مسرحية:"الدبّو" يفتتح العروض المسرحية الخاصة بنزلاء السجون/ الفرجة

قدمت مجموعة من نزلاء سجن برج الرومي ببنزرت صباح أول الأمس الثلاثاء بدار الثقافة ابن خلدون بالعاصمة مسرحية بعنوان “الدبو” وذلك ضمن فعاليات الدورة العشرين لأيام قرطاج المسرحية التي تتواصل فعالياتها إلى غاية يوم 16 ديسمبر 2018
“الدبو” مكان جمع أبطال هذا العمل المسرحي، وهم مهددون بالخروج منه بسبب تداعيه للسقوط بحسب أعوان البلدية. ضيق المكان يوحي بأنه سجن، كيف لا ومن فيه ليسوا أحرارا فهم شبه رهائن لدى شيخ “ضرير” يتحكم في مصائرهم.
عمل نال إعجاب الحاضرين الذين ازدحم بهم فضاء العرض وامتزجت مشاعر الإعجاب بالأسى، والفرح بالحزن، على واقع بلد كثقل بالمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
مغامرة ركوب المخاطر والسفر خلسة عبر البحر والهجرة غير الشرعية للشباب الراغب في تحسين ظروفه المادية وهروبه من واقع تونسي بائس في نظره لا يساعد على تحقيق أحلامه، كانت أحد المشاكل التي طرحها العمل على لسان أحد الأبطال وهو يستحضر ما حصل له قبل أن يفشل الأمن عملية الإبحار خلسة.
إشارات ورموز اعتمدها مخرج العمل محمد أمين الزواوي المشرف على مختبر المسرح بالوحدة السجنية ببرج الرومي، بمشاركة الممثلين، الذين ساهموا أيضا في وضع النص، للتطرق إلى عدة قضايا تشغل التونسيين اليوم منها واقع الثورة ومآلها، وتكالب المسؤولين على الكراسي والمناصب ومحاولة البعض مسح ماضيهم والظهور في ثوب “أفضل” وأكثر نقاء، فضلا عن نقد واقع المشهد الإعلامي وما طغى عليه من إسفاف وتسطيح لعقول المشاهدين وإبعادهم عن المشاغل الحقيقية للمواطن، واللهث وراء نسب المشاهدة بمباركة من مؤسسات سبر الآراء.
العرض الذي انتهى تحت تصفيق وهتاف كبير من الحاضرين وشهد امتزاج دموع فرح أمهات وعائلات الممثلين بأبطال المسرحية والحزن على تواصل سجنهم نتيجة أخطاء بحجم جرائم ارتكبوها، اختتم بتسليم أبطال العمل شهادات شكر لمساهمتهم في إنجاز عمل مسرحي، قد تكون منطلقا لحياة أفضل بعد مغادرتهم السجن.
الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للسجون والإصلاح سفيان مزغيش، أكد في ختام العرض أن هذا العمل المسرحي يتنافس على نيل جائزة أيام قرطاج المسرحية، إلى جانب 4 عروض أخرى لمساجين من مختلف الوحدات السجنية ستستضيفها دار الثقافة ابن خلدون يوميا انطلاقا من الساعة الحادية عشر صباحا.
وتتنزل هذه العروض في إطار برنامج شامل يرمي إلى الحرص على إعادة تأهيل المساجين وتكريس حقهم في الثقافة وحمايتهم من العود وقد حرصت إدارة السجون الإصلاح على أن تحضر عائلات المساجين، وفق مزغيش، ضمن سعيها لتقديم خدمات اجتماعية لفائدتهم، وتطبيقا لما جاء في الدستور من تنصيص على أن الدولة “تراعي في تنفيذ العقوبات مصلحة الأسرة” اتفاقية ممضاة بين وزارة العدل ووزارة الشؤون الثقافية. وأبرز أن هذا البرنامج يندرج أيضا ضمن انخراط الإدارة العامة للسجون والإصلاح، في استراتيجية مسار إصلاحي يقوم على إعادة تأهيل السجين في الحياة الاجتماعية، مشدّدا على أن السجين بما هو “مواطن فقدَ حريته”، له الحق في التمتع بالحقوق الثقافية والاجتماعية.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت