الفقرة 1و;2 من الفصل الثالث من كتاب: "البطل المسرحي سؤال المبنى والمعنى في الفن"/ تأليف: يوسف رشيد جبر
الفصل الثالث
البطل في المسرحية العراقية
البطل في مسرح العشرينيات
(انا الجندي) صيغة المبالغة في تكوين البطل 1938
شمسو نموذج (البطل المستكين) 1946
اني امك يا شاكر* تداخلية البناء الفني للبطل 1950
الحس الثوري والقضية الاجتماعية لبطل الخمسينيات
صراع مع الظلام… (1956)
الكراج الخامس 1959 *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كتبت هذه المسرحية عام 1953 وصدرت من ضمن الجزء الاول من مسرحياتي ليوسف العاني عام 1959.
* قاسم حول، الكراج الخامس، مسرحيتان، بغداد: مطبعة الوفاء، 1961، ص 1- ص 30، مسرحية الكراج الخامس، كتبت عام 1959.
***************
الفصل الثالث
صورة البطل في نصوص عراقية
1-البطل في مسرح العشرينيات
مسرحية الفتاة العراقية لكاتبها (محمود نديم) تعد واحدة من المسرحيات ذات الأهمية في مسرح العشرينيات الذي تميز فيه بكتابه المسرحية عدد من الشعراء أمثال جميل صدقي الزهاوي في مسرحيته (ليلى وسمير) ومحمد مهدي البصير في مسرحيته (دولة الدخلاء) وكان محمود نديم واحدا ممن ادلوا بدلوهم في الكتابة للمسرح فضلا عما عرف به من نشاطات اخرى بوصفه صاحب (مجلة الكشاف العراقي) واحد المعنين بالحركة الكشفية في العراق.
ومهما يكن من امر فان ما يهمنا في هذا العرض البسيط هو التوصل الى الجذور التي انبثق عنها نص مسرحية (الفتاة العراقية)…ففي الوقت الذي كان فيه دخان ثورة العشرين لا يزال بعد في فضاء الحياة العراقية بشكل عام وفي فضاءات الادب بشكل خاص فان هذا الدخان كان يبدو من وقت لاخر في صورة قصيدة او مسرحية وعليه فان الحماس الوطني كان هاجس الكاتب (نديم) في جهده المتواضع الذي عبرت عنه هذه المسرحية البسيطة، وهي تتعرض لحالة (نعيمه) وهي فتاة عراقية مصابة بمرض الشلل الذي لا تستطيع معه حراكا وهي تعيش مع اخيها (زهير) من عائلة متوسطة كما يصفها الكاتب* وان (زهيرا) هذا قد عني بمسؤولية انقاذ اخته من هذا المرض بعد ان تجرى لها عملية جراحية على يد احد الاطباء الاجانب، وهنا يكون طبيعيا ان تتشكل مادة الصراع من مكونات الازمة النفسية التي تحتوي حياة (البطلة) نعيمه في صراعها مع المرض، حيث جعل الكاتب من نقص التطور العلمي في البلاد مادته الاساسية لتحريك مسارات البنية المسرحية، وعليه فان المسرحية بسيطة في موضوعها ومادتها على غير ما ذهب اليه الدكتور عمر الطالب بوصفه ان (ابرز ما في هذه المسرحية الدعوة الى تحرير المراة وانصافها والاشارة الى قيمتها ودورها في المجتمع وقد جاء فيها الرمز جديرا بالاعجاب)([1]).
ولما كانت المسرحية على خلو من هذا الوصف فان مكوناتها الفنية كانت بسيطة ومتواضعة وكذلك شان تكوينها الفكري انطلاقا من كونها تعبر عن مشكلة اجتماعية انسانية بسيطة افتقرت الى العرض الجيد حيث لم يوفق كاتبها في عرض عناصر الصراع ولا في بناء الشخصية (البطلة) اذ يشير (د. الطالب) في موضع اخر الى افتقارها… الى السبك وحسن التنظيم والصراع وتلك الاحداث لتكلفها وعدم نمو بعضها من بعض أي غياب المنطقية في تطور الاحداث، حيث يغلب عليها الحوار الفردي الذي يطول فيمل([2]). وهذا ما انعكس على تطور شخصية (البطلة) مما يدعو الى دراسة تكوينها الفني والفكري على النحو التالي.
فمن حيث التكوين الفني جعل المؤلف من شخصية (نعيمه) بطلا في حدود معينة من حيث كونها الشخصية الرئيسة التي تهيمن على مجريات الحدث المسرحي بوصفها-بطل محرك في الماساة في تكوينها الفني للموقف وان كانت الشخصية المجاورة (زهير) اكثر منها فاعلية في معالجة موقفها. اما فكريا فالبطلة لم تكن مازومة بفعل واقع اجتماعي وانما كانت هي ازمة الصراع النفسي المرير الذي كاد يفقدها كل امل بالحياة، وعليه فان بنية الصراع في شخصية (البطل) هنا ذاتية وقد حاول المؤلف عبثا الى دفع (الذاتية) المحرك الاساس للشخصية باتجاه الموضوعية من خلال اقحامه المباشر لقضايا الوطن والامة، حيث زين له ان ينمط الشخصية ويقرن شفائها بالتخلف وبالتطور العلمي للوطن حينما اقترح في النص مقتربا حلميا بينها وبين الشرق في عجزه ومرضه العضال من لقائها بالشيخة (خيرية) التي تفسر لها الحلم:
- الست عربية يا بنتي؟ الست ابنة هذا الوطن المتكون ان رؤياك تمثل الحقيقة، انك مثال شبح الشرق المحروم من انوار العلوم والمعارف، انك كبلادك مريضة شلاء([3]).
ومن جانب اخر فان المسرحية بشكل عام تتعرض وباسلوب خطابي مباشر الى مضامين اجتماعية لم تجد طريقها في الخلق والتعبير الدرامي وبقيت في حدود الشعارات المباشرة التي تطلقها الشخصيات فقد تعمدت اثارة الحكم والاقوال الماثورة بطريقة متكلفة مثل (كل من سار على الدرب وصل) و(الام مدرسة اذا اعددتها…الخ) (العلم نور والجهل ظلام) (العسر واليسر) و(قضية المراة) و(التعاون لاسعاد الوطن).
واذا كان الكاتب قد اشار في البداية الى الجو العام للحياة العراقية فان الاجواء التكوينية للشخصية (البطلة) هي الاخرى كانت متاثرة بشخصية الكاتب ابن ذلك الواقع وابن تلك الفترة حيث نقل الينا الكاتب عبر تشخيصه (البطلة) صورة من تكوينه الفكري وخزينه الثقافي والادبي، ويبدو ذلك في اطلاقها الاشعار والحكم، على سبيل المثال وليس الحصر في “هجم السرور عليّ حتى انه من فرط ما قد سرني ابكاني” بعد مشاهدتها الحلم. وقولها “لقد قال بقراط الحكيم: الصحة تاج على رؤوس الاصحاء لا يراه الا المريض”* وحتى موضوع الحلم ودخوله كمعالجة درامية فقد افقد الاحداث منطقيتها والشخصية معقولية بناءها- فمن واقعية وميلودرامية الى تحليق كيفي في فضاءات الحلم الرومانسية. وهذا ما يتقاطع مع واقعية العمل المسرحي التي تتصل بطبيعته من خلال التعامل مع تفاصيل يومية معاشة، وهذا ما قد ينم عن تخبط الكاتب بين الاتجاهات الفنية للمذاهب الادبية وخلطه الذي يبدو لا مقصودا بينها وهذا يبدو في طريقة حوار الشخصيات عندما حول اسمائها حروفا يرمز بها للشخصيات الواقعية.
وكذلك فان لما كان من مهمات الشخصيات البطلة ان تعرض او تساهم في عرض المعلومات الاولية وعجلة العلاقات مع الشخصيات الاخرى فان من المعقول جدا ان تكون هذه العملية من خلال حوارات متقابلة مع شخصيات بحيث تصل الى المتلقي بانسيابية معلوماتية تساهم في طريقة ايصال العلاقات الفنية للشخصية في حين عمد الكاتب الى (المونولوج) المباشر والسردي الذي لا مبرر فني للاعتماد عليه.
(لنفسها) لقد انستني بنت عمي وهي التي تسليني من وقت لاخر* في هذه المعلومة عن اللقاءات التي بين نعيمه واسماء تعبر عن عمق ومدى العلاقة بينهما.
اما من حيث علاقة الشخصية بتطور الحدث فان البنية الافقية للحدث ادت الى ان يكون تطور شخصية البطلة تطورا بطيئا وحيث ان قوة الميلودراما النفسية في المسرحية هي الطاغية كان لابد ان يكون تصوير الشخصية قاصرا عن التعبير عن قواها الكامنة حيث بقيت في حدود الشخصية المستغيثة والشخصية المعانية. وعليه فان عامل الياس الذي هو مكون نفسي للشخصية البطلة قد ظل عاملا مساهما في ابطاء سريان الفعل وتدفق النزعة الايجابية التي يفترض ان تعبر عن ارادة البطل فكانت النتيجة على الضد منها.
والبطلة حتى في تكوينها الفكري لا تنطوي على خطا بقدر ما هي ضحية بذاتها وهي من النوع الذي ينطوي على (العيب الذي تسببه له الظروف)([4]) كما يسميه (الارديسي نيكول) فان ازمتها النفسية هي كونها عاجزة عن الحركة وانسانة معطلة بفعل المرض وهذا ما يشفع للبطلة بما لا يسقط عنها سمة البطولة التي يتسم بها الابطال في اصحاب القضايا حيث ان اولى المهمات التي تحدر مفهوم البطولة هي ان يكون البطل صاحب قضية يصبح بطلا من اجلها الا ان (بطلة) محمود نديم ظلت في حدود تكوينها الفني بوصفها شخصية محورية مجردة على الرغم من صراعها المستكين الياس مع المرض.
اما بالنسبة للشخصية الثانية او ما يسمى بالشخصية المجاورة للبطل فقد اتسمت هي الاخرى بذات التكوين الفني والفكري الذي ينبثق عن وعي وثقافة الكاتب نفسه حيث لم تكن ذلك الصوت المجاور في البناء التشخيصي الذي له ما يميزه فنيا وفكريا.
البطل في الاطار التاريخي/ دولة الدخلاء 1925
ان البدايات المبكرة للكتابة المسرحية كانت بلاشك بدايات تاريخية حيث اعتمدت على البناء الميلودرامي الذي يكون فيه البطل هو الشخصية الاكثر بروزا ويبدو ان هذا الاسلوب لم يكن على مستوى المسرحية العراقية المبكرة حسب وانما نجده في المسرح العالمي في بواكيره الاولى حيث نجد ان شعراء اليونان القدامى قد عادوا الى تراثهم في الملاحم والاساطير والتاريخ لبناء المسرحية، وبالنسبة للكاتب المسرحي العراقي الذي يبدو في نتاجه حديثا بالنسبة للاغريق القدامى فيبدو انه قد لجأ الى المادة التاريخية والبطل التاريخي توفيرا للجهد الفني في بناء هيكل المسرحية او ربما هو في بعض الاحيان بحثا عن حل لازمة التارجح بين العامية والفصحى حيث توفر المسرحية التاريخية اطارا جاهزا للحادثة والصراع والشخصية.
هذا من الناحية الفنية اما من الناحية الفكرية فان المسرحية العراقية في العشرينيات كانت من معطيات وضع سياسي امتد من فترة ما قبل الحرب العالمية الاولى حيث مر العالم بأزمات وكوارث، كان نصيب العراق منها ما هو كثير وشديد..فقد امسى العراق بعد هزيمة الأتراك مساحة دموية عندما هاجمه الانكليز الذين شكلوا صورة الاستعمار الجديد للمنطقة، وحيث لم يف المستعمرون الجدد بوعدهم بتسليم البلاد الى اهلها الشرعيين فقد اعلنوا الانتداب عليها مما جعل العراق من جديد يمسي ميدانا لمعارك طاحنة من خلال الثورة العراقية ضد الاحتلال الانكليزي جعلت المحتل يرضخ للمطاليب الشعبية بتاسيس الحكومة الوطنية عام 1921.
ان هذه الظروف والملابسات كلها ساهمت في ان ياخذ النتاج الابداعي بشكل عام والادب بشكل خاص بما فيه المسرح من مناهل هذه المناخات التي هي لاشك ساهمت في اذكاء جذوة النتاج الابداعي، حيث اضطلع الكتاب والمثقفون بمهمة قومية ووطنية انعكست على تكوينهم الفني والفكري وبالتالي على نتاجهم، لذا فهم فضلا عن تقديمهم المعالجات الواقعية في بواكيرها الاولى كانتصار للمراة وللمظلومين من خلال “النقد الاجتماعي وتسليط الاضواء على نواحي النقص والضعف في المجتمع والسخرية ببعض الشخصيات المنحرفة”([5]). كانوا يتخذون من الحادثة التاريخية لبوسا لابطالهم وللقيم الفكرية التي يضمنونهم اياها وهذا ما انسحب على الاعمال التاريخية للشاعر الوطني اللامع (محمد مهدي البصير) في مسرحية (النعمان بن المنذر) وكذلك في مسرحيته (دولة الاخلاء) التي هي موضوع البحث.
ففي هذه المسرحية يستعير (البصير) زمنا تاريخيا يغلف به المضامين الوطنية التي يمكن ان تتسلسل لتساهم في تعزيز الروح الثورية العربية حيث يجد ضالته في النموذج الميلودرامي المفعم بالتعبيرات عن اوجاع الاستلاب وميله الى تاكيد قيمة الاستشهاد كمصير حتمي للبطل الثوري في الدفاع عن قيم الشرف والكرامة، في نسيج حكاية عراقية تاريخية، محققا من خلال ذلك انحيازه لقيم البطولة ومكوناتها الاجتماعية زمانيا ومكانيا عبر ترميزه الشخصيات والاحداث.
لذا فقد عمد الكاتب الى انتخاب العصر العباسي وتحديدا في فترة خلافة هارون الرشيد واتساع نفوذ وسطوة البرامكة.
المسرحية تبدا في وضعيتها الاساسية من اختطاف (البطلة) وتدعى (اسما) واستدراجها الى قصر عمر بن مهران الذي اجبرها على البقاء عنده وهي تردد:
“اذا حكم (الدخيل بارض قوم فليس لاهلها الا البوار
فهم يشقون كي يبقى سعيدا وهم بمذلة وله الفخار
لئن جوا جرا الامير على اختطافي فسوف يجيرني منه الفرار”
وهذا ما اختزل به الشاعر البصير كل موضوع مسرحيته وما تنطوي عليه من رمز وطني. واذا كانت “الدراما هي الشخصية الانسانية في (حالة الفعل) فان القول الفصل في اشكالها المختلفة انها العاطفة في حالة من الشد والتوتر”([6]).
فالرومانسية هي واحدة من السمات التي اتسمت بها محاولات الدراما في العشرينيات وكذلك فترة الثلاثينيات فان هذه السمة قد ابرزها الكاتب في نموذج المخلص الذي ياتي لانقاذ (اسما) من اسرها ممثلا ذلك في المكونات الفكرية لشخصية هذا المخلص (منصور) الذي يشكل (بطلا مجاورا) يحمل من مكونات البطل الرومانتيكي صفات الثائر الشجاع غير الهياب والمحب فضلا عن تمرده على وضع الدخلاء في عصر الخلافة العباسية…ان هذه السمات وهذا التمرد وهذه العاطفة كلها تشكل مكونات فكرية للبطل الذي ينتمي فنيا للمذهب الرومانتيكي والذي يشكل (البطل الثوري) صورة مجاورة له عندما نتطلع الى المصير الذي الت اليه احوال الشخصيات باستشهاد (منصور) ثائرا لشرف (اسما) التي انتحرت دفاعا عن شرفها المسلوب.([7])
ان حركة الابطال ضمن البنية الفنية للمسرحية قد اخذت شكل (التطور القافز) بسبب من ضعف في التكوين الفني للفعل المسرحي لذا فان تطور شخصية البطلة (اسما) يبدو سريعا وغير منطقي في ترابطه العلائقي مع الشخصيات الاخرى وكذلك ظهور البطل (منصور) فقد ظهر بشكل مفاجيء من دونما معلومة سابقة تدل عليه دراميا.
كما يبرز في هذه المسرحية تاثيرات فكر المؤلف وموقفه التحريضي الذي عرف عنه شاعرا من المع شعراء الثورة العراقية، حيث يصب افكاره هذه من خلال مواجهة (اسما) للرشيد في قصر (جعفر البرمكي)([8]).
ومن المؤثرات التي اثرت في التكوين الفكري للشخصيات بوصفها انعكاسا لوعي المؤلف وثقافته والتي كان لها شانها في خلخلة مجريات التطور المنطقي للاحداث ان المؤلف قد جعل من لقاء (اسما) و(منصور) لقاءا ثوريا وهم يتحدثون عن عروبتهم بتغزل اذا بوافيه قضيتهم الغرامية التي اشار اليها المؤلف بالقضية المصيرية للامة حتى صار ذلك اشبه بالخطابية المباشرة في التعبير عن المكون الفكري للشخصيات.([9])
ويرى الكاتب ان التكوين الفكري والفني لهذه المسرحية يعطيها من الاهمية على الرغم مما تقدم ما يجعلها مؤثرة ومتاثرة من حيث بناءها، فهي متاثرة من حيث النهاية المصيرية للحبيبين بمسرحية (روميو وجوليت) التي لابد ان تاثر بها الكاتب (البصير) وهي مؤثرة من حيث اقتراب مسرحية (وحيدة) منها والتي كتبها (موسى الشاهبندر) فيما بعد عام 1927 خصوصا في مشهدها الاخير المتطابق تماما مع مصير الشخصيات عندما توضع (وحيدة) في السجن ويعتدى عليها من قبل (حسن خان) وحيث تبلغ الاحداث نهايتها الفاجعة في ابراز الصراع بين الشعب والسلطات المستعمرة.([10])
2- (انا الجندي) صيغة المبالغة في تكوين البطل 1938
اذا كانت سمة البناء الفني البسيط واحدة من ابرز سمات المسرحية العشرينية فان هذه السمة قد ظلت تحتفظ بوجودها الانشائي على خارطة الكتابة المسرحية في الثلاثينيات رغم بروز عدد من الكتاب من امثال صفاء مصطفى-وسليم بطيء وغيرهم.
واذا كانت الميلودرامية العشرينية قد اكتفت الحدث المسرحي فان هذه السمة في الثلاثينيات قد وجدت طريقها الى الشخصية، فظهرت المبالغة الغير طبيعية بسلوك الشخصيات فضلا عن المباشرة في التصريح عن مكنونات الكاتب نفسه والتعبير عن موقفه من الحياة والاشياء.
فكان والوضع ذلك لابد ان يظهر البطل الثوري المبالغ في ثوريته والبطل العاطفي المبالغ في عواطفه وكذلك يجب ان يظهر بالمقابل البطل المتمظهر بالوطنية تبعا لموقف الكاتب وطبيعة عمله في تلك الفترة التاريخية من حياة العراق.
ولعل مسرحية (انا الجندي) لكاتبها (عبد الله حلمي ابراهيم)* هي صورة للنموذج الاخير الذي نعرضه حيث يسمو فيها النفس السلطوي للكاتب بشكل يصل حد التملق على لسان (بطله).
ففي البنية الحكائية نجد ان (اياد) البطل واحد من المثقفين الذين لا نعرف جذور تكوينهم الثقافي قدر ما نعرف ولاءه للملك الذي لا يعاد له سوى حب الوطن.
ومن الجانب الاخر فهو يحب ابنة عمه (خولة) التي تتامر امها عليها لتزوجها لابن اخيها الذي تكرهه.
ويصادف ان يستدعى (اياد) للخدمة العسكرية في اليوم الذي كان من المقرر فيه تقدمه للزواج من ابنة عمه وانقاذها من تلك المؤامرة وعندما يفاضل (اياد) بينها وبين خدمة الوطن والملك يجد ان ولاءه للملك ارجح من حيه لحبيبته.
البناء الفكري للمسرحية بشكل عام يتسم بالشعاراتية ويتسم فنيا بالضعف والارتباك حيث يفرد الكاتب مشهدين من الفصل الاول (اياد) وهو يقرا رسالة ويكتب جوابا لحبيبته (خولة)**. مما جعل النسيج البنائي مترهلا منذ البداية، رغم انه يحاول ان يبين اثر علاقة البطل بحبيبته ولكن هذا التاثير لا يكتب له ان يستمر امام النوازع الفكرية التي تكون الشخصية.
ولعل المؤلف هنا يحاول ان يضع بطله من الناحية الفنية بين قوتي الواجب والعاطفة جاعلا منه بطلا يغلب الواجب، على غرار الشخصيات في الكلاسيكية الجديدة لراسين اذا جاز لنا التشبيه.
غير ان هذا الوضع المبالغ فيه جعل من الشخصية تسلك سلوكا مثاليا لا يتفق مع الواقع الموضوعي مما ادى لان يكون سمو فعلها سموا اصطناعيا مبالغ في صناعته، فهو رجل يدري انه من مواليد 1912 ويلبي الدعوة للخدمة مع مواليد 1914 مؤجلا لذلك عقد قرانه على خطيبته التي تواجه بالرفض لابن خالها بضراوة تؤدي بها الى الموت والهلاك فيما بعد، ومع ذلك كله يلتحق بالخدمة ولا ينفك من التمجيد بالملك وبالعسكرية الى حد يقرب من النفاق.
فهو فنيا يضعنا امام بطل ميلودرامي مبالغ في سلوكه الوطني وولائه للملكية ولعل هذا هو ديدن الكاتب نفسه حيث يحاول ان يزاوج عبر تكوينه الفكري بين الوطنية والاخلاص للوطن وبين الولاء للملك الذي يرد تفخيم ذكر في كل ثنايا النص. ومثال من هذه الامثلة في حواره مع المختار:
اياد: “ليس احب لنفسي يا حضرة المختار من هاتين الصورتين صورة سيدي جلالة المليك المحبوب غازي الاول وخارطة بلاده المحبوبة العراق.([11])
ان هذا التكوين النفسي والعاطفي الذي تنطوي عليه شخصية (اياد) البطل هو تكوين غير منطقي وغير متوازن يصل به احيانا الى حد يبدو فيه موتورا وغير منضبط اذا لم يكن مهوسا بمفهومه للعسكرية، فهو شديد الانفعال سريع الغضب، لذا فهو سرعان ما اشهر مسدسه([12]) على المختار وجماعته عندما يعرضون عليه فكرة انه بالامكان تصحيح مواليده في (سجلات النفوس) ويمكن اعفائه من الدعوة للخدمة العسكرية.
وقد ترتب على هذا التوتر النفسي للشخصية وتذبذبها ان تغيبت معالم الصراع، فهو صراع غير واضح مع من؟ وضد من؟ وهل هو صراع من اجل الحفاظ على الحبيبة ام انع من اجل المباديء الوطنية التي يزعمها. اما من حيث قوة الرمز ودلالاته في التكوين الفني فان من سمات المسرحيات في الثلاثينيات وحتى قبل ذلك منذ العشرينيات كان المؤلف رغم ضعفه وبساطة البناء يحاول ان يضع رموزا سواء في الافعال احيانا او في التسميات كاستعارة اسم (خولة) للحبيبة مشيرا الى تلك التي كانت مصدر حماس في واقعة اليرموك، او ان يخلق المؤلف مقتربا بين موت (خولة) وبين قيم الشهادة من خلال ارسال امر وحدة (اياد) العسكرية للعلم مع مندوبة لغرض لف جثمانها فيه. وغيرها من الدلالات التي لا يحتملها النص ولا يحتملها التكوين الفني والفكري لشخصية البطل.
نخلص من هذا الى ان هذا النموذج هو واحد من النماذج التي تؤكد عدم قدرة المرحلة التاريخية على انجاز نصوص مسرحية اولا ثم ابطالا مسرحيين بشكل محكم البناء والتكوين رغم محاولات التقرب احيانا من النموذج العالمي بشكل او باخر.
“كاترين” الرومانسية والميلودرامية 1938
يعتبر (صفاء مصطفى) واحدا من الكتاب الثلاثينيين وقد عني اكثر من غيره من الكتاب بدراسة الادب المسرحي حيث توافر هذا الكتاب على فرصة لدراسة الادب المسرحي في المانيا مما اهله لان ينتسب للتدريس في فرع التمثيل الذي اسسه حقي الشبلي بمعهد الفنون الجميلة في مطلع الاربعينيات..وكان صفاء مصطفى قد مهد لوصوله الى معهد الفنون الجميلة باصدار مسرحية (كاترين) وطبعها في بيروت عام 1938 وضمنها موضوعا كان مثيرا-في حينه- للاوساط الادبية والفنية، ومستفزا للشخصية الواقعية.([13]) في مسرحية اجتماعية مفعمة بخصائص عصرها الفنية من حيث الاستغراق في الميلودرامية والاجواء الرومانسية، فهي ببساطة وكما وصفها (د. عمر الطالب) قصة حب لا تتصل بالحياة الطبيعية لما اتسمت به من تفخيم ومبالغة فهذه القصة بين..(كاترين) النموذج و(حسن) الرسام الذي يهيم باحبا. ويكاد الحب يثمر لولا اقتحام شخصية اخرى هي شخصية (يحيى) المخرج والممثل المسرحي الذي يقنع كاترين بان تشترك في تمثيل مسرحياته وتتزوجه كاترين بعد زمالة قصيرة في العمل، ولكن القدر يعترضه فيضع في سبيله صديقه الشاعر (خليل)، فخنق يحيى زوجته فوق خشبة المسرح اثناء تمثيل مسرحية (عطيل) لانه يظن فيها الخيانة مع صديقه ثم ينتحر..ولان كاترين هي الشخصية المحورية التي دارت حولها الاحداث والشخصيات الرجالية الثلاثة (حسن ويحيى وخليل) فانك لا تجد شخصيات ثانوية اخرى غير هذه الشخصيات في المسرحية.
وعليه فان شخصية (كاترين) هي شخصية محورية على مدى المسرحية الا ان الكاتب على الرغم من اطلاعه على الادب العالمي خلال دراسته لكنه لم يستطع ان يعمق بناء الشخصية (البطلة) او المرشحة للبطولة فقدمها بمؤهل اجتماعي بسيط هو كونها تعمل موديلا وتمتلك طموحات ونزوات هوائية تدخل فيها بمثلث علاقات عاطفية متعددة هوجاء تؤدي بها الى المصير الذي انتهت اليه (الموت) او النهاية الماساوية وكذلك فان الكاتب مثلما عجز عن تعميق مكونات هذه الشخصية فقد ابدى هشاشة في بناء مكونات الشخصيات الرجالية الثلاثة مبتعدا بذلك عن منطق الواقعية وحتى الموقف العقلاني الذي كان من المفروض ان يسبغه على احد الاطراف لكي يبدو الطرف الاخر بمظهر النموذج السلبي.
فمن ناحية التكوين الفني (لكاترين) نجد ان المؤلف لم يعير اهتماما لتصوير الصراع الذي يحتدم في داخلها والذي يمكن ان يجعلها تقرر مصيرها الفني فيما لو تركت الشخصية على سجيتها بوصفها شخصية انسانية من الممكن ان ترى صالحها في مكان ما وتستقر عنده، الا ان المؤلف حاول ان يحكم شخصية (كاترين) شانها شان الشخصيات الاخرى في شبكة علاقات عمد الى تصنيعها بارادته. وهذا ما يؤشر ضعفا في قدرات الكاتب على انتظار معطيات التحليل النفسي لكل شخصية من هذه الشخصيات خصوصا وانه قد اختار نماذج هي غاية الرومانسية (رسام، ومخرج، وممثل وشاعر) فكان هذا مؤشر ايضا على تغييب البناء الفكري لهذه النماذج الاجتماعية التي انتخبها. فظهر (حسن) الرسام شخصية رومانسية تتردى في اللوعة والتوجع ويحيى فنان اخر ينتهي الى قرار بقتل زوجته وخليل شاعر يسطو على مشاعر زوجة صاحبه. ان مثلث العلاقات المتشابكة هذه لابد ان كان الكاتب قد اطلع على نظير له في الادب المسرحي العالمي وحاول ان يقلده، فهو اقرب ما يكون لمثلث العلاقة الذي رسمه (تشيخوف) من قبل في مسرحيته الرائعة (طائر البحر) الا ان تشيخوف كان يقدم غليانا يسرى تحت هذه الشخصيات التي تفيض اعلانا عن تماسك مكوناتها الفنية والفكرية. على خلاف مقلده الذي تشعر امام شخصياته بغياب الدوافع المحركة وغياب الارادات والانفعال المبالغ به في الرومانسية والميلودرامية. فضلا عن سمة الاسهاب والاطالة التي احاط بها الكاتب التطور الفني للشخصية عبر الحدث. فقد ظلت السمة القصصية هي الطاغية على ايقاعية تطور بناء شخصية كاترين.
ومن خلال جدولة قام بها احد الباحثين* لقياس بطيء تطور هذه الشخصية ومقدار الاسهاب والاطالة فيها نستطيع تلمس جوانب الضعف في بناء المكونات الفنية للشخصية اولا ثم النص المسرحي عموما.
الفصل الموضوع عدد الصفحات عدد المشاهد
الاول كاترين تحب حسن 38 صفحة 9 مشاهد
الثاني كاترين تتخلص منه 41 صفحة 7 مشاهد
الثالث كاترين مع يحيى 43 صفحة 8 مشاهد
الرابع كاترين مع خليل ثم تقتل 32 صفحة 10 مشاهد
ان هذا الكم من المشاهد يطول ويقصر من دونما فائدة بنائية تبرز من خلالها المكونات التي يرجوها البحث.
3-شمسو نموذج (البطل المستكين) 1946
تدور احداث مسرحية (شمسو) لكاتبها (خالد الشواف) في “حوالي منتصف الالف الثاني قبل الميلاد حيث الاقوام الطامعة في بلاد ما بين النهرين قد اخذت تهاجم اطراف المملكة البابلية و”حيث اخذ الكاشيون ينقضون على اطراف المملكة الشرقية بينما كان الحثيون يتقدمون في الاستيلاء على اطرافها الغربية- وهذه القصة تصور عهدا من عهود الفترة الاخيرة وتفترض الاحداث والوقائع والاسماء لتلك الفترة”([14]).
ويمكن تلخيص احداث المسرحية بانه كان لملك بابل (انؤايلو) ولدين هما (شمسو) ولي عهده والساب و(سامو) الامير الصغير. وحيث كانت بابل تدين بالوثنية وتعددية الارباب*. وكان للكاهن الاعظم (بيرسو) سطوته الكبرى في التاثير العقائدي في الناس مدعيا الدفاع عن الحقوق الدينية للارباب الذين اكتشف (شمسو) ولي العهد زيف تاثيرهم ورفض الاعتقاد بهم مؤثرا العزلة في دار الكتب منطلقا في رفضه من وعي ثاقب توصل من خلاله ان الاله هو واحد وهو الاول والاخر حيث لا اله بعده، فتنكر بذلك لديانة بابل واهلها القدامى مضحيا من اجل معتقده الفكري هذا بولاية العهد وحكم المملكة بعد وفاة ابيه.
وهكذا ينشأ الصراع من خلال الاختلاف في وجهة النظر الدينية في وضعية اساسية مستكينة وتضل هذه الوضعية تتحرك بشكل بطيء حتى (موت الملك) حيث تتفاقم الازمة التي تشوبها مفارقات عاطفية حاول الكاتب من خلالها ان يذكي الجو الرومانتيكي باضفاء مسحة الشفافية والشاعرية على بطله العقائدي ليشكل منه بطلا في تكوين متعدد المصادر.
ففي مفتتح المسرحية يظهر لنا الكاتب انشغال ولي العهد عن شؤون المملكة وانصرافه التام حد التفرغ النهائي للقراءة والكتب التي صيرها عالمه الثاني. لنتبين من خلالها تلك الملامح الاولية للتكوين الفكري للبطل الذي صار اسمه عنوانا للمسرحية.
ففي هذا الاتجاه قال عنه ابوه الملك:
“انوايلو: ينفق عمر الشباب في كتب تصرفه عن ملكي وسلطاني
صيرها عالما بمفـرده وراح يحيا في العالم الثاني”([15]).
وقال عنه (ابيرو) قائد الجيش البابلي:
“ولم تارقه الخطوب في الليالي فاطمان
وانصرفت همته، اليوم الى علم وفن”([16]).
ان العلاقة الجدلية بين منطق الحكم وسياسة الدولة من جهة والمعايشة الحياتية اليومية لواقع المجتمع من جهة اخرى ظلت تشكل واحدة من اهم مستلزمات التكوين الشخصي لمن يريد ان يسوس الحكم على الرغم من اهمية الاضطلاع بالعلوم والاداب والفنون.
فـ(شمسو) في صياغته الفنية والفكري ينطوي موقف واضح من هذا الامر تتشكل من خلاله مكونات شخصيته ويبدو ذلك في قوله:
“تزول مع الايام امنع دولة ويبقى نتاج الفكر ما بقي الدهر”([17]).
ان موقف (شمسو) من الدين ورفضه المستكين يجعل منه بطلا بلا بطولة في بعض الاحيان اذ ان الصدام بينه وبين الواقع الذي يتطلب التضاد معه صدام تخفف من شدته في اغلب الاحيان سطوة ابيه الملك ومكانته الاجتماعية التي حالت دون ان يكون بطلا ثوريا بدافع عن معتقده ومبادئه بالصدام المباشر لذا فان ثمة مقتربات في التكوين الفكري لهذه الشخصية بين بعض من خصائص (البطل الثوري) وبعض من (البطل الرومانتيكي) الذي عرف في بعض مظاهره الادبية بهاتين الصورتين معا، فـ(شمسو) مفكرا متمردا على دين المدينة وعلى شريعتها، الا ان فعله البطولي فعل مقيد او انه ينطوي على بطولة مؤجلة مثل تلك التي انطوى عليها (غاليلو) بطل بريخت في موقفه المهادن المستكين الا انه اختلف بعض الشيء عن هذا البطل البريختي بالخصائص المجاورة التي اسبغها عليه مؤلفه (الشواف)-فكما ان (غاليلو) قد تصدى لمفاهيم الكنيسة فان (شمسو) قد تعرض للمعتقد الجمعي البابلي مما اثار عليه سخط الشعب الذي ثار عليه وكاد يسحقه لولا حمايته من قبل (ابيرو) قائد الجيش ووزيره (كاء داو) الذين اطفئا لظى النقمة الجماهيرية عليه حتى انهم اعتقدوا به شراغ عظيم ووصفوه بـ(كلكامش) في مساحة الشر التي يورثها اياهم معتقدة التوحيدي هذا.
ومن ناحية اخرى فان البناء الفني لشخصية (شمسو) قد ظل متارجحا بين موقفه الفكري وتكوينه الرومانتيكي الذي تمثل واضحا في شاعريته المرهفة وحساسيته العالية بحبه (لنيرما) ابنة عمه والتي كان لفقدها الاثر الكبير في حياة الشخصية وتطورها الدرامي ويبدو ذلك من قوله:
“لو كنت اومن يا نيرما بالهة فلست للحسن الا انت اختار
نيرما: شمسو…اتهزأ بي؟….
شمسو: حاشا فما صــــدحت بمثل حسنك قبل اليوم اوتـــار
لا ولا هزجت في ليل فرحــتها والخمر تحدو والخيال البكر سمار
ولا ترنم فلاح بقيعــــــتـه ولا تغني بعرض اليم بحـــار
يا روح..انت التي عن مثل طلعتها ما حدثتنا اساطير واخــــبار
ولا سقى بابلا خمرا فرنحــــها كما سقاني من عينيك خمـــار”([18])
بهذه الشاعرية استطاع الشاعر المبدع (الشواف) تكوين الصورة الرومانتيكية لبطله (شمسو) بعد ان قدمه بموقفه الفكري الذي ظل متمسكا به الى الحد الذي رفض من اجله الحكم بعد ان عرض عليه الوزير (كاءداو) المصالحة مع فكر الشعب رافضا اياه بقوله:
“شمسو:” أأبيع معتقدي بعرش الملك او بالصولجان
هيهات يا كاءداو…لم يرضع ضميري الهوان”([19]).
الا ان ملاحظة فنية في تطور شخصية البطل يمكن ان تبدو واضحة بعض الشيء في هذه المسرحية حيث ان المؤلف رغم قدرته الكبيرة في صياغة الوتائر الدرامية الشعرية التي اشرت براعته حتى على مستوى الكتاب العرب* الاخرون الا ان متغير موت (نيرما) قد ظهر مفاجئا، وهذه السمة هي ليست سمة بناء الشخصية لدى الكاتب (الشواف) حسب وانما هي سمة الكثير من اعمال مرحلة الاربعينيات وما قبلها.
يوم الجلاء في سوريا وغياب البطولة 1946
على الرغم من ركاكة البناء الفني وتواضع البناء الفكري لمسرحية يوم (الجلاء في سوريا) فان هذه المسرحية قد حظيت باهتمام الكثير من الباحثين والمؤرخين للمسرح العراقي** في فترات سابقة.
وربما كان هذا الاهتمام لان موضوع القضية الفلسطينية كان من اكثر مواضيع العالم السياسي سخونة في فترة الاربعينيات من هذا القرن لذا فان المسرحية قد اخذت شكل الخطاب السياسي البسيط والمباشر حيث حافظت هذه المسرحية على ما تقدم من سمات انطوت عليها الكثير من المسرحيات السابقة ولعل ابرزها ضعف البناء الدرامي للشخصية وما تنطوي عليه من افتعال مباشر في تكوينها الفني وسطحيتها الفكرية.
فالكاتب (عبد الجبار شوكت) يحاول ان يقدم بطلا جمعياً تتمثل من خلاله قيم القضية القومية ممثلا ذلك بالشعب الفلسطيني الذي اكتسب صفة البطولة في هذه المسرحية بطريقة خطابية مباشرة وضعيفة في بناءها وتكوينها الفني.
ولعل ابرز السمات التي ساهمت في طمس شخصية البطولة في هذه المسرحية هي انها افتقرت الى اتصالها بالدراما قدر ما بدى لها من اتصال بالخطابية المباشرة والشعارات من اجل الشعارات فقط ليس الا واذا كان لها ان تتصل بالمسرح فانها لا تعدو كونها تمثيلية اصطناعية غاية في البساكة ذات هدف سياسي واضح هو استدرار العواطف من اجل فلسطين الجريحة دون التعرض الى اسباب الاحتلال وما يترتب على هذا الموقف من تشريد وتجويع هذا الشعب لكي يظهر بمظهر البطل الذي يليق به.
الاشقياء* نموذج البطل بلا بطولة 1948
ان موضوعة الخير والشر التي شكلت سمة عامة للمسرح في الثلاثينات قد ظل تاثيرها ممتدا الى فترة الاربعينيات من خلال النصوص المسرحية الشعبية التي بدا عددها يتضاعف عبر تزايد نشاط التاليف المسرحي.
فكانت مسرحية (الاشقياء) لعبد الستار العزاوي** واحدة من هذه النماذج التي تناولت حياة المحلة العراقية الشعبية البسيطة بواقعها الاجتماعي وتكوين شخوصها واحداثها الفنية.
ففي (الاشقياء) يقدم المؤلف نموذجا لـ(البطل البسيط) بساطة الحياة ذاتها وهو رغم بساطة تكوينه الفكري والفني فهو ينتمي كليا الى بيئته اذ ان ما يمكن ان يتسم به من سمات ومكونات ما هي الا نتاج لتلك البيئة وعلاقاتها الانسانية..حيث يفرض واقع الجهل والبطالة اثاره على النموذج الاجتماعي بشكل تحدد من خلاله تكوين شخصية (دعوم) الشخصية الرئيسة في هذه المسرحية فهي تقف على ارضية بسيطة من الوعي حتى انها تبدو خالية من أي مكون فكري…(فدعوم) مجرد نموذج يعتاش على زوجته التي تعمل في (لف السجائر) الذي لا يدر عليهم سوى القليل وهو رغم ذلك متباهي في امجاد ابيه الذي كان يوما ما واحدا من ابطال (الزورخانة)*..مطالبا ولده الوحيد بالاكراه بان يكون مثل جده او مثل ابيه ليستخدمه فيما بعد في عمليات السرقة واللصوصية بعد ان حرمه من المدرسة.
تتميز طبيعة الحياة الاجتماعية العراقية في تلك الفترة من تاريخها بوجود نوعين من الرجال الاقوياء، النوع الاول فيه شيء من ملامح البطل الذي يوظف قوته لعوامل الخير وخدمة الناس والدفاع عن الضعفاء والنوع الاخر في مواجهة النوع الاول متمثلا بالاشقياء الذين يعتدون على الناس ويسرقون ويبتزون الضعفاء مدعين لانفسهم بطولة وهمية، وهم لا يخجلون مما يقومون به من اعمال رديئة بل يفخرون بها في الغالب.
وشخصية (دعوم) رغم انتمائها الى هذا النمط من الاشقياء الا انه ينطوي على بذرة خيرة كامنة في نفسه، لذا فان بعضا من ابناء المحلة الخيرين قرروا ان يضعوا حدا لسلوكه هذا والعودة به الى الجانب الخير وتوظيف قدراته الخيرة لخدمة عائلته واهل محلته.
المسرحية تعرض من خلال سلبية الشخصية (دعوم) معالجة بسيطة لمشكلة الجهل والبطالة بطريقة سافرة لتشكل بالتالي دعوة اخلاقية لفعل الخير..وهذه المهمة كان المسرح قد جعلها في طليعة مهماته منذ الثلاثينيات، فـ(دعوم) في تكوينه الفني والفكري البسيط شخصية تتنازعها قوتي الخير والشر الا انها اذا ما قورنت بنموذج البطل الذي يعمل مقوم العقيدة دورا اساسيا في تحديد سماته فاننا نجد انه ليس لديه عقيدة يمكن ان تشكل مكونه الاساسي الذي يجعل منه بطلا وصاحب قضية فكرية. لذا فان انسب ما يمكن ان يقال فيه انه نموذج لـ(البطل بلا بطولة) فهو موهوم بقوة غير حقيقية ويضع نفسه منذ البداية في الخطا الذي يجعله يتردى في اخطاء اخرى جسام تنسحب على علاقته بزوجته وسوء تربية ولده.
انه احساسه بان الانسان يمكن ان يعيش من خلال الابتزاز و(الخاوات)* جعل منه نموذجا عاطلا اتكاليا موغلا في (سلبيته).
تتحرك الشخصية في تكوينها النفسي على مستويين من البناء هما الشخصية الضعيفة التي تحاول اثبات وجودها الشخصي بين الناس والرجل الذي يعيش على امجاد رجولية ابية متخذا من الكذب والتمظهر بالمظاهر الخداعة ستارا يخبيء خلفه ضعفه النفسي وضعته.
الا انه ما ان يواجه اول صدمة في مواجهة الخيرين من ابناء (محلته) ينكشف على حقيقته وتتيقظ فيه عوامل الخير والرجوع الى جادة الصواب.
يعمد المؤلف في هذه المسرحية الى رسم (التحول) في الشخصية من خلال الانتقال من حالة الجهل الى المعرفة مراعيا ان “التحول هو انقلاب الفعل الى ضده وهذا يقع تبعا للاحتمال والضرورة…(فكان) مصير البطل في المسرحية هو المميز الرئيس في بنائها”([20]) مستفيدا من ذلك التوازن التكويني الذي رسم من خلاله شخصية (دعوم) التي رغم بساطتها تبدو بشكل تكوين متوازن من الخير والشر مغلفا ذلك التوازن بالجهل وقلة الوعي. مما جعل توافر ظروف الصراع ممكنا في خضم البيئة الاجتماعية وعبر تطور حدده نوع المسرحية حيث تجده لا ينتهي نهاية ماساوية وانما نهاية سعيدة بفعل متغيرات التحول التي ادت لان يصبح البطل ايجابيا وخيرا.
اخيرا يمكن ان نتلمس مما تقدم ملامح الشخصية الاربعينية البطلة، اذ لم تعد المحرك الاول والحاسم للحدث الدرامي، وان البطولة الفردية قد بدات تتلاشى لصالح البطولة الجماعية ولكن هذه السمة ظلت في حدود جنينيتها كالسلوك الجمعي لفئة اجتماعية (الاشقياء) هو عبارة عن تجميع الي لسلوك الافراد ولا يظهر على اساس حقيقته او كينونته الاجتماعية المستقلة وعليه فان (دعوم) يبقى محورا او بطلا رئيسا من غير ان تكون لبطولته سمة الفردية والتميز الشخصي ولعل (الاردس نيكول) يرى ان الكاتب المسرحي “يحاول الايحاء الى المتفرجين بان شخصا معينا من اشخاص المسرحية هو رمز لطبقة من الناس”([21]) وعلى هذا الاساس نجد ان مجموعة (دعوم) من الشخصيات تمثل فئة اجتماعية معروفة وهذا العدد من الشخوص يساعد على اضفاء صفة الرمز من ناحية اخرى على شخصية (دعوم) في تكوينها الفني.
4-اني امك يا شاكر* تداخلية البناء الفني للبطل 1950
تمثل مسرحية (اني املك يا شاكر) واحدة من النماذج المسرحية العراقية المتماسكة من حيث تكوين وبناء الشخصيات وهي تعرض بخصوصية نموذج المراة البطلة في المسرح والحياة. وقد كتبت هذه المسرحية في فترة سياسية مريرة كان الشعب يتطلع فيها الى مخلص من محنته السياسية لذا فهي تنطوي في تكوينها الدرامي العام على موضوع الاستشهاد من اجل القيم الانسانية ومن اجل الدفاع عن الوطن في ظل الحكم الجائر في اطار شعبي بسيط في تكوينه عظيم فيما ينطوي عليه من تجسيد للروح الكفاحية للشعب العراقي في تلك الفترة.
فام شاكر..هذه على عمق ما فيها من تجسيد واقعي للمشكلة العراقية فانها تمتلك خصوصية الرمز الذي من شانه ان يمنحها صفة جمعية تعمم هذا الرمز ليكون نموذجا لكل ام عراقية. لذا فقد صاغها (العاني) في صورة ام لواحد من شهداء الوطن هو (شاكر) وهي في الوقت نفسه ام لسجين سياسي (سعدي) ولمناضلة شابة (كوثر)، وعليه فان سمات البطولة في هذه المسرحية تنعقد لاكثر من شخصية حاضرة في المسرح مثل انعقادها لاكثر من شخصية غائبة عن المسرح مثل شاكر الشهيد او السجين سعدي الذي يستشهد في السجن بعد اضراب عن الطعام دام ثمانية وعشرين يوما وعليه فان مستويات البطولة في هذه المسرحية تنعقد على عدة مستويات اضافة الى تعددية نماذجها فضلا عن النموذج المضاف الذي يشكل صورة (البطل الايجابي) الخير ممثلا بقوى الشعب التي لم تتخبى عن عائلة الشهيد شاكر ولا عن القيم التي استشهد من اجلها وهي تظهر في رموز بسيطة ايجابية مجاورة للابطال الحقيقيين الذين جعلهم المؤلف يتمتعون بوجودهم المادي.
“فيوسف العاني في هذه المسرحية يقدم شخصيات رمزية رغم مظاهرها الخارجية، الواقعية في الزي والحوار، فهي تعبر بذلك عن صورة حياتية مؤكدة جوهر واقعيته، وعندما ناخذ بنظر الاعتبار صلات الوقائع المميزة لمعالم الشخصيات الرمزية في مسرح العاني نجد انها تعبر عن بسطاء الناس وعن ظروفهم الاجتماعية وعن وعيهم الناشيء بسبب تلك الظروف، وندرك بعد ذلك ان شخصياته تحمل حسا بالشقاء”([22]).
وعليه فاننا من اجل ان نحلل مكونات الشخصية المسرحية عند العاني في هذا النموذج نجد ما يشدنا الى تحليل المكونات من (البطل المستتر) الى (البطل المعلن) او من (البطل الغائب) الى (البطل الفاعل) الموجود المتحرك على مستوى الفعل المادي في المسرحية.
ففي نموذج (البطل المستتر) يقدم العاني الشعب العراقي نموذجا بطلا في شعبيته وارتباطه بارضه واخلاصه وولائه لقضيته التي يتفانى من اجلها وبالتالي فهو يشكل منها فنيا الوضعية الاساس التي ينبثق عنها (البطل الثوري) فهي غير مرئية وانما يجسدها سلوك الحالة التي وجدت عليها وتكون بطولتها هنا هي بطولة (الحالة) التي سبق ان قدم الكاتب العبقري (تشيخوف) نموذجها القياسي. وهذه (الحالة) او الشريحة اذا ما اتسمت بالهدوء الذي ينطوي على غليان عند (تشيخوف) فهي عند العاني تتسم بالبساطة والشعبية التي تنطوي على غليان في القيم الكفاحية وقوة خارقة في الرسوخ والثبات على المباديء. حيث يبذل العاني جهدا في بناء الشخصية الدرامية (الشعبية) في ان يجعلها “مرتبطة بزمان ومكان معينين وشخصيات نموذجية لا تمثل اشخاصا بذاتهم وانما تمثل جوانب مختلفة من جوانب النفس البشرية او تيارات متباينة من تيارات الحياة يستوعب كل منها عددا كبيرا من الناس”([23]).
ليصل بها الى حدود من المكونات الفكرية التي يتسم بها الكاتب نفسه ولعل هذه السمة الانعكاسية ظلت تشكل في اغلب الاحوال صور المكونات الفكرية لاغلب المسرحيات خصوصا الواقعية منها ذات المضمون السياسي القومي اذ انها تتصل بشكل من الاشكال بالموقف والمعتقد السياسي للكاتب وتكوينه الثقافي. “ذلك لان المسرح يعيد التاريخ البطولي للفرد في صراعه مع الطبيعة والمجتمع ونفسه”([24]). وعليه فان التكوين الفكري للبطلة (ام شاكر) بوصفها البطل الموجود وجودا ماديا في المسرحية هو تشكيل للوعي الفني للكاتب نفسه حيث تظهر الشخصية في مكوناتها باكثر من مقترب يود الكاتب تحديدها على النحو التالي.
فهي “بطلة ثورية” في تحريضها الشعب العراقي على الثار لشهداءه ممثلا بشهيدها (شاكر).
وهي بطلة ملحمية فيما لو نظرنا اليها من وجهة نظر (بريخت) من خلال ارتباط البطل بالمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فهي نموذج لشخصية الحياة عندما يكون (البطل) هم الناس العاديون في صفة البطل غير الثابت المتغير على الدوام والمتصف بكونه (وحدة متناقضات) وهذا ما ابرزه الكاتب في (تغريب) سلوك الشخصية (ام شاكر) عند سماعها..خبر استشهاد ولدها سعدي بشكل بطولي ملحمي…مقنع ومثير وبعيد جدا عن الميلودرامية)([25]) فهي تنهض من مرضها على غير ما هو متوقع ولن تنهار، مستمدتا لنفسها القوة..كل القوة..فهي بدلا من ان تشعر بالانهيار بسبب فقد ولديها واعتقال ابنتها تتدرع بقوة المباديء وقوة الايمان بالوطن والاستشهاد من اجله لتضعنا امام شكل فني جديد للبطل يشابه نموذج (اندروماك) في المسرحية الكلاسيكية الجديد وهي تجعل من (الواجب) قضيتها التي تصارع (العاطفة) التي تحملها كام وتنتصر لارادة (الواجب) لاغيا مالوفية العاطفة الفطرية في (تحويلية ديناميكية) لشخصية البطلة على غرار نموذج (لوكاتش) في الايديولوجية العصرية حيث يرى في هذا النموذج الانساني (بطلا تاريخيا) يحرض كل قدراته الفعالة بنوعيها الكامن والمعلن في تكوين وتحويل طاقة الشعور الى فعل واقع. هذا فيما يخص الشخصية المحورية (الام) اما فيما يخص شخصية (البطل المجاور) فقد تمثل هذا النموذج بشخصية (كوثر) اخت الشهيدين وهي تشارك في التظاهرات وتمارس عملها الكفاحي الذي ينهيها الى مصيرها في الاعتقال وهو شكل من اشكال المصير (للبطل الثوري) الذي انتهى اليه اخوها (سعدي) حينما مات في معتقلا في السجن.
واذا كانت ثمة ما ينبغي الاشارة اليه في صياغة شكل البطل بخصائصه الشعبية في مسرحية العاني فانه لابد من الوقوف عند قدرة الكاتب العاني على صياغة تعددية الاصوات في المسرحية الشعبية وبالتالي تعددية مستويات وعي الشخصيات حتى البسيطة منها في المسرحية الشعبية فيقدم لنا نموذج الجاره (ام صادق) وهي وفي خضم الموقف البطولي لهذه العائلة لتظهر في شكل (بطل مجاور) بسيط في وعيه يساهم في مساعدة العائلة على اقصاء المنشورات والكتب الخاصة والتي من شانها ان تعرضهم للمسائلة…
وهذا ايضا من شانه ان يحيلنا الى مستوى السمو الانساني للابطال في هذا النموذج الذي يتصل بنموذج بطل الدراما الحديث الذي اكسب افعاله الانسانية الحياتية صفة السمو بعد ان كانت الهية في نماذج البطل التراجيدي القديم.
اخيرا فان التكوين الفني والفكري لنموذج (العاني)في هذه المسرحية على رقيه الفكري وسموه قد كان يتارجح فنيا بين عدة مستويات واتجاهات فنية وبين اشكال وصور متعددة للبطل في الدراما.
الحس الثوري والقضية الاجتماعية لبطل الخمسينيات
– صراع مع الظلام… (1956)
تتلخص قصة هذه المسرحية التي كتبها (محمد منير ال ياسين) في ان (خالد) شاب يهوى التعليم ويحترفه في القرى والارياف ايمانا منه بعظمة وانسانية هذه المهنة وهو ابن لمعلم متقاعد ويكون له ان يعين في الارياف ليصبح هذا التعيين عاملا لبعث حركة الاصلاح في الريف.
يتوزع الصراع في مواجهة (خالد) البطل على مستويين، المستوى الاول طبقي مع عمه وعائلته التي افسدها الترف والثراء، اما المستوى الثاني ففي المهمة الثورية التي اخذها على عاتقه لاصلاح الريف عبر محو الامية وانشاء المدارس والمستوصف الصحي وتاسيس الجمعيات والنوادي الاجتماعية.
وعليه فقد ترتب ان تكون عناصر الصراع بين قوة الخير ممثلة بالبطل ومن يمدون له يد العون (الشيخ عبيد) وزوجته (ناهدة) وبين قوى الظلام والشر ممثلة بقوة (الشيخ صيهود) المرابي الذي يقف ضد حركة الاصلاح.
من هنا فان الكاتب (محمد منير ال ياسين) قد عرض لنا شخصية البطل في مرحلتين مستعينا بمستويات الصراع التي شكلت في مرحلتها الاولى التعبير عن موقفه الفكري والانقلابية على الذات وهي التي مهدت لعناصر الصراع اللاحق الذي ظهر فيه البطل فيما يشبه (البطل الثوري) وان كان مترددا في سماته بين (البطل الثوري) و(البطل الرومانتيكي) فهو ثوري في حدود ضيقة فيما تفرزه المفاهيم للثورة على انها عملية تغيير جذرية وحاسمة تنتقل بالمجتمع من حالة الى حالة افضل. وهو (رومانتيكي) في تكوينه بوصفه ثائرا محبا- متمردا على محيطه…ليشكل صورة التكوين الفني والفكري للبطل.
ومن الجدير بالذكر ان هذه المسرحية وضمن السياق التاريخي تعد مبكرة في افكارها عن التغيرات الثورية او حتى يمكن اعتبارها تبشيرا ينبيء بحدوث الثورة القادمة* وهنا تكتسب المسرحية اهميتها الفكرية من خلال اتساع دائرة الثورية التي تتصل بها. اما على صعيد البناء الفني للشخصيات الاخرى فقد ظهر (الشيخ عبيد) في هيئة (البطل المجاور) لشخصية خاله في حين يظهر (صيهود) في هيئة (الشخصية الضد) فضلا عن الشخصيات الايجابية التي ظهرت في مجاورة مع البطل وهي تنطوي قيم ثورية ومقومات انسانية تتكافيء وحجم دورها.
اما من حيث مساحة التكوين الفني (للشخصية الضد) فان هذه الشخصية قد بدت قاصرة في تكوينها اذ على الرغم من سطوتها الاقطاعية وتسلطها بالربى والوسائل غير النبيلة فانها في مواجهة البطل بالضد ليس لها ما يؤهلها لاحتلال موقعها في التصدي لانجازات البطل (خالد) ذاك لاننا مثلما نتعرف قوة البطل من خلال ضده فنيا فاننا ايضا يمكن ان نتعرف العكس بالعكس خصوصا وان التفاف الناس من اهل القرية وشبابها حول (خالد) قد جعل منه بطلا شعبيا بلا منازع حينما انتهى الامر الى ترشيحه لمجلس النواب.
واذا كان (السمو) واحدا من السمات التكوينية المهمة في بناء (البطل التراجيدي) القديم فان السمو هنا في الدراما الحديثة قد اتخذ شكلا بديلا عن شكله الالهي القديم وظهر بثوب انساني فاضل “واكتسب خصائصه الارضية من طبيعة الشخصيات الانسانية ونبل الاعمال التي يقوم بها (الابطال) خصوصا في الشخصيات التي اتسمت بالبساطة وعليه فان سمو (البطل) خالد ياتي من اعماله الخيرة في خدمة الانسانية وتبنيه هذه الاعمال بايمان عميق يعززه الجد والمثابرة في تحقيق مساعيه.
صحيح ان “لكل عصر مميزاته الخاصة، وكل ما يمت الى هذا العصر بصلة يحمل طابعه وان شروطا تاريخية مجددة تعطي للعصر وشخصياته مميزات نوعية”([26])، الا ان الميزات النوعية التي ساهمت في تكوين شخصية البطل في هذه المسرحية كانت هي الاخرى تمثيلا للشروط التاريخية التي تميزت بها المرحلة وعليه فان هذه الصياغة لشكل البطل في وجهة نظر الان لا تخلو من ملاحظات جديرة بالوقوف عندها سواء سلبا او ايجابا، فبعد ان عرضنا ايجابيات التكوين الفني والفكري يجد الكاتب لابد من الوقوف عند جوانب الضعف وهنا صياغة هذا التكوين.
فقد افرزت المسرحية نوعا من (التحول) اللامنطقي (القافز) في تطور الشخصية (البطل) وكذلك في الشخصيات الاخرى وهذا مرده الى ان المؤلفقد لجا في بعض الاحيان الى الاختزال غير المبرر دراميا في تطور الشخصية عبر الزمن المسرحي والى الاستعاضة بالسرد الغير وافيث من الفعل الدرامي الذي يتاسس عليه عنصر التحول في الدراما. وكان من مساوى هذا ايضا ظهور (الشخصية الضد) بمظهر ضعيف اذ بمجرد ان تعرفنا على موقعها في الصراع واذ بالكاتب ينقلنا الى احداث ما بعد سبعة عشر عاما لم نتعرف خلالها على دور البطل والشخصيات المجاورة خلال هذه الفترة التي مثلت ذروة الصراع في القضية الفكرية ولا نستطيع تعرف ذلك الا من خلال السرد التذكاري احيانا وليس الفعل الدرامي…ان هذا النوع من الاختزال الغير مبرر قد ادى الى مفاجيئة القاريء بتحولات لا منطقية اربكت تماسك الفكرة والموضوع بشكل عام حيث يفاجئنا الكاتب على سبيل المثال (بسميره) ابنة عم خالد والتي اشار اليها د. عمر الطالب اثناء مروره على هذه المسرحية مسرعا بان هذه الشخصية “على سبيل المثال تتغير تغيرا سريعا فبعد ان كانت فتاة مغرورة عابثة الى فتاة متواضعة نافعة للمجتمع دون سبب معقول”([27]) ومن مدلله ارستقراطية حد التفاهه الى قائده نسوية.*
ومن ناحية اخرى وفيما يخص (البطل) نجد ان المؤلف حاول ان يجعل من شخصية البطل (خالد) بذاتها تعبيرا عن الايديولوجية الاجتماعية والسياسية فحملها على محمل المثالية في التضحية من اجل المباديء السامية، غير ان الضعف الفني والتجاوز على مراحل الصراع اظهر (البطل) في طموحاته الثورية بموضع من الكارثة التي تتسبب عن قوة التحدي في ذاته وهذه مردها الى اللامنطقية الفنية والتاريخية التي وضع فيها النص احداثه.
واذا كانت مسرحيات العشرينيات قد اتسمت بغياب الاقتصاد في حركة البطل عبر الفعل بسبب الاسهاب والاطالة فان البطل هنا قد ظهر بنفس المظهر ولكن بالسبب المغاير تماما…بالقفز الذي افقده منطقية التطور الحركي عبر الفعل. وحتى ظهور البطل بمظهره المثالي المبالغ فيه الى حد ما مرده الى سريان قوة الخصائص الميلودرامية في النص الخمسيني والقادمة من مسرح العشرينيات وما تبعه من مراحل.
وكذلك الحال في ما ظهر من طغيان للوعظية والخطابات السردية عند البطل وهذا ما شكل نقطة ضعف في البناء التكويني لشخصية البطل فنيا حيث “ان المؤلف المسرحي يجب ان لا يعظ بطريقة مباشرة موضوعية بل ينبغي له دائما ان يعلم باسلوب ذاتي غير مباشر”([28]).
لذلك فان طاقة الرمز التي يمكن ان تشكل الخلفية الفكرية للشخصية في التعبير عن موقفها هي طاقة ضعيفة وبسيطة بساطة النصوص المسرحية ذاتها وتبدو اكثر بساطة في مسرحيات الثلاثينيات وهذه الظاهرة مردها الى الواقع السياسي وظروف الكاتب نفسه في تاسيس البيئة الفكرية لبطله رغم ان الامكانيات الدلالية للرمز قد بدت اكثر افصاحا في بعض مسرحيات العشرينيات حينما لجا كتابها الى (ارخنة) موضوعاتهم.
واخيرا فان التخبط بين المذاهب والاتجاهات الادبية على الرغم من معطياته الغير متوازنة والغير متناسقة في اغلب الاحيان الا انه في بعض المواقع يقدم شكلا مقبولاً، فالكاتب (آل ياسين) قد جمع لبطله في هذه المسرحية عدة صور في صورة واحدة فهو فضلا عن تقديمه لبطله في صورة (البطل الثوري) التي لم تبتعد كثيرا عن (البطل الرومانتيكي) من خلال مقترب الثورة والحب والتمرد على المحيط والاحساس بالمتعة بالمعاناة، فهو (مؤلف) استفاد من (الكلاسيكية الجديدة) وفي اعمال (كورتيه) بالذات في تغليبه لقوة الواجب الذي شكل منه القوة المسيطرة منذ البداية في شخصية البطل (خالد) مما جعله يقبل على عملية التغيير وقبول الواقع الجديد بقوة ارادة عالية، وكذلك هو شان (كورنيه) من قبله حيث التزم اختيار ابطاله ممن يتحلون بارادة قوية ويتحكمون بها في التضحية من اجل الواجب.
الكراج الخامس 1959 *
ففي هذه المسرحية التي كتبها (قاسم حول) تبرز القصة بثوبها الواقعي البسيط في اطاره الخارجي ممثلا بشخوصه واحداثه والعميق في محتواه الفكري، ففي بيت احدى العوائل الارستقراطية التي تمتلك اربعة سيارات تسكن عائلة بسيطة مكونة من ام خادمة وشابين حسن وحسين وطفل صغير وحيث ان الاب المتوفي كان يعمل لدى العائلة الارستقراطية قبل وفاته فقد اسكنوها في (كراج) للسيارات متروك في مقابل عمل الام والاستمرار في الخدمة…تبرز داخل هذه الاسرة البسيطة مشكلة بين الشابين حول من يتزوج قبل الاخر…علما ان هناك فتاة مرشحة من قبل الام التي تنتظر جوابا من اهل الفتاة…الصراع على اشده بين الولدين حول من يتزوج قبل الاخر والام تطلب تاجيلا من ام العروس لليوم التالي حتى ينفض هذا الصراع الداخلي…فبينا يبلغ الصراع اشده…طرقات على الباب…فقد اشرت العائلة سيارة خامسة وبحاجة الى اخلاء الكراج الخامس الذي يسكنوه في صباح اليوم التالي.
ان هذه البيئة القاسية وهذه المفارقة على بساطة بنيتها وتعقيدها الضمني تشكل اقترانا بالواقعية بوصفها انعكاس فنيا للواقع وبالتالي فهو الانعكاس الموضوعي للعلاقات سواء علاقات الانتاج من حيث البنية الفكرية او العلاقة الاجتماعية التي يضطلع النص بعرضها من خلال التفاوت الطبقي المقرون بالمتغيرات السياسية وموقف الطبقات المستغلة (بالفتح) من الطبقات الارستقراطية.
البطولة في هذه المسرحية لا تنعقد فنيا للافراد في صورة البطل ذي الابعاد التكوينية فنيا وانما تنعقد (للحالة) لتاخذ البطولة بعدها الفكري عبر الشريحة الاجتماعية الفقيرة التي يعرضها الكاتب. “فالفن الواقعي يختار ابطاله وموضوعاته بحيث تنسجم مع التطلعات الفكرية والانسانية للطبقات الفقيرة” . لهذا فان شريحة العائلة على قدر ما تحمل من رمز فانها لا تعدو كونها شفرة قريبة من مساحة الوضوح وهي تنم بشكل مباشر عن طبيعة التركيبة الفكرية للمؤلف ذاته.
ان الارادة التي تتحكم بمصير هذه الشريحة الاجتماعية ارادة بشرية اخرى لتكوين حلبة الصراع بين (المستغل) بالكسر و(المستغل) بالفتح، هذا الصراع الطبقي الذي شكل الى جانب النهضة السياسية مهمة فكرية اساسية لابطال الخمسينيات وظل سائدا في معظم نماذج المرحلة، فعلى مستوى التكوين يبرز التوتر النفسي في الشخصيات التي ظهرت بسيطة بحكم واقعها الطبقي وعلاقاتها الاجتماعية ونوعية البيئة والوسط الاجتماعي..وان هذه الصورة للعلاقات والبيئة جعلت من عناصر الصراع غير متكافئة حيث لم يبرز من النص سوى الصراع الداخلي في ذات (الشريحة) (البطلة) وان هذه البساطة هي التي شكلت احلام وطموحات الشخصيات.
ان موقف (اللابطل فردي) الذي قدمه قاسم حول هنا هو نتاج منظومة التوترات النفسية التي عمد المؤلف الى خلقها في افراد شريحته المنتقاة وهي تشكل في الوقت ذاته انعكاسا تلقائيا للتوتر الاجتماعي والاقتصادي الذي يشكل البناء التحتي في الشخصية الانسانية وهذا ما عمد اليه (برشت) في مسرحه الذي لم يكن حتما (قاسم حول) قد اطلع عليه مبكرا دون غيره وانما التلقائية هي التي اوجدت هذا المقترب مع منهج (برشت).
وبهذا تكون الشريحة الاجتماعية او (الحالة) اقرب الى ادب (تشيخوف) منه الى (برشت) على الرغم من يقين الباحث من التكوين الفكري للمؤلف واثره في صياغة شكل البطولة لديه.
ان نماذج (قاسم حول) رغم تعرضها على مستوى الموضوع لمضامين مختلفة الا انه في نموذجه تجد واحدا هو نموذج البطل الموحد بوعيه من حيث التكوين الطبقي والاجتماعي والفكري وان توحده هذا ناجم حتما عن خاصية الصراع الفردي.
لذا ففي نماذجه الاخرى سواء كان في مجموعة الكراج الخامس او في مسرحيته المدينة المفقودة 1967 وعودة السنونو 1969 فهو يقدم نماذج يجمعهم ظروف البيئة القاسية وتجمعهم صلة الالتزام الفكري المطروح..وهذا ايضا مرده الى التكوين الفكري للكاتب نفسه بحكم وعيه المادي والتزامه الواضح في تشكيل مكونات الشخصية من واقعه المتشكل عن ضغوط اجتماعية وفكرية وان هذه الضغوط لا تقدم دفعة واحدة وانما قدمت من خلال تطور زمني ارتهن بالواقع السياسي والمتغيرات الاجتماعية. وكذلك كان شان البطل في مسرحه وهذا ما حدث على مستوى المسرح العراقي عموما في فترة الخمسينيات فهو حتى بزوغ ثورة تموز 1958 كان قد “ظل يعتمد على اسلوب الكشف عن عوامل القهر والاحباط، اكثر من اعتماده على تقديم بطل نموذج. ولقد كانت مشكلات الواقع تعرض من خلال ممارسات شخصية يصبح البطل فيها نموذجا اجتماعيا والفكرة التي يعرضها فكرة اجتماعية عامة”([29]). وان قيام الثورة بعد 1958 قد بدا يفرز نوعا جديد من البطل الذي يتكأ على وعي جديد املته عليه مسيرة التحولات السياسية والاجتماعية وطبيعة المهام الفكرية الجديدة بعد ان تجاوز البطل واحدا من اهم التحديات التي كانت تتمثل بالاستعمار والرجعية، ان هذه المتغيرات حتما كان لها تاثيرها في البناء الفني والفكر للبطل والتي ظهرت كرد فعل مباشر وسريع. لتصبح “سمات البطل الخمسيني الذي ولد بعد الثورة فهو الناهض من بين ركام القهر والاضطهاد، وهو الذي يحلم بالمستقبل بعد ان حظم القيود التي فرضتها عليه ادوات قهره خلال السنوات السابقة مثلما نرى في مسرحيات (اهلا بالحياة) و(بزوغ السلاسل) و(اني امك يا شاكر)”([30]).
الإحــلات:
* كتبت هذه المسرحية عام 1953 وصدرت من ضمن الجزء الاول من مسرحياتي ليوسف العاني عام 1959.
* قاسم حول، الكراج الخامس، مسرحيتان، بغداد: مطبعة الوفاء، 1961، ص 1- ص 30، مسرحية الكراج الخامس، كتبت عام 1959.
* محمود نديم، مسرحية الفتاة العراقية، بغداد: ب.م، 1925.
([1]) د. عمر الطالب، المسرحية العربية في العراق، النجف: مطبعة النعمان، 1971، ص 116.
([2]) المصدر نفسه، ص 117.
([3]) ينظر: ص 10 من نص المسرحية.
* حوارات شخصية نعيمة في المسرحية، ص 5-7.
* نص المسرحية، ص11.
([4]) الارديسي نيكول، علم المسرحية، ص 228.
([5]) د. عمر الطالب، بدايات المسرح في العراق، مجلة السينما والمسرح (بغداد، العدد 49، ص 82).
([6]) محمد مهدي البصير، مسرحية دولة الاخلاء، بغداد: مطبعة دار السلام، 1925، ص8.
([7]) A.K.Boyd, the Technique of play production, Riverside press, UKC2, 1945, P.15.
([8]) انظر ص 32-33 من المسرحية.
([9]) انظر ص 23، المسرحية.
([10]) انظر: موسى الشاهبندر، مسرحية وحيدة، بغداد: مطبعة المعارف- كتبت هذه المسرحية عام 1927 حين استعار الكاتب لنفسه اسم علوان ابو شرارة وليس موسى الشاه بندر كما ورد في طبعة عام 1944-الكاتب.
* عمل عبد الله حلمي ابراهيم، واحد من كتاب فترة الحكم الملكي، اطلع الكاتب على ما توفر من اعماله المسرحية وجد انه لا ينفك عن المدح والاجلال للسلطة الملكية- وقد حظي بتكريمه بساعة ذهبية عن مسرحيته (انا الجندي) بموجب الامر الملكي المرقم ط/125 في 11 أيلول 1938. ومن اعماله السراب- صقر هاشم ومجاميع قصصية اخرى.
للمزيد ينظر: عبد الله حلمي ابراهيم، انا الجندي، بغداد، مطبعة الصباح، 1938، ص 1-25.
** في محاولة للكاتب للتعريف بعلاقات البطل افرد المنظرين الثاني والثالث من الفصل الاول لهذا الموضوع من ص 35-38 ومن ص 43-45.
([11]) انظر نص المسرحية ص 58.
([12]) انظر نص المسرحية ص 63.
([13]) ينظر: د. عمر الطالب، المسرحية العربية في العراق، ج2، مطبعة النعمان، النجف: 1971.
* انظر: تيسير عبد الجبار عبد الرزاق الالوسي، المسرحية العربية في الادب العراقي الحديث، اطروحة دكتوراه، كلية الادب، بغداد، 1992، ص 83.
([14]) خالد الشواف شمسو، مسرحية شعرية بابلية، بيروت: مطابع الكشاف، سنة 1946، ص5.
* اسماء الالهة البابلية العديدة وقتذاك
مردوخ: اله بابل وحاميها، شماس: اله الشمس والنور، سن: اله القمر.
عشتار: الهة الحب والجمال، انو: اله السماء، بعل: اله الارض، ايسا: اله البحر، نبتا: اله الخصب والنماء، باو: المزرعة، انليل: العواطف والامطار، نن جوصو: الحرب، المصدر نفسه، ص 8-9.
([15]) نص المسرحية، ص 15.
([16]) المصدر نفسه، ص 16.
([17]) نفس المصدر، ص 22.
([18]) المصدر نفسه، ص 62.
([19]) المصدر نفسه، ص 99.
* يعتبر خالد الشواف واحدا من ابرز كتاب المسرحية الشعرية العرب ويتميز هذا الكاتب في اسلوبه وبناءه الفني للنص عن غيره.
** اوردها الدكتور علي الزبيدي في كتابه المسرحية العربية في العراقية والدكتور عمر الطالب كذلك بوصفها نموذجا من نماذ1ج ادب مرحلة الاربعينيات المسرحي-الباحث.
* عبد الجبار شوكت النجار، يوم الجلاء في سورية، مسرحية من فصل واحد، بغداد: مطبعة الزمان، 1946.
** عبد الستار العزاوي، الاشقياء مسرحية شعبية انسانية في ثلاثة فصول، ط2، بغداد: جمعية حماية الفنون والاداب، 1967. كتبت هذه المسرحية عام 1948.
* الزورخانة: طقس رياضي يمارسه الرجال لتقوية اجسادهم والتباري فيما بينهم، وغالبا ما تتخلل هذا الطقس ايقاعات موسيقية وقرع دفوف وطبول ولغة صوتية مصاحبة لتاجيج الحماس الرياضي تعبيرا عن الصلابة والقوة.
* (الخاوات): جمع خاوة وهي مفردة شعبية محلية تطلق على عملية الابتزاز التي يقوم بها الاشقياء للناس الضعفاء حيث ياخذ منهم نقودا دون حق وبالاكراه لغرض فرض سطوته وتاكيد هيبته الزائفة.
([20]) ارسطو طاليس، فن الشعر، ص 30.
([21]) الاردس نيكول، علم المسرحية، مكتبة الاداب، القاهرة، ب.ت، ص 271.
* كتبت هذه المسرحية عام 1953 وصدرت من ضمن الجزء الاول من مسرحياتي ليوسف العاني عام 1959.
([22]) مهند طابور، الواقعية في المسرح، مراجعة وتقديم د. عبد المرسل الزيدي، بغداد: مطبعة الامة، 1990، ص55.
([23]) د. صلاح خالص، مسرحية راس الشليلة، تاليف يوسف العاني، بغداد: مطبعة الرابطة، 1954، ص ح.
([24]) د. عوني كرومي، المسرح والتغير الاجتماعي، تقديم جون دوفينو، تونس: دار سحر المؤتمر الدولي الرابع لسوسيولوجيا المسرح، 1995، ص 14.
([25]) ينظر: بدري حسون فريد، دور الام في ثلاث مسرحيات، مجلة الاكاديمي، بغداد: مطبعة الشعب، (العدد الثالث- السنة الثالثة، 1978)، ص 29.
* ثورة 14 تموز 1958- الباحث.
([26]) جورج طربيش، المسرح الواقعي الصيني، مجلة المعرفة، دمشق (العدد34 السنة 1964)، ص 49.
([27]) د. عمر الطالب، المسرحية الاجتماعية في العراق، مجلة المثقف العربي، عدد خاص بالمسرح، العراق: وزارة الاعلام (العدد الاول، السنة الثالثة، اذار 1971)، ص 78.
* للمزيد انظر وقارن ص 23- ص 59 من النص.
محمد منير ال ياسين- صراع في الظلام، مسرحية اجتماعية في اربعة فصول، بغداد: منشورات الرسالة الجديدة، 1957، ص 23-ص59.
([28]) ملتون ماركس، المسرحية كيف ندرسها ونتذوقها، ترجمة فريد حدور، بيروت: دار الكتاب العربي، 1965، ص 21.
* قاسم حول، الكراج الخامس، مسرحيتان، بغداد: مطبعة الوفاء، 1961، ص 1- ص 30، مسرحية الكراج الخامس، كتبت عام 1959.
([29]) ياسين النصير، وجها لوجه، دراسات في المسرحية العراقية الحديثة، بغداد: دار الساعة، 1976، ص 12.
([30]) يوسف يوسف، البطل في المسرح العراقي، الموسوعة الصغيرة، 131، بغداد: منشورات دار الجاحظ للنشر، 1983، ص 19.