما نتحدث عن الفكرة عن كيفية معالجة هذا النوع من النصوص وهذا النوع من العروض تبقى هناك أسئلة كثيرة إلى أي حد يكون هذا النص يتمحور ضمن فكرة تستمد أيضا وعيها من وعي وفكر يتملك مساحات من التجلي ويتملك أيضا مساحات أن نقرأه بوصفه ظاهرة جديدة بالمسرح مثلا, أو ظاهرة استطاعت أن تشكل أفقها الذي يُبنى عليه في المستقبل هو سؤال مهم جد أمام قمة هذه التجربة. المسرح حالة غير مستقرة فهي حالة توالد مستمر كما هي المفاهيم تتوالد وكما المصطلحات تتغير وفق الظروف الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية والفنية … أيضا وفق تغييرات المجتمع و أيضا تغيرات آليات الاشتغال على المسرح يكفي هناك أن يبقى من يكتب للمسرح هذا الشيء مهم. وهناك أيضا من يتصدى لكتابة تتغير وهي عملية صعبة وليس بسيطة وفي نفس الوقت تبقى هناك قناعة يعني حينما نتحدث عن قضية المرأة نتحدث بشكل مجرد وأيضا حينما نتحدث عن قضية الرجل نتحدث عنه بشكل مجرد، بمعنى نخشى من التلميط، فمثلا عندما نتصدى لقراءة “عرس الدم” للوركا فإننا نكون أمام نص وفكر ووعي، عندما يتصدى لها المخرج فهي تتحول وتتغير باستمرار لأنه ليس هناك كتابة قارة.
ورغم إشادة (الحمدان) بالجهود المبذولة على مستوى الأداء و الإخراج إلا أنه ظل حائرا بسؤاله:” كيف نرى حالات التحول في هذا العرض والبحث عن دوافع كل شخصية؟ ولم نعرف من الضحية ومن الجلاد لأنه أحيانا يكون المُغتصب مظلوما وليس بالشرط أن بكون ظالما”.
وقبل ختامه لمداخلته أشار المتعقب إلى بعض الملاحظات التي استخلصها من العمل كتلك التي تتجلى في المساحة الكبيرة للمسرود الملحوظ أكثر من المسرود الملفوظ، أيضا ما هي الدلالة التي تم الإشارة إليها بالمشهد الأخير (اختفاء الرأس بالدلو)
وبعد إنهاء التعقيب فتح باب النقاش لعدد كبير من المداخلات لثلة من الباحثين و النقاد و المخرجين و الفنانين الذين تابعوا فعاليات هذه الندوة، وكانت البداية مع (محسن النصار) من العراق، الذي وجد أن العمل اعتمد على قصة واقعية وعندما أدخلت للمختبر المسرحي نجحت في الأداء بإعطاء حالة انفرادية. لكن حركة الممثلات ظهرت ضعيفة وكان على المخرج استغلال مؤهلاتهن بمنحهن مساحة أكبر. الشيء الذي أوقع بإيقاع العمل لكن المخرج تدارك الأمر في المشهد الأخير.
المخرجة المغربية (نعيمة زيطان) فبرغم إعجابها بتعقيب (يوسف الحمدان) إلا أنها وجدت النص قابلا للمسرحة، وأن الجانب التقني كان ممتازا وأن الممثلات امتزن بطاقة ولياقة جسدية . وترى إذ كان هناك أي فشل فهو من طرف المخرج الذي لم يفلح في طريقة طرحه للمواضيع.
أما الكاتب الإماراتي (ناجي الحاي) يرى أن النص لم يحمل أي أسئلة بل سرد لقضايا المرأة ولم يتم التطرق إلى المسببات و الدوافع، معتبرا أن الأمر مجاملة للطرح الغربي في إثارته لقضية حقوق المرأة.
بينما وجد مدير مسرح هانوفر المخرج المغربي المقيم بألمانيا (فتاح الديوري) أن العمل سودويا سواء في سينوغرافيته و خشبته و ملابسه. إلى جانب الصراخ المتكرر، فالصراخ لا يعطي مسرحا.
الباحث الجزائري(د. عبد الناصر خلاف) اعتبر أن العمل هو بيان متحامل على الرجل. حيث طرح سؤالا:” حرير آدم، غاب فيه الحرير و غاب فيه الرجل. فكيف لو حضر آدم في العمل؟؟؟” .
بينما يجد الناقد التونسي (لطفي العربي السنوسي) أن السلطة الذكورية التي كانت في العرض ويجب محاسبتها ما هي إلا تلك التي مارسها المخرج وتعسف عن العرض، بحيث شكل عائقا وراء هذا الخلاص، فمن خلال اطمئنانه للأداء المميز للممثلات وتواجد نص جاهز لم يجتهد في البحث عن قراءة بصرية للنص المسرحي ليتحول العرض إلى عرض خطابي، فلم يذهب إلى الفعل وإنما لردة الفعل.
وكانت خاتمة هذه الندوة لمخرج العرض الذي أشار أن كتابة النص استغرقت ثلاث سنوات، لأن (أروى أبو طير) كاتبته بشكل سردي، ثم تم الاشتغال على ورشة الممثل. وأن فكرة تسليطه على العرض فهي حالة افتعالية حتى يسلط الضوء أكثر عن السلطة الذكورية. معتبرا أن العرض صرخة بإيقاع مختلف به مباغتة وتوثر حتى يوصل الصورة الحقيقية للسلطة التي يعاني منها العالم العربي. ليختم قوله:” لكن لابد أن نشير أن المرأة شريك في هذا التسلط الذكوري سواء بخضوعها أو استسلامها.. “.