عن المسرح المتلفز مرة أخرى / جمال الملحاني
الأصداء التي وصلت عن التجارب المسرحية التي عرضت في المسابقة الرسمية في المهرجان الوطني للمسرح، الذي نظم مؤخرا بمدينة الحمامة البيضاء، تطوان، في الأيام الأخيرة الماضية، أو التي تم عرضها خارج المسابقة في ذات التظاهرة، كشفت عن تطور وتصور إيجابي نوعي في هذا الإبداع الفني العريق، سواء على مستوى مقاربات النصوص أو التشخيص أو الإخراج، الذي أخذ بيده شباب من خريجي معهد التنشيط الثقافي و المسرحي بالرباط أو من المهووسين و المولعين به ممن تمرسوا عليه في المدارس أو دور الشباب أو المركبات الثقافية المحلية.. ، إلى جانب فنانين، زملاء كرسوا حياتهم المهنية والفنية الطويلة لخدمته.. وهي أصداء، حقيقة، تثلج الصدر وتطمئن الفؤاد على المصير المبهم، الذي قد يؤول إليه هذا الفن في ظل ضعف الإقبال على العروض المسرحية ب” المسارح” الوطنية أو بالمركبات الثقافية هنا وهناك في السنوات الأخيرة بسبب وفرة المعروض الفضائي، وهو ضعف، بالتأكيد، ليس ناتجا عن هزالة العروض وإنما عن التسويق و الترويج.. السيء على مستوى الإعلامي – الإعلاني.. بالرغم من أن معظمها بذل فيها مجهود فني كبير على مستويات مكونات الإبداع المسرحي كلها بعدما رصد لبعضها أو معظمها دعم مالي.. من قبل الجهات الوصية الرسمية للكينونة..
هذا الواقع المطمئن، نسبيا، على مستوى الإنتاج المسرحي، و المعكوس على صعيد الترويج و الإقبال.. يطرح من جديد دور ما يسمى ب” المسرح المتلفز” كبوابة من بوابات العرض الجماهيري الذي لا شك له متتبعون، وهم كثر على كل حال، إذا توفرت فيه الشروط المكانية و التقنية ..، وكمخرج جزئي من ” أزمة” يسجلها المشهد في سياق استقطاب الجمهور للمسارح ولو بالمجان.. ، إذ أن ما نتابعه على مستوى القنوات التلفزيونية الوطنية ومدى التزاماها بدفتر التحملات، وخصوصا القنوات الرئيسية، الأولى و الثانية، بما فيها التي تتواجد خارج إطار القطب العمومي “ميدي 1 تي في”، يؤكد أن هذا الالتزام ما هو إلا حبر على ورق، لا مكان له في ما يطلق علية الخريطة البرامجية التلفزيونية الأسبوعية أو الشهرية..، وحتى ولو وضع، فأنه يكون خارج سياق المتابعة المناسبة للمشاهدة ( منتصف الليل وبعده) أو في القنوات الثانوية التي يكاد لا يتابعها أحد .. بالرغم أن جميع، نعم جميع، الإبداعات المسرحية الوطنية، سواء المحترف أو الهاوي، تعلو بكثير عن ما يقدم من دراما وبرامج تلفزيونية فيها هدر للمال العمومي أكثر فيها من إبداع..