نص مسرجي:" الغثيان"/ حسن العلي

الشخصيات المسرحية :
المناضل، المتحرر، العاشق، الحاكم، المستشار، الفنان التشكيلي، المهرج، و المجاميع
السينوغرافيا :
( الخلفية العامة للمكان قماش أبيض يمتد على الأرض كاملة، منتصف الخلفية فتحة للدخول والخروج ، طاولة وسط المكان مغطاة بقماش أحمر، برميلان ناحية اليمين وشمال الطاولة، شكل خشبي لآلة حربية يقف عليها المتحرر رمزاً لانتمائه، لوحات كاريكاتورية تعبر عن وضع الوطن العربي ومأساته، يفتح الستار بدخول المجاميع بارتدائهم العباءة البيضاء وذلك عبر موسيقى تصويرية تعبر عن التيه، يدورون حول الطاولة وهم يرددون – إننا كالرحى ندور بكم وندور كما نشاء – ينسحبوا من خلال الفتحة الموجودة وسط خلفية المكان، بدخل المناضل بدون ملامح، يتغطى بعباءته البيضاء، بحالة من البحث والشتات والفوبيا وكأنه مسجون داخل قفص ما )
الأول: (يخرج من البرميل بصوته الهامس) هيا أخرج من قعر كالوسك المظلم، أوقد شمعة ميلاد .. هناك من ينتظرك
المناضل : هل أجد حريتي هناك !!
الأول : ويتحقق الحلم
المناضل : ونرقى بنظام معيشي ينعم به الإنسان !!
الثاني: (يخرج من البرميل وصوته كصوت الرجل الآلي) دون تعقيد للأمور وتعطيل للمعاملات
المناضل: ونحظى بكل حقوقنا الضائعة ؟!
الأول : دون تسويف
الثاني : دون تهميش وتشريد
الأول : لا بطالة .. لا فقر .. لا فوضى
الثاني : لا إسراف في الولائم ومراسم الزواج
المناضل : ولا حوادث مرورية .. لا حوادث طبية
الأول : لا ينقطع هناك الماء ولا الكهرباء
الثاني : والمدارس مبانيها راقية تصميماً ونظافة وصيانة
المناضل : والمناهج ؟! انكليزية أم فرنكفونية ؟!
الأول : مناهج عربية الأصل
المناضل: (متهلهلاً) وبالعدل تستقيم الأمور، ما دام النظام يتحرك كعقارب الساعة (يقلد حركة عقارب الساعة) وهناك .. هل يحب الأخ لغيره كما يحب لنفسه ؟!
الأول : بل يحب لغيره أكثر مما يحب لنفسه
المناضل : ولكن ….. هناك أين ؟!!!
الثاني : خارج هذا المكان
المناضل : كيف وأنا رهين أقلامهم ، نبض إعلامهم يتداولونه كما يشاؤون .. ورقة مختومة بالملكية .. أين ولا منفذ للخروج ؟!!
الأول : هناك … ذلك المسار يؤدي الى طريق النور … هيا .. هيا … .
المناضل : (يعلوا بشعاراته متتبعاً المسار) تحيا الحضارة الإنسانية .. تحيا الحرية للأمة العربية
المتحرر: (يتدخل بملامح الخبث والجبروت، يطلق ضحكاته متوجهاً للجمهور) هذا أنا.. لا يهم من أنا.. المهم أنني هنا (يلزم الجمهور بالصمت) اتبعوني فقط.. اتبعوني (تصدر منه إشارة للمجاميع، مؤثر صوتي لنبضات قلب تزامناً بدوران المجاميع ممن هم خلف القماش الأرضي حول المناضل الذي يحاول المقاومة دون فكاك، يلفونه بالقماش كهيئة الكفن ويرمونه بالعربة ، ينسحبوا من خلال الفتحة، يستدير المتحرر ويسير بالعربة تدريجياً من البطيء إلى حركة سريعة  يظلم المكان وتعود الإضاءة خافتة تزداد وهجاً تزامناً مع موسيقى جنائزية بدخول الجسد المحمول بمجموعة من المحاميل المرتدين العباءة البيضاء وبداخل العباءة إضاءة يدوية خضراء، يدخلون المكان ويضعون الجسد المغطى بعباءة حمراء على الطاولة)
الأول: هذا مكانك
الثاني: هذا ليس مكان أحد
الثالث: ربما ليس لك مكان
الرابع : وربما هذا مكانهم
( ينسحب الحماميل من الفتحة وبحركة موحدة للجسد، قد تكون آلية وهم يكررون عباراتهم، نسمع عزفاً متناغماً ومتزامناً مع نهوض الجسد، يتحرك حركات تعبّر عن شتاته، تزداد حركته إلى أن يصرخ رامياً عباءته، ينحني ثم يستقيم ببطء، يتفاجأ بأن لا أحد بالمكان ، يدور متفحصاً المكان) 
المناضل: أين هم؟! كانوا هنا.. اسمع أصواتهم (يبحث ثانية) هيه أنتم.. هيه أنتم (صمت) هل عادوا مع القطار؟! وأنا ؟!! (يسمع أصوات صاخبة من جهة الكالوس الأيمن، يتجه نحوه ليتحرى الصوت فيسمع صوتاً لمذيع الأخبار )
صوت المذيع : هذا وقد أرتفعت أسعار المواد الغذائية إلى ضعف سعرها الأول فارتفعت نسبة الفقر وعمت الفوضى ، زادت البطالة وزاد التسكع في الشوارع .
المناضل : فوضى !! هل لازال للفوضى مكان ؟! ألم تستأصل البطالة من جذورها ؟ أين النظام !
( يسمع أصوات خافتة من الجهة اليسرى للكالوس متجهاً نحو الصوت فيسمع صوت للأطباء )
صوت (1) : خطأ فادح .. تم بتر الساق اليمنى بدل اليسرى لهذا المريض
صوت (2) : اعتدنا على الأخطاء، هذا أمر طبيعي وإنما الغير طبيعي أن لا تكون هناك أخطاء
صوت (1) : المهم أننا نتعلم من أخطائنا
صوت (2) : حفظناها عن ظهر قلب ولم نتقدم، لا تخف.. ستجري الأمور كما جرت سابقاً تعهد واعتذار ثم بتر الساق اليسرى لتصحيح الخطأ
المناضل: (ثائراً) فوضى هنا وهناك.. فأين النور؟ أين؟! هذا ظلم بحق الإنسانية يا أصحاب الضمائر (يعود لمنتصف المكان، يسمع صوت فوضى الشارع والسيارات كوقوع لحادث ما) هيه أنتم .. هيه أنتم.. لا أجدني هنا أو هناك، بداخلي إنسان آخر (يكررها ويمشي خطوات متثاقلة حتى يجد صحيفة يتفحصها ويغطي وجهه بها أو مرآة ينظر لوجهه من خلالها) أنا عربي.. أنا عربي.. غربي لا لا عربي.. غربي.. عربي.. عربي وعربي.. وعربي (تتصاعد طبقة صوته الى الحدة والبكاء وهو ممسك بالقماش الممتد من الطاولة متحركاً كطير ٍ حر، يخرج المتحرر من أسفل الطاولة قائماً على شكل أفعى خلف المناضل)
المتحرر: ماذا تفعل هنا ؟
المناضل : ومن أنت ؟!
المتحرر: أنا صاحب هذا المكان، ومن تكون أنت؟ (مستذكراً الموقف ساخراً)  أنا عربي .. غربي .. عربي .. الإثنان سيان ، عدا النقطة بإمكانك حذفها أو وضعها .. المهم أن تكون هذه النقطة .. نقطة تحول
المناضل : دعها لهم .. لا حاجة لنا بها
المتحرر : ولماذا ؟!
المناضل : قد تسبب خلافات وحرباً ضروس نحن غنى عنها
المتحرر : نحن نعيش الحرب !
المناضل : لا مكان للحرب هنا .. هذا زمن الحب
المتحرر : تحتاج الى تلسكوب لترى من حولك من أحداث
المناضل : الحرب قد تدمر البشرية لكنها لم تستطع أن تدمر أصالتنا ومبادئنا لأننا نعيش الحب
المتحرر : بأي لسان تتحدث ؟!
المناضل : لسانٌ عربي
المتحرر : هل أنت مع الحرب ؟
المناضل : لا أحد مع الحرب
المتحرر : إذن .. لماذا لا نتغير ونبدل جلودنا بجلود أخرى حضارية ونواكب الآخر
المناضل : حضارتنا من أعرق الحضارات وما تفكر به فهو الهزيمة بعينها
المتحرر : لما النظرة العدوانية للآخر ؟
المناضل : لما النظرة العدوانية لنا ؟! نحن مسالمين .. ترك ثوابتنا يعني تفككنا وتلاشينا
المتحرر: وما نحن فيه .. ماذا يسمى؟! (يلتف المتحرر حول المناضل بعباءته الى ان يغطيه كاملاً ثم يسحب العباءة صاعداً أعلى الآلة الحربية مردداً) هل يعجبك حالنا؟ انهيار وتمزق يؤول بنا للتلاشي (أصوات مستهجنة كفحيح الأفعى، يظلم المكان وتعود الإضاءة تدريجياً، يخرج الفنان التشكيلي من الفوهة الخلفية تزامناً مع موسيقى رومانسية، يضع لوحته على الطاولة لأمرأة حسناء)
الفنان: (يضع آخر لمساته على اللوحة، لحظة صمت) جميلة يا جميلة بدونك حياتي عليلة رغم عجز الألوان والريشة عن صورتك إلا أن ارادتي قادتني لإكمال لوحتك ورسم تفاصيل مشاعري (يدور باللوحة) كل مشاعر الحب والسلام تنطقها لوحتي.. الآن وقد اكتملت ستكون مفاجأة لقاءنا القادم لأثبت لهم بأني فنان بحبك (بلتفت للوقت) اقتربت ساعة الصفر علي اللحاق بها قبل أن يرحل بها القطار الى هناك (يخرج من الفوهة، يدخل العاشق ممسكاً بمجسم للفتاة من خلال الفوهة متراقصاً بجميلته )
العاشق: وأخيراً نطقتها (أحبك يا جميل) أنا أحب إذن أنا مجنون (ضاحكاً) أحبك بعنف (يقبلها مرات ومرات ويدور بها متهلهلاً ثم يوسدها على الأرض واضعاً رأسه على صدرها) أحبك بلطف.. يجب أن يضرب بنا في الحب كجميل بثينة (يكرر عبارته الأخيرة)
(يظلم المكان وتعود الإضاءة خافتة، نرى عرضاً للحرب من خلال البروجيكتر، يبدأ العرض بجلبة قوية، فوضى .. يجتمع المجاميع خارجين من أسفل القماش متكتلين يمين المكان ، يتجهون الى الجهة اليسرى للمكان وهم يصرخون ) : غارة ….. غارة  ( يتكتلون بالعمق وهم يتلفتون ثم يتجهوا الى المقدمة وهم يتلفتون ، يتوقف عرض البروجيكتر وصوت الغارات الجوية ، ينسحبون خلف القماش الأرضي ذعراً ، يظلم المكان وتعود الإضاءة تدريجياً بصوت موسيقى عسكرية )
الحاكم: (يدخل بصوت ضحكاته ويرافقه مستشاره متجهاً للوقوف على الآلة الحربية أو الجلوس على الكرسي) هل رأيت؟ هذا العالم لا ينفع معه غير القوة ونحن من يجب ان نحكم العالم لأننا الأقوى .. العدالة هي القوة .
المستشار: سيدي .. مبروك هذا الانتصار ، نخبك يا سيدي (رافعاً كوب النبيذ)
الحاكم: (يرفعه أيضاً) نخبك يا مستشاري البهيم، نخب الإنتصار المحقق أيها العقيم (ضاحكاً)
المستشار: وماذا بعد يا سيدي؟ ألا تخشى من مهاجمة بعض الدول ممن تبحث عن مصالحها وتقف ضد رغباتنا ومبادئنا
الحاكم : نحن قومٌ لا نخاف
المستشار: للحيطة والحذر سيدي.. من هو صديقك اليوم بالغد عدوك.. هذا ما تعلمناه من نبوغتك سيدي
الحاكم: وهل تظن انني انتظر من يأتي لمناطحتنا؟ خارطة الطريق رسمت جميع الخطط المهيمنة على العدو، وسيشهد التاريخ أني رجل الاستراتيجية الأوحد في العالم
المستشار : تعني بحيرة الطريق التي ستغرقهم ، وما وجهتنا القادمة؟
الحاكم: عندما نكسب ما يسد حاجتنا من الأصدقاء ستزيد قوتنا وندخل مرحلة خطيرة جداً
المستشار: والعابثون سيدي ؟!!
الحاكم: نضربهم بيد من حديد كما ضربنا من سبقهم، ونستحوذ على دخائرهم وتكون ضربتنا القاضية ضد العالم كاملاً .
المستشار : كثيرة هي الحروب في العالم ولا زالت مستعرة ، هل تظن اننا سنحقق المعادلة الصعبة؟
الحاكم : ليس هناك أية مصاعب
المستشار : وماذا لو اجتمع كل العالم ضدنا ؟!
الحاكم : مستحيل .. كيف ونحن سنجردهم من سلاحهم
المستشار : عفواً سيدي .. لو تحقق كل ما نتمناه وابدناهم ؛ فمن سنحكم ؟!!
الحاكم: لا يهم من نحكم .. المهم الهيمنة على العالم والإستيلاء على ثرواته لنثبت للتاريخ ان البقاء للأقوى (يرمي عليه كوب النبيذ وباصقاً بوجهه) اخرج من هنا أيها الساذج الغبي
المستشار: (يهم بالخروج) حسناً .. ماء ورد سيدي … ماء ورد
الحاكم: (يخرج المستشار ويتجه الحاكم خلف الطاولة مواجهاً الجمهور وضاحكاً بجبروت) هاهم أراهم يفتحون أبوابهم مشرعة لي، تفضل وخذ ما شئت فكل ما نملك بين يديك
( يظلم المكان وتعود الإضاءة مسلطة على الطاولة حيث مجسم الفتاة ، يسمع طلق عيار ناري نحو المجسم ، يضاء المكان كاملاً ويخرج العاشق من الفوهة مذعوراً )
العاشق: أين هي؟ أين هي جميلتي؟! (يراها من مسافة بعيدة مقترباً منها ببطء حتى يمسكها ويخاطبها) جميلة.. انهضي يا جميلة.. أنا جميلك.. لماذا عُدتي للصمت؟! انهضي (يحملها فيتفاجأ حتى يرميها أرضاً منهاراً ) آااااه يا جميلة.. لماذا تخلفين موعدنا؟! (يخرج بها من الكالوس الأيمن وهو يردد) غداً يوم زفافنا يا جميلتي .. لماذا أنت ِ وليس أنا؟!! (يدخل من الكالوس الأيسر نحو الكالوس الأيمن حاملاً  كف الفتاة ) هذه كفها كانت تصافحني كل مساء.. كنت أقبلها وأقبلها (يخرج ويدخل الجمجمة) هل هذا وجهها؟! كيف كان وكيف أصبح؟! اعيدوا وجهها الصبوح (يخرج ويدخل بالقلب) قلبك سيبقى بداخلي (يحاول المجاميع من خلف القماش الأرضي احتواش العاشق لنزع القلب) سلبتم كل شيء لكن هذا سيبقى لي ، دعوه لي (يحتوشونه ويظلم المكان ثم تعود الإضاءة بدخول الفنان التشكيلي بحالة من حادة ، يضع لوحته على الطاولة وهو يرشها بألوان الدم الحمراء)
الفنان: لماذا؟ لماذا مشى القطار؟! كل تفاصيل اللوحة تعبر عن مشاعري وواقعي، لما تذبح الأحلام كذبح الحمام؟!!  (يزداد حدّة وتزداد بقع اللوحة بالدم) هكذا تريدون.. هذا الواقع (يعضّ ذراعه ليخرج منها الدم ليشكل اللوحة) تريدون هذا الواقع، هل يعجبكم هذا؟! (يظلم المكان وتعود الإضاءة من من جهة أخرى للفنان حاملاً لوحة أخرى لأم تجثو على رضيعها، يخاطب المجاميع و أنظارهم مسلطة ناحية اللوحة) هذه لوحة الأم التي أخذ قطار الحرب رضيعها، انظروا من صميم واقعنا، لماذا أنتم صامتون، ألا تعني لكم شيئاً؟! دائماً تقولون لي بأني لا أستطيع رسم الحياة إلا برسم الموت ولكن من يستطيع رسم الموت؟ الموت هو من يرسمنا (لحظة صمت) اليست هذه الحقيقة؟! هل هذه الحقيقة؟!! (يرددون توالياً عدة مرات) وهم.. حقيقة.. وهم.. حقيقة (يستجيب لهم ويرقص برقصة هستيرية من ايقاع بطيء الى سريع) وهم.. حقيقة.. وهم.. حقيقة (عند وصول الإيقاع الى أعلى درجات السرعة ينكمشون على الفنان، تعود الإضاءة والمجاميع خلف القماش الأرضي، ينزل المتحرر من أعلى الآلة الحربية، يبعثر كل شيء من آلات وأدوات ومجموعة من الصحف التي يمزقها )
المتحرر: يجب أن ينتهي كل شيء يعود بنا للوراء، اصبحنا متخلفين حتى العظم، كفانا انتكاسات وأقنعة مزيفة .. غداً يجب أن يكون يوم الصحوة العالمي (يخرج المناضل من أسفل الطاولة مرتدياً عباءته السوداء)
المناضل : وأي صحوة ؟!!!
المتحرر : لا زلت مختباً خلف عباءتك ! كل ما حولنا من أحداث ولم تحرك فيك ساكناً !!
المناضل : وأي أحداث ؟
المتحرر : الحرب بكل فصولها وتبعاتها
المناضل : ندرك جميعاً أن الحرب حقيقة لكنها خطأ شائع ونظرية باطلة وعلينا أن نصحح هذا الخطأ
المتحرر: علينا أن ندرك انها لم تأتي إلا بسبب تراكم أخطاءنا وعلينا محاربة الأخطاء لنزع الحقيقة من براثنها، نحن من فرضنا الحرب على أنفسنا
المناضل: لا .. لم نفرض حرباً (يكررها وهو يمزق الرسوم الكاريكاتورية المعلقة على الجدران)
المتحرر: هل رأيت؟ هذا سبب تخلفنا.. اتفقنا على أن لا نتفق، ما انت فاعله لن يغير شيء، يجب ان نعترف بأخطائنا التي هالت علينا ركام الحرب
المناضل : وأي أخطاء تراها ؟
المتحرر : اننا بلا انتاج ، نحن مستهلكون
المناضل : ماذا ننتج؟ وماذا نستهلك؟
المتحرر: كل شيء. مواد صحية.. كهربائية.. ميكانيكية.. مستلزمات الحياة.. هل ننتجها ام نستوردها حتى نستهلكها ؟
المناضل : نستوردها فستهلكها
المتحرر : وهل نحن مبدعون أم متبعون ؟!
المناضل : لم أفهم
المتحرر : عندما نصنع آلة، هل نصنعها من بنات أفكارنا أم نقلد من سبقنا بصناعتها؟
المناضل: نصنعها لكن آلة ورقية … بالطبع نقلدهم
المتحرر: وهذا الذي يقلد هل يبدع من نفسه أم يتبع الآخرين ؟
المناضل : يتبعهم
المتحرر: اذن نحن متبعون، اتكاليون على الآخر.. لا انتاج ولا ابداع، هل الآخر افضل منا؟ هل تعرف لما نحن هكذا؟ (يظل المناضل صامتاً بملامح الإستنكار) لأننا لا نؤمن بالتغير، التغير هو الحضارة وسبب تخلفنا هو عاداتنا وتقاليدنا الحجرية وبذلك فرضنا الحرب على أنفسنا
المناضل : الحضارة ليست نكنولوجيا، ليست دثراً لآثارنا واستبدالها بالأبراج وناطحات السحاب، الحضارة الحقيقية تقدم الانسان بالمبادئ والقيم، بأسلوب تعامله مع الآخرين صغيراً كان أو كبيراً ؛ فلا للتفرقة ونعم للمساواة
المتحرر : نعم .. نعم .. اكثروا من هذه الدعوات والشعارات والنتيجة ماذا؟ (يصفق للمناضل) شكراً أيها العربي، دعواتك ستهزّ العالم وتغيره (يضحك خارجاً من الكالوس وأصوات مستهجنة كفحيح الأفعى تزامناً مع إظلام تدريجي)
المناضل: (نسمع صوته وهو يردد) الأخلاق.. انما الأمم الأخلاق فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا .. ذهبوا
(تعود الإضاءة مع دخول المهرج ذو اللون الأسود برقصته الاستعراضية وكأنه يحلّق في الأفق والمجاميع يقومون بدور الجمهور)
المهرج: ما طار طيرٌ وارتفع إلا كما طار وقع (ينزلق ويسقط، تسمع صوت ضحكات الجمهور، يسمع صوت طلق عيار ناري فيرتعد بحركة تهريجية) من؟ أنت مجنون، ألا ترى فناناً؟! لم يأتي دورك بعد أيها الجندي الرخيص (طلق عيار ناري ثانية) أوووووه ألم تنتهي الحرب؟! هذا زمن الحب والعيش بأمان، دعونا وشأننا، أيها المجنون (مرعوباً) اقصد مجنون ليلى (يعود مستعرضاً كأنه يعزف قيتاراً أو آلة بيانوا ومتأثراً بها، تارة يمثل كأنه جندي لا يجيد استعراض الحركة العسكرية الى أن يرسم تحية للجمهور فيستقيم محاولاً التخلص من العباءة التي تربطه بالجسد المسجى على الطاولة) هكذا هي حياة المهرجين، نعم أنا مهرج، انظروا قوس قزح (يتفحص نفسه) مزيج من الألوان السوداء، جميعهم تنبأوا اني سأكون مهرج عدا أمي كانت تعاني (يقلد الأم بلهجة عامية) وي فيها يعني أسود، بكرا يتزوج ويجيب عيال والمثل يقول: الولد في البيت رحمه حتى لو كان فحمه، أما جدي تعجب من كلام أمي (يقلد جده) يا ما وردة خلّفت قردة (ارة يدور بعباءته وتارة يتمدد أرضاً وتارة ينكمش) لم اتحمل سخريتهم لذا قررت الهروب من هذا الواقع لأعيش لنفسي (يقلد كطير حر) اطير مع طائر آب نحو ديار جميلتي (يسمع صوت العاشق المتوسد بجانب النبته مستهجناً )
العاشق: دعها وشأنها
المهرج: أمر على الديار ديار جميلة…. أقبلّ ذا الجدار وذا الجدار … ما حدث الديار شغفاً بقلبي…. ولكن حب من سكن الديار (إيقاعات موسيقية ضاربة ومستهجنة، يرتعد المهرج وكأنه مصعوق بالكهرباء)
العاشق: دعها وشأنها .. أنا أحق من يملكها أيها التافه
المهرج: ذلك عنتره أحب عبلة
العاشق : عنتره  كان أبيض
المهرج: أبيض! وهل كان من البيت الأبيض!! (يضحك عليه الجمهور مستهجنين سخريته ويرمونه بالأحذية ثم يدخل مؤثر صوتي حزين) ارموني كما تشاؤون فأنا كما أنا ولن اتغير، احاول امتاعكم على حساب كرامتي، أيام قلائل استشهدت فيها والدتي أثر الحرب، كانت تموت وأنا هنا ازرع الإبتسامة على وجوهكم.. أجل أنا الأكذوبة الكبرى (يضحك عليه الجمهور ويرمونه بالجنون) لا بد أن تضحكوا فأنا مهرج ولا أجيد دور الفاقد النائح (يصفق لنفسه وينحني فيسحبه الجمهور خلف القماش الأرضي تعبيراً لإسدال الستار عليه محاولاً المقاومة بلا جدوى)
المهرج: لا … لا وقت للموت .. لن يموت المسرح .. لا بد أن يبقى شامخاً بوجودي
(يظلم المكان وتعود الإضاءة، يهبط المتحرر من أعلى الآلة الحربية والمواطن مرتدياً عباءته السوداء)
المتحرر: لكنه مات، وكيف لا يموت ومسرحنا مستورد من فكر غيرنا.. الحب الأسطوري .. لوحاتنا الدموية والأخرى المجردة من الواقع ، يجب أن يموت كل شيء ونبدأ من الصفر
المناضل : انت تدعو للهدم والتمرد على كل شيء ، تبحث عن العدم !
المتحرر: بل عن التحرر من عباءتنا السوداء، من التخلف.. اصبحنا كآلة ديناميكية، جعلونا نعيش الموت مرات ومرات، علينا مسابقة الزمن حتى تفوق حضارتهم .
المناضل: اجل فكرنا اصبح مستورد، مسرحنا تهريجي، أدبنا فرنكفوني، تعليمنا يتكأ على لغة الآخر، اصبحنا مضطهدين من أنفسنا، من انتج هذا ؟!! أنتم.. خلافاتكم وزعزعتكم لمبادئنا حتى أصبحنا ندور في دائرة مغلقة.. عليكم بالعودة لأصالتنا وتاريخنا الزاخر بالإنتاج والإبداع، أنتم من تأثر بالآخر حتى أصبحتم تحاربون تراثنا وتغييب هويتنا العظيمة
المتحرر: بل نحن ندعو لولادة جديدة ، كل زمن له تاريخه وعظماءه (يخرج فيأتي بالعربة ويخرج منها صناديق بداخلها جماجم رمزاً للعقول المغلقة) انظر .. هذا مصير عقولكم، هكذا عفا عليها الزمن وشرب.. لا مكان يحويها غير الحاوية .. الحاوية  (يرميها بداخل العربة)
المناضل : لا … لا يمكن هذا … كل شيء امتداد للماضي .. الماضي الذي بنى حضارتنا ودافع عن حقوقنا ضد كل مستعمر ، علينا أن نهتم ونصلح ما بالداخل والعودة الى هويتنا المقدّسة ، علينا تحقيق الوحدة ، ونحارب الآخر بسلاح الفكر الموحد
المتحرر : أصبح الماء دم ولا زلت تتحدث بمنطق الفكر  !!
المناضل : هل رأيت ؟! أنت لا تريد الوحدة
المتحرر : أنت من لا يريدها
المناضل : لماذا يحاربوننا بكل عنجهية وكأننا رعاع ؟ لماذا لا يواجهوننا بالفكر؟ لأنهم ضعفاء، ليس لديهم مبادئ وقيم غير العنف والدم .
المتحرر: (يدور حول المناضل ويرمي عليه لفيف من الصحف) انظر.. اقرأ .. هذا ما تجيدونه.. صور مقززة وعبارات انشائية.. بكائية.. اقرؤوا انتكاساتكم، هل يعجبكم صور الأطفال المترامية تحت ركام الأنقاض؟ كيف تحارب بالفكر لخصم لا يعرف إلا الدم، هيا ارسموا لوحات الدم وابكوا على الأطلال.. لكم النياح ولهم النصر الكبير، مبروك أيها العربي.. مبروك أيها المهرج العربي
المناضل : ان كان الدم من اجل وطننا .. مبادئنا التي تبني حاضرنا ومستقبلنا فهذا انتصار عربي مشرّف، كلنا للوطن والوطن لنا (أصوات الهتافات المؤيده للمناضل) كلنا للوطن والوطن لنا تريد منا محاربتهم بالعنف والقتل والسلب، هل هذه الحضارة التي تراها ؟ هل هذه حضارة ؟!
( حوار المناضل يتزامن مع حركات المتحرر الذي يبدوا منزعجاً وغير قابلاً للمناضل ، أصوات مؤيدة لموقف المناضل بالإضافة الى مقطع أغنية وطنية قصير أو مقطع من أغنية الحلم العربي / يظلم المكان وتعود الإضاءة بصوت الغارات الجوية المدّوية ، الحاكم جالس بنبيذه على كرسيه وفي حال لا يحسد عليه ، موسيقى تعبر عن الهزيمة متذبذبة في صعودها وإخفاتها ) 
الحاكم : في هذه الليلة التي ستحقق انتصارنا الأعظم ، سأتزوجك وتكونين ساهرتي ، ويدور الزمن ويدور ونعيد ذكرى زواجنا وانتصارنا معاً ( يدخل المستشار )
المستشار : سيدي …. سيدي
الحاكم : هيا اقتربي … اقتربي … العهد اني سأكون لك زوجاً مخلصاً
المستشار : (برهبة)  سيدي
الحاكم: (يعي الموقف) دراكولا! اللعنة لم اطلب وحشاً بشكل حذاء، طلبت زوجتي وساهرتي.. أين هي ساهرتي؟
المستشار: سيدي أرجوك.. حدث ما لا يصدق.. حرباً معاكسة شنوها ضدّنا.. وصلوا الى هنا سيدي .. خيانة عظمى
الحاكم : اصمُت .. كيف حدث هذا ؟!!
المستشار : ما ان دخلوا الى هنا فجأة … استسلم الجنود وسلموا ذخائرهم
الحاكم : وكيف ؟! وجنودنا أقوى الجنود وقائدنا يملك مهارات عالية في التخطيط والمواجهة
المستشار : هذا ما حدث ، هناك من قاوم وواجه العدو ولكن الموت سبقه وهناك من استسلم خوفاً من الموت
الحاكم : وهل يعتقدون انهم سيبقون احياء بعد الهزيمة ؟
المستشار : نكسوا رايتنا بعد انتصارات متوالية … ورغعوا رايتهم يجوبون بها في كل الانحاء
الحاكم : هذا يعني أننا هزمنا !
المستشار : أجل .. اما الهروب أو نسلّم أنفسنا يا سيدي
الحاكم: (غير مستوعب لما جرى) هروب واستسلام.. أسير حرب!! (ضاحكاً بهستيريا) لا .. هذا لا يعني الذل والضعف
المستشار : يجب أن نسلّم بذلك … هذه هي الحقيقة
الحاكم: (يدور حول كرسيه) وهذا العرش ……….. إلى أين ؟
المستشار : بات هباءاً يا سيدي
الحاكم : اللعنة عليك .. هذا العرش لي وسيبقى لي ، لا يعقل أن أرى غيري يعتليه .. لا .. لا .. لا يليق إلا لي
المستشار : كل شيء تغير يا سيدي .. أنت تهذي .. تهذي يا سيدي
الحاكم: (يقوم بحركة هذيانية يأخذ كوب الكحول ويعود للآلة الحربية )
المستشار: ما هذا يا سيدي … حالك لا يسمح بالمزيد
الحاكم: دعني وشأني.. الموت أولى من ركوب العار.. من الهروب.. من الأسر والعيش مسلوباً.. نخبك يا ساهرتي.. نخب انتصارنا بالموت.. نلتقي بعد الموت (المستشار مشدوهاً لتصرفات الحاكم، تدخل هنا موسيقى مرعبة والحاكم يمتد متوسداً على الآلة الحربية متدلياً رأسه نحو الجمهور حتى يصمت) اسمع.. لا اريد أحداً يصل إلى مكاني
المستشار: (يغطي الحاكم بالعباءة السوداء وهو لا زال مشدوهاً ، يظلم المكان وتبقى إضاءة خافتة جداً ناحية الحاكم والمستشار يضيء القداحة) حتى وأنت ميت لا أستطيع عصي أوامرك موتاً هنيئاً أيها القذر (ضاحكاً بخبث ورافعاً راٍه نحو الجمهور) عجباً أين ذلك الجبروت.. انت اضعف من حشرة، أنا من سيبيد هذا العالم وسأثبت للتأريخ أن البقاء للأقوى (يضحك ويظلم المكان وتعود الإضاءة ناحية العاشق المتوسد بجانب النبتة تزامناً بصوت الموسيقى)
العاشق: فصلوا الروح عن الجسد، باعوا أعضاءها في سوق الموت، حتى قلبك سلبوه مني (يتوقف العزف الموسيقي) قطعوا كل أوتار الحياة؛ لكن الحب يبقى (ينطوي خلف القماش الأرضي.. ينهض.. يلهث ويجري بشكل جنوني، يمتد بالقماش أمام الجمهور) كنا كطائري نورس في قفص كبير هو الحياة، حتى ضاق وضاق (محاولاً تمزيق القماش، يمد يده للجمهور بحركة متصاعدة، يصعب التنفس والحركة إلى أن يسقط، يدخل المتحرر تزامناً مع المجاميع الذين يحولون القماش الى خيمة أو كوشة زواج )
العاشق : جميلة ………. جميلة
المتحرر : تنتظرك هناك
العاشق : من ؟
المتحرر: (ضاحكا) جميلة
العاشق: جميلة !! كيف وقد سلــــــ  …..  ( يقاطعه المتحرر )
المتحرر: انظر انها هناك … اسمع انها تناديك (مشيراً لكوشة الزواج التي تدور حول الطاولة بصوت الزغاريد الوهمية وهم يرددون)
يا معيريس عين الله ترى ** القمر ولنجوم تمشي وراه – تنتظرك هناك …. هيا ….. هيا
العاشق: (وكأنه مصعوقاً بسلك كهربائي)  لا أرى شيئاً .. لا أسمع شيئاً ! لكني اشم رائحتها هناك …. كل شيء يجرني الى هناك .. جـمـيلة (أصوات مؤيدة لموقف المتحرر ، ينطوي العاشق على الأرض متجهاً نحو الكوشة فتنهال المجاميع عليه ، يظلم المكان وتعود الإضاءة مسلطة ناحية الكالوس الأيسر كبوابة للعالم الوهمي )
المتحرر : عقول لا تضاهيها أي عقول ، من يريد الدخول لبوابة التاريخ ليصبح من العظماء وصانعوا التاريخ … هلمّوا الى هنا … لا ماركة يابانية ولا تايوانية … ماركة وطنية جديدة وتنافس كل العقول وتفوقها (يتقدم المجاميع ذوي العباءة السوداء الذين يخرجون من الفوهة بشكل عشوائي أو آلي ) اخلعوا عباءتكم واختاروا ما تريدون
المناضل : وهم …….. خرافة
المتحرر : فكراً علمياً يفوق علم آينشتاين وابن الهيثم، أقلام متحررة من كل القيود وتفوق فكر أرسطو وافلاطون، ريشة أجمل من ريشة بيكاسو … كل ما لدينا يكسر التقليد
أحد المجاميع : أعطني علماً نابغاً
الثاني : اعطني قلماً حراً وشامخاً
الثالث : اعطني مسرحاً … اعطيك شعباً (يختبأ المجاميع خلف عباءة الوهم والمؤامرة )
المناضل : إنهم هم … لم تتغير ملامحهم ، لما تركوني وحيداً واليوم يعودون … هيه انتم … انتم ..
أحد المجاميع : امنحني قلباً مليء بالحب والعنفوان والسعادة .. قلبي مريض .. حزين ومكسور
المناضل : ومن أين تأتي السعادة وقلوبكم عمياء وعقولكم جوفاء ، السعادة أن نرضى بما نحن فيه ، نخالف هوانا وننتصر على أرواحنا (لحظة صمت ، دقات مرعبة ، يصبح المناضل كأحدب نوتردام جسدياً وصوته مبحوح ، يجول بالمكان بخطوات متثاقلة )
المتحرر : ما دمتم رغبتم بتغيير أفكاركم المتجمدة والمنغلقة على ذواتكم … عليكم أولاً .. .
المجاميع : ماذا …….. ماذا ؟!!
المتحرر : إزاحة ذلك الوباء واستئصاله من هذا المكان وإلا ستموتون قهراً
المجاميع : وكيف ؟!
المتحرر : أن تكونوا كحد السيف (مؤثر صوتي ضارب)
المناضل : يبصرون ولا يبصرون
(ينهال المجاميع على المناضل محلقين عليه ضرباً مبرحاً على الأرض ، يخرج المناشدين من أسفل الطاولة ينوحون ويلطمون على رؤوسهم ويحاولون الإقتراب من المناضل)
المجاميع : سحقاً لك يا عدو الحضارة ….. الموت لك
المناشدين : كفى … الويل لكم … آااه … أين الرحمة الإنسانية من قلوبكم ؟! آاااه واعلى الحب السلام
(يسحبون المناضل ويخرجونه من الفوهة الواقعة خلف المكان ، يظلم المكان وتعود الإضاءة فنرى المتحرر واقفاً بشموخ ورافعاً راية الإنتصار من أعلى الآلة الحربية ، يمتد القماش مفتوحاً من المتحرر الى المناضل المتدلي رأسه على الطاولة ووجهه للجمهور ويمتد أخيراً من المناضل الى المجاميع في الناحية اليمنى من المكان حيث نشكل ثالوثية الوهم والحقيقة والحلم ، نرى ظل من الخلف بعرض للبروجيكتر لنخلة شامخة رمزاً للأرض العربية ، تنحني وتميل الى أن تسقط فيرتفع بدلها السيف رمزاً لفكر الدم )
المتحرر : الوهم
المجاميع : الحقيقة
المناضل : الحلم
(يظلم المكان وتعود اضاءة خافتة جانبية من الكالوس الأيسر ، نرى المتحرر يجر عربته بجميع من بالمكان ليرميها خارج المكان ، يحاول البعض الخروج من العربة لكنهم لا يستطيعون ، يقف لبرهة وسط المسرح ضاحكاً ببراءة ، يستمر بالسير نحو الطريق الآخر رامياً جميع من بالمكان ، اضاءة أخرى تسلط وسط المكان على المناضل المتدلي على الطاولة ووجهه للجمهور ، تزامن مع مؤثر صوتي مضخم لقطرات الماء )
المناضل : كان هذا المكان واليوم لا مكان
المتحرر : (يسمعه ولا يراه) من ؟ من أنت ؟! (يبحث بالمكان مصاباً بالذعر) أين مصدر هذا الصوت ؟!!
المناضل : كيف تراني وأنت لا تبصر
المتحرر : ابصر ما لا تبصرون .. وأدور بكم كالرحى أدور … وأدور وأدور وأدور (يظل يدور حول نفسه دون أن يصدر صوته )
المناضل : كيف تبصر وانت تدور حول نفسك ؟ كيف تبصر وانت لا تدرك القلق الانساني من الانسان البسيط من حولك؟ الانسان المستعبد والمسلوب من ابسط حقوقه ، أنت لا ترى إلا نفسك بل لا ترى إلا ما تريد أن تراه (يظل المتحرر يدور حول نفسه، يقوم المناضل بشكل آلي، إضاءة من الطاولة نحو الكالوس الأيسر كطريق آخر، يهم المناضل بالخروج بحثاً عن مكان آخر وهو يردد) كان هذا المكان واليوم لا مكان
المتحرر: (يخرج المناضل ولا يزال المتحرر يدور حول نفسه) وأدور وأدور وأدور
( يزداد الإيقاع الصوتي للأعلى تزامناً مع مؤثر صوتي لدوران الرحى )
انتهت المسرحية
 
** تأليف : حسن العلي  (08/04/1429 هـ )
 
 
 
 
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت