تنميط النسق المسرحي في المغرب العربي/ د. جبار صبري
في نهاية آذار 2019 وضمن فعاليات أيام مسرحية بمناسبة الاحتفاء بيوم المسرح العالمي قُدمت على خشبات مسارح بغداد ثلاثة عروض عربية تعمل على نسق واحد:
– مسرحية صباح ومسا – المغرب / اخراج عبد الجبار خمران
– مسرحية الخادمتان – المغرب / اخراج جواد الاسدي ( العراق )
– مسرحية الارامل – تونس / اخراج وفاء طبوبي
والقول بالنسق يعني أن ثمة محددات مبدئية وأسلوبية قد وضعت صناعة العرض المسرحي خاضعا لتلك المحددات، وهي برمتها شكّلت أنموذجا نظريا مثلما شكّلت أنموذجا تطبيقيا يمكن تكراره واللعب عليه بوصفه نمطا مشروطا بقياس تلك المحددات التي تشابهت صناعة وأطرا والتي أعطت القابلية على تكرارها بذات الوقت. بل أعطت الصورة اللازمة التي يمكن لكل مخرج أن يعيد اسلوبيتها كما حدث لثلاثة مخرجين ولثلاثة نصوص وجهات انتاج مختلفة أن يصنعوا عروضا متوافقة من حيث الأطر المبدئية او الأطر الاسلوبية..
والنسق هذا تجلّى من خلال:
1 – ان العالم كلّه مجرد تفاصيل دقيقة في الحركة والسلوك.
2 – ليس بالضرورة أن يخضع الانسان او تخضع الأحداث الى تصورات او رؤى كلية او شاملة إنّما تكتفي بتيه التفاصيل وحسب.
3 – اذا كان الفعل سمة الدراما فانه سيذوب في السرد ومن بعد ذلك الذوبان سيتجلى لنا على شكل سرد مفتعل.
4 – أكثر ما نتكاشف به في هذا العالم انما نتكاشف به من خلال نوافذ النساء. ان المرأة هي الباب التي تطل ونطل معها الى بحر آلامنا وآثامنا وتطهيرنا..
5 – اجراء تضاعيف مقصودة ومتفجرة ومتوالدة على جملة بسيطة . معنى ذلك:
– جرّ الفعل الدرامي من خلال اللغة.
– اجراء تفجيرات ذاتية للجملة اللغوية من أجل شدها وتوترها واعادة انتاجها بمزيد من الحركات والسلوكيات والتعابير عند الممثل..
– تضخيم بنائي لكل جملة وان كانت الدلالة الظاهرة منها محدودة الأثر.
6 – إن ما يجري في هذا العالم من توترات وافعال وروي وحركات وافكار ومشاعر واحداث.. انما هي قيد صناعتها ولا يمكن ان تكون خارج ميدان الصناعة.
7 – اختصار معمار وفضاء الوجود او المسرح في الانسان وان البيئة تمر به مرور العابرين. وهذا ما يزيد التركيز على عنصر الممثل أكثر من غيره بكثير.
لهذا النسق ايجابياته وسلبياته:
الايجابيات هي:
1 – يزيد من بهاء الممثل كعنصر درامي مائز جدا ومثير إلى الدهشة في الأداء ويجعله مرتكزا أوليا في إدارة وصناعة العرض.
2 – يزيد من التوتر وشد الايقاع ويجيد فن التلوين في بؤرة الحدث الواحدة.
3 – يزيد من حلاوة السرد إذ يرفعه الى مصاف الفعل..
السلبيات هي:
1 – يتكرر الاسلوب كل عرض وكأنه ثبات واطار يحبس به المخرج ولا يدعه الا داخل شروط أوزان ذلك الاسلوب.
2 – يوّلد متاهة في نهايات الاحداث إذ لا وجود لخاتمة ممكن يستدل عليها المشاهد ليحدد قناعته وفكرته..
3 – يمنع حضور الرؤى الشكلية التي تزين العرض ببهاء الصورة.
4 – يمنع حضور الرؤى الفكرية العامة والمتغيرة.
من الملاحظ أنها جاءت كسمات واضحة تلك النقاط الرؤيوية والتطبيقية التي وردت أعلاه وهي سمات الفهم والميولات التي تبناها المشتغلون في صناعة العرض المسرحي بل هي الموجهات التي استطاعت أن تستحوذ على الطبيعة البنائية لكل عرض مسرحي والتي أقعدته في نمطية تلك السمات.