المسرح الفلسطيني يمثل المسرح العربي في مهرجان ادنبره/ متابعة: د. فاضل الجاف
شاركت مدرسة سيرك فلسطين في مهرجان ادنبره- فرنج، بعرض مسرحي مبتكر قائم على فنون وتقنيات السيرك وأنا أشاهد العرض الفلسطيني كان سروري شديدا بنجاحه، نال العرض إعجاب النقاد والجمهور المسرحي القادم من شتى مسارح العالم. حقا إنها لسعادة كبرى أن ترى ثمرة إبداعات شعب يخوض غمار الكفاح، في مثل هذا الكرنفال العالمي الضخم، فبالرغم من العوائق و الصعوبات الجمة التي تكتنف العيش و الحياة عامة و العملية الإبداعية خاصة نجح فريق مدرسة سيرك فلسطين من تقديم عرض اجتذب جمهورا واسعا في المهرجان.
جسدت مدرسة سيرك فلسطين مضمونها الفكري و رسالتها الإنسانية بمفردات وتقنيات السرك المعاصر و بكلمات موحية، حيث قدمت صورة حضارية ناصعة عن المسرح العربي، صورة تواكب روح الزمن بمتطلباته و بتجلياته المعاصرة وأمام جمهور عالمي خليط من الأقوام و الأجناس جلّهم من شباب أوج عنفوانهم. و بدلالة أخرى نجحت مدرسة سيرك فلسطين في أن تبتكر لنفسها لغة فرجوية متميزة تخاطب ذهنية الأجيال الجديدة بفاعلية عالية.
وعرض ” حدود- أمر“ تجريب جديد في مجال السيرك، تجريب يمكن درجه تحت عنوان السيرك السياسي، حيث يتناول العرض مشاكل التوتر الإنساني وانعدام الخيارات المتاحة أمام الشباب وسط نقاط التفتيش العسكرية و داخل الأسوار الأسمنتية الشاهقة . في العرض ثمة لاعبان فقط، عشتار معلم و شادي زمرد، وهما من خريجي مدرسة سيرك فلسطين، يقدمان طوال العرض ببلاستيكا متينة وبإيقاعية دقيقة تكوينات جسدية جمالية متعاقبة طوال العرض، تكوينات ذات دلالات سياسية و إنسانية بمستوى فرجوي احترافي. ولابد من الإشارة إلى أن العرض هو من أدائهما وإخراجهما.
يحمل العرض رسائل إنسانية عديدة كالاحتجاج ضد الاضطهاد السياسي وقمع المستبدين من ناحية، والظلم الاجتماعي والتخلف الناجم عن التقاليد البالية من ناحية أخرى. ولعل أهم تلك الرسائل تتخلص في أن الشعوب تتمازج وتتفاعل و أن الثقافات الإنسانية تتداخل معبرة حدود البلدان والقارات، إلا أن المستبدين يمضون متمسكين بأوامرهم التعسفية كأدوات قمع وبطش ضد الإنسان، الإنسان الذي يُذًل أمام نقاط التفتيش، يهان و يعتدى عليه جسديا. عودة إلى الوراء: منذ أن أعجبت بعرض مسرحية “خيل تائهة” في مهرجان المسرحي العربي الدورة السابعة نمت في ذاتي رغبة مشاهدة المزيد من عروض المسرح الفلسطيني، وهنا لابد أن أقدم شكري الجزيل إلى صديقي وزميلي المخرج و الباحث الأكاديمي الكبير البريطاني” روبرت ليتش” الذي فاجأني بدعوتي إلى العرض الفلسطيني” اوامرا-حدود” .
حقا إن مدرسة سيرك فلسطين نجحت في أن يقدم في أحد أهم المهرجانات العالمية، متعة فرجوية متواصلة، نالت إعجاب النقاد والجمهور معا، وكان صدى العرض والاهتمام به في الصحافة البريطانية والاسكتلندية و في القنوات التلفرة البريطانية واضحة للعيان.
وقد جاء تأكيد مهرجان ادنبره هذا العام على الدور الفلسطيني بتخصيص يوم كامل(23/8) للفن الفلسطيني تحت عنوان” الفن الفلسطيني”. وعلى الرغم من الصعوبات والمعوقات المتمثلة بصعوبة توفير فضاءات العرض و الموارد المالية اللازمة و مشاكل الحصول على التأشيرات والتسهيلات السياسية، إلا المهرجان نحج أخيرا في تحقيق مشروع” يوم مخصص للفن الفلسطيني”، حيث تابع جمهور المهرجان شتى أنواع الفنون الفلسطينية: السيرك، الموسيقى، الشعر، الرقص، الفرجة و مسرح الحكواتي.
كتب أحد النقاد عن عرض” حدود- أمر” : ثمة أشياء يصعب على إدراكها، لكن الحركة تأسرني بما فيها الكفاية، كي أبقى مأخوذا طوال العرض لأتابع السرد. فتحية لفريق مدرسة سيرك فلسطين و هنيئا لهم بهذا النجاح وليعتز المسرح العربي بمشاركته الفاعلة في مهرجان ادنبرة من خلال مشاركة الفن الفلسطيني الخلاّق.