النقد.. سمك عسير الهضم.! / أحمد الماجد

عن جريدة الرؤية – الإمارات
(عدد اليوم الأربعاء 10 يونيو 2015)
 
إقتنيتُ فرناً كهربائيا لأول مرة، وأجريت تجارب عشوائية في الشّواء، ومن فرط اعتزازي بمواهبي وقدراتي دعوت صديقين لتذوق سمكاتي، الأول لم يُبد أيّة ملاحظة وتناول طعامه ثم رحل مادحا موهبتي الشوائيّة الفذة!  أما الثاني فترك الطعام غاضبا مع أول لقمة ناصحاً لي بأن أكفّ عن الشواء وأن أتخلص من الفرن، فلمثل ذلك طهاة ومختصون. وقبل مغادرته أخبرني بأن زائري الأول جاملني، وسخر مني بأشد العبارات أمامه وأمام الآخرين.
في ذات اليوم.. وصلني نص مسرحي لقراءته وإبداء الرأي من صديق يجرّب الكتابة ويدعي براعته فيها.. قفزت إلى ذاكرتي فوراً حادثة الفرن.. أردت أن أتخذ موقف صديقي الأول بأن أمتدح وكفى، ثم أمزّق النص وسذاجة صاحبه بسكاكين أمام الآخرين، غير أنني بذلك سأخون من استشارني ولجأ إليّ، وسأجعله يطهو نصوصا لا طعم لها طوال حياته، وسيصاب بصدمة كبيرة حين يطلع على نصوصه كاتب آخر.. واجهته بأن ما يكتبه مجرد أفكار لا تمتّ للكتابة المسرحية بصلة، فالكتابة مثل الطبخ تعتمد على العلم والتعلم، الحرفة والصبر، ولا تنضج إلا على نار هادئة، تحددها معايير وشروط ومقادير ونفَسٌ أيضاً.
صديقي مجرّب الكتابة فترت علاقته بي.. مثلما فترت علاقتي أنا أيضاً بصديق الفرن الممتعض.. غير أن النتيجة كانت واحدة ورائعة.. إنقاذ الساحة المسرحية من خواء جديد ينسب جزافا للمسرح.. واحترامي الشديد لمهنة الشواء وتنازلي عنها حتى لو أنني أملك فرنا كهربائياً حديثاً!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت