نص مسرحي: " لعبة متوحشة"/ تأليف: حسين السلمان
(مكان واسع في فضاء مفتوح، لكنه ملبد بغيوم سوداء..انه مكان يشبه حقلا زراعيا او بستانا تشظت فيه القذائف في هذا المكان تنتشر جذوع نخيل محروقة ..قسم منها يقف ميتا ..جذع يتكأ على جذع اخر ليرسمان اشكالا متقاطعة متنافرة ..اوراق الاشجار الصفراء تتساقط .. تتجمع عند حافات بقايا دبابات ومدافع مهشمة ..قطع من بنادق واسلحة اخرى وثياب مطرزة برتبها العسكرية المختلفة ترتمي هنا وهناك .. كل الاشياء مبعثرة ويبدو عليها ثقل الهزيمة والخسارة ..من بين تلك الجذوع العالية المتقاطعة وبقايا الدبابات والاسلحة الاخرى تسقط من الاعلى ومن جوانب المسرح اعمدة اضواء تخترق المكان محدثة ظلالا ثقيلة يائسة على تلك المساحات المرعبة ، لتعكس جوا ينضح خرابا ودمارا. يغلف المكان اصوات قصف وانفجارات متقطعة واندلاع حرائق..و…. )
(نافذة/ كل ما تقدم يخضع لمتطلبات المعالجة والرؤيا الاخراجية وسينوغرافيا العرض المسرحي استلهاما ترابطيا مع رؤيا النص).
الاخر الاول: (يقطع المسرح مسرعا) هلّ هلال التحرير..هلّ هلال التحرير (يصاحبه ترديد جماعي لحواره من خارج المسرح)
الاخر الثاني: (يقطع المسرح بعكس اتجاه الاخر الاول ) هبط الاحتلال …هبط الاحتلال (اصوات جماعيه تردد نفس الحوار )
المـــراة: (تبدو كالمجنونة، شعثاء باكية، تنتحب وتخرج من مكان يشبه الحفرة المظلمة، تصعد الى الاعلى بقوة و وبصراخ عنيف) ويحكم ..ويحكم يا أبنائي ..اضعتمونا مابين التحرير والاحتلال
(قصف شديد وانفجارات قوية.. بقعة ضوئية خافته تسقط على الاخر الاول وهو يتلصص مستطلعا المكان..يتحرك خطوة الى الامام..يقف..يرجع خطوتين الى الوراء.. يقف..يكرر الحالة مرتين..فجاءة يقفز بسرعة ليمسك بجذع نخلة وكانه يرى شيئا مخيفا )
الاخر الاول: (صارخا) قف..قلت قف مكانك..لاتختبئ، فانا اعرفك جيدا واعرف كل خفاياك وحيلك .لاتخفي ان انيابك القذر انها لم تزل تقطر من دمائي .انا الذي علمتك فخذلتني .انت الذي عبرت على امجادي فحرفت تاريخي..
الاخر الثاني: (بقعة ضوء خافت تسقط على الاخر الثاني وهو ينظر بقلق يمينا وشمالا ..يتحرك بخطوات قصيرة وسريعة ..يقف..يتحرك ثانية بخطوات طويلة وحذرة) اين رمتنا الحياة ..هنا نضيع من جديد بعد تلك الحياة المشرقة..بعد تلك القوة والسلطة ..آه..آه..فيالصغر الحياة اذا ضاقت بها الارض (يصطدم بشيء..ينحني حذرا ..يرفعه ويقربه الى وجهه فيراه راس رجل مقطوع) هل انت معهم او معنا؟هل حاربت؟ هل قتلت احدا من الاعداء او انك قتلت مبكرا؟ المهم كان عليك ان تتدارك امورك قبل موتك. المهم هو انك الان ميت (يرمي الراس بعيدا)
الاخرالاول: (يصرخ خائفا) من هناك؟؟
الاخر الثاني: (يتوقف ..ينظر فيما حوله ..لكنه لايرى شيئا)
الاخر الاول: تكلم ..فانا اراك ..وانا ايضا اعرفك وبشكل جيد
الاخر الثاني: وكيف تراني !!
الاخر الاول: بعيني
الاخر الثاني: ولكني لااراك
الاخر الاول: بصيرتي عالي
الاخر الثاني: جميل..اكشف لنا طالعنا ايها الشيخ الجليل
الاخر الاول: لا تستهزأ..فانت لاتدرك البصيرة
الاخرالثاني: من انت؟؟!!
الاخر الاول: انت الذي يجب ان يجيب
الاخر الثاني: قل من انت؟؟
الاخر الاول: هل انت غبي؟؟
الاخر الثاني: الغبي هو انت
الاخر الاول: من الثابت انت…
الاخر الثاني: من المؤكد انت..
الاخر الاول: على ضوء ما تقدم فنحن غبيان
الاخر الثاني: كلا
الاخر الاول: لماذا؟؟
الاخر الثاني: لانك الغبي
الاخر الأول: بل لانك الغبي
الاخر الثاني: (ضجرا) هذا لن يقودنا الى نتيجة
الاخر الاول :وهل تبحث عن نتائج؟؟
الاخر الثاني: بل نحن بحاجة الى حكم يحكم بيننا
الاخر الاول: كل الاشياء تتصورها لعبة، وبصورة ادق لعبة كرة قدم
الاخر الثاني: اجمل مافي كرة القدم..
الاخر الاول: (يقاطعه بسخرية ) الاهداف
الاخر الثاني: انت واهم
الاخر الاول: اذا ضربات الجزاء
الاخر الثاني: (يضحك) يبدو انك لم تدرس اللعبة
الاخر الاول: انها الضربات الحرة التي تسجل اهدافا مباشرة
الاخر الثاني: لا يا حضرة البصير..انها تغلق حقيقة الانسان ..انها اكبر مصيدة لمن يريد ان يبعد عنه الانظار
الاخر الاول: ويحك ماذا تقول ؟! أهكذا تفهم الاشياء !!
الاخر الثاني: كل الاشياء عليك تدبر امرها قبل ان تتدبر امرك
الاخر الاول: اذا تريد ان نلعب كما ترى انت اللعبة
الاخر الثاني: تبدو عليك الدعابة
الاخر الاول: ولم لا..ففي اللعبة التي تريد تصبح الدعابة تجارة
الاخر الثاني: وهل هذا ينطبق على ما يخطر ببالي الان ومستقبلا ؟؟
الاخر الاول: ملعون كنت ولم تزل.قل ما بداخلك
الاخر الثاني: غبي من يعرض دواخله هباء”منثورا..فدواخل الانسان صناديق مغلقة ومفاتيحها بيد الاخر..
الاخر الاول: وما هذا الهراء!!
الاخر الثاني: قد تراه هكذا، لكنه سلعة ثمينة
الاخر الاول: تجارة
الاخر الثاني: نعم؟؟
الاخر الاول: قلت تجارة
الاخر الثاني: جميل.لقد ذكرتني بالتجارة، يقال ان التجارة تسترد بارباحها السيطرة على السوق
الاخر الاول: ثم ماذا؟!!
الاخر الثاني: ثم ماذا!!وماذا تريد اكثر من هذا؟!
الاخر الاول: افصح عن قرارة نفس
الاخر الثاني: ومن اين لي معرفة الفصاحة حتى اعرف نفسي؟
الاخر الاول: بدأ الشك يقطع انفاسي
الاخر الثاني: ما بين الفصاحة والشك آلاف من المتناقضات
الاخر الاول: ومن اين تعلمت هذا؟؟
الاخر الثاني: العلم معروض في كل مكان، وما على الانسان ان يذهب اليه
الاخر الاول: (لنفسه) ربما يعلم حقا ..او ربما يتظاهر بالعلم
الاخر الثاني: ثم ماذا!! وماذا تريد اكثر من هذا؟!
الاخر الاول: افصح عن قرارة نفسك
الاخر الثاني: ومن اين لي معرفة الفصاحة حتى اعرف نفسي؟
الاخر الاول: بدأ الشك يقطع انفاسي
الاخر الثاني: مابين الفصاحة والشك آلاف من المتناقضات
الاخر الاول: ومن اين تعلمت هذا؟؟
الاخر الثاني: العلم معروض في كل مكان، وما على الانسان ان يذهب اليه
الاخر الاول: (لنفسه) ربما يعلم حقا ..او ربما يتظاهر بالعلم
الاخر الثاني: (لنفسه) اعتقد انني في دائرة العدو ويتوجب عليّ الحذر الشديد خوفا من السقوط في الفخ ، ولهذا يتوجب التكيف مع الوضع الجديد على الرغم من شدة الهزيمة . لا ضير قد نعود ثانية بعد الهزيمة كما حدث سابقا
الاخر الاول: (بصوت عال) اين انت؟!!هل ذهبت ؟ اجب ..تكلم ..فانا اكره الصمت كرها شديدا
الاخر الثاني:(لنفسه) أرايت؟؟ اذ1ا يتوجب عليّ التكيف .سالتزم الصمت كي اعرف عدوي
الاخر الاول: ماذا دهاك ايها الماكر ..هل مت ام انك غادرت مهزوما؟
الاخر الثاني: (لنفسه) واحسرتاه..لم يبق لي شيء في هذه البلاد .حقا كما يقول غادرت مهزوما
الاخر الاول: (يصرخ) ماذا دهاك ..هل ادركت مصيرك وعرفت نفسك فلم تعد قادرا على تحمل ما انت عليه ها..تكلم..هل عدت للعبتك الاولى؟
الاخر الثاني: (لنفسه) ليكن..سالتزم الصمت واتركه يتكلم ما يشاء كي اعرفه جيدا. فكلما كثر كلام المرء كلما تكشفت شخصيته،وبذلك نستطيع معرفة اسراره، وعند معرفة الاسرار نستطيع القضاء عليه
الاخر الاول: (يتحرك باتجاهات مختلفة) كيف لي ان ارى الاشياء ..وكيف لي ان اميزها كي اختار ما اشاء منها. انا الان مابين ريح الصمت وموت الصمت..آه ما اشد عذابه ، ما اتعس ايامه..اذا اردت ان تدمر انسان فدعه يتشرنق بالصمت حتى يغرق في مستنقع الصمت ذاته
الاخر الثاني: (لنفسه) هذا صحيح ..اذن ذق مرارة الصمت
الاخر الاول: (يدور في المسرح..يبدو عليه التعب والارهاق) اذا كنت صاحب مبدأ، فاخرج
الاخر الثاني: (لنفسه) في الحرب تلغى المباديء
الاخر الاول: (يستمر في الحركة المضطربة) واذا كنت صاحب قيمة انسانية ، فاخرج
الاخر الثاني: (لنفسه) في الحرب تعطل القيم الانسانية ..فعلا الصمت يعذب الانسان ..دعه يتجرع سم الصمت
الاخر الاول: (يتحرك بسرعة في وسط المسرح ويتجه الى اقصى يسار المسرح متجها صوب الجمهور)
الاخر الثاني: قف..الى اين؟؟
الاخر الاول: كلب ..ذئب ، قذر انت..(يلتفت) هل انت تقترب مني؟
الاخر الثاني: دعني اقترب منك
الاخر الاول: وهل انا اعيقك؟
الاخر الثاني: وهل انت تعيقني؟
الاخر الاول: هل اقتربت مني؟
الاخر الثاني: قد اقترب منك
الاخر الاول: وقد لا تقترب مني
الاخر الثاني: لكني قد اقترب منك
الاخر الاول: لكني لا اشعر باقترابك
الاخر الثاني: قد لا يتحرك الشعور بالاقتراب
الاخر الاول: قد يكون هذا قريب
الاخر الثاني :وقد لا يكون
الاخر الاول: قد يقترب صحيحا
الاخر الثاني: اذا الصحيح يقترب
الاخر الاول: ولكني لا اراك
الاخر الثاني: كما اني لا اراك
الاخر الاول: اذا لتقترب انت
الاخر الثاني: حسنا..ها انت تقترب
الاخرالاول: ويحك ايها الملعون..هل انا اقترب ام انت تقترب؟!!
الاخر الثاني: انهما القر ب والاقتراب
الاخر الاول: الاقتراب ضرورة
الاخر الثاني: وهل صار الاقتراب سياسة؟
الاخر الأول: كل الاحتمالات ممكنة
الاخر الثاني: وكل الممكنات محتملة
الاخر الاول: بيع وشراء في ساحات الوغى .فليس غريبا هذا الذي يحدث الان، فلقد خرجنا بسيوفنا من بطون الصحراء لنشر التعاليم والقيم و…
الاخر الثاني: (مقاطعا) واعروبتاه..
( تتغير الاضاءة فتصبح عامة، فيضية )
الاخر الاول: ما الذي حدث لها؟!!!
الاخر الثاني: واعروبتاه..
الاخر الاول: هل اغتصبت
الاخر الثاني: رؤوسنا فداك ياعروبتنا
الاخر الاول: اتبكي اطلالك لانك ..
الاخر الثاني: (مقاطعا) واحسرتاه
الاخر الاول: دعني اقولها واضحة
الاخر الثاني: لن تقولها مادمت حيا..لن ..لم ولا
الاخر الاول: بل ساقولها الان
الاخر الثاني: اذا لن اقترب
الاخر الاول: كم من الاقترابات اجهضت، فمنذ الثورة الاولى ونحن نصنع الاقترابات تلو الاقترابات، لكن بلا جدوى، فلم تلد الثورات الا الانقلابات والمؤامرات والدسائس واخيرا قطع الروؤس
الاخر الثاني: هذا غير صحيح اطلاقا
الاخر الاول: ان التاريخ سيقول كلمته ذات يوم
الاخر الثاني: ما التاريخ الا العوبة ساذجة بيد الساذجين
الاخر الاول: صدقت في هذا القول ،فما كان للتاريخ مهادنة حتى مع ذاته
الاخر الثاني: (صارخا مبتعدا عن الاخر الاول) كفى كذبا ..كفى هراء”
(يتخذ كل منهما جانبا من المسرح مجسدا حالة تشبه حالات الاجتماعات او المؤتمرات.من الممكن استخدام اصوات متظاهرين من خارج المسرح تقاطع خطابهما بالتصفيق والهتافات…)
الاخر الاول: لقد جسد مؤتمرنا المليون بعد الالف حقيقة الاوضاع التي يعيشها المواطن الكريم والواقع السياسي المرير الذي تعانيه الحركة السياسية بفعل النقص الهائل في التجربة الوطنية..
اصوات :عاش مؤتمرنا .. عاش .. عاش
الاخر الثاني: لقد جسد مؤتمرنا المليون بعد المائة حقيقة الاوضاع التي يعيشها المواطن الكريم والواقع السياسي المرير الذي تعانية الحركة السياسية بفعل النقص الهائل في التجربة الوطنية..
اصوات: عاش مؤتمرنا ..عاش ..عاش
الاخر الاول: وعلى ضوء هذا التحليل العلمي الشفاف، الصادق، النزيه، الامين..نعلن رفضنا وشجبنا واحتجاجنا وادانتنا لكل تلك الجرائم الكبرى التي لا تستجيب لمطالب الشعب المسكين ..
اصوات : عاش الشعب المسكين
الاخر الثاني: وعلى ضوء هذا التحليل العلمي الشفاف، الصادق النزيه، الامين نعلن رفضنا وشجبنا واحتجاجنا وادانتنا لكل تلك الجرائم الكبرى التي لا تستجيب لمطالب الشعب المسكين
اصــوات :عاش الشعب المسكين
الاخر الاول: رحم الله النفري حين قال:اذا ضاقت العبارة اتسعت الرؤيا
الاخر الثاني: (يتقدم نحو الاخر الثاني) لا يتدخل احد بيننا..دعنا من هؤلاء المرتزقة
الاخر الاول: انت لا تريد هذا لانه لا يخدمك الان
الاخر الثاني: كل شيء يجب ان يخدمنا، فنحن بناة هذا البلد
الاخر الاول: لا فضل لاحد على احد، فاليوم..
الاخر الثاني:(يقاطعه) اليوم حيطان بيوتنا ومحلاتنا وشوارعنا غطتها الشعارات
الاخر الاول: ما اقبح القاتل حين يرتدي وجه القتيل
الاخر الثاني: (يضحك ساخرا) ماهر انت في تزويق الكلمات ..حسنا استمع لي.. حلا لكل الاشكاليات دعنا نسير الى هناك (يشير الى جهة اليمين) ولكن بشرط واحد، وهو ان نضع الوطن نصب اعيننا
الاخر الاول: تصف قرن وانت لا ترى الوطن ، فكيف تريد..
الاخر الثاني: عدنا!! دع الماضي يموت ، والان هل تسير معي؟
الاخر الاول: دعنا نسير الى هناك (يشير الى جهة اليسار) ونتطلع الى الوطن
الاخر الثاني: بكل خبث وخساسة هدفك لن نلتقي حتى لو ركضنا يمينا و يسارا
( اطلاق نار كثيف.. الاثنان يركضان بلا هدف ..يتقاطعان ..يتصادمان ..احدهما يدفع الاخر باتجاه اطلاق النار ..احدهما يختبئ خلف الاخر او يرتمي على صدره عندما يشتد القصف..يمكن للاضاءة والديكور كعناصر ابداعية في العرض المسرحي ان تساهم في ابراز المعنى الداخلي لكل تلك التقاطعات والتباينات في التركيبة السياسة والاجتماعية لتلك الشخصيتين اللتين يركضان بلا هدى …من جديد يتصادمان فيسقطان على الارض منهكين.. الاخر الثاني يحاول النهوض، لكنه لا يستطيع..الاخر الاول ينهض، لكنه ما ان يقف على قدميه حتى يسقط على الارض..الاخر الثاني ينهض بصعوبة ..يقف على قدميه مترنحا ،ينظر فيما حوله ،فيجري ليحمل بندقية سرعان ما يوجهها نحو الاخر الاول الذي يحاول النهوض بصعوبة)
الاخر الاول: يا لقبحك ،أفي هذا الخراب تشهر السلاح
الاخر الثاني: عند السقوط كل شيء مباح
الاخر الاول: (مستفهما) أي سقوط واي مباح؟!!
الاخر الثاني: لقد سقطت كل الاقنعة
الاخر الاول: أي اقنعة سقطت؟! السلطة كلها سقطت ،لا بل الحكومة بكاملها سقطت
الاخر الثاني: (رافعا سلاحه) اذن حي على الجهاد
الاخر الاول: ( يضحك ساخرا) ما اسخفك تجاهد بعد الاستسلام!!
الاخر الثاني: انا ادافع عن نفسي واقتل خونة الوطن
الاخر الاول: من يستطيع في هذا الظرف الشائك تميز الخائن عن الوطني؟!!
الاخر الثاني: كفى تنظيرات ، لقد حطمت الوطن الافكار المستوردة الفاسدة ..سر امامي (يدفعه بفوهة البندقية)
الاخر الاول: الى اين اسير؟!!
الاخر الثاني: (لنفسه) الى اين؟؟ حقا الى اين؟؟؟هل من اتجاه عليّ سلوكه، بل هل انا قادر الى سلوك الاتجاه الذي اريد؟!!الى أي الاماكن اتجه..اي الطرق اسير..
الاخر الاول:ها..اجب ..الى اين اسير
الاخر الثاني: (متظاهرا) انا اعرف طريقي ، وانت هل تعرف الطريق؟
الاخر الاول: لو كنت اعرف الطريق لحملت السلاح
الاخر الثاني: ماذا يعني هذا؟؟
الاخر الاول: من يحمل السلاح عليه ان يقود الى الدرب الصحيح
الاخر الثاني: وماذا علي ّان افعل الان؟
الاخر الاول: ليس انا الذي يحمل السلاح
الاخرالثاني: لن اتخلى عن السلاح، انت تريد قتلي
الاخر الاول: حقا كان هذا هدفي وشعاري
الاخر الثاني: ارايت، انا اعرفك ، ولهذا ساحتفظ بهيبة وعزة مكانتي
الاخر الاول: كل انقلابات السلاح سقطت في الوحل
الاخر الثاني: من الثورة البيضاء صنعنا بلدا
الاخر الاول: نعم ..نعم ، قرة عينك ايها العزيز، فها هو البلد محتل كما ترى
الاخر الثاني: (يصرخ) كفى سر امامي
الاخر الاول: ساسير وساجعلك ورائي منذ الان (يسير لبضع خطوات)
الاخر الثاني: قف (يقترب من الاخر الاول) ماذا تقصد؟ تكلم ..اعرفكم جيدا.لقد كنتم وراء هذا الاحتلال. لن اجعل لكم موطئ قدم هنا، ساعد انقلابا في كل مكان وحتما ساعود. الان سر.. قف .استدر يميننا ..سر..قف ..قلتقف.. فسلاحي خلفك
الاخر الاول: منذ ما يقارب نصف قرن وانت تشهر السلاح ضدي ..تملاء السجون..تعدم ..تقتل ..تعلن الحروب وتدمر البلاد وتشرد الناس
الاخر الثاني: (يضحك)اضف لهذا شعاراتك لاسقاط السلطة .اسمع السلطة لاتاتيك بالنقد، بل عليك انتزاعها وبكل الطرق
الاخر الاول: يا حامل السلاح هل تعلم ان..
الاخر الثاني: اعلم كل شيء
الاخر الاول: ان السلطة الان قد سقطت
الاخر الثاني: وماذا يعني؟؟
الاخر الاول: والحكومة ايضا سقطت
الاخر الثاني: وماذا يعني؟؟
الاخر الاول: يبدو انك لن تزل في الحكم تحلم
الاخر الثاني: كل احلامي حقائق .مثلا ها انذا اعود ومن دون سلطة اسيطر عليك
الاخر الاول: في الفوضى والانفلات تنتعش العصابات والميليشيات
الاخر الثاني: نحن نستفاد من الفوضى ومن الضعف، وكلتا الحالتين لنا سواء بسواء (الاخر الاول يتحرك نحو مكان اخر)
قف انت تنحرف عن المسار
الاخر الاول: أي مسار؟!!
الاخر الثاني: المسار الصحيح الذي يجب ان اقودك اليه
الاخر الاول: (يضحك) وما ادراك بالمسار الصحيح؟؟
الاخر الثاني: اعرف كل شيء.هذي الارض ارضي .. وهذي السماء سمائي
الاخر الاول: كل الاغاني انتهت الا اغاني الناس
الاخر الثاني: ياكاع ترابج كافوره…(يا أرض ترابك كافوره)
الاخر الاول:على الجسر مكتوب اسمنا بثورة الحي والفرات..
الاخر الثاني: لاحت روؤس الحرابي تلمع بين الروابي (الاثنان ينشدان معا فتختلط كلماتهم بعضها مع البعض) هل ادركت المسار؟
الاخر الاول:عن أي مسار تتحدث!!
الاخر الثاني: الان اكشف لك سر المسار ..خذ (يرمي شيئا)
الاخر الاول: ما هذا؟؟
الاخر الثاني: لا تخف
الاخر الاول: انك لا تعطي الا لتؤذي
الاخر الثاني: (يضحك) الله اعطى والله اخذ.. لا تخف انها حجارة
الاخر الاول: وهل عدنا للحجارة!!
الاخر الثاني: (بعصبية وانفعال) اخرس (يتخذ وقفة خطيب) لولا الحجارة ما كنا.. لولا الحجارة ما كان لنا وجود..ما كان لنا حضور.. ما كان لنا شرف..ما كان لنا حضارة وتقدم.. هذا هو التاريخ العظيم لابناء واباء واجداد واحفاد الحجارة الخالدة في ضمير الشعب والشعوب اجمع
الاخر الاول: تلك هي النكسة الازلية محاطة بالنواح والعويل
الاخر الثاني: الان خذ الحجارة وارمها هناك
الاخر الاول: (ياخذ الحجارة ويتقدم بخطوات بطيئة حذرة، يسرع ويرمي الحجارة باتجاه الجمهور) ثم ماذا؟!!
الاخر الثاني: (ينظر في اللاشيء) لاشيء
الاخر الاول: كيف لاشيء??
الاخر الثاني:لاشيء ، يعني هذا حرفيا لاشيء
الاخر الاول: كل هذا الفعل الكبير وتقول لاشيء؟!!
الاخر الثاني: لماذا كل هذا الغموض في كل اقوالك
الاخر الاول: عجيب ، واين ما تدعيه بمعرفة كل شيء
الاخر الثاني: (يضحك) عدم معرفة الشيء يعني معرفة الشيء من الشيء ذاته،لان المعرفة تكمن في ذاتها (يقترب من الاول) انها لعبة اعتاش عليها ،تمنحني جرعات من القوة عندما اكون بحاجة لها
الاخر الاول: تسير بجسد حي لكنك ميت
الاخر الثاني: اهلا ..اهلا بفلاسفة الامة العريقة. لو اعرف ربع ما تعرفون ما فارقت السلطة كياني، ولا ابتعد جسدي عن سلطاني
(الاخر الاول يستدير تجاه الاخر الثاني الذي يشهر سلاحه بقوة) قف..قف..
الاخر الاول: يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه
الاخر الثاني: قلت قف
الاخر الاول: كلما ضاقت السلطة ولد الاضطراب
(انفجارات قوية تهز المسرح..حركة الشخصيتين تضطرب )
صوت : اليوم يحكم الشعب نفسه.. اليوم يحكم الشعب نفسه
(انفجارات قوية الشخصيتان يدوران في المسرح بقلق كبير الاضاءة تتزامن خفوتا وتوهجا مع الانفجارات..)
الاخر الاول: (ينهض من خلف جذع نخلة ، يحمل سلاحا) اين انت؟ ها انذا احمل سلاحا، اياك وان تلعب لعبة قذرة جديدة. لقد اصبحت الصورة واضحة، وما عليك الا ان تدرك حقيقة ما انت عليه
الاخر الثاني: (ينهض لينفض التراب عن ملابسه) صفقوا له تصفيقا كبيرا، انه صوت نفط .. حسنا انا اصفق (يصفق بحرارة)بخ ..بخ لك (يقترب من الاخر الاول متوددا) عشت ايها البطل يا من تحمل رائحة الهور والجبل..انتهت الظلمات وعاش رجال الله في ارض الله
الاخر الاول: تعال هنا
الاخر الثاني: نعم سيدي
الاخر الاول: ماذا تقول؟
الاخر الثاني: نعم سيدي
الاخر الاول: كفى..
الاخر الثاني: نعم سيدي كفى
الاخر الاول: وماذا فعلت قبل قليل؟
الاخر الثاني: صفقت
الاخر الاول: انتهى التصفيق والزعيق
الاخر الثاني: تعودنا على هذا
الاخر الاول: اترك هذا
الاخر الثاني: وماذا افعل ؟
الاخر الاول:عليك ان تفكر..ان تبحث
الاخر الثاني: عدنا لوجع الرأس.أنا مع الاخرين ، افعل ما يفعلون
الاخر الاول: لحظة..( الاخر الاول يتفحص الاخر الثاني الذي يبدو عليه القلق والخوف) من انت؟؟!
الاخر الثاني: من ابناء هذا الشعب المسكين
الاخر الاول: هذا كلام عام
الاخر الثاني: انا…سجين من السجناء..مؤمن حكم عليه بالاعدام..معذب..منفي في بلاد الغربة
الاخر الاول: يا لك من مناضل كبير ، كل هذه الاهوال تحملت..انك ..
الاخر الثاني: سابكيك دما اذا حكيت حكاية واحدة عن نض الاتي ( يسحب الاخر الاول ويجلسان على جذع شجرة و يواصل حديثه بكلام غير مفهوم. الاخر الاول يبكي ويذرف الدموع مدرارا) ابك أخي ..ابك ..فالبكاء سبيلنا الوحيد
الاخر الاول: (يتوقف فجاءة عن البكاء..ينهض وينظر باستغراب للاخر الثاني) لحظة..من انت؟؟! في أي بلاد غربة كنت؟؟
الاخر الثاني:(مترددا) كنت.. لوتعلم المكان ..اقصد البلد الذي كنت..لقد كنت ..وكنت ..هنا ..نعم هنا ,, وايضا هناك
الاخر الاول: اذا كنت في الداخل
الاخر الثاني: نعم ، في الداخل ..في الهور .. وفي الجبل
الاخر الاول: وها هي ثمرة النضال اينعت
الاخر الثاني: نعم..اينعت، بل نحصد وتحصدون
الاخر الاول: ماذا تقصد؟؟
الاخر الثاني: نضال الداخل اكبر ، نعم الشهادة بشهادتين
الاخر الاول: غربة الوطن اكبر من حمل السلاح
الاخر الثاني: الجوع والحرمان اكل قلوبنا
الاخر الاول: لوعة الشوق للوطن اشعلت النار في جوارحنا
الاخر الثاني: ولهذا فالحصاد الاكبر لكم
الاخر الاول: ليأخذ كل ذي حق حقه
الاخر الثاني: قد يكون
الاخر الاول: ولماذا قد؟؟!
الاخر الثاني: اقصد المعادلة صعبة
الاخر الاول: نعم صعبة، لكنها اوصلتنا لهذا اليوم
الاخر الثاني: (متظاهرا بالانفعال) نعم.. انه اليوم الاغر..اليوم الحلم الذي ننشده في يقظتنا وفي منامنا.. انه يومنا في الوطن وخارجه
الاخر الاول: مهلا .. ان لم ارك من قبل؟؟!
الاخر الثاني: ماذا جرى .. الم نكن احبابا قبل قليل..ثم كيف تراني وقد تشابكت وتشابهت مظالمنا وتعانقت احزانا وتداخلت مصائبنا..كنت وحيدا في صحراء النضال استغيث..انظر ..هذه جراحي تئن..دعنا نبكي تاريخنا، نستذكر مآسينا، فنحن شعب ثقلت موازين احزانه..نحن شعب تغرق دموعه دياره ..نحن شعب تعمي ابصاره من جديد..ابك فالبكاء يبني سلم الهدى ويرسم ابعاد السؤددا.
الاخر الاول: ما هذا ؟!!انك بهذا الفعل تدمر الانسان وتحط من كرامته
الاخر الثاني: هل هذه دروس الخارج؟ ابك معي ..لقد قتلونا وعلينا قتلهم (يسحب السلاح من يده ويبدأ في اطلاق الرصاص وهو يصرخ) ها هم قتلة الابرياء ..قتلة الثوار . مااجمل صوت الثوار ..ما اجمل موت الثوار، حين يكون بلا اثمان،اذ يصبح هذا الموت كرمة للوطن والانسان..
الاخر الاول: ( يمسك الاخر الثاني) ماذا تفعل !!
الاخر الثاني: آخذ ثأري ..قتلونا في بيوتنا..قتلونا في شوارعنا ..قتلونا حتى في…انه الثأر ..نعم الثأر
الاخر الاول:حسنا اصرخ ما تشاء ولكن لا تطلق النار
الاخر الثاني: وكيف استطيع قتلهم ؟!!
الاخر الاول: والامريكان ؟
الاخر الثاني: مالي انا والامريكان.. الامر يخصنا نحن
الاخر الاول: اذا تطلق الرصاص يقتلك الامريكان
الاخر الثاني: نطلب منهم السماح، انهم يقدرون مشاعرنا الجياشة..آه ..ابدا لن انسى ثأري ..ابدا ..ابدا
الاخر الاول: سياخذ القانون مجراه
الاخر الثاني: لا قانون الا للقتل..ولا سلطة الا للسلاح
الاخر الاول: انت تستبيح حرمة الانسان، انت تسفك الدماء مجانا، سياتي اليوم الذي ياخذ كل ذي حق حقه
الاخر الثاني: ومن اين لي كل هذا التحمل..(صمت) أي يوم تقصد؟!!
الاخر الاول: يوم العدالة
الاخر الثاني: صار اليوم يومان
الاخر الاول: ناسف اشد الاسف لاننا لم نفعله بايدينا
الاخر الثاني:لا تاسف
الاخر الاول: ماذا تقول؟!!
الاخر الثاني: طبعا الا ترى الشارع.. الناس تنهب الناس
الاخر الاول: نتيجة منطقية لجوع دفين
الاخر الثاني: اليس السرقة حرام وعقوبتها قطع الايادي؟
الاخر الاول: ( يضحك) اني ارى شعبا بلا ايادي
الاخر الثاني: دعنا نجد موضوعا اخرا
الاخر الاول: ماذا جرى؟؟
الاخر الثاني:لا شيء . عندما تتكرر الاشياء تصبح مملة. اذا علينا ان نلعب لعبة اخرى
الاخر الاول:وما جدوى اللعب في هكذا ظروف صعبة؟؟
الاخر الثاني: وهل هناك ظروف غير صعبة؟!!
الاخر الاول: بتجاهلك هذا تفسد الافكار
الاخر الثاني:هل تلعب ؟
الاخر الاول: دعني افكر
الاخر الثاني: (يضحك) ولماذا التفكير . انه مرض خبيث وهو سبب بلائنا ومصائبنا وتخلفنا. كلما كثر المفكرون كلما زادت وتعقدت الحياة .اترك التفكير تعش ابد الدهر سعيدا
الاخر الاول: هذا لغو , انا بحاجة الى..
الاخر الثاني: (يقاطعه) اسمع انت لن تحصل على ما تريد طيلة حياتك، فانت منذ اكثر من سبعين سنة لم تعش الا سنة واحدة. لهذا ساكتب على قبرك مايلي: ولد في 14/7/1958 ومات في 14/7/1959
الاخر الاول: (حالما) ليتها عادت الايام..فالاحلام كالعصافير تزقزق فوق روؤسنا ونحن ننسج قرنفلة حمراء من تاريخ احزانا. كنا نقتل الالم بزهو الانتصارات، بضحكات الفرح على ضفاف الانهار، حتى ان ضحكات فرحنا عانقت الاقمار. يا حامل الناي الى اهله ما زال هذا الصوت لم يخلق مازال فيك الطين مسترخيا وفيك حزن الورد والزنبق *
الاخر الثاني: يا للمسكين لم يزل يحلم !! الماضي لن يعود واذا عاد فان عودته قاتلة (يتوقف ينظر للاخر الاول الذي لم يزل يتامل الفضاء) عن ماذا كنت اتحدث؟ . شيء جميل ان ينسى المرء، فالنسيان من ثمار السعادة (يقترب اكثر من الاخر الاول) هل فكرت في اللعبة؟
الاخر الاول: لا اعتقد بتوفر الظروف
الاخر الثاني: دعك من هذا الهراء .ساجعلها متوفرة بشرط ان لا تعترض كعادتك
الاخر الاول: من حقي التعبير عن راي
الاخر الثاني: اريدك هذه المرة ان تحبس رايك لساعة
الاخر الاول: لا يمكن
الاخر الثاني:لماذا؟؟
الاخر الاول: انك بهذا تسلب حريتي
الاخر الثاني: لقد حلت المصيبة العظمى والكارثة الكبرى..جاءت الحرية،هبطت الديمقراطية
الاخر الاول: يالروعة الحرية هذا الطائر الجميل ، ان اجمل من جسد الحرية هو الفنان جواد سليم،انها امرأة جميلة بلا قدمين
الاخر الثاني:ثم ماذا؟!!
الاخر الاول: انت لا تفهم الحرية
الاخر الثاني:الحرية ليست للجهلة (يتحرك بعيدا عن الاخر الاول) كيف لي ان اتخلص من هذا ..ماذا افعل؟؟ (ينتقل من مكان لاخر، يصطدم بشيء) ما هذا (يرفع شيئا) انه راس طفل (يرمي الراس بعيدا ويندفع مسرعا نحو الاخر الاول) اسمع لقد وجدت اللعبة .. بل وجدت ادوات اللعبة ايضا (يرفع راس امراة) لا..لا هذا لايحتمل الضربات القوية، ثم ان الجمجمة تكاد تكون مهشمة، فهي ليست قادرة على تحمل ضربات الجزاء .اليس معي في هذا التحليل الرياضي الممتاز.. اعتقد انك تتفق معي ان ركلة الجزاء القوية يجب ان تنطلق كالبرق لتشق الشباك..نعم، اصرخ معي ..هدف، هكذا هي اهداف الابطال في ساحات الوغى (يبحث في الموجودات فيجد رجل) هذا هو المناسب لفريقنا الذي يستحق الفوز الساحق في هذه البطولة (يقلد معلقا رياضيا) الان تتحول الكرة..لكنها مقطوعة.. هجمة مرتدة وتحويلة الى اليسار..مراوغة .لا..لا.. تقدم سريع..و وو تحويلة رائعة.. هدف..نعم هدف. وفاز الفريق.. انظر هذه هي كرتنا (يرفع الراس) فاذا اشتد اللعب واختلطت عليك الامور فخذ أي راس قريب والا فانت الخاسر..حسنا اتفقنا . الان أي لون تختار لفريقك؟
الاخر الاول: الاحمر
الاخر الثاني: (يضحك) لايصح البقاء على لون واحد، عليك بالتجديد
الاخر الاول: اسمع ان افهم قصدك الخبيث.النظرية لم تصب بافلاس.. انما الخطأ في التطبيق
الاخر الثاني: لا تزعل، انها لعبة بين فريق النظرية وفريق التطبيق.لا تشغل فكرك ، فالحياة في احيان كثيرة ترفض اكبر واعظم الافكار. سابرهن لك ذلك لاحقا. الان دعنا نلعب.,ما بك !! لا تذهب بعيدا..انها لعبة فقط
الاخر الاول: هــا.. نعم.. حسنا لنلعب (يبدآن اللعبة . الراس تتقاذفه الارجل والايادي .. انها لعبة يمكن فيها استخدام كل شيء، بما فيه الضرب والقفز فوق الروؤس.. انها لعبة يجب ان تكون غير مالوفة ..تصاحب اللعبة انفجارات واطلاق نار وصراخ وعويل ياتي من خارج المسرح)
الاخر الثاني: (وقد اتخذ هيئة معلق رياضي) من هذا الملعب الكبير نحيكم ايها الجمهور الغاضب الذي يناضل من اجل..
الاخر الاول: (يقاطعه) انه تعليق رياضي وليس خطابا سياسيا
الاخر الثاني: عاشت اقدام الابطال ، بل عاشت احذيتكم الاجنبية وهي تسجل الانتصار تلو الانتصار لهذه للامة
الاخر الاول: سيداتي سادتي انتم على موعد مع اضخم مباراة هذا القرن الدموي..فانتم اليوم تشاهدون ما لم تشاهدوه من قبل (ينظر الى الاخر الثاني وهويدحرج الراس بقدميه) انظروا الى قدميه كيف تركل الكرة بلارحمة..لكنها الكرة التي تهز الشباك فتخلق الفرحة في قلوب الملايين.. انه بلا شفقة ..يا ويلي منهؤلاء القوم انهم يركلون باحذيتهم الاجنبية كرات ابناء وطنهم
الاخر الثاني: ساحقق طموحاتي، وساعلن بطولاتي وانتصاراتي..فيا حذائي استعد للخلود، فها انذا اركل كرتي وليكتب التاريخ عن اجمل واعظم ركلة في العالم (يضرب الراس بقوة ليرتفع الى الاعلى)
الاخر الاول: سيداتي..سادتي..انظروا بأم اعينكم لهذا الراس كيف يصعد الى الاعلى ليسجل هدفا لا مثيل له في تاريخ الكرة..انه هدف الهواء المفتوح (يتوقف عن الكلام ..يتبادل النظرات الحيرى مع الاخر الثاني..ينظران الى الاعلى لا اثر للرأس..الاخر الثاني يندفع فرحا نحو الاخر الاول ويحتضنه)
الاخر الثاني:(فرحا) نحن عباقرة هذا الزمان ..نحن رسل العلم والثقافة والفنون نعلن ونبث بحوثنا وتجاربنا النظرية والعملية في المختبرات الارضية والفضائية منذ سومر وبابل واشور ونعلن قدرة عقولنا الجديدة للعالم اجمع ان المدعو نيوتن راسب في درس الجاذبية الارضية
الاخر الاول: ان نيوتن فاسق ملعون تجاوز على حقوق كرامة الانسان. فقد ثبت باليقين القاطع والمطلق ان لا جاذبية للارض بعد اليوم كما اثبتا امامكم باللادلة والبراهين
الاخر الثاني: فعلى كافة منظمات الجاذبية الدولية سحب الثقة عن المدعو نيوتن واحالته الى المحكمة فورا
الاخر الاول: (يتخذ حركة حاكم) محكمة
الاخر الثاني: لحظة واحده. ارفع الجلسة لمدة خمس دقائق
الاخر الاول: رفعت الجلسة . ماذا تريد؟!!
الاخر الثاني: تعال معي لتصورنا الفضائيات كي يعرفنا الناس، خاصة ونحن في مرحلة انتخابات مهمة وهذه فرصتنا الكبيرة للظهور العلني
الاخر الاول: (متظاهرا امام كاميرا) في الحقيقة والواقع اهدي اكتشافي العلمي الكبير..
الاخر الثاني🙁 يقاطعه) قل اكتشافنا واشر نحوي ايضا
الاخر الاول: اكتشافنا..( يتوقف)
الاخر الثاني: اكمل ماذا جرى!!
الاخر الاول: ا ..ك….ت…شا…ف..
الاخر الثاني: (يبعد الاخر الاول عن الكاميرا) في الحقيقة والواقع اهدي اكتشافي العلمي الكبير لشعبنا الكريم الذي سيساندني وينتخبني من اجل الوطن (يلتفت الى الاخر الاول) زغرد اخي زغرد حتى يفرح الفريق بفوزه الكبير
الاخر الاول: لقد نسينا نيوتن
الاخر الثاني: نعم لنبدأ محاكمته
الاخر الاول: (يصرخ) محكمة .. اسمك؟
الاخر الثاني: نيوتن
الاخر الاول:عمرك؟
الاخر الثاني:سبعون
الاخر الاول: شغلك؟
الاخر الثاني: عالم
الاخر الاول: حالتك البدنية؟
الاخر الثاني: سالم مسلح
الاخر الاول: نيوتن انت متهم بالكذب على الارض
الاخر الثاني: هذه ليست ارضا
الاخر الاول: ماذا تقول ؟!!
الاخر الثاني: هذه خشبة مسرح وليست ارضا
الاخر الاول: ان هذه بدع باطلة لا تنطلي على المحكمة الموقرة ..امامك امر واحد وهو اعلان برائتك عن هذا الذي تسميه جاذبية
الاخر الثاني: (ينظر الى الاخر الثاني ثم الى الصالة ساهما لا يعرف ماذا يقول)
الاخر الاول: اذا لا دفاع عندك، كما انك لا تستطيع دحض الحجج والبراهين . لذا فان المحكمة الموقرة العادلة والنزيهة الشفافة..تعلن رميك في الصحراء حتى تكف عن خرافاتك
الاخر الثاني: (يدور في المسرح) يسقط الفاسق نيوتن.. تسقط الجاذبية الارضية (يتحرك نحو الاخر الاول) ما بك ساكت؟ اهتف معي، ساعدني
الاخر الاول: عدنا للشعارات والهتافات!!
الاخر الثاني:الهتافات موجودة ما دام على الارض بشر
الاخر الاول: اما من طريق اخر؟!!
الاخر الثاني: ابدا ..احمل معي اللافتات واهتف باعلى صوتك: سقطت الجاذبية..سقطت اكذوبة نيوتن..يسقط نيوتن ..يسقط نيوتن ويعيش (يتوقف عن الكلام ويلتفت الى الاخر الاول) يعيش من؟؟
الاخر الاول: بلا شك هو الشعب
الاخر الثاني: وهل يوجد شعب؟؟!!
الاخر الاول: يا للمصيبة!! ان هذا يقودنا الى الهاوية (يسقط الراس من الاعلى)
الاخر الثاني: يبدو ان هناك خطأ في التجربة..عا ش..
(يسمع من خارج المسرح صراخ امرأة مصحوبا باطلاق رصاص كثيف ..تدخل المرأة مذعورة)
المــرأة : اما من احد يحمينا .. اما من احد ياوينا..
الاخر الثاني: (يجري مسرعا نحو المراة ويطوقها ) ها انذا
المـــرأة: اشم فيك رائحة غريبة،ولكن لابديل عنك
الاخر الثاني: كل اعضاء جسدي في خدمتك..تدافع عنك ليل نهار ، اطمئني فانت في احضان وايادي نظيفة كنظافة السماء
المـــرأة:على مهلك، فانا منهكة ومتعبة
الاخر الثاني: تعالي معي ..سابني في اعضائي بيتا لك
الاخر الاول: (فاغرا فاه منذهلا من تصرف الاخر الثاني)
الاخر الثاني:عندما سمعت صوتك من بعيد اشتعل جسدي دفاعا عنك،تالقت جوارحي واحاسيسي، فانا الان ارى ملاكي.هنيئا لك، فانت الان في القلب الصحيح
المـــرأة🙁لنفسها مندهشة) في أي عالم انا!! ماهذا الذي ارى (تتطلع باستغراب لما حولها) ما هذا الذي اسمع،كثيرة هي الاشياء تحمل غرابتها..شيء في داخلي يدفعني الى الهرب..شيء في داخلي يضع الصخور الثقيلة على كتفي..كيف تهرب النفس من نفسها ؟؟!!وكيف تختبيء الذات عن ذاتها؟؟ أأنا هنا امشي اخر يحمل جسدي، يسافر بلا محطات ولازمن (تشعر بشيء يمزق دواخلها فتحدث نفسها) حسنا ايها المبتلى ..حسنا لا تصرخ ايها الوطن في احشائي..امنحني مزيدا من الوقت لاداوي جراحي ..كيف استطيع ان اعلن قراري وانا معلقة مابين الماء واليابسة ..انا اليوم مثل ذلك الذي يرويما يراه وما يسمعه (تنظر الاخر الثاني الذي يبتسم فاتحا ذراعيه لاحتضانها،فاغرا فاه. تستدير فتلمح الاخرالاول الذي لم يزل منذهلا من الحالة التي تبدو عليها):من يكون؟؟
الاخر الثاني: من الرعاع سيدتي..جبان لكنه متمرد
المـــراة: وماذا فعل؟؟
الاخر الثاني: يشتم الوطن
المــراة: وبعد؟
الاخر الثاني:شتيمة الوطن اكبر من الالحاد
المـــراة: الوطن مستباح
الاخر الثاني: نعم.. وهنا تسكب العبرات
المـــراة: انت اصيل
الاخر الثاني: والاصلاء قلائل (يتجه نحو المراة ويحتضنها)
المـــراة: هل يمكن ان تحررني من قبضة يديك؟؟
الاخر الثاني: انت الحرية التي اصبو اليها.فدعيني ارتوي من مائك العذب ليطفيء ضمأ صدري الملتهب (تتركه المراة وتذهب بعيدة عنه .. يتبعها) هل انت جائعة
المـــراة: نعم
الاخر الثاني: هل انت ضمآنه
المـــراة: نعم
الاخر الثاني:هل انت تعبانه؟
المـــراة: نعم
الاخر الثاني: هل انت خائفة؟
المـــراة: نعم
الاخر الثاني: هل انت حزينة؟
المـــراة: نعم
الاخر الثاني: هل انت ..انـــت..
المـــراة: (صارخة) قلها وخلصني، فانا..
الاخر الثاني: لا تصرخي حبيبتي، تعالي..تعالي يافرحة جسدي (يداعب شعرها ويمسكها من ذراعيها) انا لك الغطاء والفراش..فانعمي بدفء رجولتي (يسير بالمراة نحو مكان مظلم وهو يراقب المكان باهتمام بالغ، تبدوالمراة من شدة التعب والارهاق تسير وكانها نائمة..يجلسها في مكان منخفض ويدير ظهره الى الجمهور وكأنه يستعد للانقضاض عليها)
الاخر الاول: أحــــم!!!!
الاخر الثاني: ابـق مكانك !! لم يأت دورك بعد
الاخر الاول: والى متى انتظر
الاخر الثاني: الى ان اناديك.. دعني انهي عملي
الاخر الاول: انت تريد ان تستولي على كل شيء
الاخر الثاني: ولمّ لا.. كل حسب قوته
الاخر الاول: اذا حان موعد القطاف
المـــراة: (صارخة ، مبتعدة عن الاخر الثاني ) مابكم تلامسون ما حرمتموه !!!
الاخر الثاني: مهلا ..مهلا ايتها الحلوة
المـــراة: ما قصدكم من هذا الذي..
الاخر الثاني: (مقاطعا) اسمعي ايتها الجميلة .هنا لا يوجد قصد ولا تحليل كلمات ..هنا لعبة الاذكياء وهي ان تقول ما يخطر على بالك ،يعنى كما يقول المثل : تسقط الاداب بين الاحباب ( يحمل المراة بين ذراعيه)
المـــراة:الى اين؟؟
الاخر الثاني:لنزهة يحملنا فيها القمر ، نتجاذب لذة الحديث وطعم القبل..
المـــراة: (ساخرة) هل انت شويعر؟
الاخر الثاني: في العراق تلد النساء شعراء. اول بلد في العالم ينتج الشعر، واول بلد في العالم يحوك الانقلابات والمؤامرات
المـــراة: انزلني ..اتركني
الاخر الثاني:لا تؤلمي راسك بالصراخ .هل يعجبك ذلك المكان المنزوي بعيدا عن انظار الحاقدين واهل السوء والجهالة؟(المراة تقفز من بين يديّ الاخر الثاني الذي يحاول الامساك بها الا انه لايستطيع)
الاخر الاول: (يقفز من مكانه صارخا بوجه الاخر الثاني) قف.. لا تتحرك والا تموت.
الاخر الثاني🙁 يتجمد في مكانه )ماذا بك؟!!لقد افزعت اعضائي
الاخر الاول: (محاولا بث الخوف في قلب الاخر الثاني) لا تتحرك ..لا تتكلم
الاخر الثاني:وهل هذه من شروط الديمقراطية
الاخر الاول: لا تتحرك ، انت تقف الان فوق عبوة ناسفة
الاخر الثاني: (متجمدا في مكانه) انا بشاربيك ايها العربي الغيور
الاخر الاول: (المرأة تقترب منه) تعالي عزيزتي
المـــراة: الى اين؟؟!!
الاخر الاول: لا تسالي ، فالاسئلة تسبب وجعا كبيرا
الاخر الثاني: انقذوني ..ارجوك ايتها الام الطيبة لا تتركيني وحيدا مع الموت
الاخر الاول: تحركي ايتها الجميلة
المـــراة: كيف اتحرك وانا لااعرف شيئا!!
الاخر الاول: ليس المهم المعرفة
المـــراة: وما هو المهم؟
الاخر الاول :الموافقة
المـــراة: وعلى ماذا اوافق؟؟
الاخر الاول: ان تاتي معي
الاخر الثاني:سيؤذيك ..لا تذهبي معه
الاخر الاول: اسكت والا انفجرت العبوة تحت قدميك
الاخر الثاني: ارجوك انت حبيبي واخي العزيز
الاخر الاول: اذا هيا بنا ايتها الحسناء
المـــرأة: (تؤشر نحو الاخر الثاني ) مثل ذاك تريد؟؟
الاخر الاول: كل ما اريد ان ابعد الخطر عنك
المـــراة: هذا لطيف
الاخر الاول: وهل ابدو كذلك؟!!
المـــراة: وهل تشك في هذا؟
الاخر الاول: ولم لا
المـــراة: لم افهم!!
الاخر الاول:اقصد الشك قائم في كل الاحوال
المـــراة: ولكن لم كل هذا الحرص؟؟
الاخر الاول: وكيف لا ،انت ملاذ وطني كبير ..تعالي عزيزتي فان التعب قد اخذ منك ماخذه .. انت منهكة
الاخر الثاني :لا تتركاني ..ارجوكم ..بحق الاخوة الوطنية لا تتركاني
الاخر الاول: (يمسك المراة ) تعالي .ساريك ما يجعل منك خلقا جديدا
المـــراة: لكنه يقف ..
الاخر الاول: (مقاطعا) اتركيه لن يكون الاخير ..تعالي ساويك الى مكان يجعل من جسدك المتعب يشرق ضياء”، انت امراة جميلة ويجب ان اوقر لك الدفء والامان
المـــراة:نعم ذكرتني بالامان ..لكنه يقف
الاخر الاول: ( مقاطعا) المهم ان تنساب عذبة السعادة الى صدرك الجميل..الى خديك .. عينيك عزيزتي
المـــراة:كلام لذيذ
الاخر الاول: ألوذ بك حبا ..موتا ..الاانني اقول هل من مزيد
المـــراة: اناسعيدة بعرفتك
الاخر الاول: بل تتفاخرين بقدرتي ورجولتي .اذا كي اوفر لك الامن ، عليك توفير الراحة والاستجمام لي
المـــراة: لنذهب الى مصايف الشمال
الاخر الاول:لا..لا..الستر خير لنا من المكشوف.سنجلب المصايف هنا
المـــراة:صورة غريبة!!
الاخر الاول: الواقع اكثر غرابة
الاخر الثاني:لا تتركاني باسم الاخوة العربية
الاخر الاول: اسمع ياهذا نحن الان تحت مياه الشلالات، دخل الماء في آذاننا فلم نعد نسمع اصوات العبوات (يمسك بذراع المراة ويسيران جنبا الى جنب) هل تدخنين؟
المـــراة:نعم
الاخر الاول:جميل.. ولدت الحضارة…تشربين؟
المـــراة: كل الاقداح يشربها قدحي
الاخر الاول: يا للروعة .تسقط عشتار
المـــراة: هل هي زوجتك؟
الاخر الاول: مجنون من يتزوج..ترقصين ؟
المـــراة: ( خجلة ) بعض الاحيان
الاخر الاول:جميل .بعض الاحيان هذه هي العمر كله .انهضي من جديد .ارقصي فان الرقص يطهر الارواح من رجسها والابدان من وجعها والعقول من خيانتها
(يرقصان ..الرقص يتصاعد حتى يقترب الى حركات جنونية توحي بلقاء الاجساد وتداخلها العضوي .المراة تنفصل عنه تعبيرا عن حالة نكوص..الا انه يقترب منها وبحركة سريعة يطرحها ارضا توكيدا صارخا على قوة سيطرته وفرض ارادته.يبتعد عنها متظاهرا برجولته ومتفاخرا بها على الطريقة العربية.. تنهض المرأة منكسرة بحركاتها الحزينة والرجل يسحبها من شعره .ويخرجان)
الاخر الثاني:لا تذهبا ..لا تتركاني هكذا واقفا فوق الموت .لقد اخذت قواي تنهار لم اعد قادرا على تحمل هذا العذاب.ارجوك..عد لي ولاتشغلك هذه المراة (يصرخ) انا انسان ولي حقوقي, هل تسمعني..انا احذرك ..لم يعد امامي خيار آخر..سافجر نفسي كما يفعلون واقتلكما معي
المـــراة🙁تدخل صارخة بوجع) ويحكم يامن تعيشون في احشائي (يدخل الاخر الاول منتشيا ضاحكا)هذا يريد ..وانت تريد (تؤشر باتجاه الاخر الثاني) وكلكم تريدون ..ولكن انا لا احد يسالني ماذا اريد ..لا احد يسمع..لا احد يستجيب ..لا احد يدرك..الكل تتحدث..تتكلم ..الكل تريد ولا تعطي
الاخر الاول: على مهلك، ما هذا الكلام!! ارجوك احترمي وظيفتك التي منحتها لك الطبيعة
المـــراة:اللعنة على الطبيعة..اللعنة على قراراتها وهذا (تؤشر باتجاه الاخر الثاني) الذي يقف فوق الموت هل هو نتاج لطبيعة ايضا..تكلم ..تكلم..
الاخر الثاني:لا تهزيني هكذا لئلا انفجر فاموت
المـــراة:في احيان يصبح الموت جميلا .. كفى خوفا
الاخر الثاني:لانك لم تجربيه
المـــرأة:بالعكس ..انا اموت عشرات المرات يوميا
الاخر الثاني: خلصيني من هذا الموت
المـــراة: (تضحك) حقا انك اضحوكة
الاخر الثاني: ماذا تقولين يا عاهرة!!
المـــراة: هذه هي الاضحوكة ..الان اصبحت عاهرة .نعم ، لكنك كنت تلهث كالكلب وراء رائحتي
الاخر الثاني:انه النقص في تركيبة الرجل
المـــراة: بل جهل في تركيبتك انت
الاخر الثاني : قرة عين اهلك ، ستلدين روسيا او اعجميا
المـــراة: عندما يضعف المرء يلجأ الى جهالته وتخلفه
الاخر الثاني: ابتعدي ايتها المومس ( يحاول الحركة ..)
الاخر الاول: (يصرخ) اياك والحركة..ستموت
الاخر الثاني:افعل لي شيئا
الاخر الاول: ماذا افعل للموت، انه يأتيك من حيث لا تحتسب ، فلا سلطان لي عليه.
الاخر الثاني:يبدو ان الموجة قد جرفتك
الاخر الاول: قطعا لا
الاخر الثاني: ولكنك تتحدث بفاصل دينية
الاخر الاول : الدين للدين، ولكل فكر اصوله وفواصله
الاخر الثاني: يقال ان رجل دين وماركسي اجتمعا في وزارة واحدة، فطارت شائعة تقول :ان رجل الدين اصبح ماركسيا والماركسي اصبح خطيبا في الجامع (يضحك)
الاخر الاول: ولماذا تضحك؟؟ هذا ممكن
الاخر الثاني: كيف ممكن؟!!
الاخر الاول:لان الاثنان كاذبان..فلا هو ماركسي ولا ذلك رجل دين
الاخر الثاني: ما بك !!!انت تشتم الارض والسماء
الاخر الاول: ابدا، حتى تكون حقيقيا عليك قول ما في داخلك
الاخر الثاني: تعال
الاخر الاول: (يتجه نحو المراة) ماذا يريد؟!!
المـــراة:اذهب واساله
الاخر الاول: انت مستودع افكار الرجال
المـــراة: هذا ما كان (تخرج)
الاخر الثاني:تعال
الاخر الاول: (يقترب من الاخر الثاني) ماذا؟؟!!
الاخر الثاني: قذر
الاخر الاول: (يلتفت يمينا وشمالا)
الاخر الثاني: انــت قــــذر
الاخر الاول: (يضحك) هذا صحيح ..,فانا لم اغتسل منذ ايام
الاخر الثاني:انت قذر النفس وليس الجسد
الاخر الاول: (يصفعه منفعلا) وانت ايضا
الاخر الثاني: ( يحاول الحركة)
الاخر الاول: (يمسكه) بلا حركة، فان تحركت فاضت جيفتك
الاخر الثاني: يا خائن العهد
الاخر الاول: يا قاتل الشرفاء
الاخر الثاني: يا رافض المواثيق
الاخر الثاني:يا ذليل الاجنبي
الاخر الاول: يا ارعن الحروب
الاخر الثاني:(صارخا بانفعال) سادق عنقك، ساقطع اوصالك (يندفع مسرعا نحو الاخر الاول وهويصرخ) ايها الكلب (يتوقف عن الكلام والحركة، ينظر الى المكان حيث كان واقفا ..يلتفت مستغربا، ينظر الى الاخر الاول)
الاخر الاول: (يضحك) ضحكت عليك
الاخر الثاني:ضحكت عليّ!!
الاخر الاول: نعم ..عليك ضحكت انا
الاخر الثاني:انت ضحكت عليّ!!
الاخر الاول: بلى..انا كنت اضحك عليك
الاخر الثاني:اذا عليّ كنت تضحك !!!
الاخر الاول: أي والله ..عليك اضحك
الاخر الثاني: ايها الحقير الذليل، ساقضي عليك الان
( يجري الاخر الثاني باتجاه الاخر الاول الذي يهرب بعيدا.. تبدا مطاردة يقذف فيها احدهما الاخر بالقطع المتناثرة على خشبة المسرح من بقايا اجزاء اسلحة او ملابس عسكرية..مع تلك الحركة القوية تتغير الاضاءة حيث تتحول الى بقعتين على جانبي المسرح حيث يقف الاخر الاول وهو يحمل لافته ل اتشبه اللافتات المتداولة في التظاهرات . وفي الجانب الاخر يقف الاخر الثاني وهو يحمل ايضا لافته ..وتبدا رحلة الهتافات والشعارات..)
الاخر الاول: صداقة سوفيتيه … واتحاد فيدرالي
(اصوات من خارج المسرح تردد الهتاف )
الاخر الثاني:لا شرقية ولا غربية….وحده ..وحده عربية
( اصوات من خارج المسرح تردد الهتاف )
الاخر الاول: ماكو(لا) زعيم الا كريم …يا كريم للامام..ديمقراطي هو سلام
( ترديد جماعي من خارج المسرح)
الاخر الثاني:من المحيط الهادر…الى الخليج الثائر
( ترديد جماعي من خارج المسرح)
الاخر الاول: ماكو(لا) مؤامرة تصير والحبال موجوده
(ترديد جماعي من خارج المسرح)
الاخر الثاني:وحده وحده عربيه … لا استعمار ولا رجعيه
(ترديد جماعي من خارج المسرح.. تختلط الاصوات وهي تعيد ترديد الهتافات السابقة..تدخل المراة وهي تنظر باستخفاف الى حركة الشخصيتين المرتبكة..)
المـــراة: يا لبؤس الكلمات حين تتحول الى مسخ للاذى ،للتدمير و للاقتتال (العصى التي ربطت بها اللافتات تتحول الى ما يشبه البنادق حيث يتراشقان بالرصاص . و الصراخ والعويل الذي يلف المكان بكامله)احسنت ايها الاممي اصرعه ارضا ، فانت الاقوى ،انت الذي يحصد الجوائز وكلمات الشكر والامتنان ، فلا مجال لاحد غيرك ..انت الاوحد ..انت الاعظم (الصراع بين الاثنين يزداد ضراوة) آن لك انت الذي سقطت ان تنهض من جديد ..استجمع قواك وانهض..باية طريقة انهض ..فعروبتك تناديك وتامرك بالقتل.لا مكان لهم ما دامت حبال المشانق متوفرة ..اقتل ، فلا مجال اخر غير القتل يوصلك الى هدفك النبيل.(تتوقف عن الكلام) ماذا قلت ؟؟ نبيل ..(تضحك) لقد اصبحت هذه الكلمة جوفاء في عالم القتل والدمار .يا لتعاستك ايها العربي فانت تفكر بعاطفتك وتاكل بعاطفتك وتشرب بعاطفتك وتنام بعاطفتك ( تصرخ بعد ان ترى القتال الضاري بين الاثنين) نعم هكذا، دق عنقه..لا تبقيه حيا، فهو قاتلك لامحال..اقتل، فالقتل اصبح الوسيلة والغاية، واعلم ان سلطة العنف مثلها مثل كل الصفات البشرية القذرة المستترة في دواخلنا..في تصرفنا..في وجودنا وفي مشاعرنا.هنا وعلى هذه الارض ينفصل العقل عن النمو..عن التقدم وعن التجدد..تقاتلو ابناء شعبي تقاتلو..فمرحى لمن اغتنم فرصته ..ومرحى لمن (تتوقف عن الكلام ..تنظر للرجلين يتصارعان بالايادي اشبه بمصارعة اليابانين..تخرج من المسرح)
(الرجلان منهكان ..يخران الى الارض حيث يبتعد الواحد عن الاخر )
الاخر الثاني: صورة مذهلة ..فالموت ياتي من كل جانب
الاخر الاول: ياتي ام لا ياتي ..فهو لا يضرك بشيء
الاخر الثاني:انا لا اقصد
الاخر الاول: دائما تفكر بمعادلة الربح فقط
الاخر الثاني:وتبرأ نفسك من هذا؟؟ألم تمارس الجنس بارتياح وانت تحت القصف
الاخر الاول:الجنس والحرب مهمتان في مهمة واحدة
الاخر الثاني:هذه فلسفة جديدة للحرب
الاخر الاول:اسمع.. الحرب والجنس نتاج حركة
الاخر الثاني:هذه المرة تتجه نحو العلم
الاخر الاول:لا حرب بلا حركة ، ولا جنس بلا حركة
الاخر الثاني: ما احلاك في هذا التحليل العظيم …عاش الجنس .. عاشت الحرب
الاخر الاول:عاش الجنس نعم، ولكن لا للحرب
الاخر الثاني: انت من دعاة السلام، لكن بلدك يخرج من حرب ليدخل حربا
الاخر الاول: ومالي وما انتم تريدون
الاخر الثاني:هل تريد حكم ذاتي ؟؟
الاخر الاول:ويلك تختلق المكتسبات لتصنع الدمار
الاخر الثاني:(ينهض) اذا عاشت الحرب
الاخر الاول: (ينهض) عاش الجنس
الاخر الثاني:الجنس ..الجنس ..اخرج ، اخرج ايها المواطن لقد اغرقوك بالجنس
الاخر الاول: الجنس حاجة انسانية ،حق من حقوقنا المشروعة
الاخر الثاني: ما يعجبني فيك هو انك تجعل الشيء الساذج رائعا
الاخر الاول: وما لا يعجبني فيك هو انك تدمر كل ما هو رائع وجميل
الاخر الثاني:(يندفع نحو مكان اخر) حسننا لندمر الاشياء ..كل ..
الاخر الاول: (مقاطعا) لماذا تركز على التدمير؟؟
الاخر الثاني:لان بقائي فيه
الاخر الاول: لكنه يكشف كل نواياك وخفاياك
الاخر الثاني: لم يبق ما هو مستتر
الاخر الاول: هذا اعتراف متاخر
الاخر الثاني: (يقترب من الاخر الاول ) اجب بصدق هل تريد ممارسة الجنس؟
الاخر الاول: نعم ..مع اختك
الاخر الثاني:لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى …حتى يراق على جوانبه الدم
الاخر الاول: استنهاض عاطفي كاذب متخلف في صورة شعرية جميلة رائعة
الاخر الثاني: (يدور في المسرح يبحث عن شيء ما في اماكن عديده..يخرج من مكان مظلم سيفا عربيا) ساحمي شرفي واذود عن قيمي واصون عروبتي ..فاني والله حامل ارقى القيم واعظم الافكار والهمم (تدخل المراة) وتاريخي مطرز ببطولات سيف عربي ذي شمم (يهجم شاهرا سيفه نحو الاخر الاول الذي يجري مبتعدا عن ضرباته)
الاخر الاول: اما آن الاوان ان تفكر ..لقد كثرت الخسائر وكبرت المصائب ودمرت الاوطان والشعوب..
المــراة: (تصعد فوق جذع نخلة ) لاول مرة اراهما وجها لوجه ولكن خلف الحقيقة
الاخر الاول: ساطوف في ازقة الجوع والفقر، حيث جماجم البشر مرصعة بالشقاء، لم يزل الرعب الذي غنوا له مطبوعا على الشفاه بالدماء. سانبش الرمال النائمة على موتها واستخرج الجرارات المحطمة لا صنعمنها سيوف الرمل ودروع الثلج واحارب بجيش بلا ذراع .
المـــراة: مرحلة اخرى من مراحل الصراع المرير. الماثلان امامكم لا يعرفان احترام الاراء والافكار.لا يريدان الاستقرار والنظام..مرحلة اخرى من الفشل المدمر (تنزل من مكانها وتتجه نحو الرجلين) كفى خرابا ..خـذا هذا والعباما شئتما ( ترمي على الارض رقعة شطرنج وتخرج.. تنزل من اعلى المسرح خيوط رفيعة يمسك بها كل من الاخر الاول والثاني. يقابل احدهما الاخر ، يتحرك الاخر الاول بحركة حصان كما معمولا بها في لعبة الشطرنج ، فيما يتحرك الاخر الثاني بحركة فيل. كل منهما يقلد صوت الحيوان عند اداء الحركة الشطرنجية.تبدا الحركة بايقاع اعتيادي.. سرعان ما تاخذ الحركة ايقاعا اسرع واسرع ..حتى تتشابك وتلتف حولهما فيسقطان على الارض)
الاخر الثاني: (يحاول التخلص من الخيوط) بالروح والدم نقضي على المؤامرات، لا مكان للانقلابات بعد اليوم،من يخالفنا فهو عدونا، ومن يناصرنا نقدسه ونزهو به، فمن لا ينزف الدم تسحق عظامه ويهدر دمه على الارصفة وفي البيوت واحضان الامهات..نحن بناة ..نعم نحن بناة
الاخر الاول: (يحاول فتح الخيوط) هكذا كـتب الموت والدمار ..الفقر والحرمان لشعب ينزف الخوف قبل الدم، يا كلالذل ويحتسي القهر والطغيان
المــراة: (تدخل مسرعة تبحث عن شيء ما ، تلاحظ الاثنان ) امـا زلتما احياء !! يا للاسف
الاخر الثاني: (بتودد) مابك يا اخت العرب؟
المـــراة: هل جاءت العرب؟؟!!
الاخر الثاني: وماذا ترين ..هل هم في الوجود ام لا؟؟
المـــراة: انت تترنح
الاخر الثاني: اشعر بدوار..
المـــراة :عليك ان ترتاح .كانت الحرب ضارية..
الاخر الثاني: نعم كانت الحرب ضارية.. نعم ضارية للغاية (يخرج)
الاخر الاول: (يفتح ما تبقى من خيوط) مصائب قوم عند قوم..
المـــراة: ( تقاطعه) مهلك لقد اختفى القوم وبقيت المصائب
الاخر الاول: ( ينهض بسرعة كمن خطرت على باله فكرة مهمة) لكي تصل لما تريد عليك اتباع الطرق التالية:ليس هناك حق مطلق وباطل مطلق، بل هناك انتزاع لهذا وذاك. كل الاشياء مشروعة بشرطان تؤمن لك البقاء .ليس المهم ثمن البقاء لانه سهل، بل الاهم ثمن الوصول (يستدير نحو المراة) ايتها المراة انت منذ الان محطة بقائي، فانت العوالم الجديدة التي اصل اليها
المـــراة: (مستغربة) ماذا حدث للرجل؟؟ هل انت مريض؟
الاخر الاول: بالعكس ..انا الان تتدفق الصحة في راسي وفي كل جسدي
المـــراة: (تزغرد) اذن نهضت العرب
الاخر الاول: نعم نهضت العرب .. نهضت ..نهضت
المـــراة : اذا علينا اخبار العالم (تاخذ حركة مذيعة تلفزيونية) سيداتي ..سادتي ..اليكم هذا الخبر العاجل ..الى كافة الحكومات الصديقة واللاصديقة ..لقد تم بعون الله ..
الاخر الاول: (مقاطعا) ماذا تفعلين؟؟!!
المـــراة: اخبار العالم بالنهوض الحضاري للعرب
الاخر الاول: دعيك من هذا (يسحبها الى مكان اخر) اسمعي عليك واجب مقدس (يهمس في اذنيها) وهذا لا رجعة فيه،لانه هو النهوض العربي الحضاري
المـــراة: فاحت جيفة النهوض
الاخر الاول: (يمسكها بقوة) افهمي الامر ، فهذا من ضرورات العصر
المـــراة: وفي خانة لا يسلم الشرف الرفيع
الاخر الاول: كفى ..هذا هراء .ليس لدي وقت لايعه .اذهبي وارتدي ثيابا تليق بالمناسبة، عليك استعادة نشاطك وحيويتك فالحركة ضرورية لانها تجلب البركة والرزق
المـــراة : العنة عليك وعلى عهرك هذا
الاخر الاول:هذا ليس بعهر، انه من متطلبات الحياة
المــراة: منذ متى والحياة عاهرة؟!!
الاخر الاول: (يضحك) منذ اليوم الاول..اسمعي اذا كنت خجلة فاغمضي عينيك ، ثم انك ستعتادين على الامر، انها مجرد لعبة ستكون فيما بعد طبيعية جدا..ارجوك ساعديني فانا في مازق
المـــراة: منذ متى وانت تمارس الدعارة؟؟
الاخر الاول: كفى تكبرا كاذبا (يمسك المراة بقوة ويلفها بقطعة قماش وهي تقاوم .ياخذها ليركنها خلف باب مفتوحة يقف عند تلك الباب)هلمو ايها السادة الكرام ..هلمو ايها الناس ..كل الناس ، فليس من الحلم ان تبقى معلقا، فالوجد تطرزه الاشواق..هل موف ابوابنا مفتوحة، وها قد حان دوركم يامن تبحثون عن الهوى، فانه اليوم متوفر (يتحرك بحركات انثوية .يذهب نحو المراة) ايتها الجميلة هاهم قادمون.. اهلا وسهلا يامن تبحثون عن الهوى ،فهو اليوم متوفر ..اهلا وسهلا برواد الحضارة .. اهلا .. اهلا ( يدخل الاخر الثاني، يتجه نحو المراة الواقفة خلف الباب..الاخر الاول يغلق الباب..ومن هناك يشتعل الصراخ والعويل) هنيئا لنا هذا الخبر المتدفق من الابار والانهار..هذا الخبر الذي يحتوينا ونحتويه حد الموت (يخرج الاخر الثاني منتشيا) هنيئا لنا هذا العرس الدائم (يخرج)
الاخر الثاني: نعم هنيئا لنا تلك الاعراس تقام في المحيط فيرقص لها الخليج (يلاحظ الاخر الاول داخلا فيرشده الى مكان المراة) اعزفي ايتها المزامير ملحمة الشرف والبطولة، ولتتعالى اصوات الانتصارات.. هنيئا لمن ينشر الفرح والسعادة زهورا في طريق الوطن والناس.. (يخرج الاثنان )
المـــراة: (تظل تلوذ بنفسها داخل المسرح بملابس ممزقة و شعر اشعث..تمسك بجذع نخلة)علقوا في بيوتهم سبايا..جلدت ظهورهم وبقرت بطونهم..فشردوا عرايا، لانهم قالوا هذه لنا..ارضنا لنا..فاصبحوا شظايا (تدور كالمجنونة وسط المسرح)احدث من ؟؟!! اكلم من؟!!من يفهم من؟! اريد ان افتح سجالا، لكن مع من؟؟ لاادري اين من. واين الان انا؟؟نعم..انا التي احمل هذا الاسم..هل تؤمرني بشيء؟ نعم انه اسمي ولا يمكن ان يكون غير اسمي.. لاتثق، فهذا امر اخر..توقف.. لقد ناديتني باسمي..فقلت نعم، لكنك تركتني ثانية في صحراء الروح..قف.. ٌ لحظة، اما آن الاوان لهذه الروح ان تستريح!
الاخر الاول: (يدخل وعندما يرى المراة يتحرك نحوها) ماذا حدث؟!! هل تحتاجين لمساعده؟؟
المــراة: (تنظر له بعينين دامعتين)
الاخر الاول: تمهلي ، ما الذي فعل بك هذا؟؟!! انت في حالة بائسة، تمالكي نفسك..تشجعي، هكذا هي الحياة، ما ان تنتهي مصيبة الا وهبطت مصيبة اخرى ..يبدو انك مريضة، بل انت حقا مريضة، وارى ان مرضك معدي.
الاخر الثاني:(داخلا) مــا هذا ؟؟!!
الاخر الاول: كما ترى المسكينة لا تستطيع الكلام ولا الحركة
الاخر الثاني: ما بك؟ تكلمي
الاخر الاول: يبدو انها تلفظ انفاسها الاخيرة
الاخر الثاني: اعتقد انها مريضة
الاخر الاول: نعم مريضة..الا ترى
الاخر الثاني: نعم ارى . حقا انها مريضة
الاخر الاول: هذا صحيح ..انها مريضة
الاخر الثاني:خذها الى الخارج
(الاخر الاول يساعد المراة على النهوض..يخرجان ..الاخر الثاني ينظر يمينا وشمالا .. يتقدم بخطوات حذرة ..يخرج شيئا قد يكون حقيبة ليخرج منها مجموعة اوراق كبيرة تشبه الملصقات الانتخابية، مرسوم عليها صور ورسوم تبدو باشكال غريبة، الا انها تحمل كلمة واحدة (انتخبوا) يبدأ في لصق الصور…يدخل الاخر الاول حاملا اوراقه ويبدا في لصق الصور .. تتصاعد وتيرة لصق الاعلانات متخذة اشكالا حركية اكثر غرابةمن الملصقات الاعلانية ..حتى يصطدم احدهما بالاخر )
الاخر الاول: ماذا تفعل؟؟
الاخر الثاني: كما تفعل
الاخر الاول: وماذا افعل؟
الاخر الثاني: ما انا فاعل
الاخر الاول: ومن سمح لك بالفعل؟
الاخر الثاني: الفعل حق لكل انسان
الاخر الاول: لكن فعلك باطل
الاخر الثاني:وكيف تثبت باطله؟
الاخرالاول:المسألة واضحة.. كل اعتداء باطل
الاخر الثاني: وهل فعلي اعتداء؟؟
الاخر الاول: بل اكبر من الاعتداء
الاخر الثاني:لا معتد الا انت
الاخر الاول: لا معتد الا انت
الاخر الثاني: هذا يخالف الدستور
الاخر الاول: الان تنادي بالدستور ، الم تطالب بتغيره؟؟
الاخر الثاني: باسم القانون امنعك
الاخر الاول: باسم القانون اواصل نشاطي الديمقراطي
الاخر الثاني:اترك هذا المكان
الاخر الاول: كل الاماكن لنا
الاخر الثاني: قلت لك اترك هذا المكان
المراة: (تدخل وهي تحمل ميكرفونا) سيداتي سادتي..على الهواء مباشرة ووجها لوجه مع الاحداث في عرض مكشوف وحوار مفتوح من رحم الديمقراطية ومن فضائل الحرية اليكم هذا اللقاء الشفاف (تتحرك لتقف بين الرجلين)سيداتي ..سادتي نحن الان مع ضيفين عزيزين
الاخر الاول: (مندفعا) ان برامجنا تصب في صميم الانسان ونحن نناضل من اجل تحقيقها.. ولهذا..
(هنا يحدث تداخل وتقاطع في حوار الرجلين)
الاخر الثاني: نحن نبذل قصارى جهدنا من اجل ان نعمل ليل نهار وبلا كلل كي نستطيع ..
المـــراة: ارجوكم ،بحق حرمة الديمقراطية دعونا نفهم ..
الاخر الاول: ولهذا فان قائمتنا التى لا تفكر الا للوصول الى هدفها الانساني
الاخر الثاني: انا احتج
المـــراة: لماذا؟؟
الاخر الثاني: هذا خرق لاصول الانتخابات
الاخر الاول: انت الذي يخرق الاصول
الاخر الثاني: لا بل انت
الاخر الاول: الكل يشهد انك اكبر خارق للاصول
المـــراة: ارجوكم .. دعونا نفهم شيئا منكما
(الرجلان يتركان المراة ويتجهان الى حيث الملصقات ..تخرج المراة..الاخر الاول يمزق اوراق الاخر الثاني الذي بدوره يمزق اوراق الاول..و .. يبدأ صراع التمزيق .. المشهد ينفذ بحركات سريعة متخذة الشكل الكوميدي الرخيص ..الاخر الثاني يدفع بجذع نخلة ليضعه كحد فاصل بينهما )
الاخر الثاني:اذا تجاوزت هذا الجدار تموت
الاخر الاول: وانا ايضا احذرك
(الاخر الثاني يتحرك بعيدا عن الجذع ليلصق ورقة ..الاخرالاول يدفع الجذع نحو جهة الاخر الثاني ويذهب ليلصق ورقة . يعود الاخر الثاني خلسة ليدفع الجذع نحو جهة الاخر الاول الذي يراه فيندفع غاضبا نحوه و.. تبدأ مرحلة الدفع … حوار غير مفهوم يملأ المسرح صراخا وعويلا..يشتعل الرصاص، فيختبئ كل منها خلف جذع وكأنهما في ساحة معركة.. تدخل المراة مسرعة مرعوبة وخائفة وكان شيئا في الخارج يطاردها..)
المـــراة: بغداد..في داخلها موت.. بغداد في خارجها موت (تصعد على جذع النخلة حيث الرجلين مضرجان بالدم) هل ابقى معلقة مابين موت وموت (تتحرك نحو الامام وتقف عند مقدمة الجذع القريب من الجمهور)أأظل هكذا واقفة فوق الموت (تصرخ) اعوذ بك ايها الموت.. انا لا اخشاك ولن تخشاك ايامي القادمة.. فصوتي يقول: سيصبح العراق بلــدا يطــاق …..
** حسين السلمان / بغداد (20/3/2007)