مسرحنا العربي يهرم/ سامي الزهراني (السعودي)
الشباب هم عماد البقاء في كل الفنون وللأسف على مر العصور كان من الصعب للفنون ولجميع الثقافات ان تجد من يكمل مسيرتها من الشباب والمسرح العربي يعاني كثيراً من ذلك، مسرحنا العربي يهرم سريعاً ويجب علينا اتخاذ خطوات سريعة حيال هذا الأمر، للأسف جميع المحاولات المبذولة من تمكين الشباب في المسرح لم تكن كافية وما يحدث من خطوات من خلال إقامة دورات او ورش تدريبية او حتى مهرجانات دون ان تكون لها رؤى مستقبلية لا يمكن ان يعول عليها كثيراً، الشواهد كثيرة لو نستطيع ان نجمع عدد خريجي المعاهد والكليات المسرحية المتخصصة في المسرح واعتقد انه عدد خيالي خلال سنة واحدة ماذا استفاد من اغلبهم المسرح ( لا شيء ) والعدد في ازدياد ناهيك عن من ينتمي للمسرح من الشباب عن طريق الموهبة والهواية وللأسف ( لا شيء ).
اعتقد ان من اهم العوائق :
١– الشباب أنفسهم، أكاديمين او هواة الغالب فيهم لا يوجد لديهم أهداف مرسومة لذلك تجدهم غالباً يعملون في مجال غير المسرح .
٢– ( القدوة ) للأسف الشباب يتطلعون كثيراً حيال شخص مسرحي له خبرة في المسرح ويتخذونه قدوة وللأسف هذه القدوة دائماً ما ترسل للشباب إشارات وعلامات سلبية للشباب حيال المسرح من خلال حياته اليومية او العامة .
٣– الشباب في الأصل لديه شعور بالرغبة بالصعود على خشبة المسرح لممارسة التمثيل وللأسف تم دعم هذا التوجه من خلال المسرحيين، المهرجانات، البرامج، الدول، هذا المبدء خاطئ اصبح كل الشباب يمتهن التمثيل وغفل عن باقي المهام في المسرح لانها ليست مدعومة بدورات تدريبية أو ورش مسرحية مثل تصميم الإضاءة، الديكور، المكياج، التأليف، الإدارة، إلخ فأصبح هناك خلل كبير ونقص هائل في هذه المجالات .
٤– ( هوامير المسرح العربي ) بعض المسرحيين العرب في اغلب الدول العربية تمترسوا في كل مكان وفرضوا سيطرتهم على المسرح وقتلوا كل التجارب المسرحية الشبابية تحقيقاً لمبدء ( صاحب صنعتك عدوك ) وأصبحوا يتفننون في ذلك ويتقنونه جيداً .
٥– المهرجانات المسرحية الخاصة بالشباب، هذه المهرجانات للأسف لم تقدم شيئاً للشباب فاغلب ما يقدم في هذه المهرجانات من جوائز اما ان تحجب لعدم وجود شاب او تقدم لشخص لا تنطبق عليه الشروط خصوصاً شرط الفئة العمرية وبذلك انتفت روح المنافسة بين الشباب، اما ما يقدم من ورش خاصة، ندوات خاصة بالشباب من خلال المهرجانات من وجهة نظري أضرت كثيراً بالشباب فلا يمكن ان نفصل الشباب عن من يمتلكون الخبرة من المسرحيين العرب فلا يمكن بأي حال من الأحوال ان يتطور الشاب الا من خلال استسقاء خبرات من كانوا قبله في المجال .
٦– العوائق الإنتاجية المالية، دوماً ما تحفل العروض الشبابية باستخدام وسائل التقنية المختلفة مما يزيد من الكلفة الإنتاجية للأعمال، أيضاً مما يعيق تقدم اي فرقة مسرحية لاستقطاب مخرج مسرحي شاب هو ان هذه الفرق المسرحية المنتجة تتخوف كثيراً من المغامرات الشبابية الخارجة عن المألوف وفشلها خصوصاً اذا كان للفرقة المسرحية سيرتها المسرحية المتميزة .
العمل مع الشباب وللشباب بحتاج الى تضحيات من قبل الدولة ومن المسرحيين أنفسهم، فالعمل مع الشباب يحتاج الى جهد كبير خصوصاً في المسرح فنحن نتحدث عن شريحة كبيرة من الفنانين بداية من المسرح المدرسي، الجامعي، التكوينات الشبابية التابعة للكيانات الحكومية والمستقلة، مخرجات المعاهد والكليات المسرحية، كما ان هناك دور مهم الفنان المسرحي الخبير وهذا الدور يتمثل بمحاولة تأسيس قاعدة شبابية تعتبر امتداد له من خلال تبني بعض المواهب الشابة في مجاله ومحاولة مساعدتها والرقي بها الى ان تستطيع ان تلامس طريق النجاح .
أورد لكم أنموذجين هنا :
١– حكومة الشارقة والدور البناء لسمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس حاكم الشارقة في وضع رؤية وإستراتجية واضحة للشباب من خلال اعتماد خطة للمهرجانات المسرحية على مدار العام يبدء بالمدرسي، الكشفي، العروض القصيرة، الثنائي،الصحراوي، أيام الشارقة، الخليجي، وهذا يتيح للشاب التدرج في المشاركة في مختلف المهرجانات واعتمد سمو الشيخ مؤخرا أكاديمية الشارقة للفنون الادائية يتيح المجال للشباب لتوسيع المدارك والمعارف على أسس علمية مدروسة، مبادراة أوائل العالم العربي التي تستضيف من خلالها دائرة الثقافة بالشارقة أوائل المسرح العربي من كل المعاهد والكليات المسرحية وتضع لهم برنامج ثقافي وتدريبي على مدار اكثر من ١٠ أيام، اما على مستوى الكتابة المسرحية هناك العديد من المسابقات في التأليف المسرحي للكبار وللأطفال مدعومة من دائرة الثقافة والهيئة العربية للمسرح .
٢– تجربتين في السعودية وهي مبادرات لفرق مسرحية خاصة أولى هذه المبادرات كانت لفرقة مسرح الطائف وهي بعنوان ( المخرجون الجدد ) وهي مبادرة تحت رعاية وإشراف وإدارة المخرج الاستاذ احمد الاحمري، تتمثل في رعاية كاملة لأحد المواهب الشابة الاخراجية من أعضاء فرقة مسرح الطائف وصقلها ومساعدتها في اخراج اول أعمالها المسرحية وبفضل الله نجاحنا في صقل موهبتين اخراجيتين وهما ( عبدالاله السحيمي، وعبدالرحمن المالكي ) ولا زال المشروع مستمر .
( التجربة الثانية ) لفرقة كيف المسرحية من خلال الكاتب والمؤلف الاستاذ ياسر مدخلي الذي بدء مشروعاً لتبني مواهب ١٠ مؤلفين من خلال دعمهم وتوجيههم وعقد دورات تدريبية متخصصة في الكتابة المسرحية وهذه المبادرة مهمة جداً لان ميزانية هذه المبادرة مستقطعة من جائزة الصديق ياسر مدخلي التي فاز بها في مسابقة الشارقة للتأليف المسرحي وهذه بادرة رائعة من قبل الاستاذ ياسر تنم عن وعي كامل بدور المسرحي لخدمة ابناء وطنه.
عموماً موضوع الشباب شائك ومعقد واعتقد انه جاء الوقت لمنح الفرص وتمكين الشباب وارى من اهم الأشياء التي ممكن ان تنفذ حالياً لدعم الشباب المسرحي القادم هو تغيير سياسة بعض جوائز المهرجانات العربية من خلال اعتماد ادارات هذه المهرجانات جوائز مسرحية لفئة الشباب على سبيل المثال ( الإخراج المسرحي الشاب ) وبالإمكان ان تسمى هذه الجائزة باسم احد المخرجين المسرحين العرب المهمين وهذا يزيد من قيمة الجائزة المعنوية ويجب ان لا تقتصر هذه الجوائز على عنصر محدد في المسرح بل تتغير في كل دورة من دورات المهرجان، ما تقوم به الهيئة العربية للمسرح هي جهود جبارة لخدمة الشباب المسرحي العربي بقيادة سعادة الأمين العام للهيئة الاستاذ اسماعيل عبدالله فقد استحدثت الهيئة العربية المسابقة العربية للبحث العلمي المخصصة للشباب دون ٣٥ عاماً واقامة العديد من الورش المسرحية والندوات التي تعنى بالشباب في مختلف البلاد العربية هذا يعتبر داعم ورافد مهم للشباب العربي لمزاولة المسرح الاحترافي واكتساب الخبرات، يقول عميد الأدب العربي طه حسين ( طوبى لمن جمع بين همة الشباب وحكمة الشيوخ ) بهمة الشباب وبخبرة خبراء المسرح يرتقي مسرحنا العربي .