"بهية".."رؤية فنية معاصرة..للحكاية الشعبية " ياسين وبهية"/ رسمي محاسنة
ضمن فعاليات الدورة ال 26 لمهرجان القاهرة المعاصر والتجريبي.
حكاية شعبية..باسلوب ورؤية مسرحية معاصرة.
العرض المصري ” بهية” المشارك في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، عرض مبدع يستحق التوقف عنده، وعند رؤية المخرجة ” كريمه بدير”، وفريقها الذي عمل بحرفية واحساس واخلاص.
يتكيء العرض اساسا على الحكاية الشعبية” ياسين وبهية” وتظهر ظلال الكاتب “نجيب سرور”، لكن المخرجة هنا تدير ظهرها للحوارات، وتقدم لوحات مدروسة ، بتشكيل درامي، ترافقه موسيقى شعبية، مع اضافات موسيقية مرادفة وممتزجة بذكاء مع الترنيمية الشعبية.هذه الموسيقى التي تحرك الاحساس والجسد،بلوحات ورقصات ملأت فضاء المسرح بحيويتها ،متحللة من ثقل الحوارات،ومعتمدة على ذلك الساكن في وجدان المتلقي عن الظلم والتسلط ، وبالسؤال المعلق” يابهية..خبريني”،ففي الاستهلال تكتفي المخرجة بالاحالة الى ” ياسين وبهية” قصة الحب والظلم،”ياسين” الذي قتله صاحب القصر” التحالف السياسي – الاقتصادي”، لان “ياسين” حرّض الجمهاهير على التمرد،والتعبير عن رفضها للاستعباد والظلم، و” بهية” التي يمكن احالتها الى رموز متعددة، مابين الحبيبة والاخت، الى المدار الاوسع المتمثل بالوطن
المخرجة ” كريمه بدير”
المخرجة لم تحمّل المسرح بالكثير سوى بعض قطع الديكور والاكسسوار، لانها اعتمدت الجسد الحر، الذي هو الاكثر تعبيرا وصدقا، بمرافقة موسيقى الادوات الموسيقية الشعبية من المزمار والقانون وادوات الايقاع، التي كانت تشحن الاجساد بمزيد من التحرر،فهي تروي الحكاية في صعودها وهبوطها، من حالة الحب والرومانسية بين” ياسين وبهية”، الى حالة الوحشية واقصى درجات الظلم والاستهتار والاحتقار التي يمارسها اتباع صاحب القصر.
وبذكاء جاء الاستهلال بمقتل ياسين، حيث الاكفان البيضاء التي تتضح شيئا فشيئا بالضؤ الازرق القادم من العتمة،ليبدأ تصاعد الحركة التعبيرية،بتنوعها، فهي رقصات لها اصولها في الفلكلور الموروث،لكن دون استعراض بتعبير خارجي “لياقة”، انما لوحات محملة بالمشاعر بكل تناقضاتها،تغذيها موسيقى في اغلبها لها مرجعيتها الشعبية، ولكن المخرجة تستخدم موسيقى ليست من بيئة الحكاية، في مشهد اعتداء رجال الباشا والاغتصاب، وتستعير موسيقى غريبة عن المكان، تعبيرا عن هؤلاء الغرباء المغتصبين للمكان بكل مكوناته.
” بهية” ليست عرضا تقليديا،ولا تبحث عن اعادة حكاية، انما تنطلق من الحكاية بما تملكه من ثراء وحضور في الوجدان، وتسقطه على الواقع، وباسلوب ورؤية مسرحية معاصرة،لان المراة بشكل خاص مازالت هي ضحية التجاذبات السياسية والاقتصادية، والحلقة الاضعف في المكون الاجتماعي الذكوري.
في عرض “بهية” اداء مميز الراقصين، وبشكل خاص من المدهشة” ياسمين”بدور بهية، و”هاني حسن” بدور ياسين، وبقية الراقصين الذين كانوا ممثلين الى جانب رشاقتهم وتناغم الحركة،واتقان المشهد بتكويناته الفردية والثنائية والجماعية،ورافق تصميم اللوحات موسيقى بدلالاتها الجمالية والمعرفية، والاضاء التي كانت تشي بالحالة النفسية للشخصية، ولمجمل الجو العام.