التوطين المسرحي لفرقة أكبار للثقافة والفنون بالمركب الثقافي محمد خير الدين بتزنيت
بدعم من وزارة الثقافة والاتصال قطاع الثقافة وفي إطار مشروع توطين الفرق بالمسارح موسم 2018 ، وبشراكة مع المديرية الإقليمية للثقافة بتزنيت حظيت جمعية أكبار للثقافة والفنون بمشروع توطين مسرحي بالمركز الثقافي محمد خير الدين بتزنيت، وفق برنامج فني حافل بالمواعيد المسرحية والورشات التكوينية واللقاءات الفنية تحت إشراف طاقم فني شاب طموح يروم خدمة المسرح والرقي به ، وقد جاء اختيار مدنية تزنيت لاحتضان هذا المشروع الفني مرتبط بأهداف كبرى سطرتها الجمعية والقائمة أساسا على دمقرطة الثقافة وتقريبها من المواطن البسيط ، وتشجيع شباب المنطقة على الإنخراط في الورشات التكوينية وصقل المواهب الصاعدة ،في أفق اكتشاف أدوات معرفية وجمالية تمكن المستفيد من تنمية الحس الفني وإدراك الجماليات وتحفيز الخيال والارتقاء بالذوق الفني لدى الشباب المهتم بالفن المسرحي ، وعقد لقاءات مباشرة مع أسماء فنية بارزة لتسليط الضوء على تجاربهم والنهل منها وكذا تنظيم ندوات فكرية وعلمية تغني الرصيد النظري كدعامة أساسية في الممارسة المسرحية .
هذا وقد استأنفت الجمعية برنامجها المسرحي خلال شهر يوليوز 2018 بالعديد من الورشات التكوينية بدءا من ورشة تقنيات ستاند آب والتي أطرها الفنان سفيان نعوم والحائز على الجائزة الكبرى لدورة 2018 وهي الورشة التي احتضنها المركب الثقافي محمد خير الدين يومي07 و08 يوليوز 2018 وهي الورشة التي تعرف من خلالها الشباب على تقنيات الأداء والكتابة والعرض المرتبط بهذا الصنف من فنون الأداء ، كما كان لجمهور المدينة موعدا مفتوحا مع الفنان سفيان نعوم تعرف من خلاله على جوانب مهمة من مشواره الفني، بعدها كان للشباب موعد مع الارتجال المسرحي وتقنياته رفقة الفنان ياسين سكال يومي 14 و15 يوليوز والتي حظيت باهتمام الشباب وتفاعلهم لتختتم الجمعية برنامجها التكويني لشهر يوليوز بورشة ثالثة تهم اللعب الدرامي وآلياته تحت إشراف الفنان محمد الحوضي يومي 21 و22 يوليوز، ولقاءا فنيا مفتوحا مساء يوم 28 يوليوز 2018 رفقة الفنان الكوميدي والوجه التلفزيوني حسن عليوي بفضاء المكتبة التابع للمركب الثقافي محمد خير الدين بتزنيت.
ويستمر برنامج توطين فرقة أكبار خلال الأشهر القادمة بتنظيم المزيد من الورشات التكوينية والندوات الفكرية واللقاءات الفنية النوعية الرامية إلى تنشيط الحقل المسرحي محليا وجهويا.
و واصلت فرقة أكبار للمسرح بعد العطلة الصيفية فقراتها الفنية والفكرية و عملت على تنظيم العديد من الورشات التكوينية لفائدة شباب المنطقة الراغب في تطوير مهاراته الفنية وصقل مواهبه المسرحية ، وكذا اللقاءات الفنية المفتوحة مع العديد من الوجوه الفنية التي شقت طريقها في عالم الفن حتى تكون تجربتها نبراسا ينير درب الشباب ويمنحهم ثقة أكبر بمواهبهم لمواصلة رحلة العطاء والإبداع والابتكار .
إن التنوع الذي عملت جمعية أكبار على اعتماده كدعامة أساسية في برنامجها التكويني يبقى اختيارا استراتيجيا في تقريب المسرح من عموم الشباب والباحثين والمهتمين على حد سواء ، ومسايرة مستجدات التكوين المسرحي من حيث النظريات العلمية الحديثة والتجارب الإبداعية المختلفة ، وللفكر نصيب من البرمجة التي اعتمدتها جمعية أكبار كمساهمة منها في إثراء النقاش الدائر حول التجارب المسرحية المختلفة ببلادنا وفي هذا الإطار كان لجمهور المهتمين والفاعلين موعد مع ندوة فكرية حول موضوع ” المسرح الأمازيغي بين الممارسة والتأسيس ” في الثاني والعشرين من شهر شتنبر أطرها باحثون أكاديميون و نخص بالذكر الدكتورة زهرة مكاش والدكتور إبراهيم أودادا والدكتور فؤاد زروال وذلك بفضاء المركز الثقافي محمد خير الدين بتزنيت.
كما قدمت فرقة اكبار للمسرح عرضها المسرحي ” إجلا نوفات ” أمام لجنة الدعم المسرحي لهذا الموسم والذي يدخل في إطار مشروع توطين الفرق بالمسارح بدعم من وزارة الثقافة والاتصال قطاع الثقافة بقاعة العروض التابعة للمركب الثقافي محمد خير الدين بتزنيت وهو العرض الذي شهد توافد جمهور غفير تابع بنوع من الاهتمام أطوار المسرحية التي أعدها للأمازيغية الفنان نور الدين التوامي عن النص العالمي ( كارول ) للكاتب البولوني سلافومير مروجيك والذي عرف في الأوساط المسرحية العالمية باشتغاله الدائم في نصوصه وكتاباته على السلطة والسياسة بأشكال وطرق مختلفة، الشئ الذي يظهر جليا من خلال تركيبة شخصياته المركبة والتي غالبا ما تتحول إلى وحوش تفتك بالحلم وبكل ما هو جميل ، ليصور لنا عالما يطبعه طغيان السلطة وتغول النمط البوليسي في التعاطي مع القضايا الكبرى للإنسانية .
تنبني أحداث هذا العمل المسرحي على مواجهة غير متكافئة، غير متعادلة وغير عادلة بين طرفين أحدهما يمثل المثقف المتنور(الطبيب) والآخر يمثل نموذج الإنسان الجاهل المتوحش والمستبد (الجد والحفيد). تدور رحى الأحداث داخل عيادة طبيب عيون، حيث يزاول مهنته في فحص أمراض زواره العاديين إلا أن يومه هذا سيكون يوما غير عادي حيث يزوره مريض لا كالمرضى مرفوق بحفيده اللذان يحولان يومه إلى مأزق حقيقي تتجادل فيه قوتين لا غالب بينهما سوى القوة والاستبداد، حيث يستخدم الجد سلاحه الناري في وجه الدكتور بعد فشل الأخير في إيجاد نظارة تعيد للجد بصره ليتمكن من رؤية المبحوث عنه .
وتكمن العقدة الكبرى في تلك البندقية المحشوة منذ عشرين عاما والتي ينبغي أن تطلق رصاصها، شريطة الالتزام بالعرف العائلي القاضي بالتصويب نحو الآخر دون تمييز، تتأجج الرغبة لدى “الجد” في القتل، لكن ضعف حاسة البصر وقصر التمييز لديه تحول دون ذلك مما يجعله يسلب للطبيب نفسه نظارته الخاصة رغما عنه مما يترتب عنه اتهام “الجد” للدكتور اتهاما مباشرا بكونه الشخص المبحوث عنه، لتبدأ بذلك معركة المطاردة والرغبة الجامحة في القتل وإفراغ البندقية التي علاها الصدأ بحثا عن طريدة طال انتظارها.
وتوزعت أدوار المسرحية بين أسماء فنية بارزة أعطت الكثير في الحقل المسرحي المغربي بصفة عامة والأمازيغي بشكل خاص، وقد بدا ذلك جليا من خلال الاحترافية التي ظهر بها كل من الفنان محمد ايت سي عدي والذي قام بلعب دور الطبيب في حين جسد الفنان حسن عليوي دور الجد الغاضب والباحث عن ضحيته ، كما برز إسم الفنان محمد اوراغ سيموكا مجسدا دور الحفيد المتهور المؤمن بفكرة جده وأسلافه .
المسرحية كانت من إخراج الفنان حسن بديدة والذي استطاع بتجربته أن يعيد كتابة النص المسرحي على الركح ملتزما بالخط النظري الذي يتبناه مسرح العبث كتيار مسرحي له خصوصيته وبعده الفكري ، في حين عمل الفنان رشيد جندول على تصميم الملابس وسينوغرافيا العرض بما يتماشى والسياق العام الذي تعرضه المسرحية تحت إنارة زادت من جمالية الفضاء من تصميم نور الدين مكادمي