مسرحية "رهوط" تنتقد الكائنات السياسية و ترفع سقف المواطنة/ العربي بن زيدان (تونس)
في إفتتاح مهرجان دوز للمسرح العربي و الفن الرابع
إستضاف مهرجان دوز العربي للفن الرابع في طبعته 13 (26 أكتوبر-31 أكتوبر)،من تنظيم فرقة بلدية دوز للتمثيل ،مسرحية “الرهوط”، تأليف و إخراج عماد المي، و تمثيل وليد بن عبد السلام وعبد القادر بن سعيد وعلي بن سعيد و غسان الغضاب ومنى التلمودي، وأمنة الكوكي.
حيث ظهر العرض في شكل مختبر مسرحي كانت من أبرز مقوماته التركيز على المسرح الفقير، في إدارة الممثلين ركحيا من خلال الإعتماد على مشاهد متقطعة بخلفيات سياسية تسلط الضوء على مجموعة من الظواهر الإجتماعية و الثقافية و السياسية المرتبطة بالتحولات العميقة التي أفرزتها ثورة 11 جافي في تونس على وجه التحديد و باقي دول الربيع العربي عموما في ظل وجود نقاط تشابه.
اختار المخرج المسرحي، عماد المي في مسرحية “الرهوط” من إنتاج بيفالو أرت للإنتاج الفني بتونس، أن يقحم المتلقي منذ الوهلة الأولى ضمن مشاهد العرض، بداية من ولوجه مدارج القاعة، في محاولة لكسر كل الحواجز التقليدية و خلق فسحة من التفاعل و التواصل بين المتفرج و الممثلين في سياق عملية تمرير رسائل سياسية تسلط الضوء على مجموعة من الظواهر الإجتماعية و الثقافية المرتبطة بالتحولات العميقة التي أفرزتها الثورة في تونس على وجه خاص و باقي دول الربيع العربي عموما في ظل وجود نقاط تشابه بين الأنظمة، حيث تعددت مشاهد الفرجة المسرحية وفق تعدد الشخوص.
فالرهوط الستة بمفهوم مجموعات الضغط وحتى لوبيات الحكم على إختلاف مستوياتها و إيديولوجايتها لم تعد في نص عماد المي بتلك القداسة و الهالة الإجتماعية المتعارف عليها في كتب السير و الحضارات و التاريخ البشري، بل تم تسفيهها ضمن مشاهد كوميدية في إيحاء مباشر إلى المستوى السياسي و الثقافي الذي بلغته النخب تحت مظلة الديمقراطية مع تعدد منابر الخطاب السياسي و الإعلامي ما أدى إلى بروز هوة كبيرة تربط النخب و السلطات الحاكمة بالمواطنين.
إن تمارين المواطنة كما نعتها المخرج عماد المي، التي إتخذت من المسرح الفقير للمسرحي العالمي غروتوفسكي، إتخذت من الممثل المحرك الرئيسي لأحداث المسرحية في غياب نص دراماتورجي حيث وظف المخرج الحركات الجماعية و مقاطع نصية في مشاهد متقطعة، قوية لخصت مدى تطلع مواطن اليوم إلى الحرية و الكرامة و حقوق الإنسان بعيدا عن الشعارات الرنانة التي تملئ الفضاءات الإعلامية و المنابر السياسية و كذا حديث الأكاديميين و المنظرين من خلال توظيف مقدسات الوطن من دين و تاريخ نضالي و ثوري حيث تنتهي المسرحية برمزية قوية الدلالة من حيث إختزال مقطع من النشيد الوطني التونسي في عبارة “نحن الوطن” عبارة رددها جمهور قاعة العروض محمد المرزوقي لبلدية دوز بحماس منقطع النظير في مشهدية مسرحية بإيقاع زمن مسرح الطليعة.