الممثلة الليبية (سعاد خليل) في ضيافة الصالون الرابع للمنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح/ حميد عقبي (باريس)
الحديث ومحاورة الفنانة المسرحية الليبية سعاد خليل له طعم خاص كونها تجذبك بحديثها وتحلق بك إلى دهاليز ومناخات المسرح الليبي الذي نجهل الكثير عنه، كان لنا شرف أن نستضيف هذه الفنانة في الصالون الفني الرابع للمنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح الذي عقد في الأول من أبريل الجاري بمعهد العالم العربي بباريس، إليكم نقاط مهمة وضحتها الفنانة المخضرمة صاحبة تجربة مهمة وتخزن في ذاكرتها الكثير من المعرفة والفن وكذا صاحبة روح مسرحية ديناميكية لا تعرف اليأس.
في بداية اللقاء تحدثت سعاد خليل عن ليبيا الأرض الغنية بكل الثروات الطبيعية والمساحة الشاسعة والشعب القليل، مع ذلك فإن هذا الشعب البسيط لم يتمتع يوما بثروات أرضه ويعيش اليوم الفقر والمرض رغم أن تصدير البترول لم يتوقف ولو لساعات لكن الثروات تذهب لغير الشعب.
تحدثت سعاد خليل عن المسرح الليبي معتبرة أنه مر بأربع مراحل يمكن ذكرها هي :
ــ مرحلة الحكم العثماني.
ــ مرحلة الاحتلال الايطالي والادارة الانجليزية.
ــ مرحلة النظام السابق.
ــ المرحلة الحالية ما بعد سقوط النظام السابق.
لكننا يجب أن نعلم أن المسرح الليبي قديم جدا وقد تم اكتشاف 14 مسرحا قديما كانت ملحقة بمعابد قديمة مما يثبت أن الحضارات القديمة في ليبيا عرفت المسرح ولكن للأسف توقفت هذه الاستكشافات الأثرية ولا يوجد دعم لعمل بحوث توضح وتتعمق في الماضي الليبي وتاريخه العريق.
ثم تحدثت عن تواريخ مهمة للمسرح في ليبيا لعل أهمها 1928 حيث عاد من لبنان الفنان المسرحي محمد عبدالهادي ليؤسس أول فرقة مسرحية ليبية في مدينة طبرق وأهم ما قدمته مسرحية ” لو كنت ملكا “، واجهت فرقته صعوبات ثم انتقلت إلى مدينة درنة في 1930، وحدث نشاط بتلك الفترة وتأسست عدة فرق مسرحية.
في فترة الاحتلال الايطالي ظهرت مظاهر مسرحية مثل الارجوز ومسرح خيال الظل وعدة مسارح ترفيهية، بعد ذلك في عهد الإدارة الإنجليزية تم السماح للاندية الرياضية تكوين فرق مسرحية وكانت الأعمال تتعمق في التراث والحكايات الشعبية مع وجود رقابة قاسية منعت الحديث عن السياسة أو الواقع الاجتماعي.
مع قدوم حكم القذافي كان يوجد في بنغازي أكثر من 25 دار عرض سينمائي ومسارح وفي طرابلس ما يقرب 30 دار عرض أيضا، وظلت الحركة موجودة لكن بعد سنتين تم تجميد وغلق معظم هذه الدور والمسارح وحدث جمود تام لعدة سنوات وإلى منتصف السبعينات استقبلت ليبيا بعثات تعليمية فنية من مصر والعراق ليعطوا دورات تدريبية فنية مسرحية، ثم عاد الجمود مرة أخرى، أي أن المسرح الليبي ظل يعاني الحرمان والظلم ولم يجد التشجيع والدعم المستمر، مع ذلك ظل مسرحنا حيا يقاوم ويخضع تحت رقابة شديدة جدا، فأي عمل مسرحي يخضع للفحص ورقابة من قبل لجان كثيرة لتجيز النص ثم رقابة خلال البروفات ثم خلال العرض ولا يسمح لأي دلالات سياسية مهما كانت بسيطة وقد يعاقب ويسجن الفنان لمجرد كلمة أو تلميح.
ثم تحدثت عن الواقع اليوم موضحة أن المسرح وأهله مروا بمرحلة قاسية كمعظم الناس حيث انعدم الأمان وأصبحت الحياة جحيما بسبب القنابل العشوائية والرؤوس المقطوعة التي يجدها الناس أمام بيوتها، التطرف أغلق وهدم كل شيء ثقافي أو فني، حياة الرعب والموت والخوف عزلتنا ودمرت البيوت والأحلام، عانت ليبيا وما تزال تعاني من الخوف، لكن حاليا بمدينة بنغازي تحسن الوضع وبدأ المسرح يتنفس واقيمت عروض بمناسبة اليوم العالمي للمسرح. وقالت سعاد خليل :ـ فرحتي وأنا هنا في باريس بدعوة من المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح الذي لي شرف الإنتساب إليه وشرف أن أكون معكم في صالون المنتدى الرابع وفي هذا الصرح الحضاري أي معهد العالم العربي بباريس وبين هذه النخبة المتميزة والمحبة للفن وكل من يسمعنا ويشاهدنا عبر البث المباشر، اعتبر هذه الموقف مهما لي وللمسرح الليبي ودعوتي هي محبة المسرح والمقاومة بالفعل الجمالي، بالكلمة الصادقة فوق خشبة المسرح لنزرع الأمل والمحبة ونزيل البغض ونقضي على العنف.”
ثم شرحت أن ليبيا ينقصها معاهد وكليات تدريس الفنون حيث يوجد معهد جمال الدين الميلادي في طرابلس وأنها ستقوم بتنظيم ورشة مسرحية عند عودتها إلى مدينة بنغازي وستكون باسم المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح، فهذا المنتدى يمكنه أن يلعب دورا مهما في ليبيا وخصوصا بنغازي كونها وبكل فخر عاصمة المسرح الليبي وكل فنان وفنانه بهذه المدينة يحلمون بمسرح وكل واحد يطور من نفسه ويجتهد عبر القراءة والمشاركات الخارجية، للأسف لا يوجد أي مهرجان مسرحي ولكن هناك فرق وأعمال ليبية تشارك في الخارج وتحصد الجوائز في مهرجانات دولية وبجدارة، الفنان يريد القليل جدا ولا نبحث عن الفخامة ولا يتعيش من المسرح، بل بالعكس من يحب المسرح يصرف عليه من جيبه الخاص فلا توجد أي جهة تدعم مشاركة أعمال مسرحية أو مشاركات فنية مع ذلك فهي ترى أن الوضع حاليا أفضل من السنوات السابقة المرعبة وأنه توجد رغبة وطموحات وشباب وشابات لديهم الطاقة والرغبة كون ليبيا أرض ولادة للإبداع الفني والثقافي والعلمي وأن الشعب ليس جاهلا كما يتم تصويره، هذا الشعب كغيره يحب الآخر ومنفتح ومحب للثقافة والفن والمرأة الليبية مبدعة، كما وضحت أنها كفنانة مسرحية قدمت عشرات العروض والأعمال التي تعبر عن المرأة الليبية فهي الأم والزوجة والاخت وهي تناضل وناضلت واصابها الظلم والألم وهي قوية وليست ضعيفة أو مستسلمة وقادرة أن تنتصر وتشارك في بناء الوطن الذي يتسع للجميع ويحتاج الفن لكي يرمم ويداوي جروحه.