مسرحية: "نصف امرأة" كوميديا سوداء/ محمد عبد الحافظ ناصف

* تقديم لابد منه: عندما يكون التخنث لغة العصر والوقوف بين ” نعم ” و” لا ” عنوان الكثيرين وقبلة المهتدين وإمام العارفين ويصبح التخنث العضوي رحمة من الله وفضلاً أما التخنث الاجتماعى والثقافي والأخلاقي والديني والاقتصادي .. ساعتها ستجد نفسك تنحاز إلى اللامنتهى…حيث لا أرض ولا سماء .
 
* شخصيات الحكاية القديمة:
ـ عامر بن ظرب : حكيم من جزيرة العرب، طويل القامة، ذو لحية بيضاء.
ـ سخـــيلــة: خادمة عامر بن ظرب، بيضاء، ممشوقة القوام.
ـ نـــائـــر : مخنث (لا تشير ملامحه إلى كونه رجلاً أو امرأة).
ـ يـســـــر : رجل في الأربعين من عمره، طويل له لحية سوداء.
ـ عــســــر : رجل قصير، سمين له كرش وشارب ولحية.
ـ هــدايــــة : امرأة من نساء القبيلة.
ـ يــاقــــوت: خادم .
ـ جـمــع مــن النـــاس
 
* شخصيات الحكاية الجديدة :
ـ الـراوى: له الحق في التدخل، وهو المخنث المعاصر الذي يعلق على أحداث  الحكاية ومندمج في الأحداث المعاصرة، تتغير هيئته من مشهد لآخر.
ـ بـاســـم : صديق الراوي،  متوسط الطول، له شارب
ـ حـبـيـبــة: فتاه جميلة، أنيقة في ملبسها.
ـ طـبــيــب : ممتلئ القوام، يرتدى نظارة سميكه العدسات.
ـ مــوظــف: قصير القامة، له كرش ، متهرىء الملبس.
ـ حــاجــب : عادى الهيئة .
ـ مـحـقــق : طويل ، له شارب ، يرتدى نظارته .
ـ امــــرأة :
ـ رجــــل :
ـ محــــام :
ـ صـحـفـي:
ـ مصور صحفي:
ـ شــرطــي:
ـ موظف السجل:
 
* تقسم خشبة المسرح إلى جزأين:
جزء للحكاية القديمة، وآخر للأحداث الجديدة، تلعب الإضاءة دوراً هاماً في تحديد كل زمن، فجزء الحكاية إضاءته قوية، وتهويماته الضوئية حمراء، مرتعشة أحيانا، ويلغى التقسيم في الفصل الثالث.
 
* وللمخرج رؤيته الخاصة التي تضيف للعمل فيما يخص عمله.
 
                                      ** الفصل الأول **
مشهد ( 1 ):
(ينفرج الستار عن الراوي، يرتدى بذلة قديمة متهرئة، مستندا على أحد الجدران يترنح، تتابعه إضاءة خافتة، وموسيقى تناسب حالته)
الراوى: ( يستدير كأنه يفيق من حلم مزعج) من هذا الرجل؟ من تلك الفتاة التي يشع الذكاء منها؟ لقد حاول أن يعبر بي طريقاً موحلاً لكنهم جذبونى منه، أخر ما سمعته من صراخ الفتاة إنه …. عامر بن ظرب ( كأنه يتذكر شيئاً ) نعم. عامر بن ظرب،
الشيخ العربي الحكيم الذي حكم في  قضية مثل قضيتي والفتاة سخيلة، نعم الخادمة الذكية، نعم تذكرت. سيرة بن هشام ويالها من سيرة فالحقيقة أنها ليست ملكي لكنى استعرته. ( يدور، بصوت تكسوه نبره حزن عميقة) لا أدرى، أود أن أعرف لكي استريح
من يريد رجمي فليفعل، لست تلفازا (يصفق) أود من يساعدني، يا هذا.هل تساعدني بعدما سمعت عن حكايتي؟
أحد الجمهور🙁 يقف ) لا أعرف، أتود نقودا؟
الـرواى: ( بحسرة ) لا يعرف، لم يحدد شيئا قل نعم، قل لا ( بحدة ) حولوني إلى أي نوع تشاءون لكن إلى ما أنا ميسر له.لا إلى ما تفضلون. ما أصعب أن تكون مجهول الهوية ( موسيقى ) فقدت بطاقتي الشخصية منذ مولدي. لكنكم تملكون بطاقات، تعرفون لكم هوية.
أحد الجمهور:( بسخرية) أتود أن تسير بلا بطاقة .. وبأي شيء تيسر. أتود أن يعبث بنا المخبرون؟
الـراوى: ( بسخرية) وتقولون تقدم وتكنولوجيا وقناة فضائية وثورة معلومات، هاتوا ما عندكم واعرفوا من أنا ( ها .. ها ) لكن لن تصلوا لشيء. لأنكم لا تريدون الوصول، هل قرأتم حكاية عامر؟ !
أحد الجمهور:( بغباء ) لماذا؟ عندنا التليفزيون الملون .
اـراوى : (يرفع كتاباً في يديه) هاتوا صفحة عامر وسخيلة . . قد تجدون عندهما  الحل فتتعلمون. انظروا لحالي وحال نائر . . لن أعفيكم من المسئولية كما لم تعف القبيلة عامر وسخيلة . . آه يا عامر .
( يشير بيده  إلى الجزء الأول الذي ستدور عليه الحكاية فيضاء عن ساحة بها خيمة وبجوارهما عنزة مربوطة.. موسيقى عربية توحى بهذا الزمن، جمع من الناس يتـجـمـع رويــــدا . . رويــدا )
الرواي: ها هي الحاية تحب نفسها. لا تحتاج إلى راوٍ ولا تعليقات. آسف، سوف أذهب، فقد مللت الحكاية وكرهتها لأنها تذكرني دائماً بحالي .
( تنحسر الإضاءة عن الراوي وتتجه إلى  الجزء الأول )
يـسـر:( يرتدى جلباباً عربياً، يبدو عليه الهدوء) ما لنا نحن فليكن ما يكون يا قوم، رجل، امرأة مثلما يريد.
عـســر:( يرتدى هو الآخر جلباباً متشابهاً .. بعصية) كيف يا رجل؟ بالطبع رجل؟ ( يشيح بيده ) أتريد أن يتحول رجل من القبيلة إلى امرأة؟ كيف نواجه القبائل الأخرى بعد ذلك؟ هو رجل ولن نرضى به غير ذلك، وإلا فالسيف هو الحكم.
هداية:( يبدو عليها الدهاء) لا تغضب نفسك يا أخي عسر يا معشر الحي، هي امرأة وليست رجلا، مالكم تختلفون على الشيء الواضح البين؟ ألا يرتدي رداء النساء ( تهز رأسها ) ألا تمتلك صفات المرأة؟ إذن هي امرأة .
يـسـر: نعم يا أختاه .
عـسـر: (بحدة) كان بالأمس يعتلي صهوة جواده أليس ذلك من صفات الرجل؟ القوة، الفتوة، إذن هو رجل.
يـســر : لم أنكر ذلك.
الجــميـع : نعم. نعم. هو الرجل بلا شك.
هداية : مهلا يا سادة . لا ( بهدوء ) هي امرأة وليست رجلاً.
الجميـــع : نعم .نعم . قد تكون امرأة .
عســــر : لا .لا ( بعصبية )
نائـر: ( يدخل بتثاقل، يسير وكأنة امرأة)
هدايـة : مرحبا، ها هي قد جاءت.
عســر : ( بحدة ) لا . هو قد جاء .
يســـر : أري أن نسـأله، أي نوع ميسـر له ، لها ؟ !
عســـر: ( بحدة ) ماذا تقول يا أخي؟ ليس هذا من شأنه ( بتعجب ) شأنه ما هو عليه وهو رجل هل سنغير خلق الله ؟ !
يســـر : لم أقل ذلك مطلقاً.
هدايــة : ( بعصبية ) هي امرأة. لماذا تنكرون؟
عســر : هل هو رجل. لماذا تنكرين أنت؟
هدايــة : معشر نساء القبيلة يرحبن به.
عســر : والرجال يسوؤهم أن يكون امرأة؟ أين ماء وجهنا بعد ذلك يا امرأة؟
يســر : ( يقتربون جميعا من نائر) ارجع إلي رشدك وقل من أنت؟ رجل أم امرأة؟ لقد تاه عقل القبيلة
نائــر🙁 بصوت نسائي) امرأة. ومن أنت؟
يســر : ألا تري؟ رجل
عســر : ( بحدة ) وتسب رجلاً حراً. أيها المارق الكاذب ( يمسكه من رقبته ..بسخرية) كيف تقبل يا رجل أن تكون امرأة؟ !
شي مخز ( يقذفه بعيداً)
نـائـر: (بنفس الصوت) ولم لا؟ أشعر أنني امرأة أمتليء بما تمتليء بة النساء من إحساس وشعور، ما لكم تنكرون علي ذلك أيها الرجال؟ لي مالهن.
هداية: ( بفرح) أرأيت يا عسر. هو يفضل أن يكون امرأة.
نائــر: (بأسى) لكني أجدني أيضاً رجلاً .. أجدني أحيانا محاصرا بالشهامة والشجاعة. لا أحب أن أكون ضعيفاً في خضوع الأنثى. بل أحب أن أكون قوياً أعتلى صهوة جوادي وأقاتل.
هدايــة🙁 بتعجب ) كيف؟ هل تراجعت عن جنسك بسرعة؟
نائــر:لا . لكن إحساسي الحقيق امرأة.
عســر: بعصبية ) أنت تلعب بعقول القبيلة ( بحدة ) كيف؟ لقد احترنا معك واخشي أن نتحكم في النهاية للسيف
هدايــة : لا .. ما ذنبه لكي يقتل؟ هل عهدتم منه التخاذل( بصدق ) هل نسيت ( لعسر ) أنك هربت  يوم هجمت علينا القبيلة المجاورة؟ هو لم يهرب . قاتل بشهامة.
عســر : كان وقتها رجلاً شهمياً.
هدايــة : العمل والفعل وليس الكلام هو المهم (بسخرية ) يا عسر يا أخي ، كل رجل يشعر بأنة الوحيد الشجاع والقوي، كما تشعر كل أنثي.أنها سيدة نساء العالم .
عــسر : ( بحدة ) لا بد من قتلة فوراً.
يســر : لا .. نحتكم إلي رجل حكيم عاقل
عســر : رجل عاقل مثل من؟
هدايــة : أري ذلك أيضاً؟ قد يصيبنا بنوره .
يســـر : ( كأنه وجد شيئاً ) لا أحد غيره : عامر بن ظرب .
هدايــة : عامر من؟ ابن ظرب.
يســـر : نعم
هدايـــة : أحكم من ولدته القبيلة، عقمت النساء أن تلد بعده حكيماً
الجميــع : نعم . نحتكم لعامر بن ظرب .
عســـر : يا لها من عضلة!
يســــر : لكنه قادر علي حلها بإذن الله، فكم من مشكل وجاء لنا بحلها .
( يخرجون جميعاً واحداً بعد الأخر )
نائــــر: ( إضاءة مركزة عليه ) فهذا شأني أنا كما قال عسر ( ينزوي بعيداً) جميعكم تعرفون لكم مصيرا، كل منكم يدافع عن جنسه وليس عني الرجال يثقل على أنفسهم أن أكون امرأة والمرأة تود أن تنتصرعلى الرجل؟ تود أن تثبت للرجل أنها رجل لكنها أجمل منه، لكنك لا تعرف لك هوية من أنت؟ من أنا؟ ( يسقط )
                                                                ( إظلام )
مشهد (2):
(يضاء الجزء الذي ستدور عليه الأحداث الحالية وهو حجرة استقبال. يرتدي قميصاً نصف كم وبنطالا من نوع ( الجينز )).
باسـم 🙁 يقف ويدور في قلق) أعهده .. قاطع الموعد، لم أعهد عليه أي تأخير ( ينظر في ساعته ) تمام السادسة إلا ثوان.( ينظر ناحية الباب ) فقط أنت القلق ( صوت جرس الباب )
الرواي : ( يدخل )
باسـم 🙁 بتودد ) مرحباً بك
الـرواي : (يرتدي كباسم) بالثانية ( ينظر في ساعته )
باسـم : حقا ، تفضل بالجلوس. دقائق و أعد لك الشاي الذي تحبه( يخرج)
الـرواي🙁 بسخرية ) أين النفس التي تتقبل شيئاً؟ كلهم يسخرون مني ويلعنونني. كأني أرتكب ما يؤذيهم.
باسم🙁 يدخل الشاي) ها هو الشاي، سكره خفيف كما تحب
الـرواي: شكراً، ( لنفسه ) خفيف، ثقيل لا يهم.
باســم : أري الحزن مرسوماً علي وجهك ! ما الخبر ؟
اـرواي : للجميع يقف ضدي كما تعرف.
باســم: لا تقلق نفسك. أنت دائماً أسرع من يأخذ قراراً.
الـرواي : كيف ( يقف ) وأهلي تنكروا لي ؟! لم أجد واحداً منهم يود رؤية وجهي. رحمك الله يا أمي. لم أرها، تركني وحيداً أصارع، وأبي ما لبث حتى تزوج ومات ( إيماءة) والباقون عقارب تلدغ.
باسـم🙁 بحنو ..ويربت علي كتفه) هل تشك في صداقتي لك؟
الـراوي : لا . لا أجد غيرك مرفأ. أنت أخر ضوء يشع لي.
باســم: وأنا لن أتخلي عنك أبداً بالرغم من ذلك لا أراني فاعلاً لك شيئاً فأنا لا أملك إلا المشاعر الصادقة والتي لن تنفعك، فالناس تقذفني بنظرات لا أستطيع تفسيرها. وكأني أرتكب جرماً لأنك صديقي، ويفرون مني كأني جزام رغم  أنهم ( يصمت).
الـرواي: (بأسي) ولم لا وقد صرت شبهة يفر منها الجميع. ولدتني أمي هكذا، وتربيت علي ذلك، قالت لهم “الداية” إنني ذكر فعشت كما قالت .. لكن زوجة أبي بعد شهور اكتشفت أنني أنثي، وتربيت ذكر، وتعددت الرويات وانقسموا علي أنفسهم.
باسـم:(يجلسان) لا تغضب .. سوف نجد حلاً لماذا لا تذهب إلي طبيب يحاول علاجك؟
الـراوي🙁 بسخرية) هل تعتقد أن لي علاجاً بالعقاقير هل ستغير الحبوب والحقن ما تربيت عليه؟
باســم : ولم لا .. وبالجراحة أيضا . ألا تسمع عن المغني الأمريكي الذي غير شكله. لكل داء دواء .
الـرواي : يغير لون جلده .. لا دواء لي عندهم .. أي علاج سوف يطيح  برأسي ( يغضب ) لكن يجب أن أكون شيئاً محدداً .
باســم: ( يقف ) وبالطبع ترغب أن تكون أنثي.
الـراوي : ليس رغبتي، ولكنها الحقيقة التي تسري بداخل، أعرف أنني  أسبب لك ما لا تطيق لكن ذنبك أنك صديقي
باســم : أعلم أن هناك هرمونات تزيد ذكورة فلماذا لا تأخذ الحقن التي تساعدك؟
الـراوي: المشكلة ليست عقاقير لكنها حقيقة داخلية.
باســم🙁 يدور) نعم ألا يسيطر عليك إحساسي الرجولة أحياناً؟
الـراوي : ( فترة صمت ) عندما أستثار أجدني أمزق داخلي
باســم : إذن هناك أمل
الـرواي : ( بيأس ) أمل ضعيف كالمخدر. ما إن ينتهي مفعوله حتى يزداد  الجرح ألما ولن يكون لي دور كرجل
باســم:(بأسي) ولن يكن لك دور كأنثى كما تريد. كل ما أريده مصلحتك ( بتعجب ).
الـراوي:(فجأة) لو أصبحت فتاة تتزوجني؟( صمت )
باســم🙁 تعجب ) ماذا تقول
الـراوي: تتزوجني ( يجلس )
باســم🙁 بتردد ) لا أعرف (يحرك رأسه ويديه حركات هسترية) أنت صديقي. لن أقبلك غير ذلك.
الـراوي : لو صرت امرأة أفقد صداقتك؟!
باســم: ( بتردد ) لا أدري .
( وتنحسر عنه إضاءة وتسلط بقعة ضوء علي الراوي )
الـراوي: ( يبعد عنه عدة خطوات) بذهول كل منكم يمارس حالتي بشكل أو بآخر الرجال في الشوارع في ثياب النساء والنساء في ثياب الرجال ( موسيقي ) حتى الأصوات اختلطت ( يقف ) حتى الشيء المميز أصبح تائها ً
باسـم🙁 لنفسه) هي الطبيعة. فالكون يسير بين قطبين نعم ولا.
الـراوي : بين نعم أو لا ( بحدة ) لكن كيف الاثنان معا في نفس الوقت؟َ!
( يظلم هذا الجزء ويضاء الجزء الآخر .. يجلس عامر بن ظرب علي صخرة بجوار خيمته وتقف بجواره سخيلة جاريته)
سخيلــة🙁 ترتدي جلبابا عربيا) عمت صباحا يا سيدي
عامـر: وعمت صباحا يا سخيلة (يظهر علي هيئته الوقار والهيبة) دائماً ما تمارسين هوايتك .
سخيلـة: هواية؟ لا أدري  ماذا تقصد يا سيدي، لا أعرف لي هواية غير رعي الغنم وخدمتكم ( تتحرك )
عامـر: ( بابتسامة)  ألا تعرفين يا سخيلة؟ لقد عهد الجميع منك ذلك
سخيلة :ماذا تقصد يا سيدي؟( بلطف) لماذا تتأخرين في الخارج بالغنم للرعي؟ وتتأخرين بالعودة به أيضاً؟ نعم نعم فهمت ما تقصد أتأخر في الخروج والعودة لعدة أسباب يا سيدي، منها أنني أحب أن أرعي الغنم بمفردي وبهدوء، فعندما يراني الناس متأخرة يعتقدون أنني مهملة والغنم جائعة، فأحفظها من الحسد ويحاول البعض أن يساعدني، وتكون لي نصف الدينا
عامـــر🙁 يضحك ) ولماذا تتأخرون في العودة؟
سخيلة : ببساطة. لأنهم سيرون بطون الغنم ممتلئة، فيدفعهم ذلك إلي عدم مساعدتي والحقد علي، ومعظمهم رجال كما تعرف يا سيدي.
عامــر🙁 بابتسامة) معك في شأن الحسد ولك الحق، ولكن لا تأخذي مساعدة وأنت معك يا سخيلة وغنمك ممتلئة البطون
سخيلــة: لا يا سيدي. المفروض أن يساعد كل منا الأخر( بثقة ) ثم ماذا يفعلون؟ شيء بسيط، واحد يسمك لي عنزة هاربة وأخري شاردة
عامـــر: (بسخرية) يا لك من ماكرة يا سخيلة.
سخيلة : كيف يا سيدي !
عامـــر : لكن في البكور الخير فقد يهجم عليك ذئب في الليل
سخيلـــة: ( بثقة) لا تخف يا سيدي ..ألا تريد شيئاً أخر؟
عامـــر : أعطني قربة الماء لكي أواصل القراءة
سخيلــة : ( تتحرك ) بكل سعادة يا سيدي الشخ
عامــر : صبحت والله يا سخيل
سخيلة : (تحضر الماء) تفضل يا سيدي
عامـــر🙁 يشرب) شكراً لك يا سخيلة لا أود أن أقول لك اليوم، مسيت والله يا سخيل
سخيلة : سمعاً وطاعة يا سيدي
عامـــر: أحسنت يا سخيلة إن فعلت
                                             ( إظلام )
مشهد ( 3):
(يضاء جانب الأحداث الحالية إضاءة خافتة، يجلس الراوي علي مقعد في حديقة في انتظار فتاة، وهي حبيبة)
الــراوي: ما لها قد تأخرت؟ (ينهض يبدو علي القلق) قد قلت لها تؤخر الميعاد ساعة أخري قالت نعم وبمجرد انتهاء لقائنا قالت لا. إذن هي قادمة .. أكثر من ساعة وتأخرت.
حبيبـة: (تتقدم في بطء) أسفة جدا.. تأخرت عليك ( تجلس )
اـراوي: هه .. ما الأخبار ( يجلس )
حبيبة : أخبار . ماذا ؟
اـراوي : قلت لي بالأمس إنك لن تقبلي
حبيبة🙁 تنهض ) لا اقبل ماذا؟
الراوي🙁 ينهض ) هذا الشاب الذي تقدم لخطبتك.
الحبيبة🙁 بتعجب ) هيه .. كيف أقبل رجلاً غيرك؟! أحيانا ً أشعر بأن تهذي ( تضع يدها علي جبهته) هل أنت ساخن؟
الراوي:(بانكسار) لم لا؟ لكني أود معرفة أخبارك
الحبيبة: (تقترب منه في تودد) أنت الأول والأخير بالنسبة لي، لن أقبل غيرك زوجاً. وعهدنا معا، أنسيت ؟
الـراوي : لكني لست جاهزا قد تأخرت عليك أكثر من ذلك
الحبيبـة : ألست تمتلك الباءة؟
الــراوي: نعم . لا أملك ما تطلقون عليه الباءة (بحسرة) المهم أن أملك الباءة الحقيقة
الحبيبة: (بمكر) هل أنت متأكد من ذلك ؟
الـراوي: ( يطرق إلي الأرض خجلاً )
الحبيبـة: لا تبتئس. سوف أنتظرك إلي أن تستعد تماماً ( تقترب منه )
الراوي:(يبتعد) سوف تنتظرين كثيراً، والأزمات مستمرة والخلوات طائلة.
الحبيبة : طالما أنت بجواري لا يهمني شيء
الـراوي: وأهلك. ماذا ستقولين لهم؟
الحبيبة : سأقول لهم إنك حبيب ولن أتزوج غيرك وهكذا يكفي
الراوي : لا أعتقد أري أن سعادتك ليست معي لن أنفعك في شيء. لست قادراً علي فعل شيء يسعدك
حبيبــة🙁 تزداد قرباً منه) لا تقل هذا .. ليس لي حبيب إلا أنت؟ !
الـراوي🙁 يدور ويحدث نفسه) أحس كأني أجمل منها ـ تسري أنوثتها في أوصالي كيف أقول لها إني .. إني مثلها
الحبيبـة🙁 بحنان) قل ما تشاء .. لا تخش شيئاً نعم. أنت مثلي .. تشبهني في الطباع، لذلك يجب أن نتزوج، لقد وجد كل منا شطرة.
الـراوي : لن . لن أستطيع أن ..
الحبيبــة🙁 بأسي) هكذا ( تقترب منه) لكني لن أغضب منك .
الـراوي : أسف لكني أود أن ..
الحبيبة: ( بحدة) هل تحب فتاة أخري؟
الــراوي : لا .. لم أحب غيرك أبداً ولم أر أحداً في عيني سواك
الحبيبـة🙁 بأسي) إذن ماذا تقول؟ طالما أنك لا تحب غيري فكل شيء سهل
الـراوي🙁 بصوت هادئ) اصغ إلي جيداً أنا لا أشعر بأني الرجل المناسب لك
الحبيـبة:(بحدة) وأنا أراك الرجل المناسب لي
الـراوي🙁 بعصبية) لست رجلاً
الحبيبة: بل أحسن رجل في العالم كله، لن أنسي أنك الذي انتشلتني من الضياع، لن أنسي موقفك في أشد اللحظات سوء، سوف           أتزوجك شئت أم أبيت
الراوي🙁 بعصبية ) لا. لن أتزوجك
الحبيبـة: لماذا؟
الـراوي : لا أستطيع أن أقول لك السبب
الحبيبة: من حقي أن أعرف حتى كصديق أم أنك تنكر صداقتنا أيضا
الراوي:(لنفسه) نعم صديقتى .. لكن كيف؟
الحبيبة:(بهدوء) تحب واحدة أخري . أليس كذلك؟
الــراوي🙁 بتردد) نعم أحب واحدة أخري
الحبيبة: وتخدعني من زمن بعيد (بحدة) ولماذا لم تقل ذلك من البداية؟ جعلتني أحبك وأحارب الكثيرين من أجلك .. وأنت تحب أخري أجمل مني؟ ( تختال بنفسها ) قل لي إذن؟
الـراوي: (يطرق خجلاً) لا . بل قبيحة
الحبيبـة : فلماذا تحبها إذن؟
الراوي : لا أدري
الحبيبة:ستظل هكذا لا تدري لا بد أن تعرف .. أعترف أنني خدعت فيك (بحدة) لكني .. لا أدري ماذا أقول لك؟ سنتلاقي معا مرة أخرى ( تخرج )
الـراوي:(بعصبية) انتظري، سأقول لك الحقيقة سأقول الحقيقة (يخر علي الأرض) لماذا لم أجد لها ما أقوله ويحدث ما يحدث ؟ ما الفرق بين حالتي تلك وحالتي العضوية (بأسي )؟ لا فرق . لا أعرف . وأريد حلا !
( موسيقي .. ثم يظلم هذا الجانب .. يضاء جانب الحكاية . تقف سخيلة بجوار صخرة ترعي الغنم )
سخيلة:(بإعجاب) ما أحكم سيدي عامر! أود أن ابقي معه الدهر كله. كل السادة قلوبهم شهباء جامدة علي العبيد (بأسي) ولم لا؟ فنحن حقهم في هذه الدنيا. لم نخلق عبيدا لعبيد ولم يقل لهم آدم أننا حقهم وإرثهم، ما أظلم هذا الإنسان لنفسه وغيره!
يا قـوت:(عبد يقترب منها) عمت صباحاً يا سخيلة كيف حال المرعي معك؟
سخيلة:(بلؤم) كما تري … الغنم جائعة وبطونها خاوية انظر لها .. ها هي ( تشير ).
يا قـوت: آه منك يا سخلية أراها ممتلئة والحمد لله لكنك دائماً تستطعين أن تكسبي عطف الجميع (بمكر) لا تقولي ذلك، فأنت رشيقة كالغصن ويرغبك الجميع، السادة قبل العبيد
سخيلة: آه منك، أعرفك (تشير لرأسه) هذا الرأس يدور فيه الكثير.
يا قـوت: يا سخيلة، أنت تعرفين ما يدور بها كالوعاء تطهين فيه ما تشائين.
سخيلة:وما رأي سيدك عسر؟
يا قــوت: موافق ويبدي استعداده
سخيلة : لكن سيدي عامر لن يرضي لي غير حر. اذهب وتحرر أولا ثم  تعالي إلي .
يا قـوت : هذا شيء بعيد المنال؟ فسيدي لا يحب غيري
سخيلـة : بل لا يتلذذ بخدمة أحد غيرك، حاول أن تفهم.
يا قــوت : أفهم لكن ما حيلتي لابد من ثمن لسيدي عسر.
سخيلــة : سيدي يود لي الخير أما سيدك يود لك الشر هيا اذهب. فلست بلهاء كي أنجب عبيدا.
يا قــوت : لا تود أن تنجب عبيدا والأرض ملأي بهم، تريد أن تنجب أحراراً .. ( يذهب بعيدا عنها )
سخيلــة : ( بصوت عال ) عندما تحرر تعال، ستجدني في انتظارك (لنفسها) لا بد من عمل يجعل سدي يرضي عني لقد وعدني بالحرية إن أتيت له بشيء لم يؤت من قبل . كيف .. كيف ؟ ( تنقر بالسبابة علي رأسها )
                                          ( إظلام )
مشهد(4):
( جزء الأحداث الحالية عيادة طبيب يجلس خلف مكتبه يقرأ، إضاءة خافتة مركزة علية .. موسيقي )
الطبــيب:(ينهض) لقد تعبت اليوم كثيراً, عجيب أمر هؤلاء الناس يتسترون وراء ملابسهم، يتعالون علي لا شيء، يهرعون إلينا معشر العجزة الأطباء عن شفاء أنفسهم من صداع يطلبون منا الإنجاب، أنا نفسي عقيم أود سماع كلمة أبي، ولكن (يدور ) هذه المهنة علمتني أشياء كثيرة (يسمع صوت دقات علي الباب)
الرواي: (يدخل في تثاقل) أسف، سوف أثقل عليك (تتنوع الإضاءة وتشتد )
الطـبيب: تفضل ( يشير له بالجلوس) لا شيء فهذا عملي، رفيقي وحسن الرفيق لو صادقته
الراوي:(يقف) لقد حدثتك في التليفون عن حالتي ووعدتني أنك ستجد لي حلا
الـطبيب:(يدور) نعم، أتذكر جيداً
الـراوي : والحل (يجلس) أشعر كأني منشطر، يسير كل جزء مني في اتجاه مضاد، أود أن أجمع أشلائي الممزقة في كل صوب ( يضع يديه علي وجهه)
الــطبيب:(بصدق) الأمل موجود دائماً
الـراوي : لكن الدواء أشد فتكا من الداء
الطبــيب:(يربت علي كتفه) لا بد من الألم، فكل شيء بيديك هاتين
الـراوي:(ينظر ليديه) كيف؟ ويدي مرتعشة، ومتردد !
الطبـيب:(بثقة) عليك أن تختار الأنسب لك وما أنت ميسر له .
الـراوي : والناس ؟!
الطبــيب: دعك منهم. ماذا تود أن تكون؟
الــراوي : إنساناً
الطبــيب : لا أفهم . ما أعرفه وتعلمته التحديد رجلاً أم امرأة؟
الــراوي : إنساناً سواء كنت رجلا ً أم امرأة
الــطيب : عليك أن تختار
الــراوي : الاثنان بداخلي
الطبــيب : فكر أي منهما تكون. أنا جاهز مع توقيعك
الــراوي:(يقف) وهل سيوافقون علي ـن أكون امرأة؟
الطبــيب : لا أدري ولم لا؟ هي حياتك أنت وجسدك الذي تمتلكه بشرط ألا تضره
الـراوي : لكن لن أجد أحداً يساعدني سيحاول الجميع أن يقيد تلك الحرية بل وسيقتلها إن استطاع
الطبـيب : المهم أن تحدد ماذا تود أن تكون ؟
الـراوي : ( يدور وتسلط عليه الإضاءة ) حقا .. يجب أن أختار جسمي أنا حر فيه، أكون ما أكون أكون ما أنا ميسر له ويختارون معي إن أرادوا تحديدا و لكنهم سوف يختلفون، ليس علي وإنما مع أنفسهم. سأذهب كي أقدم طلباً للنقابة غدا .
( يظلم هذا الجزء ويضاء الجزء الذي تدور عليه الحكاية بعد نصف دقيقة.. خيمة يقف بجوارها عسر ويسر وهداية وياقوت)
عســر: (بغضب ) هذه عضلة ما بعدها عضلة، أري أنها أعضل شيء سيعرض علي عامر
يســر : ( بلطف) لا شك إنها نائرة ولكنة قادر بإذن الله علي حلها. قد حل قبل ذلك كل مصائب القوم بحجته ورجاحة عقله
هدايـة:(بثقة) سوف يصل إلي الحل الظافر و  إن كنت أري يكون امرأة.
عســر: سنعود ثانية إلي الجدل الفارغ نحن معشر القبيلة أحسن الناس تشدقا بالكلمات. كل منا يحسن كلامه ويلوك ألفاظ جيدا
ياقــوت:(بحماس) أحسنت يا سيدي ( يقف بجواره )
عســر 🙁 بحدة ) هل أمرتك أن تثني علي؟ حتي عبيد القبيلة أجادوا المدح
ياقــوت:(لنفسه) ولم لا ؟ لكي نعيش أيها السيد الفظ
يســر: ( ينادي بصوت معتدل ) يا عامر بن ظرب، يا عامر ..  يا حكيم العرب
عســر : (بغلظة) يا عامر
عامــر:(يخرج من خيمته) من؟
يســر: أنا يا عامر
عامــر :مرحبا، يا سعادة عامر بكم جميعاً
عســر : (بغلظة) أفضل أن نجلس هنا
يســر : حسنا قلت يا عسر
يســر : جئنا لأمر هام يا عامر، عضلة نائرة لا نري لها حلا
يســر : (يهمس في أذن عامر) إن شاء الله سنجد الحل.
هدايــة : هذا ما نرجوه منه جميعاً
عامــر : ( ينادي) يا سخيلة
سخيلــة : ( تخرج من الخيمة ) نعم سيدي عامر ( بتأدب جم )
عامــر: (بلطف) أحضري شراباً من لبن وعسل
سخيلــة: (تنظر لياقوت) السمع والطاعة يا سيدي ( لنفسها ) لماذا هم هنا ومعهم يا قوت؟ ( تدخل الخيمة )
عامــر : ما المشكلة يا قوم والله المعين؟
يســر : اختلفنا في أمر أحد أبناء القبيلة لا هو بالرجل الخالص ولا المرأة نراه متحمسا في النزال وامرأة تأتي صنيع النساء
عسـر : (بغلظة) هو رجل تمرد علي نوعه وأراد النوع الأخر، يكفر بكونه رجلا ( بعصبية ) يكفر بخلقة ربه ويود أن يكون امرأ ، شيء عجيب
سخيلة :(تدخل بالشراب) تفضلوا يا سادة ( تنظر لياقوت الذي يقف بجواره سيده عسر) سوف أذهب يا سيدي لرعي الغنم، وهل تود شيئا أخر مني؟
عامــر : اذهبي يا سخيلة .. بارك الله فيك ، نعم . ثم ماذا؟
هدايــة :(بعصبية) لا يا عامر، هي امرأة مملوءة بحماس الرجال، أعمرك لم تر امرأة بهذا الشكل؟
عامـر: رأيت نساء بهذا الشكل كثير (تفضلوا الشراب) تقصدون أن له ما للرجال وما للمرأة سبحان الله . يا لها من نائرة (يصمت ) ثم ماذا؟
يســر : هذا ما اختلفنا بشأنه ونود أن تهدينا بالحل
عســر : (بحدة) نود حلاً يريح الجميع لقد أصبحت رؤوس رجال القبيلة في الطين، لم يحدث ذلك من قبل فينا
هدايـة:(بحقد) آه منكم معشر الرجال تعتقدون أنكم أسياد العالم كله، حتى الحرائز منا يشعرن بالعبودية من أمثالكم (تشيح بيدها)
عامــر : لا يا هداية كلنا ولد آدم
عســر : ليس هذا موضوعنا. بل ما قلناه لك هو ما يشغل بال الجميع، أري أن نذهب الآن وندعك تشغل فكرك (ينهض الجميع)
عامــر : تصبحكم رعاية الله (يخرجون) يا لها من عضلة (يدور) اللهم اهداني إلي حلها يا رب . متي؟
                                                           ( إظلام )
 
 
                                           ** الفصل الثاني **
مشهد (1):
(تضاء خشبة المسرح علي حجرة  بها مكتب يجلس وراءه موظف يرتدي بذالة متهرئة)
الموظف: صبحنا وصبحت المشاكل، أود أن أعمل شيئا ينفع، مرتبات لا تسد رمقاً. نأتي نلعب ونهرج ونجوع ونأخذ ما لا ييسر   لمعدة حركتها (بسخرية.. يقف ) لا مانع عندي أن أعمل في جهنم، مع الشياطين الزرق لكن أجد ما يجزي هذا العمل.
الـراوي: (يدخل في تثاقل..لنفسه ) تري هل سيوافقون علي طلبي؟ لقد جهزت كل شيء .. الورقة البيضاء (يخرجها من جيبه) والدمغات التي ارتفع ثمنها .. والقلم كل شيء معي (يقترب منه).
الموظف:(بسخرية) أول واحد سيدخل علي سأحول أن أجعله يأتي غداً لم أتناول فطوري بعد .. ولم أحل الكلمات المتقاطعة
الراوي:(بصوت منخفض) صباح الخير يا أستاذ ( يقترب من مكتبه أكثر )
الــموظف:(باشمئزاز) نعم . ماذا تريد ؟
الـراوي : أود أن أقدم طلباً للنقابة
الــموظف: تعال غداً سيكون أحسن حالا أما اليوم فالغيوم والسحب وقد تمطر .
الـراوي: يا أستاذ . . يا أستاذ .
الـموظف:(يدير رأسه)
الراوي : الشمس في الخارج حارقة
الـموظف: أراها كذلك (يأخذ منه الورقة.. بإهمال) طلبك ناقص
الـراوي : لماذا ؟
الـموظف : لأنك لم تقدم شيئاً .. الورقة البيضاء. هل تود أن تقدم طلبا لإدارة النظافة؟ ها .ها (يشاركه الرواي ثم يصمتا)
الـراوي : لا أعرف الصيغة لتقديم هذا الطلب وجئت أسألك
الـموظف : أي صيغة تقصد ؟
الـراوي : طلب جراحة عملية خطيرة
الـموظف : هل أنت مريض؟ ( باستهزاء ) أراك في أحسن حال
الــراوي : هل تري ما بداخلي ؟
الـموظف : لست جهازاً للأشعة . جراحة ماذا ؟
الــراوي : جراحة تحويل إلي الجنس الأخر.
الـموظف : تود أن تكون شيطانا أو جنياً؟ هل أنت تخاوي العفاريت؟ من زمان وأنا أود معرفة عفريتة جميلة .
الــرواي : ( بحدة ) من رجل إلي امرأة
الــموظف : (ينهض بتعجب) نعم .. ماذا تقول ؟!
الــرواي : ( بحدة ) كما سمعت
الـموظف : قل كلاماً آخر يا رجل عيب ما تقول .. ستكون مسخرة الصحف والإذاعات المحلية والأجنبية لا ..لا .. أنت تمزح يا رجل
الـراوي : ( بحدة )لست مازحاً . هي حريتي . لا شأن لك بها .
الـموظف : ( بحقد ) إذن اكتب ما تريد .. أصبح التحويل للجنس الآخر موضة، شيء يجن الجن نفسه ويشيب الرأس الصلعاء.
الــراوي : ( يكتب ) خذ .. ( بحدة )
الـموظف : أين الدمغة؟
الــراوي : ها هي ( يضعها )
الـموظف : شيء غريب .. انتظر بعض الوقت ( يخرج )
الـراوي : ( بتعجب ) هل ارتكب ذنباً في حق أحد هي حريتي ( بانفعال ) إن كان في القانون ما يجرم ذلك فأهلا بالموت، أعرف أن الموضوع شائك بالنسبة لهم، لكني لا أطلب إلا ما أحسه بداخلي.
 ( يدخل الموظف للمسرح ثانية )
الموظف:عرضت طلبك لكنة رفض بالإضافة إلى خصم يومين مني. الله يخرب بيتوكم جميعاً، أنا ناقص مجانين، يكفيني زوجتي.
الرواي: (بدهشة) لماذا؟ وإن أجريت الجراحة، ماذا سيحدث؟
الموظف:(بضيق) يتحول الطبيب الذي أجري الجراحة إلي مجلس تأديب، وقد يفصل عن عمله ويشطب من النقابة وتكون السبب.
الراوي: تذكروا أنني جئت إليكم طالباً معونتكم لكنكم رفضتم ( يخرج )
الموظف:(يواصل حل كلماته المتقاطعة) يا له من مخبول؟ هو مجنون لا محالة يود أن يكون امرأة شيء مخجل .. علي الدنيا السلام (يفتح الجريدة) مجتمع معكوسة ع.م.ت.ج.م.الحروف الثلاثة الولي .. عمت .. عمت مساء .. أفضل شيء في الجريدة الكلمات المتقاطعة.
( يظلم هذا الجانب من الحكاية عن عامر بن ظرب بجوار خيمته(
عامر:(يرفع يده) سبحانك اللهم تهدي من تشاء، أي وجهة أدير وجهي شطرها؟ أين أنت أيها الرأي الصائب؟ يا لها من عضلة يا عامر (يدور حول نفسه ثم يجلس علي الصخرة)عندما يأتون غداً ماذا أقول لهم؟ كم يحز نفسي أنهم ذهبوا وهم مطمئنون أنني سأصل لحل ما أصعب أن يخيب أمل واثق فنك .
سخيلة:(تدخل في إعياء) آه .. ما أصعب يوم المرعي، أي عمل فيه راحة إلا المرعي تجد عنزة جرت يميناً وأخري يساراً وعليك أن تحضر الاثنين معاً.
عامـر: (لنفسه) هناك حتما شيء مفقود (بحدة) كل شيء له حل بإذن الله ( يقف )
سخيلة:(بود) عمت مساء سيدي عامر
عامـر : مسيت والله يا سخيلة لا تتأخري هكذا .. أخش عليك
سخيلة:(بثقة) لا تخش يا سيدي .. فأنا جاريتك سخيلة، تعرفني تماما، بأمر الله أسهل الصعاب
عامــر: حسن . عهدت منك ذلك منذ نعومة أظفارك (يدور) كفاك تعبا يا سخيلة ألا تكفيك الغنم طوال اليوم
سخيلة: ( بعطف ) أرك لا تولي وجهك شطر شيء
عامــر: لا شيء. عضلة جاءت إلي تسعي
سخيلة : دائماً يعينك الله علي كل شيء ما أصابك في ليلتك هذه؟
عامـــر🙁 بيأس) ويلك يا سخيلة … دعيني أمر ليس من شأنك
سخيلة : ( بدهاء ) قد يجعل الله سره في أضعف خلقه.
عامــــر : دعيني يا سخيلة
سخيلة : ( بدهاء ) ماذا حدث يا سيدي ؟
عامـر:(لنفسه ) نعم قد يجعل سره في أضعف خلقه عسي أن تأتي بشيء جديد أو سبيل يهديني، ويحك يا سخيلة، أعرفك لحوحة في طلبك.
سخيلــة:(باهتمام) نحن يا سيدي
عامـر : أختصم إلي في شأن خنثي، أأجعله رجلاً أم امرأة؟ ( يدور ) ولا أدري ماذا أفعل؟ ولا أري فيه حلا
سخيلـة:(بدهشة) سبحان الله إنسان لا هو بالرجل الخالص ولا المرأة، وأعتقد أنة لا دخل لك في أن يكون رجلاً أم امرأة، قل لي سيدي
عامــر : نعم
سخيلـة : إن جئت بحل يرضيك بماذا تكافئني؟
عامــر : كما قلت لك من قبل؟ إن جئتني بشيء لا أدركه فأنت حرة يا سخيلة
سخيلـة:أعهد فيك الصدق يا سدي، لم تقل لي شيئاً إلا حققته، ما أريده .تصمت ).
عامــر : ماذا ؟
سخيلــة : ياقوت .. خادم سيدي عسر
عامــر : أعرف أنه يود الزواج منك
سخيلـة : (بخجل) نعم
عامــر : نعم . لكنه ليس ملك يميني
سخيلـة : تستطيع أن تقنع سيدي عسر أن يحرره
عمــر : نعم، لك ما تريدين هاتي ما عندك يا سخيلة
سخيلـة:(بدلال) كم أنا مشتاقة لسماع موافقة سيدي عسر
عامــر : آه منك يا سخيلة .. قلت لك إنه سيوافق، لك يا قوت يا سخيلة .. إن شاء الله.
سخيلة : أشكرك لك سعة صدرك يا سيدي، شيء واحد نستعين به في تلك القضية
عامــر: ها هو؟
سخيلــة : البول
عامــر:(بتعجب) البول
سخيلـة : نعم . القضاء المبال
عامــر: ( بتعجب ) القضاء المبال . كيف يا سخيلة ؟
سخيلـة : وهو البحث عن إمارات تدل علي طبيعة الشيء، إمارات تحدد جنسه
عامــر : أفصحي يا سخيلة
سخيلـة : أي أن هناك علامات تخص كل نوع بعينه
عامــر : أفصحي أكثر
سخيلـة:(بخجل) أقعده يا سيدي؟ فإن بال من حيث يجب أن يبول الرجل فهو رجل وإن بالت من حيث يجب أن تبول المرأة فهي امرأة.
عامــر: ( بذهول ) حسن. فرجتيها والله يا سخيلة؟
سخيلـة: ما رأيك يا سدي؟
عامــر: نعم الرأي يا سخيلة يصعب علي أن أحررك لكني وعدتك أنت حرة يا سخيلة
سخيلـة : وياقوت يا سيدي؟
عامــر : سأحاول مع عسر
سخيلــة : سوف أذهب لكي أعد لك الطعام ( تذهب )
عامــر : نعم. أستطيع الآن أن أتناول الطعام، ما أصعب أن تتحمل مسئولية غيرك وما أصعب أن يوليك ثقته كاملة، الآن أستطيع النوم، في الصباح الباكر أعرض عليهم الأمر.
                                         ( إظلام )
مشهد ( 2):
 (إضاءة خافتة في عيادة الطبيب ….  يدخل الرواي في تثاقل، موسيقي حائرة. إضاءة)
الـراوي : لا أحد يعرف شيئاً عن شيء كامنا تائه في ظلمات النفس، يعبث في أشياء الغير ويسخر، قد يجد الحجة ليفعل ذلك لكن، لا أملك حتي الرفض، أقف بين نعم ولا، لا أقدر أن أمسك حتى بزمام  الكلمة
الـطبيب:(يدخل) ها .. ماذا فعلت؟ أرجو ….
الـراوي: لا .. خير. رفضوا إعطائي الختم أو التوقيع (بسخرية) لم أسمع حتى رأي الرئيس، أبلغني من يقف ببابه الخبر (بيأس) رفض الطلب ورماني بالجنون.
الـطبيب🙁 بأسي ) موقف مبهم من مبهم، لا أملك أن أفعل شيئاً لك
الـراوي: بل تملك .. أفعل ما قلت لك، أنا حر في نفسي.
الـطبيب: لست حراً .. لا تملك أن تتصرف في شيء منك إلا بأوامر.
الـراوي : أنا مسئول عن نفسي أفعل ما أشاء من يملك أن يعاقب منتحراً غير الله (بهستريا) نعم قد أفلت منكم منتحرا، من منكم يملك أن يعاقبني؟ (ها . ها )
الـطبيب: (يربت علي كتفه) هدأ نفسك. وقع إنك مسئول عن نفسك، عن علاجك، عن جراحتك وسوف أغامر لأجلك.
الـراوي : خذ ما شئت من المال، صعب أن تجد الروح بجسدين، اقتلوا في أحدا منهم ليعيش الآخر، الرجل المرأة (للطبيب) ما شئت أقتل .
الـطبيب: لا أدري ما ينفعك ؟
الـراوي: ( بعصبية ) اقتل ما شئت، حررني من عبودية أحدهما.
الـطبيب: (بيأس ) سأحاول سأغامر لأني مقتنع بالقضية ( بحيرة )
الـراوي : ( بيأس ) حاول. حاول، قد تفلح في إنقاذي.
الـطبيب : غداً .. إجراء الجراحة وليفعلوا ما يشاءون.
( يظلم هذا الجانب ويضاء الأخر بعد ثوان. يقف عامر بجواره خيمته … موسيقي )
عامــر: أشعر بسعادة لا حد لها سيأت القوم الآن ( يقترب من هداية ويسر وعسر وياقوت )
يســر : صبحت يا عامر ….أراك سعيداً ولعله خير
عامــر : نعم
عســر : أري الحل بريقا في عينيك
عامــر : نعم
هدايــة : نعم يا حكيم العرب
عامــر : الفضل يرجع لله ثم سخيلة يا هداية
هدايــة : ( بتعجب ) سخيلة ؟!
عســر : ( بحدة )
سخيلـة : من ؟
يســر : كيف يا عامر ؟
يا قـوت : ( لنفسه ) لعلها أتت بالشيء الغريب الذي تحدثت عنه من قبل
عامــر : هي التي أشارت علي بالرأي الصائب ، عشت ليلة لم أر فيها النوم
هدايــة : ( بتعجب ) وبعد يا عامر.
عامــر : قلت لها ما قلتم وأشارت علي
عســر : ( بحدة ) بماذا ؟
عامــر : عليك أولا بتحرير رقبة ياقوت
ياقــوت : (تنفرج أساريره.. لنفسه) أنا ….. سخيلة وراءها
عســر : لا ضير، العبيد كثيرون
عامــر : أقول لك إذن (بدهشة ) أشارت علي بمبدأ الاستدلال بالإمارات
يســر : كيف ؟
عامـر : قالت أقعده .. فإن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل، وإن بالت من حيث تبول المرأة فهي امرأة
هدايــة : حقا
يســـر : نعم الرأي ما قالت سخيلة
عســر:عرفت الآ لماذا تود تحرير رقبة ياقوت ( ينظر إلي ياقوت ) لا  ضير يا ياقوت لكن .. من يدخل معه؟
عامــر : يسر وسخيلة .. ما رأيكم؟
هدايــة : رأي لا بأس به
( تدخل سخيلة ويسر مع نائرة )
نائـر: (يقبل عليهم في لهفة) هل توصلتم لحل، أرجو أن يصل سيدي عامر لحل محدد من أنا؟ إلي أي نوع أنتمي؟
عامــر : نعم يا نائر سيدخل معك يسر وسخيلة وستتبول وستعرف أيهما تكون هيا ادخلوا الخيمة ( يدخلون )
( فترة من الصمت والترقب … موسيقي )
هدايــة : ( في قلق ) أتمني أن تكون امرأة
عامــر : رجل ، امرأة ، المهم أن يكون شيئاً واحدا . أن يستريح من عذاباته
هداية : نعم يا عامر. ما أصعب أن تكون ممزقا
عامر : هذا نعم الرأي
( تتجه الإضاءة إلي الخيمة كأنها حجرة جراحة ،يخرجون جميعاً من الخيمة )
سخيلة:(في خجل) وكأنها خرجت من غرفة العمليات بعد حالة ولادة رجل يا سيدي لقد كسبت القبيلة رجلاً
يســر:(بفرح) رجل يا معشر القبيلة و نائر من اليوم رجل
الجميـع : نعم نائر .. نائر
عامــر : الحمد لله علي هدايته لنا
نائــر : كل ما أطلبه من الجميع أن يعاملونني علي ذلك ، وسأثبت لكم أنني نائر
عامــر : ولك ذلك علي القبيلة كلها وأن عدت فالسيف هو الحكم ..
( تشتد الإضاءة ثم تخفت تدريجيا )
                                        ( إظـــلام)
 
                                 ** الفصل الثالث**
مشهد ( 1):
(يجلس الراوي علي أريكة في عمق المسرح وإضاءة خافتة، تركز بقعة ضوء عليه يتمدد علي الأريكة، تهويمات ضوئية موسيقي …. يتجول ببطء)
الــراوي : تري ماذا سيفعلون بنا غدا، لو أنني أجريت عملية التحويل، يحاكم الطبيب هو الآخر. أم أن له طريقة للتعامل معهم؟
ما ذنب هذا المسكين إلا أنه متعاطف معي (يضع يديه علي رأسه) لم أعد أحتمل. رأسي كادت تنفجر لم أنم منذ زمن، لقب لعب بي التشتت، أود أن ينتزع هذا الأرق من عيني لدقائق أنام فيها ( يتجه إلي الأريكة ويتمدد محاولا النوم )
( تهويات ضوئية وموسقى وتخفت الإضاءة تتدريجيا )
صوت من الخارج : سوف تحاكم ……. تحاكم
(إظـــلام)
مشهد (2):
( ساحة محكمة، على المنصة القاضى وبجواره مستشاراه، على اليمين منه منصة النيابة وعلى اليسار الراوي وراء القضبان)
حـاجب: محكمة . محكمة .
( يقف البعض وظل البعض جالساً )
القاضـي:(باستهزاء) الجميع يقف، لكن أقول لكم فليقف من يقف ويجلس من يجلس.
رجـــل: لست قادراً على الوقوف يا سيدي القاضي .
امــرأة : أنا حامل يا سيدي ولا أستطيع النهوض .
القاضـي: لا ضير. خذي راحتك وتستطيعين النوم إن شئت. جلستنا معروفة لديكم أسبابها وسنحكم فيها الحكم العادل على هذا الشخص ( ويشير للراوي )
رجــل: كل شيء نعرفه إلا اسمه .
القاضـي: وأنا أيضا لا أعرفه (يعم المحكمة موجة من الضحك) سكوت من فضلكم ( يصرخ )
رجــل: وكيف نحكم عليه وبأي اسم تنطق حكمك، هل نشير إليه ونقول حكمت على هذا أم ماذا تفعل يا سيدي؟
القاضـي: لقد احترت معه ومعكم، لو قلت نائر قلتم نائرة، لو قلت نائرة قلتم نائر، أرسو سفينة حيرتي أيها السادة .
الــرجل🙁 بإهمال) أي اسم. المهم أنه معروف لنا بشكله هذا
القاضــي: اجلس أيها الرجل ودع العدالة تعمل في صمت ..
المــرأة : إنه يخفى اسمه يا سيدي، كي يظل باسمه فقط، يخشى أن يأخذ منه الاسم، سأعرف اسمه وأسمى المولود على اسمه.
القاضـي: لو قلت اسمه لانتهت القضية، وما كان هناك داع لوجودكم هنا، أرجوك نود أن نواصل عملنا بلا ضجيج، حضرة المحقق تفضل بقراءة مذكرتك
المـحقق: شكرا سيدي ( بصوت واثق ) بداية .. فالقضية قضية مجتمع، تقولون لي كيف؟ أقول لكم هذا الشخص الذي أمامكم والمدعو بلا اسم، إلى الآن يسخر منكم ولا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم. يود أن يشوه صورة الإنسان في كل مكان من العالم .
الجميــع:(هياج)كيف .. كيف ؟
الـمحقق:(بهدوء) لو أنه صار رجلاً لثارت النساء على الرجال، وتهشمت صور الرجال عند النساء، وأصبحوا بلا قيمة لهم في الحياة أليس كذلك؟ هل ترضون يا معشر الرجال بذلك؟
الجميـع🙁 يقفون) لا لا
الـمحقق : ولو أنه تحول إلى امرأة!! يا لضيعة بنات حواء. من وجوده بين صفوفهن، ما أقبحها؟ وأي تشويه مقصود أكثر من ذلك لصورة المرأة، وكل الرجال سترفض النساء لأجله ساعتها تبور كل النساء في العالم، وقد يكون وراء ذلك منظمة إرهابية تعمل على هدم المجتمع، هل ترضين يا نات حواء ذلك؟.
المــرأة: لا . لا ( بحدة )
الـراوى : (يقف في عصبية) حدد لي أنت. أي نوع أكون؟ طالما أن الرجال ستثور والنساء سوف يرفضن. حدد لي من أكون
مع الجن أو مع الشياطين؟
القاضـى:(يهدأ من سخونة القاعة) سكوت أيها السادة. أي صوت غير الذي أذنت له سآمر بحبسه، للمحكمة هيبتها ووقارها أيها السادة، لسنا في سينما ” ترسو “.
الـراوي:(يجلس) حسبي الله ونعم الوكيل.
المــرأة:(بسخرية) حقا ما أقبحه امرأة (لنفسها) لكن كونه امرأة فيه منفعة للمرأة، على الأقل سيأخذ كالأنثى في الميراث. وعلى ذلك سيزيد حق الأنثى بصفة عامة لأنه .. لكن يأخذ كرجل ..
الـمحقق:(يتجول) هل فهمتم يا سادة مأربه؟ هو يود أن يثير البلبلة بين أوصال المجتمع، أنا أتهمه بالخيانة والتعامل مع دولة أجنبية معادية (موجها حديثه للراوي) قل أخذت منهم كم، ونحن على استعداد أن نعفو عنك؟
الجميـع : جاسوس . جاسوس . اقتلوه .
الــراوي: (ينهض) ماذا تقول أيها المحقق؟ ما دخل ما أنا فيه بالجاسوسية والجواسيس، هذا النهار لن يمر بخير
القاضي🙁 للراوي) اجلس ولا تتكلم ثانية وإلا سوف أحكم عليك.
الراوي: احكم بأي شيء، لكنك لن تجد شيئا ( بسخرية ) هه . هه .
القاضــي: وقح . اكمل يا أستاذ مذكرتك .
اـمحقق : هذا ما أقوله .. ولكم الخيار. لقد وضحت وجهه نظري، وافعلوا ما شئتم أيها الناس، لذلك أطالب بأشد العقوبة، والضرب بيد من حديد على كل فاسد مثله.
الرجل : نعم . نعم. وأظنه امرأة ادعت أنها رجل، لكي تأخذ نصيباً أكثر من الميراث كما قالت الأخت، أنت امرأة لا تحاول لك النصف (بحدة) المرأة لابد من حرقها في ميدان عام. أتود أن تسرق حق أخواتها؟
صحفي: (يكتب بسرعة) تحرق. تعدم. رجل . امرأة. يا لها من صفقة سوف تزلزل بلاط صاحبة الجلالة، سأكون أشهر صحفي في هذا البلد .
القاضي: بهدوء يا سادة كي نصل إلى حكم عادل، سنستمع إلى وجهة نظركم  جميعاً في القضية. وسنعتبركم شهوداً في القضية إن أردتم.
رجـل:(شاهد زور) يا أستاذ حرام عليك  نحن شهود ومعروفون ومعنا تراخيص أنأكل عيالنا؟
فتاة:(تقف فجأة..بحنو) لا يهم أن تكون قبيحة أم جميلة يا سيدي القاضي. أراكم تتحاملون عليه. ماذا فعل لكم لكي يتهم بكل هذه التهم القاتلة؟ لم يرد أن يحمل بداخله النوعين، أراد أن يكون واحداً(تشير بإصبعها) لا أخف عليكم أنني كنت أحبه شاباً وسيماً رجلاً.
القاعة: (من تلك الفتاة)
الفتاة: وسوف أصادقها فتاة مثلى، هذا الذي تتهمونه بالخيانة لم يخن مرة، لم يمس يدي مرة. بل قال لي حقيقة أمره ولى الخيار.
( صياح في القاعة )
القاعة : إنها حبيبته.خائنة مثله، خائنة مثله.
الفتاة : لست بخائنة يا سادة. بل أقول الصدق، القادر منكم يحدد له نوعه، يناديه رجلاً أو امرأة (بحدة)
الراوى:(يقف) أعرف أنكم تقذفون كل من يدافع عنى، شكراً لك، كنت أعرف أنك سوف تأتين.نعم (بحدة) حدد إلىّ من أنا؟
الجميع هنا لا يستطيع أن يقول نعم أو لا، يود الجمع بين الاثنين في كل شيء، أنت أيها القاضي لا تستطيع عمل شيئا، تقف جامدا أمام قانون، تعرف أن هذا الشخص سارق لكنك تحكم ببراءته لعدم ثبوت الأدلة المادية.ها . ها .
القاضي:من سمح لك بالكلام؟ حقا. لقد عُدم الحياء من الدنيا!
الفتاة : اتركه يتكلم أيها القاضي.
المـرأة: لا تتركه.
الرجــل: اتركه.
الحاجب:(بسخرية) حدد لهم يا سيدى يتكلم أم لا؟!
القاضـي:(حائرا) يصمت. يتكلم، فلا حاجة لنا بحديثك الآن وكلامك قاذف، فقد سمعنا إليك ما فيه الكفاية وما زلت تهذى.
الـراوي:(يتعجب) لم أقل شيئا غير الرد عليكم، تلك الحقيقة أيها السيد.
القاضــى : يكفيك ذلك من عليه الدور يا حاجب ؟
الحاجب: (يقف) من يتكلم؟ (بحيرة) المحقق؟ الفتاة؟ الرجل؟ الصحفي؟ أرى أن يتكلم الطبيب. لا. بل أرى أن يتكلم موظف السجل.
القاضي: أي منهما سيتكلم يا حاجب؟ حدد لنا من؟
الحـاجب: (بغباء) حدد لنا أنت . أنت القاضي يا سيدي
القاضـي: فليتكلم من يود منكم الحديث.
( يقف موظف السجل المدنى )
موظف السجل:(يرتدى بذلة وله كرش) يا حضرات السادة الأفاضل ما ذنب موظف مثلى لا يفهم إلا في الورق، حُيرت يا سادة. مرة رجل ومرة امرأة، والشخص واحد والأب واحد، كدت أجن يا سادة.
الراوى:(يقف) ألم تحاول أن تساومني على النوع؟! لو أردت أن تكون رجلا فالسعر كذا (يخرج شيئا من جيبه) انظروا يا سادة إلى هاتين الشهادتين.
الموظف: (باضطراب) شهادتان .. لا تنظروا يا سادة إنه يهذى. رجل معتوه بل امرأة بلهاء.
الراوى:(بسخرية) الأولى باسم نائر. والثانية باسم نائرة. ادعوني ما شئت يا سيدي القاضي. نائر(يشير للرجال) لا تغضبوا .
نائرة ( يشير للنساء ) لا تغضبن. اتفقوا معا على اسم لي (يجلس.. يضحك بسخرية).
( ثم يحدث هياج في قاعة المسرح )
القاضي:(يضرب بعصاه) سكوت . سكوت أعطني هاتين الشهادتين. احضرهما منه يا حاجب .
الحـاجب:(بسرعة) تحت أمرك سيدي القاضي. نعم كي لا يجد اسما (بفرح ويهز رأسه) وتظل القضية معلقة ونقبض حوافز شهرية.
الراوي: (بفرح) اقرأ يا سيدي، الأولى نائر والثانية نائرة. لقد أصبح الأمر ميسراً عليك. الآن عليك أن تحدد. ويحددوا معك
(بحدة) من أنا فيهما؟
القاضـي:(يحدق) خاتم الدولة تمام والتوقيعات دقيقة. إذن هذا الموظف مرتش. اقبض عليه فوراً يا حاجب .
الحـاجب : ليس القبض عليه من اختصاصي كل شيء الحاجب (بضجر) أمامك الشرطي.
القاضي : نعم . نعم (بإهمال) ادع من سيتكلم بعد ذلك.
الحــاجب:(بصوت عال) الطبيب. أين هو؟
الطـبيب: نعم.
القاضــي: أنت متهم بتحويله من ذكر إلى أنثى.
الطــبيب: وما الذي يدريك يا سيدي القاضي؟ لعله تحول من أنثى إلى أنثى.
القاضي:(بحدة) تحول من نوع إلى نوع (بغباء) قل أنت حولته من ماذا إلى ماذا؟
الطبيــب: لا أدرى. أنت القاضي وسوف تحكم عليه وعلىّ  لابد أن تدرك  خيوط قضيتك كلها (بسخرية) أليس كذلك؟ أنت تعرف كل شيء عنا.
القاضي:(بحدة) نعم .. المهم أنك أجريت له الجراحة.
الطـيب:(بمكر) جراحة ماذا يا سيدي؟ تقصد اللوزتين!
القاضـي : أنت متهم بتضليل العدالة وإنكار الشهادة، وإجراء جراحة خطيرة  أثارت بلبلة في الكرة الأرضية، وليس لديك أقوال أخرى.
الطــبيب: لم أضلل أحدا ولم أنكر شهادة.
القاضي: وأجريت جراحة له. أليس كذلك؟
الطــبيب: جراحة ماذا؟ هل تعاقبون من يعمل الجراحات تلك الأيام؟
القاضي: أنت تراوغ العدالة.
الجميـع:(ترتفع الأصوات) هو الآخر يحاكم، بل يحرق معه والفتاة كذلك. يحرقون جميعاً.
( يحدث هياج في القاعة ويختلط الرجال بالنساء )
الصحفي:(بسرور) أحسنتم أيها الناس أريدها ناراً مشتعلة (ينفخ)أين الشهادتان يا حاجب؟ هات ولك الحلاوة. أين المصور؟ يا أبله . نار . نار .
المصــور:(يخرج من الجموع متهرئ يحمل كاميرته) أصور أم لا يا سيدي؟
الصحفي:(يضرب يداً بيد) تسألني أنا؟ صور هذا . لا هذا .
القاضي: (يضرب بعصاه) سكوت . سكوت لسنا في سينما ” ترسو ” حرام عليكم يا شرطي. هات عصاك واضرب.
الشرطـي: (يضرب في القاعة) اجلسوا .. اجلسوا
( يعم المحكمة حالة صمت وترقب )
الحـاجب : ناس تخاف بالعصا صحيح .
القاضي : شكراً لك أيها الشرطي حافظت على الأرواح والأمن ( يقف الشرطي يرد التحية )
الشرطـي: نود أن نعرف نحن أيضاً إلى أي سجن سوف نأخذه؟ سجن الرجال أم سجن النساء؟!
القاضي: عندما نصل لحل سنقول لك ( بإهمال )
الحــاجب : المحامى
المحامـى:(يقف من بين الجالسين) حاضر عن المتهم من نقابة المحامين.
الـراوى : من قال لكم أنني أريد محامياً .
القاضي: التقاليد، لابد أن يكون لك محام .
المحامــى : يا ابنى دعنا نأكل عيش، أنت لا منك ولا كفاية شرك.
الــراوى : أرفض هذا المحامى لا أريد محامياً من أحد.
باســم: (يظهر من بين الجالسين) لماذا ترفض؟ دعه يتكلم .
الــراوى : أأنت هنا ؟ لم أتوقع حضورك .
باســـم : لماذا ؟
الــراوى : لا أدرى . المهم . لا داع له، لن يقول شيئاً. عن من سوف يدافع؟ هو الآخر لا يدرى من أنا.
المحامــى : يا حضرة القاضي. أنا حضرت وسوف آخذ أتعابي .
امـــرأة: (تقف ) هو يود أن يكون مشهوراً .
رجــل : يود أن يكون بطلاً .
امــرأة : احكم عليه يا سيادة القاضي .
القاضـي: حقاً ، انتظروا قليلا .
( فترة صمت )
امــرأة: (للرجل) هل رأيتنىي وأنا واقفة أهاجمه؟ كنت أفضل من أحسن محقق.
رجــل : بل أنا أفضل منك في هذا. على الأقل صوتي جهوري.
امــرأة : أنا أحسن .
الرجــل : أنا أقوى .
حــاجب : محكمة !
( فترة صمت )
القاضــى:حكمت المحكمة بالتحري عنه بمعرفة أمن البلاد للتأكد من كونه جاسوساً أم لا .
( ترتعش الإضاءة ويظلم المسرح لثوان ثم تضاء بقعة على الراوي وهو راقد على أريكته )
(إظــلام)
 
مشهد (3):
( ينهض الراوي من رقدته ويدور حول الأريكة تهويمات ضوئية حزينة )
الــراوي : يا عامر بن ظرب أين أنت؟ ياسخيلة. أين أجدك الآن؟ بين صفحات ابن هشام أم أين؟ تعالا لىّ الآن . أحتاج إليكما كي تردا عنى عصري، لم أعد أستطيع الحياة في هذا الزمن، أود الحياة معكما يا ابن هشام. هل أنتما حقيقة أم الحقيقة أنا وهؤلاء؟ (يشير للجالسين) يا هذا (بهستريا) هل تسمع عن شخص يسمى عامر بن ظرب؟ هو حكيم عربي حكّموه في أمر شخص مثلى .
أحد الجمهور: (بحدة) أجئنا نُسأل. أم نتمتع بالمسرحية، لا أعرف ؟!
( ثم يغادر الصالة )
الــراوي: أنت مثلى لا تعرف شيئا عن شيء. كيف أسألك وأنت الآخر( يصمت.. يشير إلى امرأة في الصالة) يا سيدتى ..
امــرأة : لا أعرف. ماذا حدث للمسرح؟ الممثل قد جُن.
الــراوى : لا . سوف أسألك عن سخيلة. هي أختك وسوف تعرفينها حتماً .
امــرأة : (بتبلد وتعجب) لا أعرفها. أول مرة أسمع عن هذا الاسم. سخيلة من هذه يا هذا؟ دخلنا نشاهد مجنوناً بوهم اسم عامر
وسخيلة. يا هذا، لا توجد أسماء بهذا الاسم في الدنيا كلها. أبحث عن شخصين غيرهما. هناك مادونا ومايكل جاكسون وعمر الشريف.
الــراوى : أعرف ابن هشام وعامر وسخلية .
امـــرأة:(بسخرية) ماذا أقولك لك؟ يا جاهل. لا تعرف مادونا. ومن تعرف إذن؟
الــراوى: هل هو رجل مثلك يا سيدتي؟
امــرأة : وقح (تتشاجر مع زوجها الذي يجلس بجوارها) من جاء بي غيرك هنا؟ أنت متفق معه على ذلك.
رجـــل: من جاء بنا إلى هنا؟! ما الذي أصابك تلك الليلة؟ كنت بالأمس تُعرض في حياد.
الــراوى : قدرك يا سيدي وقدرها. لكي تسقط الأقنعة. تأكدوا جميعاً أنكم لم تحوّلوا بعد، قد تكوني رجلاً يا سيدتي ولا تعلمين.
امــرأة:(بغيظ) مازلت تعلن وقاحتك أيها الممثل .
الــراوى : لست ممثلاً يا صديقتي .
رجـــل:(بحدة) من أنت إذن لكي تسب الناس. سوف أرفع عليك قضية سب علني، والشهود كثيرة. خذي يا سيدتي هذا الكارت.
الـراوى : محام أم شاهد زور أنت؟
بعض الجمهور : نعم نرفع قضية سب علني ضده. إنه خدش حياءنا جميعاً. ونحن أناس مجتمعات ولنا احترامنا نعم .. نعم .. لا.
( تبدأ الإضاءة في الانحسار تدريجيا ثم يظلم المسرح )
امــرأة🙁 صوتها يشق الظلام) لقد انتهت وليس لنا رأى. هيا بنا لكي ننام،  لقد ضاع الليل هباء، وغداً غريب .  غداً غريب .
                                                                   (تمـــــت)
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت