المسرح الشبابي أم شباب المسرح/ د.محمود سعيد
نحن يا سادة أمام لعبة شديدة المراوغة والمزاوجة بين كلا المصطلحين، مسرح الشباب أم شباب المسرح. هل هناك تباين بينهما، أم تكامل، أم تضاد؟!! هي لعبة شديدة الغرابة حقاً ولعل مهرجان الصواري الدولي للمسرح الشبابي هو محاولة جريئة لوضع النقاط فوق الحروف.
ففي إطار الدراسات النقدية الحديثة، والأبحاث التي تناولت العروض المسرحية بالنقد والتحليل لم تحظ عروض فرق مسرح الشباب عامة وفرقة مسرح الشباب بشكل خاص بنفس القدر من الاهتمام النقدي والتحليلي علي غرار عروض الفرق المسرحية الأخرى، وكذلك توصيف للعلاقات المتبادلة بينها وبين الفرق المسرحية الأخرى والدليل علي هذه ندرة الابحاثالنقدية والتحليلية التي تناقش تحليل تلك العروض، حيث يشارك مسرح الشباب بدور هام فى تشكيل الثقافه المسرحية وفى رسم خريطة المسرح عربياً حيث يتخذ هؤلاء الشباب من المسرح نافذة يعبرون من خلالها عن احلامهم وهمومهم عن تطلعاتهم وانتقادتهم التي بالضرورة ماهى الا هموم واحلام وتطلعات مجتمع بأسره كأنهم بذلك يحاولون السعى الى الرقي بالمشهد الثقافى، وتؤكد ذلك الدكتورة مي موسى في رسالتها للدكتوراه والتي تحمل عنوان “مسرح الشباب في مصر، دراسة حالة في مسرح الشباب”، عام 2015.
حيث تسعى الباحثة من خلال هذه الدراسه الي محاولة التعرف علي أهم المشاكل والمعوقات التي تواجه فرق الشباب المسرحية في مصر من خلال دراسة هذه الفرقة مع محاولة لوضع بعض المقترحات الخاصة بكيفية تذليل هذه العقبات حتى يمكن لهؤلاء الشباب تحقيق الآمال والطموحات المعقودة عليهم والتي يسعون إلي تحقيقها.
- مفهوم مسرح الشباب
مسرح الشباب أسم يتم تداوله واستخدامه في النقد المسرحي بحيث يطلق هذا الاسم علي بعض العروض المسرحية بشكل متعدد وطرق مختلفة دون تحديد ما المقصود بمصطلح بالشباب حيث ان مسرح الشباب مصطلح يحتمل العديد من التأويلات تتباين بين ما يقدمه الشباب ام ما يقدم للشبابا وهنا يتجلى تباين اخر فاذا كان المقصود هو مايقدمه الشباب اى ان هذا يعنى ان الفئات العمرية المشاركة هى تلك التى تنتمى لشريحه اجتماعيه تسمى الشباب وفقا لأعمارهم، اما اذا كان مايقدم للشباب فيتجاوز التعريف الي حقل دلائلائى اخر الا وهو ان العمل المسرحي يرتبط بأفق توقعات فئة عمريه بعينها دون غيرها ، ولكن فى الواقع نجد ان فرقة مسرح الشباب فى مصر قد ينطبق عليها التفسير الاول الذي يحدد الفئة العمرية المشاركة فى العمل المسرحية والمنتمية الى الفرقة ولكن هل يجوز التقيد بسن معين فى خلق العملية المسرحيه.
مصطلح الشباب في حد ذاته يحتمل تأويلات عدةفهى كلمه مطاطه من الصعب الوقوف علي تعريف جامع مانع لها فإذا كان المقصود بها هو الفئه العمرية فماذ ا عن من يتجاوز تلك الفئة لكنه يتمتع بقدرة على خلق مايقدم للشباب ويتماس مع افكارهم، ففكرة تقيد الابداع بمرحلة عمرية او شريحة اجتماعية فكرة خائبة وخاصة فى المسرح فالعملية المسرح لا تحتاج ابدا الي سن معن ولكن هناك مقومات اخرى اذا توافرت يمكن من خلالها اماكنية الخلق الفنى، والمقصود بالعملية المسرحية هي تلك التي تتشكل عبر مرسل ومتلقي ومكان وزمان “العملية المسرحية تتشكل بوجود رسالةيتم إرسالها عبر وسائط هذه الوسائط تتمثل في مرسل ومستقبل وزمان ومكان” (1).
ومن ثم لابد من وجود رسالة يتم تداولها بين المرسل والمتلقي، بحيث يكون المرسل هو دور مشترك بين كلا من المؤلف والمخرج، ووسيلة الإرسال لديهما تتمثل في الممثلين والديكور والملابس والإضاءة المسرحية والموسيقي المصاحبة للتمثيل والإكسسوار المستخدم، أما المستقبل فهو الجمهور، بعيداً عن لعبة المسمى “مسرح الشباب، أم شباب المسرح”.”ولا يمكن في الحقيقة محاصرة مفهوم «مسرح الشّباب» محاصرة واضحة في سياق مسرحنا العربي المعاصر بشكل جليّ . فالتسمية لا تزال فضفاضة رجراجة إلى أبعد حد على الأقل سواء بالنسبة الى الواقع المسرحي العربي أو بالنسبة الى النقد ومهامه التقييمية والتأويلية والمعيارية . فهذه التّسمية لا تزال في أغلب الحالات تتأرجح عندنا بين التّسمية التخصيصية العابرة وبين المفهوم الذي يصعب ترويضه وتداوله ، فمسرح الشباب يعني كل شيء ولا يعني أي الشيء، ومن الجليّ أن التّسمية مرتبطة على إحالة المسرح (أو الممارسة المسرحية) على شريحة عمرية هي شريحة الشّباب، أو هكذا على الأقل ما يمكن أن نفهمه من الوهلة الأولى . لكن هذا الاعتبار يظل منقوصا ولا يفضي بنا إلى تمثل لهذا المفهوم المتداول تمثلا حقيقيا.” (2) ولعل مهرجان الصواري هو محاولة واضحة لملء هذا الفراغ.
** الإحـالات:
(1): بيتر بروك: المساحة الفارغة،ت. نهاد صليحة، الهيئة المصرية العامة للكتاب،القاهرة،2000،صـ179
(2): عبد الحليم المسعودى، “مسرح الشباب” إشكالية التسميه ضمن واقع التحولات، الملف الثقافي، مجلة الشروق، تونس، 2010/ alchourouk.com[]