بالمغرب: زورق إيلان ذاكرة التيه الربيع العربي/ كريم الفحل الشرقاوي .

    قراءة في نزيف الخريف …

 
في إطار الاحتفال باليوم الوطني للمسرح المغربي نظم مركز نون للأبحاث الدرامية والمسرحية والاستراتيجيات الثقافية بتنسيق مع جمعية أمل سلا يوم الثلاثاء 16 ماي 2019 بالفضاء الاجتماعي والتربوي لدعم كفاءات الشباب – بطانة – مدينة سلا . حفل توقيع وتقديم الإصدار المسرحي الجديد للمبدع والكاتب والناقد الأستاذ محمد أمين بنيوب . القراءة التحليلية للأستاذ كريم الفحل الشرقاوي تقديم الأستاذة فاطمة مقداد تأطير الأستاذ يوسف الشفوعي  بحضور ثلة من الفنانين والمبدعين والمهتمين .

 
لقد حاولت القراءة التحليلية للنص الدرامي ” زورق إيلان ذاكرة التيه الربيع العربي ” الولوج إلى تخوم المتن من بوابة عتباته ( صورة الغلاف والعنوان على وجه التخصيص) من خلال تفكيك مؤشراتهما الدلالية التي تحيل القارئ على فجيعة الطفل السوري آيلان أيقونة التغريبة السورية كما تحيله على متاهات الربيع العربي الذي استحال خريفا مثخنا بالخيبات والانكسارات والانكفاءات التي مازالت فواجعها وآلامها ممتدة إلى الآن وما بعد الآن .
أما البوابة الثانية التي حاولت من خلالها الورقة النقدية مداهمة النص الدرامي فهي ذاكرة شخوصه الذين يتنفسون أكسجين الأحداث مستحضرين أعطاب ذاكرتهم المشروخة … هذه الذاكرة التي تشكل بؤرة اشتغال وانشغال المبدع محمد أمين بنيوب .. بل وتشكل صلب مشروعه الابداعي والمسرحي حيث يتبدى ذلك جليا من خلال سداسيته الدرامية التي عنونها  ب ” سداسية مسرحية حول المسرح والذاكرة الجماعية ” . فالكاتب مافتئ ينكأ جروح الذاكرة الذاتية والجماعية مستكشفا أعطابها متسللا إلى سراديبها و دهاليزها و مطاميرها المعتمة ليعتصر نزيفها ويلملم ملماتها ويفكك طلاسمها وأسرارها .
من هذا المنطلق حاولت القراءة التحليلية للنص الدرامي التسلل إلى ثقوب ذاكرة شخوصه الثلاثة وهم الحارس الليلي ” صالح الشامي” ابن المقاوم الشهيد الذي أعدم برصاص الاستعمار الفرنسي . و ” يارا البابلي ” أستاذة المسرح التي فقدت ابنتها ” ريتا ” تحت أنقاض بيتها الذي تعرض لقصف المدافع . و ” شامة الاندلسي ” الشابة المعطلة والإبنة غير الشرعية التي وجدت نفسها في آخر المطاف مجرد مهاجرة غير شرعية . إنهم ثلاثة مهاجرين فارين من الجحيم السوري أمضوا أسبوعا رهيبا في عداد المفقودين تحت رحمة أمواج البحر العاتية قبل أن تقذف بزورقهم إلى أحد المرافئ الايطالية الذي تحول كما يذهب الكاتب إلى ” عيادة مفتوحة للتائهين والمهاجرين السريين ” .

بالقرب من هذا المرفأ / المنفى ستتناسل كل خطابات التيه و الضياع و التشظي و التحلل الهوياتي .. إنه تيه بطعم الإنفصام القصي عن الذات .. عن الوطن .. عن الحقيقة التي استحالت شكا أنطولوجيا يزحف كالطوفان ليجرف كل القيم و الثوابت الإنسانية الراسخة . يقول صالح الشامي ” نحن بلا هوية و لا وطن ولا جواز سفر.. عبث وجودي .. بلدنا وهم .. تاريخنا أسطورة .. وحدتنا سحابة صيف حارقة .. ربيعنا مقصلة .. خريفنا جحيم .. شتاؤنا وحل … وها نحن في مواجهة عارية مع المجهول ” .
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت