الفرجة الامريكية.. " الخياليون – FANTASTICKS"…في افتتاح مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي/ رسمي محاسنة
- عرض موسيقي.. مابين رومانسية الحب “الوهم”…واستحقاقات الواقع الصعبة.
- فرجة بصرية تحمل البهجة… وتطرح اسئلة الواقع في مواجهة الوهم.
في العرض الامريكي ” الخياليون” ..” fantasticks”…الذي افتتح مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، الدورة السادسة والعشرين،ترك حالة من الدهشة والبهجة، وبعض الاسئلة العالقة في البال، اسئلة لها علاقة بالتجربة الذاتية من معاناة، واحتمال،وصولا الى تحقيق الغايات.
تدخل عازفة اّلة” الهارب”،وعازف البيانيو، ويستقبلهم الراوي، ليبدأ الممثلون بالتوافد، والتوزع على الخشبة، ولكن وفق نظرة عنصرية، فيها الفصل بين البيض والسود، وهذا الجسد يمثل جدارا فاصلا بين اللونين، لكن الحواجز والنظرة، تقفز فوقها خيالات الشباب، بكل عفويتها وجراتها وجموحها،واغنية “حاول ان تتذكر” “try to remember”، بكل ما تحملة من حنين وشفافية، لكنها ايضا لاتغفل مايمكن ان تصنعه قادم الايام من مفاجاّت، ومصادفات الحياة.
البساطة والعمق، وماتختزنه الموسيقى الحية والاغاني من قوة وتاثير، والاداء المدهش للممثلين،وتوظيف دلالات العرض، كل ذلك جعل منه عملا يملاء الفضاء والروح بالدهشة، ويخرج المتلقي منه وهو مسكون بالجمال والمعنى والاسئلة.
في هذا الحيز المنقسم،شرارة الحب بين شاب” مات” والصبية” لويزا”،هذه الاجواء التي تؤسس لها طبيعة العلاقات بين الاسرتين، واستخدام بعض الاكسسوارات،وصورة القمر ، وتلك الاضاءة التي توحي باحساس رومانسي،وينتهي الجزء الاول” الحلم” الذي ينتمي للصورة الكلاسيكية للحب،بانتصار الشاب على ذلك الرجل القادم لمنافسته على قلب حبيبته، وتلك القلادة المتوارثة من الجدة، التي ترتديها الفتاة،وكذلك الراوي الذي يؤطر ويوجه الاحداث، وكأن الجميع يتواطأ لاستدامة هذا الحب ” الحلم”.
في الجزء الثاني، تفتح الستارة وقد تغيرت الالوان، والشمس اصبحت مكان القمر، ويظهر وجه اّخر للعائلة، وذلك السيف الخشبي بيد الفتى العاشق الذي يخسر به المعركة،في دلالة على ان مايمتلكه الفتى من ادوات، وطبيعة المكان الذي ينتمي اليه، لايؤهله لكسب معركة الحب، وصولا للهدف الاساس من العرض، وهو انه لابد من مغادرة الشرنقة الوهمية المغلفة بالحب والخيال” الوهم”، والتعامل مع مفردات الحياة الجديدة، بعيدا عن تلك المفاهيم المتوارثة بين الاجيال، فهذه الشمس الصفراء بنورها وحرارتها، تذيب كل هذه العوالق من الماضي، وتصهر الشخصيات، التي اما انها تذوب وتتلاشى، او انها تعيد صياغة ذاتها، ويتنخرط في الحياة وفق مفاهيم ومقاييس لعبة جديدة،وفهم هذه المستجدات والقبول بها، وما تنازل الفتاة عن قلادة” الجدة”، وهزيمة الفتى باستخدامه ادوات تقليدية في المواجهة ، الا بداية الدخول في مساحة جديدة من الحياة، فيها كثير من الخيبات والالم والصراع، حتى يصل الانسان الى غايته.فهذا الواقع في الحياة لاتستقيم الامور معه، اذا بقي الفرد متمسكا بموروث الاوهام.هذه الاوهام التي افرد اها العرض الجزء الاول منه، كما في خدعة انقاذ الفتى للفتاة،وتلك المفردات الساحرة المغرقة في الرومانسية للاغاني،وتجاهل ذلك الساكن في العمق من تمييز عنصري،في تواطؤ من الجميع لصناعة الوهم، الى ان تجيء الشمس، وتضع الشخصيات بمواجهة ذاتها، ومواجهة الاخرين،في حالة كشف صادمة، تحقيقا لرؤية العمل بكسر حالة الايهام، حيث الكل بحاجة لوجود الشمس” سطوع الحقيقة”، لان القمر لم يكن كافيا لاظهار حقيقة الاشياء، لابل كان متواطئا بجمال ورومانسية ظلاله.
لم ينج الجمهور هو الاخر من الصدمة، فقد وقع في غواية العرض، باجوائه الرومانسية، وتلك الاغاني التي تحمل الحنين ومسحة من الحزن الشفيف،وجمال الاصوات، وعظمة صوت السوبرانو” كاترينا جالكا” والعزف المدهش للعازفين على “الهارب والبيانو”اللذين ساهما ايضا بكسر حاجز الايهام،لكن الجمهور نفسه ايضا يصحو على حقيقة ان قوانين مفردات الواقع لها مرجعيات مختلفة، وان الوصول الى السعادة تحتاج الى معايشة وتجربة فيها افتراضات الحياة من صعوبات وقسوة واّلام،وذلك الرواي المتحكم بمسار ومصائر الشخصيات، يطرح اسئلة عن تلك القوى المتحكمة في حياتنا.
“الخياليون – THE FANTASTICKS”..فرجة مسرحية اعتمد البساطة،لتمرير اسئلة فلسفية عن الانسان، وبادوات محدودة، من الديكور، وقليل من الاكسسوارات، وباغان وموسيقى وشعر، واصوات،واداء للممثلين، لم يتراجع فيه الايقاع، سواء الايقاع الخاص للشخصيات، او ايقاع مجمل العمل”.
العمل من تمثيل” تايلور جونز، وكاترينا جالكا،وسوزانا مارس، وفين شابري،وجوزي سيد،واخراج” جوناثان ولترزو الين نوسي”.