"جزيرة الأماني" تأليف: عباس الحايك
*** المشهد الأول
(في حديقة الحي، الأطفال يلعبون، يتزحلقون، ويلعبون الكرة، في صباح إحدى الإجازات. تتضح في الخلف بعض بيوت الحي. يتوقف أحمد عن اللعب بالزحلوقة، ويتجه جهة كرسي الحديقة يسار المسرح، وعلى وجهه يبدو الضيق. ينتبه جواد لأحمد، يتوقف عن التأرجح بالمرجوحة، ويتجه له).
جواد: ما بك يا أحمد. لمَ توقفت عن اللعب؟!.
أحمد: لا شيء. لا رغبة لي في اللعب.
جواد:(وهو يجلس بجانبه) هل هناك ما يضايقك؟
أحمد: (يزفر) لا.
جواد: لا يبدو ذلك. نحن أصدقاء. لماذا لا تخبرني ما بك؟.
أحمد: نعم أصدقاء. ولكني مللت من هذه الألعاب. ليس لدينا سواها.
جواد: لا يوجد في الحديقة غيرها.
أحمد: الإجازة الصيفية بدأت، ونحن كل يوم نلعب ذات الألعاب المملة.
جواد: ولكننا نلعب ألعاباً مختلفة. نتزحلق، نتأرجح، نلعب الكرة.
أحمد: وهل تسمي هذه ألعاباً؟. نحن كبرنا عليها. هي للأطفال الصغار.
(يقترب أكرم منهما بعد أن انتبه لوجودهما بعيداً عن ساحة اللعب).
أكرم: ما بكما. لمَ لا تلعبان؟
جواد: أحمد يشعر بالملل من ألعاب الحديقة.
أكرم: وأنا مثله. نفس الألعاب كل يوم.
جواد: وما الذي نفعله؟.
(يتوقف أمجد عن اللعب ويقترب من أصدقائه).
أمجد: ألن تكملوا اللعب؟
أكرم: لا. ألم تمل من هذه الألعاب؟
أمجد: (يتأفف) مللت. ولكن ما الذي أفعله. ليس لدينا سواها.
أكرم: لو أن لدينا ألعاباً الكترونية كبقية الأطفال.
أحمد: أنهم لا يرضون، كل شيء في هذا الحي ممنوع. أنا تعبت من الممنوعات (يقلد صوت أبيه) لا تأكل الحلويات كثيراً يا أحمد. لا تشرب المياه الغازية.
جواد: (وهو يضحك) كلنا كذلك. الممنوعات أكثر من المسموحات. (يقلد صوت أبيه) لا تشاهد التلفزيون، ذاكر، أكتب، نظف أسنانك.
أكرم: حتى اللعب بالدراجة في الشارع ممنوع، يخافون علينا من السيارات. ولعب الكرة ممنوع. طلبت من أمي شراء بلاستيشن هدية لي على تفوقي فرفضت.
أحمد: وأنا أتمنى شراء آيباد ولكنهما يرفضان رفضاً تاماً شراءه. كيف نقضي أوقاتنا دون تسلية؟!
أمجد: كل شيء ممنوع. متى نكبر ونتخلص من الممنوعات. حينما أكبر سأفعل كلما هو ممنوع علي من أبي وأمي.
(يسمع صوت خلف إحدى أشجار الحديقة، صوت كيس يمزق، وأسنان تقضم طعاماً. يتنبهون لمصدر الصوت. يتلفتون لبعضهم البعض).
جواد: ما هذا الصوت؟.
أحمد: (وهو يضحك) وماذا سيكون غير عمار.
جواد: لا يكف عن عادته. كلنا نعلم بما يفعله.
أكرم: إنه يخاف أن يراه أحد ويخبر أمه بأمره.
أمجد: ومن سيخبرها؟. نحن أصدقاؤه ولا يمكن أن نخبر أمه بذلك.
(يقترب جواد من الشجرة، ثم يهجم على عمار الذي يصرخ من الخوف وسط ضحكات البقية، يخرج جواد عمار من خلف الشجرة. يبدو الخوف على وجه عمار الطفل السمين، وفي يده كيس رقاقات البطاطا، وكيس فيه حلويات).
جواد: لا تكف عن عادتك يا عمار.
عمار: (وهو يحاول إخفاء ما بيده) أي عادة يا جواد؟.
جواد: كلنا نعرف أنك تهرب من الجميع وتستفرد بالحلويات وحدك.
عمار: ولكنك تعرف أن أمي لا ترضى أن آكل الحلويات. تقول أنها ستصيبني بالسمنة.
أكرم: (بسخرية) تصيبك؟. أنت أصبت من سنوات يا عمار وانتهيت.
عمار: هي تخاف أن يزداد وزني اكثر.
أحمد: ولكنها صادقة. أنت تأكل رقاقات البطاطا والحلويات بشراهة. كلنا نعلم أنها غير جيدة لصحتنا. كلها باعتدال.
عمار: (متذمراً) أوووه، ستصير كأمي؟!. أنا أريد أن آكل ما يحلو لي. لا تتدخلوا في شئوني.
أحمد: لا تغضب يا صديقي. أنا أنصحك لأجل صحتك. ستصبح كالبالون إن لم تتوقف عن الأكل.
عمار: أنا أريد أن أصبح كالبالون حتى أطير عنكم وأبتعد عن أمي وعن كل أهل الحي. أريد أن أعيش بعيداً عن الجميع. آكل ما يحلو لي وأفعل ما يحلو لي. لكننا لازلنا أطفالاً.
جواد: (أغنية) أطفالٌ كنا، لكنّا / في التفكير نكون رجال
وسنكبر يوماً لن نبقى / في هذي الدنيا أطفال
عمار: أحلم أن أصبح بالوناً / لأطير وأعلو في الغيمْ
وأسافر في هذي الدنيا / لا ألقى مللاً أو ضيمْ
أحمد: يا عمار خيالك رحبٌ / أنت ستصبح كالبالون
إن أفرطت بأكل الحلوى / ليس كأفلام الكرتون
أكرم: نحن صغارٌ نملك حلماً / أن نحمل ريش العصفور
وجناحينِ نسافر بهما / نصبح أحراراً كطيور
أمجد: نترك هذا الحيَ ونمضي / نحيا من دون الممنوعْ
لا أحداً يمنعنا لعباً / لا نعطش أبداً ونجوعْ
الأطفال:(جميعاً)
من يعطينا ما نتمنى / يعطينا حباً وأمانْ
ألعاباً، حلوى، وأماني / يمنحنا أجمل أوطانْ
(بعدها يدخل عليهم الساحر المرح، وسط موسيقى فرح ومرح، وبالونات يوزعها على الأطفال وهو يغني)
الساحر: جئت إليكم وسأعطيكم / من وطن الأحلام أغاني
أنا مرحٌ وظريفٌ، ساحر / أعطيكم حباً وأماني
قولوا ما يشغلكم، قولوا / أسمعكم، لا خجلاً يمنعْ
أفرح إن حققت أمانٍ / لصغار العالم ما ينفعْ
جواد: (بعد الأغنية وبحماس وفرح) حقاً أيها الساحر المرح ستحقق أمنياتنا؟.
الساحر: نعم يا أصدقائي، سأحقق لكم. ولكن هي أمنية واحدة.
(يندهش الجميع ويقتربون اكثر من الساحر).
أكرم: لكن السحرة يحققون ثلاث أمنيات لكل شخص.
(يضحك الساحر المرح)
الساحر: هذا في قصص الأطفال وفي أفلام التلفزيون. أنا لا أحقق سوى امنية واحدة. فاختاروا أمنيتكم.
أمجد: لكل واحد أمنية؟
الساحر: بل أمنية واحدة للجميع.
عمار: (بإحباط) يا الله. أليس هناك ساحر آخر يحقق أمنيات أكثر؟. نحن لا نريدك.
أحمد: ماذا تقول يا عمار. أمنية واحدة أفضل من لا شيء.
الساحر: إذا لم تكن تريدني يا عمار. سأغادر. ولن يحقق لك أحد أمنيتك.
عمار: يعني ستحقق أمنيتي بأن آكل كل ما أريد دون أن يعترض أحد؟.
الساحر: نعم. إذا اتفق الآخرون معك على هذه الأمنية.
أكرم: لكن هذه أمنيته وحده. إذاً أنا أريد بلايستشن وألعاب فيديو كثيرة معها.
أمجد: (معترضاً) نعم، هذه أنانية منكما. لا تفكران إلا بأمنيتيكما. أنا أريد دراجة أقودها في أي مكان.
أحمد: وأنا أريد آيباد.
جواد: وأنا اريد حريتي بدون وصاية من أحد.
عمار: سيحقق أمنيتي.
أكرم:بل أمنيتي أيها الأناني.
أمجد: بل أنتما أنانيان، سيحقق أمنيتي.
أحمد: بل أمنيتي.
(تختلط أصواتهم بشكل متسارع في صراع واضح، وسط ذهول الساحر الذي يهم بالخروج، ينتبه جواد له، يتوقف عن صراعه معهم..)
جواد: (يناديه) هيه أيها الساحر؟، أين تذهب؟. (لأصدقائه) إنه يهرب.
(يتوقفون عن الشجار، ويقتربون بسرعة من الساحر، الذي يتوقف عن الهرب).
عمار: ى أين تهرب؟.
الساحر: لا أستطيع تحقيق أمنيتكم وأنتم تتشاجرون هكذا.
جواد: إننا نفكر في أمنية نتفق عليها جميعاً.
الساحر: بل تتشاجرون. وبهذه الطريقة لن تجدوا أمنية مشتركة.
أمجد: وما الذي نفعله أيها الساحر؟.
الساحر: فكروا ملياً وبهدوء، ما هو الشيء الذي تتمنوه كلكم.
أكرم: (وهو يفكر) أنا لا أتذكر.
الساحر: فكروا، فكروا.
(يتحركون على الخشبة وهم يفكرون وسط مراقبة الساحر. بعد برهة).
الساحر: هه، ألم تجدو أمنية مشتركة؟
(يتوقفون عن الحركة ويردون جميعاً.)
الجميع:(بصوت واحد) لا.
الساحر: إذاً سأغادر وأبحث عن أطفال يمتلكون أمنيات مشتركة (يهم بالخروج) إلى اللقاء.
الجميع: (يجتمعون حوله) تعال، لا تغادر قبل أن تحقق أمنيتنا.
الساحر: لكن يبدو أنه ليس لكم أمنية.اتركوني أغادر أو فكروا في أمنية.
أكرم: ساعدنا أرجوك.
الساحر: حسناً (يفكر لبرهة) أنا أعلم، أنكم ترغبون في ترك الحي والحياة بعيداً عن آبائكم وأمهاتكم.
أحمد: صحيح.
عمار: نعم نريد ذلك.
الساحر: إذاً هي أمنية مشتركة بينكم؟.
أكرم:نعم، ما رأيكما يا أمجد و يا جواد؟
أمجد: نعم، أريد أن أعيش وحيداً بدون أوامر.
جواد: (يفكر قليلاً) وأنا معهم.
الساحر: إذا سأحقق لكم أمنية العيش بعيداً عن الحي. هل ستتحملون العيش بعيداً عن أهليكم؟.
عمار: (بإصرار) نعم، أنا لا أريد العيش معهم، هم يحرمونني من أكل البطاطا المقلية والمثلجات. لا أستطيع تحمل الحياة معهما.
الساحر: إذا اتفقنا. الآن سأنقلكم إلى مكان بعيد عن الحي؟
جواد: نريد أن تنقلنا إلى جزيرة بعيدة عن هنا.
أحمد:نعم، جزيرة بعيدة عن الحي، جزيرة نعيش فيها وحدنا دون أمهات ولا آباء.
عمار: جزيرة مليئة بالطعام.
الساحر: حسناً، سآخذكم إلى الجزيرة. اسمها جزيرة الأماني. وستعيشون وحدكم دون آباء ولا أمهات.
(يهللون فرحاً. موسيقى)
*** المشهد الثاني
(في جزيرة مهجورة، أشجار، صوت مياه وعصافير، وموج بحر بعيد. يدخل الساحر المرح، ويدخل خلفه الخمسة. صندوق كبير في عمق المسرح).
الساحر: (أغنية)
هيا إلى المواسم السعيدة / هيا إلى الجزيرة البعيدة
نمضي إلى المروج والروابي / هيا امرحوا يا أجمل الصحابِ
يا سعدكم حققتم الأماني / فاستمتعوا بالحب والأغاني
الساحر: ها، ما رأيكم في هذه الجزيرة؟
جواد: إنها جزيرة جميلة. إنها أجمل من حينا.
أكرم:إنها مثل الجزر التي نشاهدها في التلفزيون. أشجار وعصافير وبحر (يقفز بسعادة) يا الله، ما أسعدنا.
أمجد: سنستمتع بها، سنلعب ونسبح ونتسلق الأشجار.
عمار: سآكل الكثير من المثلجات هنا. لن يمنعني أحد. يا سلام.
الساحر:وكما وعدتكم ونحن في الطريق إلى هنا. ليست أمنية واحدة، حققت لكم كل ما تتمنونه. (لأمجد) أتيت لك بالدراجة التي ترغب بها، العب بها كما تريد. هي في الصندوق.
(يهجم أمجد على الصندوق، ويستخرج دراجته وسط مراقبة البقية).
أمجد: (فرحاً) شكراً أيها الساحر المرح. إنها الدراجة التي أتمناها.
(يصعد عليها ويقودها، يأخذ بها دورة).
أمجد: (لعمار) تعال يا عمار جربها.
عمار:أنا لا أحب الدراجات. تتعب ساقاي منها. (للساحر) وأنا؟، هل جلبت لي ما طلبته؟.
الساحر: كل شيء، الحلويات والمثلجات في الصندوق.
(يهجم عمار على الصندوق ويخرج أغراضه، يحملها يعيداً )
عمار: (فرحاً) يا سلام، حلويات ومثلجات لي وحدي، يا سلام.
الساحر: وأنت يا أحمد، آيبادك في الصندوق، وأنت يا أكرم ألعابك في الصندوق. وأنت يا جواد، حريتك هنا، تمتع بها دون أوامر.
(يهجمون على الصندوق، ويستخرجون أغراضهم، يبدو عليهم الفرح، جواد يقفز فرحاً مستمتعاً بحريته. يختفي الساحر المرح).
الأطفال: (أغنية)
حققنا أمانينا / يا رباه لك الشكرُ
يا فرحاً ينادينا / فيكبر في الهنا العمرُ
أحرارٌ بلا أهلٍ / لا يعطون ما نسألْ
أوامرهم تمللنا / فـ-لا تلعبْ، ولا تفعلْ
(ينتبهون لعدم وجود الساحر المرح، يبحثون بنظراتهم عنه في ارجاء المسرح)
جواد: أين اختفى الساحر؟.
أحمد: هل انتهى دوره واختفى عنا؟.
عمار:وما حاجتنا به الآن. لقد حقق كل أمنياتنا.
أكرم:وهل سيتركنا هنا؟.
أمجد:نحن من طلبنا منه ذلك.
جواد: نعم، نحن من طلبنا منه أن يأخذنا إلى هذا المكان، تمتعوا بما حققه لكم من أمنيات. نحن الآن نعيش بحرية تامة، ليس لدينا ما يمنعنا من فعل أي شيء نريده. أنا سأتسلق الأشجار دون خوف العودة للبيت وهجوم أمي علي لأني اتسخت أو جرحت يدي.
أحمد: (يضحك) هاهاها .. إنها هوايتك المحببة.
جواد: وحين أصل لآخر الشجرة سأصرخ.. أنا حر (يصرخ) أنا حر.
أحمد: (تعجبه الفكرة) نعم. نحن أحرار. (يصرخ) أنا حر.
أمجد:(ينظر إليهما بفرح، ويصرخ) أنا حر.
أكرم: (يصرخ) أنا حر.
عمار: أنا حر.
(يرددون نفس الكلمة بصوت عالٍ واحد).
الجميع: أنا حر. أنا حر.
(صوت هروب الطيور عن الأشجار. يتفاجأ الجميع بالصوت. يتوقفون عن الصراخ ويبدو عليهم الخوف، ينظرون للأعلى).
جواد:(يطمئنهم) لا تخشوا، يبدو أننا أخفنا الطيور.
أحمد: يبدو ذلك. دعونا الآن نتجول في الجزيرة، هيا فأمامنا الكثير من المرح.
عمار: والحلويات؟.
أكرم: لاحقاً سنعود لها.
عمار: إذهبوا أنتم. أنا أتعب من المشي.
أمجد: (لعمار) هل أنت متأكد أنك ستبقى وحدك؟
جواد: ولا تخاف أن تبقى وحدك؟
عمار: (بثقة) لا.
أحمد: حسناً لنذهب الآن. اتركوه وحده.
(يغادر الأربعة المسرح ويبقى عمار وحده. يبدأ بالتلفت يمنة ويسرة مع وجود أصوات حيوانات قريبة، يدب الخوف في قلبه، يبدأ بالتحرك.. يتجه ناحية أصدقائه وهو يصرخ).
عمار:(وهو يركض) توقفوا .. سآتي معكم.
(يخرج عمار وراءهم وهو يركض)
-إظلام-
*** المشهد الثالث
(نفس المنظر السابق، أحمد يستند على شجرة وهو مشغول بآيباده، وعمار في يده كيس بطاطا يلتهمها بسعادة، أكرم وهو في يده لعبة الفيديو وأشرطة الألعاب ويبدو عليه الإحباط)
أكرم:ما هذا؟، الساحر المرح يكذب علينا.
أحمد:(وهو مشغول بجهازه) ولماذا؟
أكرم: كيف لي أن ألعب بالجهاز؟
أحمد: مثل ما أنا ألعب بجهازي.
أكرم:يا أحمد، لعبة الفيديو تحتاج لتلفزيون نوصلها به لكي تظهر اللعبة أمامنا ونلعب.
أحمد:(وهو مشغول) أوصلها بالتلفزيون لتلعب.
أكرم:أي تلفزيون؟. هو لم يعطنِ سوى هذا الجهاز وهذه الأشرطة. إنه يخدعنا.
أحمد:هو لم يخدعنا. أعطى كل واحد منا ما يريده.
أكرم: ولكنه لم يعطنِ تلفزيوناً.
أحمد: أنت لم تطلب منه.
(ينتهي عمار من كيس البطاطس، يبحث في أغراضه).
عمار:(وهو يبحث) أنا عطشان، سأبحث لي عن قنينة ماء باردة.(يواصل البحث ولا يجد) ما هذا، لا يوجد قنينة ماء. من أين سأشرب؟.
أكرم:ابحث لك عن ماء لتشربه. واجلب لنا أيضاً نحن نشعر بالعطش.
عمار: ما هذا الساحر. ملأني بالحلويات وأكياس البطاطا ولم يزودنا بالماء.
أحمد: (مشغول بجهازه) لأنك لم تطلب منه.
عمار: وهل يجب أن أطلب منه الماء؟. لقد تركنا في جزيرة مهجورة بدون ماء.
أكرم: وبدون تلفزيون.
أحمد: (مشغول بجهازه) لأنكم لم تطلبوا منه ذلك.
عمار: نت الوحيد الذي تستمتع بما طلبته.
أحمد: وأنت أكلت من الحلويات ما يكفي.
عمار:لكنني عطشان.
أكرم:(لعمار) هيا بنا نذهب بحثاً عن الماء.
أحمد: (وهو مشغول) إذا وجدتم الماء، فاجلبوا لي معكم. أنا عطشان أيضاً.
(يبدو عليهما التذمر، يخرجان من المسرح، يبقى أحمد منهمكاً في جهازه. يدخل أمجد بدراجته وإطارها مفرغ من الهواء ويعلوها الطين الذي يعلو كل ملابسه. يمشي وعلى وجهه الحزن. يتوقف وهو ينظر لدراجته).
أمجد: (لأحمد) انظر ماذا حدث لي يا أحمد؟
أحمد: (وهو مشغول في جهازه) ماذا حدث لك؟
أمجد:اصطدمت بشجرة كبيرة عند منحدر ووقعت على الأرض واتسخت ملابسي بالطين، ودراجتي تعطلت. لماذا لم يعطِني الساحر المرح دراجة تصلح للمنحدرات؟.
أحمد: (وهو مشغول) لأنك لم تطلب منه.
أمجد: وهل يحتاج هذا للطلب؟. إننا في جزيرة بلا شوارع، كيف تمشي هذه الدراجة هنا؟.
أحمد:حين تطلب منه دراجة لا بد أن تحدد له أين تريد أن تمشي بها.
أمجد: وما الذي أفعله الآن؟.
أحمد: تحمل خطأك.
أمجد:يعني أنني الوحيد الذي لن يستمتع بما تمناه.
أحمد: لست وحدك. أكرم لا يمكنه اللعب بلعبته.
أمجد: (مستغرباً) ولماذا؟.
أحمد: لأنه لم يطلب من الساحر المرح تلفزيوناً يشغل به اللعبة.
أمجد: صحيح، كيف سيشغل اللعبة بلا تلفزيون. وعمار؟
أحمد: لم يطلب ماءً أو مشروبات غازية، أكل حتى أمتلأ بطنه، أحس بالعطش.
أمجد: وأنا كذلك، عطشان.
أحمد: أكرم وعمار ذهبا للبحث عن الماء، سيأتوننا بالماء.
أمجد: ألم يعد جواد بعد؟
أحمد: إنه الأكثر سعادة بيننا، يشعر بالحرية وهو يركض في هذه الجزيرة، يتسلق الأشجار، دون أن يسمع من ينهره.
أمجد: وأنت أيضاً. ها أنت تلعب بجهازك بينما نحن خسرنا متعة اللعب.
أحمد:(يضحك بسخرية) لأني أعرف ما أختار. في وقتنا هذا من يلعب بالدراجة؟، أين ستلعب بها، في المدينة الشوارع مزدحمة بالسيارات، الآيباد جهاز صغير ولكنه يجعل كل شيء متاحاُ بين يديك.
أمجد: (محبطاً) صحيح. لو أني طلبت أيباداً مثلك. سأشعر بالملل أكيد دون لعب.
(يدخل أكرم وعمار ويبدو عليهما التعب).
أحمد: (وهو مشغول) هل وجدتما الماء؟.
أكرم:نعم، لكن من الصعوبة الحصول عليه، وجدنا بئراً ولكنها عميقة، لا نملك شيئاً يصل للعمق، ولا نستطيع أن نشرب ماء البحر.
أمجد: وهل سنبقى بدون ماء؟.
عمار: (يبدو عليه التعب) لا ندري، أنا عطشان جداً.
أكرم: يجب أن نفكر جميعاً بالطريقة التي نصل بها للبئر للحصول على الماء.
أحمد:حسناً، سنتعاون، أنا سأصوركم بجهازي.
عمار: شكراً لتعاونك، (بسخرية) ونحن سنصورك ونحن نشرب الماء.
أمجد:يجب أن نتعاون جميعنا، كلنا نشعر بالعطش.
أحمد: أنا مستمتع بجهازي، واستطيع تحمل العطش.
عمار: ليتني أعود للبيت وأشرب من الماء البارد ما أشتهي.
أكرم: اشتقتَ للبيت؟
عمار: أنا عطشان، أبحث عن ماء بارد. أكيد سأحن للبيت. ألا يوجد براد في هذه الجزيرة؟.
أمجد:(يضحك بسخرية) براد؟، ههههه، ومن أين لهذا الجزيرة برادات؟
أحمد:(متفاجئاً) ما الذي يحدث؟، بطارية الجهاز نفذت. يجب أن أشحنه. (يقف باحثاً عن الشاحن، وسط ضحك المجموعة. يأتي بالشاحن وهو يبحث) أين أجد مدخل الكهرباء، قولوا لي أين؟
عمار:(ساخراً) وأين ستجد الكهرباء في هذه الجزيرة؟.
أحمد:هه؟، لا يوجد كهرباء. (بإحباط) يا الله، ما هذا الساحر المرح، لماذا يأتِ بنا لجزيرة ليس فيها كهرباء؟.
الثلاثة: (بصوت واحد) لأنك لم تطلب منه.
أحمد: (وهو ينظر للجهاز) لقد انطفأ الجهاز. ما الذي سنفعله؟.
عمار:يبدو أن هذا الساحر ورطنا هنا. حلقي جف من العطش.
أمجد: وما الذي نفعله؟.
أكرم: ننتظر جواد، ربما وجد ماء وهو يتسلق الأشجار.
أحمد: ما الذي سنفعله والليل سيحل قريباً. الجزيرة بلا كهرباء.
عمار: يعني لا مصابيح؟
أمجد: (يهز رأسه سلباً) لا يبدو. كيف سنعيش في الظلام؟.
عمار: (خائفاً ويبدأ بالبكاء) يا الله، أنا أخاف من الظلام. ماما..
أحمد: اصمت، كيف ستأتيك ماما هنا؟.
أكرم: وأنا أيضاً أخاف من الظلام. والجزيرة يبدو أن فيها حيوانات. قد تهاجمنا ليلاً.
عمار: (خائفاً يبكي) هه؟، حيوانات. لا، لا أريد. أريد العودة للبيت.
(يسمع صوت جواد وهو يصرخ من البعيد..)
ص. جواد: الحقوني، الحقوني.
(ينتبهون للصوت).
أمجد: ما الذي يحدث؟، إنه صوت جواد.
عمار:هل هاجمته الحيوانات؟، (يبكي) يا الله، أريد أن أذهب إلى أمي.
ص. جواد: إلحقوني يا أصدقائي. إلحقوني.
أحمد:سأذهب له، سأرى ربما يحتاج للمساعدة.
(يهم بالخروج من المسرح، يدخل جواد خائفاً، وهو يركض، يحتمي بالمجموعة).
جواد:(خائفاً) إنهم قادمون، إنهم يلحقون بي.
أكرم: من هم؟.
جواد: لا أدري، هل هم حيوانات؟، أو بشر، أو من الجن.
عمار:(وهو يرتجف خوفاً) جن؟، لا، أريد ماما.
(أحمد يتجه لجواد خائفاً )
أحمد: وهل هم قادمون نحونا؟.
جواد: نعم. إنهم قادمون. لا أريد أن أبقى هنا. أريد أمي وأبي. لا أريد الحرية ولا الجزيرة.
(صوت طبول وموسيقى بدائية قادمة من البعيد، تقترب أكثر واكثر).
أمجد:ما هذا الصوت؟.
جواد: هم، إنهم هم.
أكرم: إنهم يقتربون.
(يتجمعون مع بعضهم البعض أكثر يترقبون الأصوات القادمة من البعيد. تقترب الأصوات تدريجياً.. يدخل مجموعة من سكان القرية، يرتدون ملابس باللون الأخضر، وفي أيديهم مسدسات ضوئية، يدخل زعيمهم وراءهم بلون مختلف، وهو شخص بطول عادي. خوف واضح من الصغار، عمار يبكي).
-إظلام-
*** المشهد الرابع
(نفس المنظر، الصغار في منتصف المسرح، ويحيط بهم سكان الجزيرة).
الزعيم: ما الذي أتى بكم إلى جزيرتنا الهادئة؟.
جواد: جئنا نبحث عن الحرية؟
الزعيم: الحرية؟. وهل وجدتها هنا؟.
جواد: بعض الحرية، وليس كلها.
الزعيم:(لعمار) وأنت؟، لماذا جئت إلى هنا؟.
عمار: (وهو يبكي) جئت لآكل الحلويات دون أن يمنعني أحد.
الزعيم: وهل وجدت الحلويات في الجزيرة؟، لا يوجد حلويات هنا.
عمار: لا، ولكن جاء لنا بها الساحر المرح. ولكنه لم يأتنا بالماء أو بالعصيرات. أنا عطشان.
الزعيم: أكلت الحلويات ولكنك رميت الأكياس الفارغة في كل مكان. الجزيرة كانت هادئة ونظيفة وأنت لم تحافظ على نظافتها.
عمار: لم أجد برميلاً لأرمي فيه الأكياس.
الزعيم: وهل يعني هذا أن ترمي الأكياس على الأرض؟. وأنت؟ (لأمجد).
أمجد: (بخوف) جئت إلى هنا لأقود دراجتي دون أن يمنعني أحد. في حينا هناك سيارات كثيرة وأمي لا ترضى أن أقودها في الشارع.
الزعيم:بل جئت لتخرب أرض الجزيرة بلعبتك (لأحمد) وأنت؟.
أحمد: أنا؟، أمي لم تكن ترضى أن تشتري لي آيباد، حصلت عليه هنا لكن لم أتمكن من شحنه.
الزعيم: وهل ترضى أمك أن تخرب هدوء الجزيرة بألعابك؟.
أحمد: لا، أمي لا ترضى أن أزعج أحداً.
الزعيم: لكنك وأصدقاءك أزعجتم من في الجزيرة من سكان وطيور وحيوانات.
أحمد: أنا آسف، أريد العودة لأمي.
الزعيم: ومن سيعيدك لأمك؟. يجب أن تعاقبوا. (لأكرم) وأنت؟.
أكرم: (مرتبكاً خائفاً) أريد ماما وبابا، لا أريد الجزيرة.
الزعيم: (لأهل الجزيرة) هيا اربطوهم في الأشجار لنرى كيف سنعاقبهم.
(يبدأ صراخ الأطفال أثناء هجوم أهل الجزيرة عليهم، يقيدون في الأشجار. بعد لحظات ينفض أهل الجزيرة عنهم، ويظهرون مقيدين على جذوع الأشجار).
جواد: وما الذي ستفعلونه بنا؟.
عمار: نحن ما زلنا أطفالاً، أرجوك سامحنا.
أمجد: نحن نعتذر لك. نريد أن نعود للبيت.
أحمد:لا نريد شيئاً من الجزيرة، فقط نريد العودة. (يبكي) ماما.
أكرم: (يبكي) وأنا أريد أن أعود لأمي ولأبي.
الزعيم: أنتم اخترتم المجيء إلى هنا، تركتم بيوتكم وأمهاتكم وآباءكم لتعيشوا في الجزيرة وحدكم.
جواد: كنا نظن أننا نقدر على الحياة دونهم.
أحمد: لأنهم لا ينفذون مطالبنا، فكرنا في الهرب عنهم.
جواد: كنا نبحث عن الحرية بعيداً عن أوامرهم، افعل، لا تفعل، نم باكراً، ذاكر.
عمار: أمي وأبي يمنعونني عن أكل الحلويات والسكاكر، وأنا احبها جداً. ما الذي تريدنا أن نفعل غير الهروب.
أمجد: أهلي يرفضون أن يشتروا لي دراجة، مرة يقولون أنها خطيرة في الحي بسبب السيارات، ومرة يتحججون بأنهم لا يملكون المال لشراء دراجة. الساحر المرح حقق لي أمنيتي وأعطاني دراجة.
(يقف الزعيم في مواجهتهم).
الزعيم: والآن، سأسألكم سؤالاً واحداً (فضول على ملامح الصبية، ينتظرون سؤاله) أيهما أفضل. الحصول على ما تتمنونه من ألعاب وهدايا وطعام، أو البقاء مع أمهاتكم وآبائكم؟.
عمار: أنا أريد أمي، لا أريد الحلويات ولا السكاكر. أنا أعلم أن أكلها بكثرة يضر بالصحة. فقط أريد أن أذهب إلى أمي وأبي، اشتقت للطعام الذي تعده أمي لي، والسندويشات اللذيذة التي آخذها معي للمدرسة.
جواد:وأنا أريد العودة أيضاً، اشتقت ليد أمي وهي تغطيني قبل النوم، أشتقت لقبلتها، ولحضنها (يبكي) أريد العودة لأبي وانتظار عودته من عمله. لا أريد هذه الجزيرة. لا أستطيع العيش هنا وحدي.
أكرم: وأنا لا أريد ألعاب الفيديو، سأقرأ الكتب التي يشتريها لي أبي، أنا اعرف أن ألعاب الفيديو ليست جيدة للأطفال إذا أكثرنا منها، أعلم أن أمي هي من تساعدني في اختيار الألعاب التي تناسبني. أريد العودة للبيت. لا أريد هذه الجزيرة التي ليس بها كهرباء. ما فائدة ألعاب الفيديو بدون تلفزيون وبدون بابا وماما.
أحمد: وأنا لا أريد الآيباد، لا أريد سوى حضن ماما، ولا أريد سوى بابا، أعرف أنه يحاول أن يسعدنا، يلعب معنا، لكنني دائماً ما أتحجج بالملل من ألعابه. أنا الآن أريده، أريد ماما.
أمجد: وأنا لا أريد الدراجة، هي تعطلت في طرقات الجزيرة الوعرة، خطورة قيادتها هنا، كخطورة قيادتها في شوارع الحي، أمي وأبي مصيبان، قالا سيشتريان لي بشرط أن أقودها في الحديقة حتى لا أتأذى. هم يعرفون ما يصلح لي وما يضر. أرجوك اتركنا نعود.
الزعيم: وهل أنا من أتيت بكم إلى الجزيرة؟.
جواد: لا، إنه الساحر المرح، وقد اشترط علينا أن لا نطلب منه العودة ووافقنا.
عمار: من يعيدنا إذاً؟.
الزعيم: من أتى بكم إلى هنا، هو من يعيدكم.
أحمد: وكيف سيأتي إلينا؟.
الزعيم: يمكنكم أن تنادوه. ويأتي إليكم، كما أتاكم في المرة الأولى.
أكرم: (متهللاً) نعم، سنناديه، هيا ننادي الساحر المرح.
جميعاً:(ينادون) أيها الساحر المرح.. أيها الساحر المرح.. أيها الساحر المرح..تعال إلينا أيها الساحر المرح…
(يختفي الزعيم وسكان الجزيرة، فجأة، تسمع موسيقى أغنية الساحر المرح في المشهد الأول من بعيد، تقترب تدريجياً، يدخل وهو يغني أغنيته التي يقول فيها أنه جاء لتحقيق أحلام الصغار.الفرح بادٍ على الصبية الصغار).
جواد: أخيراً أتيت أيها الساحر المرح. خلصنا من هذا المأزق.
الساحر: (يتفاجأ) أنتم؟. ما الذي حدث لكم.
أكرم: قبض علينا سكان الجزيرة وقيدونا هنا انتظاراً للعقاب.
الساحر: وما الذي فعلتموه ليعاقبوكم؟.
أحمد:يقولون أننا أزعجناهم، وأزعجنا حيوانات وطيور الجزيرة.
عمار: ويقول أنني رميت بقايا الحلويات والأكياس الفارغة في الأرض.
أمجد: أنقذنا أيها الساحر.
الساحر: (غاضباً) وهل تظنونني أعمل لكم فقط. أنا أحقق أحلام الصغار. وهذا العالم مليء بالصغار الذين يملكون أحلاماً (يهم بالخروج) لا تزعجوني، أريد أن أمارس عملي.
الجميع: (يصرخون) لا أيها الساحر المرح، لا تذهب.
جواد: (يتوسل) لا تتركنا هنا وحدنا. أرجعنا لبيوتنا.
الساحر: ماذا؟ أرجعكم؟. لا، لقد اتفقنا أن لا رجعة.
أمجد: لكننا لا نستطيع أن نبقى هنا.
الساحر: هذا اختياركم. أنتم من اخترتم الهرب من بيوتكم والتمتع بالحرية في جزيرة الأماني.
جواد: لكننا لا نستطيع العيش بعيداً عن بيوتنا.
الساحر: نعم؟.. سأذكركم بما قلتم لي (صوت تسجيل للحوار الذي دار بين الساحر والصبية) أنا أعلم، أنكم ترغبون في ترك الحي والحياة بعيداً عن آبائكم وأمهاتكم.
أحمد: صحيح.
عمار: نعم نريد ذلك.
الساحر: إذاً هي أمنية مشتركة بينكم؟.
أكرم: نعم، ما رأيكما يا أمجد و يا جواد؟
أمجد: نعم، أريد أن أعيش وحيداً بدون أوامر.
جواد: (يفكر قليلاً) وأنا معهم.
الساحر: إذا سأحقق لكم أمنية العيش بعيداً عن الحي. هل ستتحملون العيش بعيداً عن أهليكم؟.
عمار: (بإصرار) نعم، أنا لا أريد العيش معهم، هم يحرمونني من أكل البطاطا المقلية والمثلجات. لا أستطيع تحمل الحياة معهما.
الساحر: إذا اتفقنا. الآن سأنقلكم إلى مكان بعيد عن الحي؟
جواد: نريد أن تنقلنا إلى جزيرة بعيدة عن هنا.
أحمد: نعم، جزيرة بعيدة عن الحي، جزيرة نعيش فيها وحدنا دون أمهات ولا آباء.
عمار:جزيرة مليئة بالطعام.
الساحر: حسناً، سآخذكم إلى الجزيرة. اسمها جزيرة الأماني. وستعيشون وحدكم دون آباء ولا أمهات.
(ينتهي صوت التسجيل، الصبية خجلون).
الساحر: هه، ألم تقولوا بأنكم تريدون العيش وحدكم؟.
جواد: نحن نعتذر لك. كما اعتذرنا لزعيم الجزيرة (ينتبه) زعيم الجزيرة؟، أين اختفى؟، وأين اختفى سكان الجزيرة؟.
أكرم: صحيح. أين ذهبوا؟. ألم ترهم أيها الساحر؟.
عمار:هم من قيدونا، واختفوا حين جئت. لا بد أنهم يخافون منك.
الساحر: (يضحك) لا، إنهم لا يخافون. المهم، هل تريدون العودة لبيوتكم؟!
الجميع: (بصوت واحد وبفرح) نعم نريد.
الساحر: كما أعطيتكم ما تتمنونه، سأكون كريماً معكم الآن وأعيدكم إلى بيوتكم.
الجميع: (فرحون) إييه..
الساحر: ولكن بشرط.
جواد: ما هو؟.
أمجد: (متذمراً) شروط أيضاً..
الساحر: إذا لم تريدوا أن تسمعوا شرطي وتنفذونه، فلا بأس. سأترككم هنا.
أحمد: لا، لا عليك. قل شرطك وسننفذه لك.
أكرم: المهم أن تعيدنا. نريد أن ننام على أسرتنا.
عمار: أنا أخاف من الظلام. لا أريد أن أنام بعيداً عن غرفتي.
الساحر: حسناً، أيها الصبية المطيعون. شرطي، أن تعودوا وتعتذروا لأمهاتكم وآبائكم. فلا بد أنهم قلقون عليكم.
جواد: سنفعل، سنقبل رؤوسهم ونعتذر. أرجعنا الآن.
الساحر:بعدها يجب أن تصبحوا صبية مؤدبين، تسمعون كلام أمهاتكم وآبائكم. تتفهمون ماذا يريدون، ولماذا يختارون لنا، نناقشهم في اختياراتهم، نسمع لهم. ونطيعهم.
أمجد: نعم، الكبار قد يرون ما لا يراه الصغار. نعرف أنهم خبروا الحياة ويعلمون ما لا نعلمه.
أحمد: فك قيدنا ودعنا نذهب قبل أن يأتي الزعيم وسكان الجزيرة.
الساحر: لا يوجد زعيم، ولا سكان جزيرة.
عمار: ماذا؟، إذاً من قيدنا في الأشجار؟.
الساحر: إنهم أصدقائي السحرة المرحين.
(يدخل السحرة بملابس تشبه ملابس الساحر، يتوجهون للصبية يفكون قيودهم. تبدأ أغنية النهاية)
الساحر: (أغنية)
يا أطفال..
أنا من دبرت المقلب / أنا من نفذت المطلب
لأعلمكم يا أطفال / لا غنى عن أمٍ أو أبْ
**
من يستغني عن والدة تحنو عليه / من يستغني عن أبٍّ يشتاق إليه
من يستغني عن أهلٍ قولوا يا ناس / يفقد طعم الحب ولا يبقى الإحساس
الأطفال: يا أمي نشتاق إليكِ / يا غالي نشتاق لقاكَ
ماما أجمل من في الدنيا / بابا يرضي الله رضاكَ
ـ انتهت-
عباس الحايك (16 سبتمبر 2013)