نوح بين الغرق والطوفان …/م. تمارا الزبيدي

يولد الانسان وهو لديه شعورا فطريا بحب الوطن والارض التي ينشأ فيها ويحاول جاهدا للدفاع عن هذا الوطن والمساهمة في نهضته وتطوره والتخلص من الظلم والاضطهاد واي وسيلة من وسائل الاستغلال التي يتعرض لها . وهذا ما نلاحظه منذ بدأ البشرية ونزول الانبياء على الارض استمرارا حتى وقتنا الحالي . وبما ان المسرح يعد مرآة تعكس الواقع من خلال ما يقدمه من عروض مسرحية نصوصها تستمد من الواقع ويتم تجسديها الى عروض مسرحية من اجل التوصل الى حلول مناسبة والتخلص من جميع الظروف التي يتعرض لها المجتمع .
وقد حاول الكاتب العراقي (حسين السلمان ) في نصه المسرحي “نوح” معالجة العديد من الامور السلبية والمشاكل في المجتمع وقد ارتبط اسم المسرحيه (نوح ) محاكاة لسفينة نوح التي كانت انقاذا للبشرية . محاولا من خلال نصه ان يأخذ بعدا دينيا بطريقة سردية وجعلها مسرحية فكرية اكثر مما تكون حركية . واحتوت على العديد من المضامين الفكرية والانسانية التي حاول ايصالها بصورة واقعية لمعالجة مشكلات الانسان في هذا العصر من ضياع وغربة واستسلام للعبوديه وصولا الى الحرية وانقاذ المجتمع من الانصياع وراء المجهول .
شخصيات المسرحية تتكون من ثلاث شخصيات فقط وهي (نوح) و (الرجل) و (المرأه) . بحيث ترتكز احداث المسرحية عن (نوح) انسان يحاول التخلص من واقعه المرير ورفضه الدائم بما يفعله الاخرون ويعتبرهم اصحاب عقول خاوية لانفع لهم ويرى بان بقاءه في هذا المكان سيؤدي الى موته حتما .
و (رجل وامرأه ) شخصيتان متناقضتان بكل افعالهم فتارة يتحدون عن الدين وتارة عن الرذيلة وتارة عن السياسة وهم دائما على اختلاف سوى الاتفاق على المناصب . كان هناك صراعا مستمرا بين الرجل والمرأة حول الوقوع في الخطأ وتأثير احدهما على الاخر في السلوك . ومن خلال ذلك حاول الكاتب ايضاح صورة حية لكل ما يعانيه المجتمع العربي بصورة عامة والمجتمع العراقي بصورة خاصة . ومن جهة اخرى نلاحظ (ايوب) ييحث عن وطن خال من الطائفية والمتخلفين واللصوص والتخلص من الظلم والعبودية وايقاع اللوم على نفسه وعلى الاخرين لما وصل اليه المجتمع بسبب الانقياد وراء اشخاص غير مؤهلين وبذلك يريد الخلاص من هذه البقعة في الارض وان يجد الامان في مكان اخر لايحتوي على دخان الحروب والموت المحتم .
الرجل : الى اين تريد؟
ايوب : الى الرب .
الرجل : دعك من ربك هذا .. انت تريد انهاء البشرية .
نوح : رأى الرب ان شر الانسان قد كثر في الارض .
المرأة : (تشهر سلاحها وتتقدم نحو نوح) ومن اجل هذا تريد القضاء علينا انت وعصابتك اللعينة . نحن كنز لايفنى ومعين لاينضب وأهم من يرى اننا ضعفاء نحن جند الله على الارض .
الرجل : انت تتمرد على الاعراف بل تريد محو الانسان عن وجه الارض .
نوح : الارض امتلأت ظلما . كل من في الارض يموت ان قلب الانسان شرير منذ حداثته .
مشيرا الكاتب في نهاية نصه المسرحي على انهم كتلة برلمان سياسي يحاول توجيه التهم واصدار الاحكام على شخص يحاول النجاة بنفسه. ومن خلال هذا النص حاول الكاتب ان يكون قريبا من الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية بلغة بسيطة خالية من التعقيد واختياره موضوعا واقعيا استطاع من خلاله ان يعبر عن قضايا المجتمع العراقي .واختيار موضوعة وحبكة وشهصيات تكشف عن صراع مستمر بين الايجاب والسلب بين الشخصية الرئيسية وخصمها وصولا الى الهدف الاسمى وادانة الحروب والاقتتال بين ابناء البشرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت