نص مسرحي:" نساء في العاصفة" / تأليف: سعد هدابي

الشخصيات:
ـ امرأة ( 1)
ـ امرأة (2)
 (الخطاب المسرحي )
(تأثيث مكاني لزنزانة تحاكي الواقع ولا تنشد  اليه. كل شيء يخضع لقانون اللحظة فهو متحرك وديناميكي..لاشيء كائن على الدوام.. تجريدات الجدران السوداء وقد  زينتها خطوط العد لايام غابرة باللون الابيض وبانساق مرتبكة..يدب الفعل الحركي لامرأة حامل  في شهرها الأخير ترتدي بدلة السجن الحمراء وراحت ترسم على الجدار خطوط مبهمة حادة.. يزداد فعل المرأة حتى يصل الى الذروة.. تمسك بطنها وتتالم..وتجثو على ركبتيها وتتحدث بصعوبة بالغة)
المرأة (1): (تتحدث الى ما في بطنها)لا تعجل.. كل خطوة منك وانت تحاول فيها الفرار من رحمي, تاكد انها خطوة تسعى بي الى رحم قبر بارد لا فرار منه.. هكذ قدر لنا ان نكون..سجل يفتح وآخر يغلق (تمسد على بطنها)اهدأ يا صغيري.. لا تحزن..  تغضن وجهك اذ تحزن..أهدأ وساحكي لك الليلة حكاية ما تبقي من انفاس لامرأة كتب عليك ان لا تراها لحظة ان تنفس انت  فيها مصيرك المجهول في هذه الزنزانة اللزجة.. فحكايتي (ضربات وقعها مخيف على الباب.. تتجه وتحمل اناء معدنيا وتتجه الى فتحة في الباب.. تضع الاناء المعدني.. يصب لها حساء) هذا الحساء سيمنحك حتما بعض عافية.. وسيشتد عودك.. لتلهو في احشائي حتى تتعب وتنام ( تعب الحساء في جوفها دفعة واحده  وترمي بالاناء المعدني.. تتجشأ وتشعر بالقرف) لا احد يدري كم بقي من هذا الحساء المقرف في قدور ايامي.. هيا تذوق طعامك ونم هادئ البال.. ودع القلق لي انا …
( تفتح  الباب ويرمى بالمرأة (2) ببطن صغير وببدلة السجن الحمراء لتتحرج على الارض ويرمى خلفها لفافة.. يغلق الباب بقوة.. تقترب المرأة (1) من المرأة (2) بهدوء وتوجس.. تتراجع المرأة (2)  وتتحدث بارتباك وخوف)
المرأة (2): (بخوف) أبتعدي.. إياك ان تقتربي مني .
المرأة (1) : لا تخافي…فقط اهدأي قليلا  ارجوك .
المرأة (2) : (تصرخ) قلت لك ابتعدي عني .
المرأة (1) : (تتراجع) لاباس..كما تريدين .
المرأة (2) : (تنهض وتتجه الى الباب.. تضرب على اخاديد الباب بقوة) اخرجوني من هنا.. هاتوا مقصلتكم اللعينة.. تبا لكم.. عجلوا في موتي يا اولاد الحرام (تنهار المرأة على الارض)
المرأة (1) : لا احد يسمع.. لطالما  صرخت عند هذا الباب الاصم باول يوم جيء بي الى هذا المكان …لكن لا احد يسمع (تتجه الى وعاء وتحمله وتقترب ثانية من المرأة (2) وتضع الوعاء  امامها) اليك بشربة ماء.. لابد وانك عطشى (تتناول المرأة (2) الوعاء وتشرب الماء ومن ثم ترمي  بالوعاء بقوة على الارض وتتكور على نفسها وتجهش بالبكاء) لطالما تكورت على نفسي خيبة.. وبكيت.. نعم ليس غير البكاء شفيعا في هذه الزنزانة المقيتة .
المرأة (2) : منذ متى وانت هنا …؟
المرأة (1) : (تتحسس بطنها وتتحدث بالم) منذ اول ضوء صار يبزغ في احشائي .
المرأة (2) : (تتحسس  بطنها هي الاخرى) ذات الضوء اللعين صار يبزع في احشائي ايضا (تضرب على بطنها بقوة)               انه يقتادني الى الجحيم.. لا اريد ان انتظر موتي.. انني اكره الانتظار.. اكره ان اتحول الى مجرد وعاء سيكسر بعد حين .
المرأة (1) : (تندفع وتمسك بها) كفى جنونا  يا هذه …  اية حماقة ترتكبين.!!
المرأة  (2) : أركليني في بطني بقوة.. اركليني حتى يخبو هذا الضوء الذي يتنفس شقائي.. عجلي في ان اموت بارادتي.. قبري يصرخ بي .
المرأة (1) : الامهات لا يعرفن الطريق الى المقابر يا هذه.. كل واحدة منهن تزرع الغد مهدا للقادم من الابناء .
المرأة (2) : أبناء سيولدون من ظلامات الارحام الى ظلامات اشد حلكة..وسنساق الى موتنا كالبهائم في اللحظة التي  يتنفس  فيها هؤلاء الابناء شقائهم الابدي هيا ارجوك ساعديني في ان اتطهر من هذا الدنس الذي صار ينمو بمساماتي ان هي الا ركلة واحده وينتهي الامر .
المرأة (1) :.ان هي الا غضبة.. غدا سياتلق في دمك نبضه.. لازلت في البدء.. فقط امنحي نفسك بعض انتظار.. نعم ليس امامنا الا ان ننتظر هكذا منحتنا الفطرة مشروعية انتظار الابناء بسعادة (تقوم برسم خط صغير يمثل اول يوم للمراة (2) على الجدار الاخر.. تنتفض المرأة (2) وتمسح الخط  بغضب)
المرأة (2): اكره الانتظار.. لابد من وسيلة اتخلص فيها من هذا العفن الذي يستوطن كياني وليس من  سبيل غيرك في هذا المكان .
المرأة (1) : مستحيل …  هذا لن يكون ابدا … ماذنبه .
المرأة (2) : ذنبه انه روح شيطانيه.
المرأة (1) : يا الهي … اي ام انت ..؟
المرأة  (2) : لست اما …لن اكون … وهذا النغل الذي استعمر رحمي ليس ابنا .
المرأة (1) :  كفي عن العيب  …يا الهي …؟ ما تقولين !!
المرأة (2) : انه لعنة انبتتها نزوة اغتصاب لفاتح استباح بيتنا.. واحرق كل شيء (تصرخ) الا ترين انني احترق حتى هذه  اللحظة؟
المرأة (1) : ماذا ….؟ ما حكايتك يا هذه ..؟
المرأة (2) : (تجهش بالبكاء) كنت اظن كثيرا اني نجحت  بوأد حياتي لحظة ان دسست له السم في كأس من العرق عند آخر كرنفال شيطاني فاجر جمعني به في تلك الثكنة اللعينة .
المرأة (1) : الثكنة  ..؟ عن اي ثكنة تتحدثين .؟
المرأة (2) : تسالين..وكأنك من كوكب آخر.. انها واحدة من الثكنات المتاخمة لبيوتنا ثكنة غلقت الابواب كامرأة فرعون  وضيقت علينا الخناق.. وعيون تراقب سطوحنا العارية من كل شيء الا من حبال الغسيل.. والخوف الدائم.. وبقايا من احلام طفولتنا.. وتنور طيني هرم ما عاد يمنحنا خبز ايامنا .
المرأة (1) : (بدهشة كبيرة) ماذا تقولين …؟
المرأة (2) : ولطالما حذرتني امي المسكينة من ان اقلع عن الظهور الى السطح  في وضح النهار.. وان لا انشر الغسيل على مرآى من فاتح  ينصب الفخاخ للشرف مع سبق  الاصرار والترصد..  لكني كنت على حمق كبير.. حتى عندما كنت انشر ثوبي الارجواني كانت امي  تلحق بي وترمي بعبائتها على جسدي وتدعو الله  ان لا احد يراني.. لكنه رآني .
المرأة (1): (بدهشة وارتباك) رآك… من هو ؟
المرأة (2) : كلب مسعور يختلس النظر  وبمرقاب خفي الى بيتنا..لم أك اعرف انه كان يخطط  للايقاع بي …لم أك اعرف ان خلف تلك الثكنة  مارد كان يترصد خطاي .
المرأة (1) : يترصد خطاك؟ اما كان عليك ان تحترسي يا هذه ؟
المرأة (2) : كيف لي ان احترس وليس من مساحة اتحرك من خلالها سوى ذلك السطح لنعرف الليل من النهار.. كل شيء غائم ومعبأ برائحة البارود. كل شيء غادر المكان .. آذان المسجد.. خطى العابرين.. كركرات  الاطفال .. الحمائم التي كانت تحط على سياج بيتنا.. اصوات الباعة.. حتى النجوم غادرت هي الاخرى.. الجميع انتزع نفسه خلسة وغادر, الان انا وامي المسكينة  التي كانت تنوء تحت سياط سقمها  المزمن  .
المرأة (1) :  وما دعاكما ان لا تغادرا  المكان؟
المرأة (2) : لاني رفضت ان نغادر.. لم  ارد ان اذق طعم الهزيمة..كنت اتجرع خوفي واذبح في كل حين  كل ما يتسلل الى راسي من ضعف .
المرأة (1) : الا ترين ان هذه حماقة .
المرأة (2) : انه تصرف لا يخلو من حماقة بالفعل ..ففي ليلة  ظلماء.. اوقد تنورنا الطيني الذي شاخت به الايام.. كان يتلظى  بوقود آدمي.. لهيب  من جسدها الطاهر الواهن .
المرأة (1) : يا للقسوة .
المرأة (2): وسيق بي الى الثكنة كشاة عمياء.. وعند سطح بيتنا كانت نار التنور تمضغ بشراهة بقايا امي التي لم يتبق منها غير عباءتها.
المرأة (1) : يا للمسكينة…!!
المرأة (2) :  ليلتها كان صاحب الثكنة يجند ما شاء من الغرائز احتفاء  بالسبي .. ويوقد تنور فحولته .
المرأة (1) : يا للهول … كفى بالله عليك !!
المرأة (2) : كل شيء كان  معدا باتقان على مائدة اغتيالي.. التهم الجاهزة.. أساليب التحقيق التي تنطوي على قدر كبير من السفالة.. كلمات نابية.. كل شيء كان يبصق بوجهي  ويمتهن آدميتي..وكانت تهمتي الرئيسة يومها من اني كنت اتجسس في كل ظهور عند السطح  ولجهات  مجهولة .
المرأة (1) :(بشغف) وهل كنت كذلك بالفعل؟ اخبريني   .
المرأة (2) : (ترتاب من المرأة (1) وتنظر باحتراس) سؤالك مريب …!!
المرأة (1) : أجيبي ..هل كنت كذلك .؟
المرأة (2) : هل تبحثين عن اجابة محددة ..؟
المرأة (1) :أنا .. انا اسال فحسب .
المرأة (2): سلي تنور امي يا هذه .
المرأة (1) : تنور امك؟
المرأة (2) : لقد التهمت النار كل ما كان ينبغي ان لا يحرق ليلتها ..حتى لا يظهر بيوم من الايام .
المرأة (1): (تبتسم عنوة وتتحدث بشيء من الاطمئنان)اذن لا دليل.. احراق الدليل سبيل نجاة .
المرأة (2): لكن ثوبي الارجواني لم ينج  ليلتها؟ حتى كلاب الحراسة هناك كانت تشم رائحة ثوبي ويسيل لعابها.. صار ثوبي كالاسفنجة التي تمتص كل الوساخات.. وصرت ملفعة بالخزي .
المرأة (1) : يا للكارثة .. كفى ارجوك !!
المرأة (2) : فكرت كثيرا ان اهرب. وما افلحت.. رميت بجسدي المثخن بالطعنات وبالحيف الى الكلاب لتنهشني..لكني اكتشفت ان الكلاب هي الاخرى ادمنت جسدي فصارت تلعق ما تبقي له من عفة.. كانوا يضرسون عفتي بأنياب حادة كالنصال.. عند ذاك  قررت ان اغتال قاتلي .
المرأة (1) : ماذا ..  ؟
المرأة (2) : ما كان امامي الا ان اصطاد اللحظة التي اغتال بها قاتلي حتى اسلك الطريق الى قبري واموت بسعادة..  ليلتها كان الفاتح غاضبا بعد ان تحولت الثكنة هدفا  لخط النار …ومع ذلك قررت ان انفذ خطتي .
المرأة (1) : وهل نجحت ..؟
المراة (2) : نعم  … نجحت ليلتها رغم غضبه …داهمته بمكر حواء .
المرأة (1) : مكر حواء؟ منطق غريب .!!
المرأة (2): لا غرابة..فحينما يغضب الرجال, ما على النساء ان تتوارى مندسة في الفراش بهدوء افعى..فما من شيء يدرأ اسنة الرجال غير اجساد مثخنة بالجراح .
المرأة (1) : انها مغامرة سافلة .
المرأة (2) : ما كان امامي الا ان اتزيا بالسفالة جسرا لاصل الى غايتي (تقوم بفتح لفافتها واستخراج ذات الثوب الارجواني ومن ثم ترتديه.. تقوم بوضع المساحيق على وجهها بشكل مرتبك)أستنفرت ليلتها آخر نبض في كرامتي المهانة. واشعلت ظنوني حتى لا تخذلني قواي  وارتكن الى خوفي كما يرتكن الخنوع في قاع جبان وطفقت اغني وارقص  …
(يفتح الجدار في العمق الذي يمثل ذاكرة فتظهر مائدة مستديرة مزدانة بالشموع والشراب.. والى جانبها شماعة ملابس وضعت عليها البدلة باللون الكاكي للجنرال.. اضافة الى منظار معلق الى جانب البدله.. تقف المرأة (2) خلف البدلة وتحيطها بذراعيها)
المرأة (2) : دع اجراسنا التي غادرها الرنين تصخب وسامتص غضبك.. ولنقم طقسنا جهرا وبلا حياء.. قلاعي تذوب نشوى ايها الفاتح.. واسواري تمور لهاثا ها انذا بين يديك بلا حصون.. امراة وسرير.. مالذي يغريك اكثر من هذا؟ اجهز فالكل منشغل الان ..فانوثتي هذه الليله بئر ترتوي منه صبارات البوادي لو شئت .
(تمسك المرأة (2) بالمرقاب وتنظر بعيدا.. يتحول الفعل الى المرأة (1)وتتحدث وهي تفتح لفافة معلقه على الجدار وتستخرج منها لباسا خاصا بالإعلامين مكتوب عليها كلمة (صحافة) ..ترتديه وتتحدث)
المرأة (1): بام عيني للفاجعة نظرت ليلتها.. رأيت شيوخا يجرون كهولتهم فوق السعير ويلعنون الوهن الذي سمرهم..رأيت أشلائهم تتشظى..قلوب تنبض بالغوث..رئات تشهق بالهول.. وكانوا هم يحتزون الرقاب العصية بمدي من لهيب.. فأعلنت (اوروك) نفيرها..وأيقظت (كلامشتها) الأبرار لتدرأ الخطر الذي راح يمحق الوجود..كان إعصارا جبارا..عاتيا ومدمرا امطرنا بالهلاك .
المرأة (2): (تتحدث الى شماعة الملابس وبيدها المنظار) لا عليك.. ان ما يحدث زوبعة في فنجان..الا تراهم ينتحرون امام سدك المنيع.. قبضتك ماردة  فلا تبالي .
المرأة (1) : (تتحدث بوجع كبير) كعصف مأكول صاروا..وكمضغة عقار يبست عند شفاه محتضر مات قبل قرون..عصفت بهم ريح من لهب ودخان..فهجعت أرواحهم في أديم أوروك دون أكفان أو غسول..
(تتجسم ومن وجهة نظر المرقاب صورة عبر الداتاشو وتظهر المرأة (1) وهي تمسك بالكاميرا وترتدي لباس الصحافة وتجري بين معترك ما يحدث.. جندي يحطم باب احد القصور بالمعول.. ومن داخل القصر.. نشاهد الجنود وهم ينزلون سلما الى تحت الارض..يقومون بالاستيلاء على مخطوطات  داخل صناديق .. لقطات جامدة لكاميرا الصحفية المرأة (1) ينتهي كل شيء تطلق المرأة (2) ضحكة وتعود لتقترب من البدلة باللون الكاكي)  
المرأة (2) : غمزت السنارة.. تعال.. تعال أيها الفاتح.. تعال وافتض سور مدينتك المهانة بصولجانك..تعال لاغترف من مائك العذب نطفة شهد.. دع الوجود يتفوه بلقيانا.. صار لزاما ان اغرس من صلبك أوتادا تمتد حتى ذلك الأفق اللامتناهي (تقوم برقصة الفالص مع البدلة وهي مثبته على الشماعة ومن ثم تقوم بانتزاع بدلة الجنرال..تضعها على المائدة المستديرة وتصب عليها ما هو موجود من  شراب.. تحطم  القناني الزجاجية بحالةهستيريه ..و ينتهي كل شيء ..تغادر المكان ويغلق الجدار) كنت قد اجهزت عليه ليلتها.. كنمرة متوحشة.. وأعلنت اني قد اخذت بثأري من ذلك الفاتح  الذي استباح حياتي  وطالبت بالقصاص بعد اعتراف طلبا للموت .
المرأة (1) : يا الهي … كفى ارجوك … اكاد اجن ؟
المرأة (2) :  ومالذي تتوقعين من ضحية تحولت الى ابنة ليل؟ ابنة ليل ادمنت الطعان في غزوات لا تنتهي.. كل مسامات جسدي تنز قهرا بعد كل غزوة حتى ما عدت اعرف الطريق الى الحرية لاعتق كرامتي الا بفكرة الخلاص منه.
المرأة (1): وهل تخلصت منه بالفعل؟
المرأة (2) : (تنتابها حالة من الضحك الهستيري لا يلبث ان يتحول الى حالة من البكاء) كنتغ بية.. ما ان اجهزت علية بنشوة المنتصر واعلنت  موتي حتى اكتشف طبيبة المعتوة عند فحصي , من ان  بذرة شيطانية تتلوى في احشائي كافعى دون ان ادري.. افعى نبتت في قاع رحمي سفاحا عند غزوة سافلة في سابق ايام.. افعى تحمل رائحته ونزقه.. وهانذا أحمل بقايا من قاتلي.. بقايا حالت  دون  رغبتي بالموت .. اي مهزلة هذه .!!
المرأة (1) : يخدش اسماعي هذا الذي تقولين …!!
المرأة (2) : لكم توسلت بالطبيب ان يجهضني..ان ينتزع الوساخة من احشائي لكنه رفض..اغويته.. رشوته..  جثوت عند قدميه طلبا للموت..لكنه ومع كل محاولة  يائسة كان يزداد رفضا.. واعتبر الامر جريمة.
المرأة (1) : انها جريمة  بالفعل بغض النظر عن حقيقة ماكان يحدث.!!
المرأة (2) : وهل من الفضيلة ان يكون  للجريمة ابناء شرعيون..هل من الفضيلة ان اساق كشاة الى المسلخ؟ هل من الفضيلة ان لا اعدم الا بعد ان اضع ما في هذا البطن  من نجاسة .
المرأة (1) : اهجعي قليلا  ريثما استعيد  انفاسي التي ازهقتها حكايتك .
المرأة (2) :  لن اهجع حتى اتطهر من هذا الدنس..انه الابن الشرعي الى يهوذا يهوذا  الذي يرسم الحدود..يقيم المخافر..يبقر الارض..يسكن المقابر في كل بيت معدم فيه ترى يهوذا..في كل محراب او مسجد او كنيسه لا احد يسجد لالهة البغي غير يهوذا .. ومع كل نبي كان هنالك يهوذا يتبعه كالظل.. وباسم  يهوذا تميد الارض..وتكسف الشموس..في كل اللغات وفي بطون الامهات .
المرأة (1) : كفى .
المرأة (2) : من اوكل لهذا المسعور يهوذا ان يلعب وباتقان دور الرب .؟
المرأة (1) :  كفى ارجوك .
المرأة (2) : في كل ليلة يعد يهوذا عشاءنا الاخير … افهل من مجير ..؟
المرأة (1) : (تصرخ)  قلت كفى (يحل الصمت تقوم المرأة (2) باستخدام الوعاء المعدني وتبدأ الحفر في زاوية  المكان) ماذا تفعلين .
المرأة (2) : كما ترين.. ساحتفر قبرا للافعى التي سالدها بعد حين.. نعم..هنا سادفن الحكاية وينتهي كل شيء.. اريد ان اموت بلا تركه.
المرأة (1) :  امجنونة انت …؟
المرأة (2) : (توقف عن الحفر) لابد من بعض جنون لنعبر المحنة.. سمفونية العقل لا يسمعها زمن أصم.. افهل يعقل ان احتفي بعاري؟ اهدهده ؟ وانشد له الحكايات؟ (تردد) طلعت  الشميسه.. على قبر عيشة..عيشة بنت الباشا
المرأة (1) : تلعب بالخرخاشه
المرأة (2) : صاح الديك بالبستان.. الله ينصر السلطان .
(تنشد الاثنتان الترنيمة ذاتها من جديد ببكائية)
المرأة (1) : (تصرخ)  كفى ..  انت تقلبين كياني .
المرأة (2) : ان لي في هذه الزنزانة مثل ما لك انت تماما..وسامنح الحق لارادتي في ان تفعل ما تشاء. وساحتفر قبرا لنا نحن الاثنين.. نعم.. هكذا افضل قبر مزدوج…موت مجاني (تعود الى الحفر)
المرأة (1) : ارجوك ..فقط  امنحيني هامشا من الهدوء.. اني ارتجف الان .
المرأة (2) : هدوء (تضحك بسخرية حادة) هدوء وسط هذا الضجيج من اللامعقول.. هدوء بين  جمرات هذه الجدران التي تكتب في كل لحظة زمنا يقترب بنا من موت حتمي ومؤكد (تقترب من الجدار الذي خطت علية المرأة (1) ايامها)حدقي في سفر ايامك.. لم يبق في اخاديد هذا الجدار من زمن  الا ما قد يصل بك الى خط النهاية.. ما حكايتك؟
المرأة (1) : انا …؟
المرأة (2) : لابد وان لك حكاية..من يدري.. ربما تكون حكايتك اشد ايلاما واكثر غرابة.. لكن فيما يبدو انك لا ترغبين بالموت في اللحظة التي تضعين فيها طفلك..  اتخافين الموت.؟
المرأة (1) : وانا والخوف في خصام دائم.. وليس من حياة اطمع فيها الا اذا كانت حضنا للقادم من هذا البطن .
المرأة (2) : اهو صبي ..؟
المرأة (1) : انه صبي بالفعل  ..هذا ما همست به امومتي .
المرأة (2) : امومة  تتنفس شقائها  حتى حين … كلانا مرتهن بالوقت .
المرأة (1) : ليس هناك من متسع وقت امامي … فلقد نضج الثمر وحان القطاف (تبكي)
المرأة (2) : اتبكين هذه الدنيا …؟
المرأة (1) : بل ابكي موتي الذي سيختطفني عن دنيا من يخلفني.. انها دنيا موحشة..لا امان  فيها (تتحسس بطنها) واخاف عليه ان يتوه في زحمة المجهول .
المرأة (2) : اتعرفين اباه … ؟ ام انك ستحتفرين قبرا له  هو الاخر .
المرأة (1) : (بغضب حاد)  اخرسي  …!!!
المرأة (2) : أنا اسفه .
المرأة (1) : ارتكني هناك في الزاوية  البعيدة.. ودعيني استعيد ما تناثر من فطرتي كأم.. انت تشوهين كل شيء.. ولسانك مبتل بالقبح .
المرأة (2) : (تغضب وتتحدث بصوت حاد) اتظنين اني بلا فطرة يا هذه.. لا لائمة عليك.. ما كان ينبغي ان اطلعك على سر عذاباتي.. للحظة تخيلت اننا نعاني ذات الماساة لواقع مشترك..واقع ملغوم  بالازمات والنكبات والقبح..فاذا بك تنهالين عليه بسياط اشد وجعا مما  واجهت (تعود للحفر)
المرأة (1) : (تصرخ) كفي عن مزايدتي.. ارجوك.. انني اعيش آخر انفاس لي في رئة حياة مقيته.. ولا اريد  ان افرط بهذه الانفاس بالثرثرة .
المرأة (2) : (تضحك بسخرية) ثرثرة …؟ اتحسبين بوحي لك ثرثرة …؟
المرأة (1) : بوح غليظ  موجع لاعفة فيه .
المرأة (2) : عن اي عفة تتحدثين يا هذه؟ هناك عند استار بيتنا صلبت العفة مثل أي معلقة في سوق عكاظ.. وكانت آلهة الشعر تطوف حول كعبتي وتنشد الخرافة (تحاكي نمطية الاداء الشعري) قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل..بسقط اللوى  بين الدخول  فحوملي لا احد ليلتها كان يسمعني فيهب لنجدتي.. لا امروء القيس.. ولا عنترة بن شداد..ولقد ذكرتك والرماح نواهل.. مني وبيض الهند تقطر من دمي (تضحك ساخرة)كل شيء كان يقطر مني ولا احد يسمعني .تركوني وحدي في سوق نخاستي وهم يقولون الشعر.. امة ناعقة بالهتاف.. امة يحكمها الاموات مواسم للنذور..مواسم للدموع.. ومواسم للخرافة والجنون (تغرق بالضحك الهستيري)
المرأة (1) : يلزمك مصح … ابدا ما كان يصح ان يجيء بك الى هذا المكان .
المرأة (2) : (تضحك بلوعة) اعترف ان عقلي يموء كقطة ناعسة احيانا.. لكني افضل حالا منك لاني لم استسلم بعد .
المرأة (1): لم اعرف الطريق الى الاستسلام ..لكن هناك ما يرهق كاهلي..تلك التركة الثقيلة التي اجهل مصير ايامها  ان ادبرت .
المرأة (2) :  لو لم انشد الموت  خلاصا , لوعدتك باني ساعتني بطفلك  لحظة ان تلدين ..اللحظة التي يسدل فيها الموت ستارة   اللعين عن آخر  انفاسك  .
المرأة (1) : (بدهشة)  انت … ؟
المرأة (2) : نعم انا .
المرأة (1) : هذا مستحيل .
المرأة (2) : ان لي امومة خصبة.. وسامنحه ما يشاء من اهتمام.. وساكون له اما لو اردت.
المرأة (1) : وان اسدل الموت ستاره اللعين عن اخر انفاسك انت الاخرى ؟
المرأة (2) : (تتوقف عن الحفر) ماذا ..؟
المرأة (1) : ثم ما ادراك انهم سيسمحون لك بالاحتفاظ  به .
المرأة (2): مالذي تفكرين به اذن ..؟
المرأة (1): لطالما فكرت في حل ناجع ينقذ حياته التي باتت على كف عفريت.؟
المرأة (2) : كيف ؟ اخبريني كيف؟
المرأة (1): (تندفع لتقف اسفل الكوة في اعلى الجدار وتنظر) اترين هذه الكوة الضيقة .
المرأة (2) : (بدهشة) ماذا تقولين ..؟
المرأة (1) : فكرت كثيرا في ان القي به من هذه الكوة.. وسيلتقطه المارة ويتنفس حياة اخرى .
المرأة (2) : من هذه الكوة …؟ هذه حماقه  .!!
المرأة (1) : لاشيء في خارطة وجودنا الادمي الا وفيه حماقه.. الا يكفي اننا نعيش حماقة ما حدث ويحدث.. نعم سالقي به من هذه الكوة لانه الحقيقة التي ينبغي ان تغادر هذا المكان.. وساسميه يوسف.. واكتب على لفافته معوذة..وقصتين لامرأتين  مجهولتي المصير..لابد وان يبحر به القدر الى مرفأ امان.. وستقرأ الايام حكايتنا.. لنحيا من جديد..طالما ان النار قد  اكلت ما في تنوركم من شفرات, ولم تات بعد على ما ادخر من سر.
المرأة (2) : سر ..؟
المراة (1) : سر سيرافق يوسف بين ثنايا لفافته وهو يغادر هذا المكان عبرهذه الكوة .
المرأة (2) : (باهتمام بالغ وفضول) هلا تخبريني عن طبيعة هذا السر؟
المرأة (1) : ساخبرك في اللحظة التي الد فيها بين يديك  بعيدا عنهم .
المرأة (2) : انا ..؟
المرأة (1) : نعم انت..اعدك اني ساكتم انفاسي ان تمخضت حتى لا يسمعون.. والد بصمت..وكل ما هو مطلوب منك ان تسارعي في ان تلفي الطفل وترميه من هذه الكوة .
المرأة (2) : هذا جنون لا تسمح به غريزة الامومة  .!!
المرأة (1) : لابد من محاولة حتى وان كانت مجنونة.. والا سنموت هنا دون ان  تعرف الازمان قصتنا .
المرأة (2) : كيف واتتك هذه الفكرة اللعينة.. الا تخشين ان تنهش الذئاب هذا اليوسف ويضيع دمه .؟
المرأة (1) : كل الاحتمالات واردة.. لكننا في النهاية سنكسب شرف المحاوله بدلا من ان يضيع  مثلما حدث مع امراة كانت تشاطرني هذا المكان يا الهي.. اتذكر اني كنت قد ساعدتها في ان تلد.. المسكينة ما ان ولدت حتى اخذ بوليدها امام عينيها .. راتهم وهم يمسكون به من حبله السري ويلوحون به امامها في الهواء.. ثم القى به في حاوية النفايات فماتت قهرا… لهذا فكرت ان الجأ الى هذا الحل .
المرأة (2) : اسكتي ارجوك .. لا اريد ان اتخيل امرا كهذا (يحل الصمت.. لحظات وتتحدث) كان الاولى بي انا من يهتدي الى هكذا حل .
المرأة (1) : انت ..؟
المرأة (2) : ان كان ولابد من مغامرة  فعلينا والحالة هذه ان نغامر بهذا الرجس الذي يستوطن احشائي.. وليس  من خسارة لو نهشته الذئاب .
المرأة (1) : ترعبني امومتك الخرساء .. ولن اامن لك ايتها الماجنة .
المرأة (2) : لا انكر اني ما جنت حتى العظم ..لاني كنت العق الرذيلة كما يجتر الخنزير لعابه, وسفحت العمر .
المرأة (1) : اليك عني …  لا اريد ان اصنع قاربا جديدا من خشب قديم .
المرأة (2): اذن دعيني اكمل الحفر طالما اني اهتديت لحل يضع  حدا لمشكلتي .. كم هي شهية فكرة الموت احيانا (تعود للحفر)
المرأة (1) : الموت في ما نحن فيه ليس خلاصا.. الموت سيفتح بابا  لريح اشد جحيما.. الامر اكبر مما تتصورين.. كان بامكاني ان اغادر موتي في اللحظة التي سيق بي الى هذا المكان .. لكني رفضت .
المرأة (2) : (تتوقف عن الحفر.. وتنظر بدهشة) ماذا تقولين..؟ لابد وانك تمزحين .
المرأة (1) : لا مزاح مع  قدر انتزعني من بيتي..ومن احلامي.. ومن زوج يحلم في ان يرى طفله البكر يولد بسلام .
المرأة (2) : انت على ذمة رجل اذن ؟.
المرأة (1): انا على ذمة انتماء لرجل لم يهادن..او  يضعف.. رجل ليس ككل الرجال.. فقؤوا عينيه امامي في غرف التعذيب.. استباحوا شرفه واعتصروا آخر نبض في روحه ورموه  الى الكلاب لتنهشه بكل وحشية .
المرأة (2) : من اجل  ماذا كنت تحتملين كل هذه  الاهوال ..؟
المرأة (1) : من اجل شرف آخر لا يقل هيبة عن كل النواميس .
المرأة (2) : منطق غريب  .!!
المرأة (1) : ترينه غريبا  لاننا نعيش زمن  هجنة  في كل شيء.. لن انسى ما حييت تلك اللحظات المجتزأة من زمن توقف عند الحد الفاصل بين الانتماء وعدمه (تتجه للجدار في العمق وتتحدث) ليلتها جيء بي هناك وانا معصوبة العينين.. وكنت اصرخ..                 يسوع.. يا سيد الوصايا العشر.. ويا مسلة طهر.. ادرك بالله عليك يهوذا فالعشاء الاخير لم ينته بعد.. في اوروك لم يزل يهوذا يثمل من بئر خيانته يتأبط فرحا كل دساتير الكون ويرسم للصلب بلا خجل خارطة درب..في بابل يفتش يهوذا عن تاج حمورابي..وفي نيبور يطارد نوحا ليحطم الواح سفينته الحبلى بالواح الغد.. وفي ارحامنا يبحث عن طريد .
(يفتح الجدار في العمق..ونشاهد ذات الشماعة التي علقت بها بدلة الجنرال باللون الكاكي حول طالة مستديرة وهنا كاميرا موضوعه على الطاولة.. تدخل المرأة (1) وهي معصوبة العينين وتجلس في الطرف المقابل للبدلة.. وبذات الوقت تشارك المرأة (2) في التحقيق)
المرأة (2) : غبية.. اصرارك على الانكار سيدفع بك الى الموت.. الا تخافين على نفسك .
المرأة (1) : ان بيني وبين نفسي قطيعة لا هوادة فيها.
المرأة (2) : انت تخفين عنا ما نريد .
المرأة (1) : لاشيء  مما تتصورون .
المرأة (2) : تكذبين.. لقد امسكنا بك وانت تلتقطين الصور بآلة التصوير هذه في اللحظة التي داهمنا فيها ذلك المكان .
المرأة (1) :  آلة التصوير بلا ذاكرة .. هاهي  امامكم .. بلا ذاكرة .
المرأة (2) : انت تخفين الذاكرة  بمهارة وخبث.. وتنتهكين كل الاعتبارات..وعملك كصحفية لا يجيز لك اختراق الخطوط الحمراء. صحفية مغامرة ترتكب الحماقة  دونما خوف.. هذه حماقة .
المرأة (1) : لا جواب .
المرأة (2) : ستموتين لا محال .
المرأة (1) : انا بالفعل  اطلب الموت  .
(تتجسم عبر الداتاشو صور للتصوير الشعاعي لرحم ام بداخله جنين)
المرأة (2) : ليس بينك وبين الموت سوى انفاس لجنين يستوطن احشائك.. من الواضح انك  لم تدركي خطورة الامر.. هات الذاكرة وسنطلق سراحك فورا . .انت تلعبين بالنار .
المرأة (1) : انتم من اشعل النار في انتمائنا … انتم من تفتشون في اوراقنا وتصادرون كل شيء .
المرأة (2) : ما هو مضمر من منطقك الخادع, يكشف وبشكل سافر انك قد شاهدت بعين كاميرتك ما كان يحدث.. نحن على يقين من ذلك.. كنت هناك ترافقينا كالظل .
(تتجسم صورة للجنود عبر الداتاشو وهم يحطمون بعض الصناديق.. كل شيء مرتبك.. يغلق الجدار.. تعود  المرأة (1)  وهي تمسك بطنها وتتلوى .ويستمر مؤثر المعاول والتكسير.. ومع كل  مؤثر معول يزداد مخاض المرأة (1) )  
المرأة (1) : آه  .. ادركيني يا هذه … كأن الف معول ينهش رحمي .
المرأة (2) : لا عليك … ساساعدك حتى تلدين  .
المرأة (1) : حنانيك .. رفقا بيوسف … عديني ان تنفذي ما اشرت عليك .
المرأة (2) : اعدك ان …
المرأة (1) : اخفضي صوتك.. لا اريدهم ان يسمعون.. سالوك وجعي حتى لا احد منهم يدرك يوسف.. انه يوسف الذي سيحكي للناس حكايتنا.. يوسف الذي سينجو من بئر محنتنا.. يوسف الذي سيبقر رحم القهر ليفر من قبضة يهوذا  الذي يجتاح الافاق .
المرأة (2) : اسكتي  وساتدبر  الامر .
المرأة (1) : (تستخرج من بين ثيايها قطعة قماش) امسكي بهذه اللفافة.. انها اللفافة التي كتبت فيها قصة ما يحدث هنا.. ستحمل حكايتك.. وحكايتي.. وحكاية من مروا هاهنا .
(يفتح الجدار.. تتجسم صور رامزة لعملية انجاب بلا ملامح واقعية.. يرافقها تاوهات المخاض.. لحظات وينتهي كل شيء  صرخة طفل حديث الولادة.. يغلق الجدار.. لنشاهد المرأة (2) وهي تحمل الطفل باللفافة.. في حين نشاهد المرأة (1) وهي تفترش الارض)
المرأة (1) : (تتحدث بتعب بالغ ) اهو جميل  …؟ !!
المرأة (2) : انه جميل بالفعل .
المرأة (1) : اسمعي ..دعيني امنحه رضعة حتى لا يجف فمه الصغير لحظة ان يسقط عبر الكوة.. دعيه يشم رائحتي حتى اسكن كل مسامات جسده اللين  ليعرف غدا الطريق الى قبري .
(تبكي المراة (2)… تتقدم بالطفل الى المراة (1))
المرأة (2): يا ويلي …. اهكذا هي الامومة حقا .؟
المرأة (1) : (تحتضن الطفل  وتقوم بارضاعه) للامومة دم مختلف .. ودفائن مثلما الكنوز.. للامومة هضاب وسهول.. ان للامومة آلهة من لبن  .
المرأة (2) : ازف الوقت .
المرأة (1) : دعيه يشبع .
المرأة (2) : الي بيوسف .
المرأة (1) : لا .
المرأة (2) : اعدك اني سانفذ ما وعدتك .
المرأة (1) : (تنتفض بقسوة لترتكن في الزاوية البعيدة وهي تمسك بالطفل) لا هذا محال … اخاف عليه .
المرأة (2) :  لكنك صاحبة الفكرة ..!!
المرأة (1) : كان ذلك قبل ان اراه.. قبل ان استنشق انفاسه التي مسحت عن روحي كل جراح.. لن افعل.. قسما لو ان طيوف الموت احتشدت في قبضتي لامطرت نفسي الان حتى لا ارى يوسف ملقى على ارصفة العابرين كابن زنى.. انه  بضعتي  يا هذه .
المراة (2) : وما الحل اذن.؟ ليس بعيدا ان يفتح هذا الباب.. وتجرين كشاة الى مذبحها .. ويضيع يوسف (تضرب المرأة (1) على راسها)
المرأة (1) : هل كتب علي ان اتجرع الامرين .؟!!
المرأة (2) : الشياطين تستوطن العاطفة دائما  فاحترسي .
المرأة (1) : والله لو ان رسل الشياطين تجسمت في جبهتي لما فكرت ان اقدم على فعل كهذا .
المرأة (2) : الي بيوسف .. دعيني انفذ الخطة .. ليس امامنا الا هذا الحل .
المرأة (1) :  صعب …. انت تغتالين روحي .
المرأة (2) : الوقت يمر كسهم مجنون .
المرأة (1) :  اذن ليس قبل ان يغادر يوسف هذا المكان وهو يحمل السر .
المرأة (2) : اي سر …؟
المرأة (1) : (تستخرج من بين ثيابها اداة تخزين (رام) وتشهره امام المرأة (2)) هذه الذاكرة … كنت قد ابتعلتها قبل ان يتم اعتقالي .
المرأة (2) : ذاكرة …..؟ وما الذي تخفيه  هذه الذاكرة .؟!
المرأة (1): انها الذاكرة التي وثقت ماصودر من مخطوطات كتبت وبالحبر الممزوج بماء الرمان من داخل الاقبية.. ودفعت ضريبتها .
(تتجسم  من على الداتاشو صورة جنود وهم يحملون الصناديق لتاريخ وطن … عودة)
المرأة (2) : (تختطف الذاكرة من يد المرأة (1) وتنظر بفرح.. ثم تضحك بنشوة المنتصر.. تقوم بنزع بطنها البلاستيكي الكاذب وترميه على وجه المرأة (1) ومن ثم تسحب الطفل من حبله السري ويفتح الجدار لتغادر وهي تسحب  الطفل.. تصرخ المرأة (1) وهي تجري خلفها فيغلق الجدار.. تسقط المرأة (1) على الارض جثة هامدة)
( ستـــــــــــــــــــــــــــــــــــــار )
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت