انقذوا قسم المسرح بالجامعة الأمريكية بالقاهرة/ د.سيد علي إسماعيل
قرأت اليوم في الفيسبوك مناشدة من قبل الدكتور حازم عزمي، قال فيها: “على عهدة الدكتور محمود اللوزي: قسم المسرح بالجامعة الأمريكية بالقاهرة مُعرّض للانهيار والتوقف بعد أن قدّم مسرحه على مدار عقود طويلة مسرحاً شديد الانضباط، وعروضاً من المسرح المصري والعالمي، نالت إعجاب واستحسان كل من تابعوها. إنه المسرح الذي أخرج أجيالاً من نجوم التمثيل والإخراج ممن يثرون ساحتنا الفنية الآن بفضل منهجية ودقة ما تلقوه من تدريب وإعداد داخل الجامعة. كل هذا التاريخ، بات مهدداً اليوم لأن القائمين على أمر الجامعة لا يلقون بالاً إلى الفنون والمسرح وغيرها من التخصصات الإنسانية، التي لا تخدم بشكل مباشر سوق المال والتجارة. مؤخراً، تم تخفيض الميزانية المخصصة للمسرح داخل الجامعة على نحو ينذر باستحالة أن يضطلع القسم بمهامه التعليمية والفنية. إنها كارثة تسليع التعليم الجامعي وقياس أهميته بمنطق السوق الفج في عصر سطوة الفكر الليبرالي الجديد. أدعو كل مهتم بالحركة المسرحية في مصر والعالم العربي للوقوف بجانب الزملاء في الجامعة الأمريكية في سعيهم المشروع للحفاظ على القسم ومسرحه صاحب التاريخ المتميز”.
لم أتمالك نفسي أمام هذا النداء؛ لأنه ذكرني بتقصير كبير من ناحيتي؛ لأنني لم أكتب توثيقاً أو تأريخاً عن النشاط المسرحي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة!! كنت أرغب من زمن مضى أن أكتب هذا التوثيق التاريخي؛ ولكني كنت في حيرة من أمري!! هل أكتب عن أكبر حفلة تأبين شهدتها مصر عام 1923 لأحد المسرحيين، وهو (فرح أنطون)!! هل أحكي أن هذا الحفل الضخم أُقيم في الجامعة الأمريكية!! هل أصف برنامج الحفل، وأقول: إنه برئاسة الشيخ رشيد رضا – صاحب مجلة المنار – وأن المحامي والكاتب المسرحي محمد لطفي جمعة ألقى خطبة في رثاء الفقيد، وأن خليل مطران ألقى قصية رثاء كذلك، وأن سامي الشوا – ملك الكمان – عزف قطعة حزينة، وأن الأديب مصطفى صادق الرافعي ألقى قصيدة .. إلخ، هل أقول إن كل هذا تم في (الجامعة الأمريكية) تأبيناً لكاتب مسرحي!!
وهل أكتب – في تأريخي – عن (جمعية رعمسيس)، بوصفها النواة الأولى للنشاط المسرحي في الجامعة الأمريكية، وهي جمعية ظهرت في الجامعة عام 1924، وكانت تعرض مسرحياتها أمام الجمهور المصري والأمريكي، ومن أهم عروضها مسرحية (الرغائب الثلاث)، ألفتها آنسة أمريكية، ومسرحية (تاجر البندقية) لشكسبير.
هل أقول أيضاً: إن هذه الجمعية شجعت نخبة من الشباب المصري أغلبهم من المسرحيين – أمثال: محمود تيمور، وزكي طليمات، وإبراهيم المصري – لتشكيل لجنة كبيرة من أجل إقامة حفلة ضخمة لتأبين الأديب العالمي أناتول فرانس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة في أكتوبر 1924.
هل أحكي عما حدث عام 1928، عندما أقيمت أول مسابقة للتمثيل المسرحي مخصصة لطلاب المدارس من هواة التمثيل. وعقدت المسابقة في مسرح رمسيس – يوسف وهبي – وكانت الجامعة الأمريكية مشتركة في هذه المسابقة بجانب مدارس عديدة، منها: الخديوية، والسعيدية، والأوقاف الملكية، والفنون والصنائع، وشبرا الثانوية.
هل أتحدث عن عام 1929، عندما قدمت كلية الآداب والعلوم – بالجامعة الأمريكية – حفلة مسرحية كبرى، قدمت فيها مسرحية (قاتل أخيه)! وهل أشير أن مخرجها هو فتوح نشاطي. وهل أحكي أن الحفل بدأ بنشيد (اسلمي يا مصر) ألقاه طلاب الجامعة. وهل مهم أن أفشي سراً وأقول: حضر الحفل العملاق جورج أبيض وقدم قطعة تمثيلية بين فصول المسرحية، كما قدم الكاتب والممثل محمد عبد القدوس منولوجاً بين الفصول أيضاً.
هل أسير في توثيقي وتأريخي، وأتحدث عن أهم العروض المسرحية التي قدمتها الجامعة الأمريكية – سواء باللغة العربية أو الإنجليزية –مثل: مسرحية (شمعدانات الأسقف) لفيكتور هوجو عام 1932، ومسرحية (مانعطلكش) عام 1933، ومسرحية (صاحب البيت) عام 1935، ومسرحية (as yuu like)عام 1974، ومسرحية (الراجل اللي ضحك على الملايكة) عام 1975، و(الخال فانيا) 1980، و(الشرخ) 1987 .. إلخ!! هل أحكي تفصيلياً عن كل ذلك، أم أكتفي بهذه الإطلالة السريعة؛ لعلها تعكس للمسئولين في الجامعة الأمريكية خطورة تهميش دور المسرح وقسمه في هذه الجامعة، بوصفها أمريكية الإدارة، مصرية الموقع والنشاط!!
ملاحظة جد هامة: مسموح بنشرها وتشييرها على أوسع نطاق مساندة من الفرجة لقسم المسرح بالجامعة الأمريكية
* د.سيد علي إسماعيل/ قسم اللغة العربية – كلية الآداب – جامعة حلوان