نص مسرحي: " المجنونيات السبعة / تاليف: هشام شبر
المكان: (شبه مظلم في مستشفى الامراض العقلية يحتوي على اسرة ثلاثة على احدها جلس مجنون يصرخ بهستيريا.. يدخل الطبيب ويضيء المكان)
الطبيب: مابك لماذا تصرخ؟
المجنون : انا اموت دكتور انا اموت
الطبيب: اهدء .. وحاول ان تنام
المجنون : لكن الموت يترصدني
الطبيب: هذيانك يصيبك بالارق
المجنون : الارق وليد نبل .. ها ..وليد نبل
الطبيب : لم افهم
المجنون: (موسيقى تصاحب حركة وهو يرتجف) لم اكن ابحث ان اكون ضعيف جدا اكون جرح ينزف جدا .. دخلت وقت ضائع ووجدت نفسي صغيرا بحجم نمله تحاول ان تخرج من عنق لحظه
الطبيب: يجب ان نواصل الحياة رغم تعاستنا
المجنون :كيف وانا اغرد كعصفور فوق كومة من القاذورات.. في ذكرى جنوني الذي يصادف ذكرى مولدي احرق نفسي بنار الوهم مرارا كي احضى بوسادة فقدت ذاكرتها من كثرة السهر
الطبيب: تعال وانظر من النافذه. الحياة جميلة انظر .. انظر .. (موسيقى)
المجنون: لم اكن غير وهم فطم فاصبح كذبة … انظر دكتور انظر هاهو الجرح ينحني ويلملم بعض نزفه
الطبيب: انت تختلق الكلمات وتحيك منها وهمك استمع لي استمع لي .. ماهذا .. ها .. ماهذا..
المجنون : اشر بكلتا يديك فلقد تزاحمت الطرق في راسي قدرا
الطبيب: انهض وارتدي قميصك فانت ترتعش من البرد
المجنون : سأرتدي المسافه
الطبيب: انت تسرق من نفسك بعضا منك
المجنون : مد يدك .. فالفترة جاهدت كي تكون لنا ونحن نحيك جراحاتنا
الطبيب: تعال انهض تقدم تقدم الى حيث الفراش ( مارشات عسكرية)
المجنون : تقدم .. تاخر .. تقدم .. تاخر .. تعبت من التكرار وانا في منطقة الهزيمه
الطبيب: مابك تلهث هل تشعر بالاختناق
المجنون : انفاسي تلهث لا لشيء سوى انها تعودت البكاء …حتى حين انام يتجدد لهاثي
الطبيب: خذ اشرب بعد الماء
المجنون : مابك تحرك شفتيك فيهتز المكان
الطبيب: انت ترتجف
المجنون : انا اعيش ارتجافي منذ ولادتي فلا غرابة
الطبيب: انت تهذي لابد ان حرارتك مرتفعه تعال تعال هنا (موسيقى رومانسية)
المجنون: علمونا ان الحياة حرب لأجل الحب وحين دخلنا ولبسنا خوذة الصراع اكتشفنا خدعه الحب التي علمونا
الطبيب: من هم الذين علموك
المجنون : كل من ارتدانا في لحظة ضعف ورسم لنا خطواتنا
الطبيب: الم تسألهم من يكونوا وماذا
المجنون: هم كانوا مني ..قبلي جاءوا او ربما بعدي…كسروا عندي الفهم ..هم كانوا مني اتذكر ذلك لكنهم حلقوا وتركوني اكتض بالمسافات ( يبكي بحرقة)
الطبيب: مابك تبكي
المجنون : ابكي على لحظة هربت من بين اصابع الزمن
الطبيب: عن اي لحظة تتحدث وعن اي زمن
المجنون: عن لحظة قتلت اختها عن تراكم نفايات سدت انفاس الوقت عني وعنك وعن مجرمين اتحدث
الطبيب: هل تشعر بالخوف
المجنون : الخوف عندي ثوب تمزق من تكرار ارتداءه
الطبيب: لم افهم
(صوت رياح قوية )
المجنون : الخوف علامة استفهام شكلت عنوة على جملة مجنونة كي تحثها على التعقل او الموت معنى (صمت)
الطبيب: هل عرفت من انا … انا طبيب جئت اعاينك
المجنون : طبب نفسك اولا فأنت اولى بالمعاينة والتشخيص
الطبيب: كيف ذلك
المجنون : انت تدفن عاهاتك خلف نظارات تمثل فيها الكمال وفي حقيقة الامر ما انت سوى مهرج عجوز ابله لا يعرف ما يريد
الطبيب : الا تشعر انك تسيء الادب
المجنون : في زمن المساوىء لا فرق في ذلك فكلنا نركب الكلمات كي تليق بالمكان
الطبيب: تركتني واتجهت للمكان
المجنون : المكان هو من يحدد وجهتك مثلك سلوكك وانت في مكان يرسمك قرد لا اكثر
الطبيب: وانت
المجنون : انا قرد اكثر عقلانية منك فالقرود على اشكالها تقفز
الطبيب : هل تعرف ان ترسم خط فاصل بين السيء والطيب
المجنون : الحكومات طيبة ونحن سيئون
الطبيب : عن اي الحكومات تتحدث
المجنون : عن تلك التي تغتصب احلامنا
الطبيب : هي تغتصب حسب رايك فكيف بها ان تكون طيبة
المجنون : نعم هي تغتصب ولكننا نقوم بفعل اكثر سوء من الاغتصاب
الطبيب: ما هو؟
المجنون : الحلم الحلم اكثر سوء ياسيدي الحلم اكثر سوء..
الطبيب: الا تحلم انت الا تحب الحلم (موسيقى)
المجنون : اشتهي ان احلم ولكني اخاف
الطبيب: مم تخاف؟
المجنون : للوسادة اذان .. فهي تفشي للسلطة نجاسة التفكير
الطبيب : نجاسة التفكير كيف وماذا تعني
المجنون : الحرية .. الحرية .. حين تفكر بالحرية ولو حلم لن يعتقك غسول جنابة من اثارها
الطبيب: الحرية حق واختيار
المجنون : والانتحار حق وانتحار
الطبيب: هل تحب السلطان؟
المجنون : هو يحبني حد المقت يرسمني في احلامه جرو صغير يداعبه بسوط جلاد
الطبيب: انت قاسي جدا
المجنون : انا أقاسي جدا
الطبيب: مم تقاسي
المجنون : منك منهم من المكان فأنتم ورثة الخديعة وحاملي نبوءة الرجم هههههههه
الطبيب: لماذا تضحك؟
المجنون : حين ترجمني الشياطين لا اتمالك نفسي من الضحك
(موسيقى تصاحب حركة الطبيب وهو يتجه الى زاوية في المكان وخلفه يمشي المجنون وهو يقلد مشيته وحركاته) الطبيب: اراك دائما تسقي تلك البقعة من الارض رغم ان لا اثر لنبتة فيها
المجنون : اسقي حلم عسى ان ينجب نبتة خلاص او ينجب مكان استطيع فيه ان اكون قديس او مقامر لا يهم المهم ان اكون
الطبيب: هل تناولت الطعام .. اقصد هل اكلت ..
المجنون : تأكلت دكتور تأكلت ولم يتبقى مني سوى النزر القليل ..
الطبيب: لقد طلبوا مني ان اكتب تقرير عن حالتك
المجنون : اكتب تقرير دكتور اكتب فانت ليس اول شخص سكتب التقارير ولن تكون الاخير اكتب حتى نمتلأ بالسجون وتمتلأ السجون بنا
الطبيب:تقرير طبي وليس تقرير حزبي …ماذا تريد ان اكتب عنك
المجنون: اكتب وجدته ميت
الطبيب: كيف؟
المجنون : اكتب يا سيدي اكتب .. مات على نفسه من الضحك وقيدت القضية ضد مجهول
الطبيب: المجهول..
المجنون : نعم المجهول يا سيدي المجهول الذي سيأتي بك يوم ما معي في تلك الغرفة ..ربما تنام على هذا السرير او ذاك او ربما … اهديك سريري هذا
الطبيب: انا … وانت … والسرير .. والمشفى
المجنون : ههههه حينها سيدخل علينا دكتور اخر يرتدي نفس نظارتك وبدلتك ويحاورك وفي نهاية الامر يكتب عنك تقرير
الطبيب: ماذا تتوقع سيكتب عني في التقرير؟
المجنون : مات سريريا
الطبيب: لكني موجود
المجنون: لن تكون موجودا برأيهم
الطبيب: انا موجود موجود موجود
المجنون : ستشهق بالمكان حين يكمموا لك وعيك
الطبيب: انت مجنون مجنون المكان جميل
المجنون : لا
الطبيب: والوضع امن
المجنون : لا لا
الطبيب: ولا وجود للشياطين
المجنون : لا لا
الطبيب: اخرس
المجنون : لا لا
الطبيب: قلت لك اخرس
المجنون : لا لا ( يضحك بهستيريا ويتصاعد صوت ضحكاته مع تصاعد الموسيقى)
إظـــــــــــــــلام