كتاب الخميس ¬( الحلقة الحادية عشر)/ عرض وقراءة : صادق مرزوق
اسم الكتاب: المسرح العلاجي
اسم الكاتب: د. معيبد خلف راشد
المقدمة
المسرح انطلق من الانسان وينتهي عند الانسان ولهذا كان للمسرح ومنذ انطلاقته الاولى لدى الاغريق دورا فاعلا في حياة المجتمع بالاضافة الى وظيفته الجمالية ، وتتمثل تلك الفاعلية في امكانية الدور الانقاذي الذي يمارسه المسرح للبشرية, وخصوصا في تلك البلدان التي مرت بأزمات وحروب كونية وأهلية وما تخلفه تلك الحروب من عوق جسدي ونفسي وما يترتب على ذلك من اثر اجتماعي ايضا ، وهنا تأتي اهمية ان يكون المسرح علاجيا ومنقذا على أن لا تؤثر تلك المهام على الجانب الجمالي
يشير الدكتور معيبد في مقدمته الى اساليب الطبيب النفسي” مورينيو” حيث الاعتماد على السايكودراما باعتبارها علاجا يعتمد على طرائق واساليب مختلفة لغرض قياس العلاقات الاجتماعية عبر نظرية الدور و النظرية العفوية وسنعرج على النظريتين
ضمن عرضنا وقرائتنا لكتاب الدكتور معيبد .. وتكمن اهمية هذا الكتاب كما جاء في المقدمة بما يحققه من:
ـ الناحية النظرية: والتي تتركز في متابعة الضغوطات والصدمات التي يتعرض لها الاطفال وبالتالي رسم برنامج تربوي يساهم في تطوير ثقافة الطفل وتفاديه للخبرات السياسية والاجتماعية الصادمة ..بالاضافة الى ان هذا الكتاب يحقق الفائدة في كلية التربية وكلية الفنون الجميلة.
ـ الناحية العملية :- بالامكان للمختصين في الجانب التربوي والنفسي والفني كذلك من اعتماد هذا الكتاب خلال المتابعة العملية لسلوكيات الاطفال في دور الايتام لغرض رصد الحالات المرضية ومعالجتها.
وفي التعريف الاجرائي لمؤلف الكتاب عن:
الخبرات الصادمة : بأنها الاحداث المفاجئة والمركبة التي يمر بها الطفل وتكون خارج نطاق تحمله .مما ينتج عنها عدم قدرته على السيطرة والتصرف واتخاذ القرار المناسب لتفادي تلك الاحداث المفاجئة
الفصـــل الاول
السايكودرما عناصرها واشتغالاتها
يشير المؤلف في هذا الفصل الى تاريخ العلاج النفسي الذي ينطلق من الفهم القديم للامراض النفسية ولتاريخ الجنون كما ذهب الى ذلك فوكو في أرخنته للجنون باعتباره يمثل قديما عرضا من هيمنة الارواح الشريرة التي تدخل جسد الانسان، ولذلك كان العلاج قديما يكون بنفس المستوى لعقلية الانسان في ادراكه الأولى للمرض النفسي فيذهب الى معالجة الامراض عن طريق السحر والتعاويذ والطقوس الدينية.. وكان المريض النفسي آنذاك يتلقى اقسى انواع الضرب والتعذيب بحجة اخراج الأرواح الشريرة..وفي زمن الاغريق.
كما يذكر المؤلف ان العلاج وان لم يكن بالمستوى المطلوب ألا انه اعتمد وسائل أقل تأثيرا على المريض النفسي حيث كان المرضى يتعرضون لطلي اجسامهم بالزيت وتجنب تناول الاطعمة الحيوانية باعتبارها مصدرا للارواح الشريرة .ويكون العلاج جماعي في معبد “اسكلبيوس” عن طريق تقديم القرابين واغتسال المرضى بماء المعبد بالاضافة الى تلقيهم لمواعظ دينية تساهم في طرد الارواح الشريرة والشياطين.. ومن يثبت من المرضى ان في داخله روح شيطان فانه يتعرض الى السجن الانفرادي والتصفيد بالاغلال..وتستمر هذه الاساليب حسب الدكتور معيبد على مدى عصور طويلة الى ان تطور العلم في العصر الحديث واخذ العلاج يتطور بطرق التجربة والاستقصاء.. وقد بلغ التطور في هذا المجال على يد “فرويد” الذي ساهم في تقديم تفسير جديد لنشأة الامراض النفسية مفادها صراعات داخلية لاشعورية .حيث ينظر فرويد الى المرض النفسي على انه نتاج من الصدمات النفسية وتندرج ضمن الخبرات الصادمة في الطفولة .. ويعد فرويد من دعاة اهمية دور الفن في العلاج النفسي حيث تحقق الفنون تحقق التوازن بين الانسان والعالم
والدراما النفسية كما يشير الدكتور معيبد هي نشاط معرفي لتجربة انسانية تقوم على صراع نفسي يتم استرجاعه عبر مخيلة الشخص المصاب وما تخلفه من مخاوف تنعكس على شخصيته . وهنا تعتبر الدراما النفسية حالها حال التحليل النفسي ، وتبقى المشكلة قائمة في الدراما النفسية اذا كان صاحب المنجز الدرامي يضع نفسه موضع المحلل النفسي ..الدراما النفسية تتطلب فريق عمل يشمل الوظيفتين الدرامية والنفسية ..
كما تجدر الاشارة بأن هكذا اعمال درامية عليها ان لا تغفل الجانب الترفيهي والشراكة في اداء الخبرات المسترجعة من قبل المريض مع اقرانه من المرضى، ودمجهم مع ممثلين هواة او محترفين حسب ما يتطلبه العلاج بواسطة المهام المسرحية.. وحول الشراكة في الاداء يشير المؤلف الى اعتماد مورينو على السيسيو دراما – الدراما الاجتماعية بعد عمله على السابكودراما وركز فيها على المشاكل التي تواجه الجماعة اكثر من تركيزه على المشاكل التي تواجه الفرد .. وبطبيعة الحال فان العملية متداخلة انطلاقا من ابعاد الشخصية في الدراما فهي تنطبق على ابعاد الشخصية في الواقع وتكون منطلقاتها اي الشخصية وقوامها البعد البايلوجي ومدى تأثيره على البعدين النفسي والاجتماعي ، وان هذا التداخل يجعل من المشتغل في الدراما النفسية بمثابة الباحث في علوم مختلفة بالاضافة الى مهامه الادبية والفنية .. والعقدة الأكبر تكمن في الجانب العملي الذي يتحقق من خلاله رصد النتائج المتوخاة من المسرح النفسي كونه علاجي بالدرجة الأساس . ومن هنا تكمن الخطورة في ان بضع رجل المسرح نفسه موضع الطبيب النفسي. والعكس هو الاكثر جدوى .كما فعل مورينو وهو الاول في استخدام المسرح في العملية العلاجية كون المسرح كما يصفه البعض بانه ألعاب تمثيلية تعد متنفسا عن المشاعر .وهذه العمليات السايكودرامية هي محاولات في العلاج النفسي تم تطويرها في أواخر الثلاثينيات . حيث تكون الممارسة العلاجية تعتمد على تمثيل المشاكل النفسية امام المعالح وكأنها حدثت الآن .ومن خلال عملية الاسترجاع يتم البحث عن نتائج من خلال تحفيز الخبرات الصادمة .بالاضافة الى أن هذه العملية تعد تنفيس للعقد المترتبة على الخبرات الصادمة اثناء استرجاعها بعملية الاداء التمثيلي
وهنا يرى جرنيبرج كما يشير المؤلف الى ان مبدأ التطهير في نظرية ارسطو اكتسب بعدا جديدا فهو لا يشمل الجمهور كما هو الحال عند ارسطو بل يشمل الممثلين ايضا
ومن اهم النظريات في العلاج النفسي:
أولا: النظرية العفوية التلقائية
العفوية عند “مورينو” هي اي فعل يصدره الفرد في اللحظة وتدفعه طاقة غير معروفة الى استجابة جديدة لوضع او موقف قديم وأن العفوية تبدأ مع الطفل منذ اليوم الأول للولادة. ويعد مورينو هو المؤسس لهذه النظرية .
العفوية والابتكار هما الاساس في الدراما النفسية ويصف العفوية بأنها من دواعي الابداع عند الاطفال والكبار على حد سواء ، وأن تصرف الانسان بعفوية يمكنه ان يكون في نهاية المطاف مبدعا يتفاعل مع الآخرين
.وتنقسم العفوية الى ثلاثة اقسام:
ـ العفوية المرضية : وهي تكون عندما يصدر الفرد استجابة آنية لموقف ما وتكون هذه الاستجابة غير موفقة مما يجعله في حرج
ـ العفوية التقليدية: وتتمثل بالاستجابات التلقائية وتكون مناسبة وكافية ولكنها تفتقر الى الابداع
ـ العفوية الصحيحة: وتشمل الاستجابات المفيدة والتي تنم عن عبقرية صاحبها ولها سمات الابداع
والعفوية لدى مورينو مقاربة الى عمل المنظرين والمخرجين في مجال المسرح الذين اعتمدوا على الارتجال والابتكار وبطبيعة الحال فان الاقسام التي وضعها مورينو للعقوية هي ذاتها مايتعرض لها الممثل للارتجال سواء في التمارين او اثناء العرض.
ثانيـــا: نظرية الدور
وهي من النظريات الحديثة في علم الاجتماع..حيث يمكن لنا ان نفهم شخصية الفرد بوصفها مجموعة مفاهيم مرتبطة بعدة ادوار بطريقة معقدة .. وان ديناميكية الدور كما جاء في الكتاب بانها نظام متطور يعود الى “آدم بلانتر” يعتمد عليه الباحث من أجل فهم التفاعلات الاجتماعية عبر الزمان والمكان .وديناميكية الدور تعتمد على عودة الفرد خطوة الى الوراء ليعيد النظر في تفكيره وكأنه يؤدي دور المسؤول او المخرج عبر تساؤلات يطرحها عن كيفية أداء بعض الأدوار وماهية الانظمة التي يتبعها للوصول الى الأحداث ومعالجتها .. كما أن نظرية الدور تحقق توازن الفرد مع المجتمع من خلال قدرته على أداء مجموعة من الادوار.
ولأجل تحقيق ديناميكية الاداء المسرحي بان يكون علاجيا لابد من توافر خمس عناصر حسب “مورينو” وهي:
ـ (المنصة/المريض/المخرج/الهيئة المساعدة/ الجمهور)
وتتفاعل هذه العناصر ضمن الجلسة العلاجية التي تتكون من ثلاث مراحل
اولا : مرحلة الاحماء – بأن يكون الأداء للفعل تدريجيا من اجل ان يكون عفويا ومتحررا من الكبت . وتحقق هذه المرحلة ارتياحا لمجموعة المؤدين .وتعطي هذه المرحلة للمريض الثقة بالنفس
ثانيا: مرحلة العمل- وفيها يتم اكتشاف المشكلة التي التي يعاني منها البطل (المريض) وتمكينه من أداء حدث ماضي أو خبرة ماضية حتى بصل الى موقف الصراع.وغالبا ما يتم اعادة تمثيل المشاهد التي سببت الازمة النفسية للمريض
ثالثا: مرحلة المشاركة- وهي تهدف الى تحقيق التكامل في العملية العلاجية حيث تقوم المجموعة كهيئة مساعدة بتمثيل المشاهد ولعب الادوار ضمن عملية الدراما العلاجية
الفصل الثانــي
الخبرات الصادمة وسيكولوجيا الطفل
ينطلق المؤلف في هذا الفصل ببيان التطور التاريخي للخبرات الصادمة .حيث يشير الى ان ابن سينا هو اول من درس العصاب الصادم والاثار النفسية والجسدية في تاريخ الطب.. لكن التسمية انطلقت رسميا من العالم اوبنهايم عام 1884 وقد ظهر مصطلح الخبرات الصادمة بعد حرب فيتنام بعد اكتشاف حالات صعوبة النوم والكوابيس التي تنتاب الجنود الامريكان العوامل تشكيل الخبرات الصادمة لدى الاطفال
لعامل الاجتماعي : ويؤثر هذا العامل في حياة الاطفال نتيجة تعرضهم لاحداث ماساوية داخل الاسرة او خارجها ويختلف تاثير الحدث حسب استعداد الشخص وحسب ما يحمله من تفاوت في قدرات التحمل او انتمائه لمجتمع ما او عقيدة ما .ولكن الاطفال ذوي قدرات تحمل محدودة بسبب عدم نضجهم الديني والثقافي الذي يؤهلهم لمقاومة وتحمل الصدمات.وبالتالي فهم الاكثر عرضة لتأثير الخبرات الصادمة
ويشمل العامل الاجتماعي على:
الأسرة: وتمثل العامل الرئيسي والسبب الاساسي في حدوث الخبرة الصادمة فان للابوين دورا كبيرا في حياة الاطفال سلبا او ايجابا وحسب علماء النفس والاجتماع فان الحرمان من الاسرة يؤدي الى ازدياد في معدلات المشاكل السلوكية والازمات النفسية .وفي تجارب وجدوا ان اطفال الملاجئ يشعرون بفقدان الأمن والتوتر والقلق .وعموما فان الخبرات الصادمة تأثيرها يكون اكبر اذا حدثت اثناء الطفولة عند مشاهدتهم لاجداث مروعة كمشاهد القتل او فقدان احد الوالدين وتؤثر هذه الخبرات على سلوكيات الشخص
المجتمع: وتشمل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية كالمدرسة ،والحي، ومجموع الاصدقاء والاقارب
وتشكل هذه المؤسسات بمجموعها تراكم خبرات وتقاليد وعقيدة الفرد بعد ان ينطلق من مرحلة الاسرة الى مرحلة المجتمع وتؤثر ايضا في حياة الفرد حينما يخرج الى المجتمع ويرى الفوارق الطبقية ومشكلات عديدة تفرزها اختلاف العقائد والحروب بين الشعوب لاسباب تتعلق بالهوية وكل هذه المشكلات تفرض سطوتها كخبرات صادمة في حياة الافراد وتؤدي بهم الى فقدان التوازن النفسي وخلق الاضطرابات في السلوك.
ويذكر فرويد بأن الحوادث التي يطلق عليها الخبرات الصادمة هي تلك التي تحتشد فيها الحياة النفسية في فترة وجيزة جدا لا يمكن مواجهتها بالطرق العادية، فتؤدي بالتالي الى حدوث اضطرابات دائمة وفقدان الشعور بالأمان في المحيط الاجتماعي
وان من اهم مسببات الخبرات الصادمة حسب مؤلف الكتاب هي:
1 ـ وفاة احد أفراد الأسرة أو أي شخص مقرب نتيجة لأحد أشكال العنف
2ـ مشاهدة أحد أشكال العنف من تخويف او ارهاب أو تعذيب لشخص مقرب
3 ـ المشاركة في الاعمال العدائية كالقتال في الحروب
4 ـ الفصل عن احد الوالدين وخصوصا في السنوات الست الأولى من حياة الطفل
5 ـ التهجير القسري للعائلات من اماكن سكناهم الى أماكن أخرى
6 ـ التعرض للقصف والاعمال الحربية
مراحل ظهور الخبرات الصادمة:
اولا: الشكل الحاد – حيث تبدأ الأعراض في هذه الحالة مباشرة بعد حدوث الصدمة وتكون امكانية الشفاء في هذه الحالة أفضل ثانيا: الشكل المزمن- تظهر الاعراض بعد انقضاء ستة أشهر من حدوث الصدمة .وتحتاح الى فترة علاج أطول
ثالثا: الشكل المتأخر- تبدأ الأعراض بالظهور بعد فترة طويلة جدا ربما تصل لسنوات ويحتاج المريض في هذه الحالة الى مدة علاج طويلة وشاقة للمريض وللمعالج
المعالجات النفسية للخبرات الصادمة:
تتعدد اساليب العلاج النفسي لاي خبرة صادمة على وفق الحدث التي تمر به الشخصية باختلاف البيئة واختلاف شخصية المريض وتعد الدراما النفسية احدى تلك العلاجات من خلال تشجيع المريض على تمثيل مشاكله النفسية ولابد ابتداء من تحقيق التفاعل الشخصي بين المعالج والمريض لكي يكتسب المريض فاعلية الثقة والطمانينة بالمعالج.. ومن بين تلك الاساليب هو اسلوب مواجهة الضغوط الصدمية فمنهم من يواجه تلك الضغوط بواسطة الرضى والقناعة بقضاء الله .
وتنقسم اساليب المواجهة الى :
اساليب اقدامية: وهي مواجهة ايجابية تجابه الموقف الضاغط مباشرة للتخفيف او التخلص منه..
واساليب احجامية: وهي محاولة الهروب من الموقف الضاغط ومنها محاولة الانكار للحدث.. لذلك وضع “كوهن” بعض الستراتيجيات لمواجهة الضغوط الصدمية ومنها:
1/ التفكير العقلاني : ويلجأ من خلالها الفرد الى التفكير المنطقي بحثا عن مصارد القلق واسبابه
2/ التخيل: ويتجه الافراد في هذا الحالة الى التفكير في المستقبل
3/ الإنكار: عملية معرفية يسعى من خلالها الفرد الى انكار الحدث
4/ التجاهل: وهي استراتيجية لمواجهة الحدث وكأنه لم يقع ولابد من التأكيد على أن التجاهل يختلف عن الإنكار
5/ الفكاهة: وتتمثل بالتعامل مع الضغوط بروح السخرية منها وقهرها والتغلب عليها
6/ الرجوع الى الدين: وتتمثل بالاكثار من العبادات كمصدر للدعم الروحي لمواجهة الضغوط
وان من اهم النظريات النفسية التي تناولت الخبرات الصادمة هي:
نظرية التحليل النفسي لصاحبها فرويد وفيها قسم فرويد الشخصية الى ثلاثة أقسام وهي : ( الأنا/الأنا العليا/الهو) وقد اعتمد فرويد في العلاج النفسي للخبرات الصادمة اسلوب ” التداعي الحر” لسبر أغوار اللاشعور واستدعاء الخبرات والاحداث المكبوتة فيه ومحاولة علاجها . ووفقا للتداعي الحر.. أرجع فرويد أمراض الهسترية الى الخبرات الصادمة التي يتلقاها الفرد في طفولته ويخزنها في اللاشعور لتكون مثل العدو الخفي الذي يتحفز احيانا بمؤثرات خارجية او ياتي على شكل كوابس في المنامات
النظرية السلوكية: وهي تقوم على أساس بحوث تجريبية في تفسير السلوك الانساني وتعتمد على تحليل شخصية الفرد في ضوء ما يحدث من تغيرات فسيلوجية في صورة الشخصية .وتعتمد النظرية السلوكية على فهوم يرتكز بين المثير والاستجابة للتعرف على الخبرات الصادمة .فأن رواد النظرية السلوكية يفسرون سلوك الانسان على الفعل المنعكس او ما يطلق عليه “بافلوف” الاستدعاء الشرطي .فان اي مثير خارجي يحفز مناطق خاصة بالمخ
نظرية التعليم الاجتماعي: وتنسب هذه النظرية الى عالم التفس “جوليان روتر” وتبحث في السلوك المعقد للافراد في حال تعرضهم لمواقف صادمة وتعتمد الاتجاهات الثلاث في علم النفس( السلوك-المعرفة-الدافعية) وان نظرية التعلم الاجتماعية تجمع الخطوط المتنوعة لنظرية السلوك ونظرية المعرفة ونظرية المواقف
نظرية المعرفة: اعتمدت النظرية المعرفية على ربط كل ما يعانيه الفرد من خبرات صادمة بالفرد نفسه وبالبيئة التي يعيش فيها .فان ادراك الفرد للاحداث والمواقف يعتمد على ما يشكله الفرد من برامج معرفية . والنظرية المعرفية تعتبر الفرد والبيئة متداخلان .فان البيئة تمثل قدرة الفرد على التكيف او العكس .حسب ما يتوافر من معطيات خارجية تؤثر وتتفاعل مع النفس الانسانية
نظرية الجشطالت: وتعتمد على نبدأ هام وهو الادراك وظهرت هذه النظرية كردة فعل على النظرية السلوكية .وقد اعتمد علماء الحشطالت على التحليل الوظيفي في تفسير الظواهر التي تمر بها الشخصية
الفصــــل الثالـــث
اشتغالات السايكودراما في العرض المسرحي
الباحث في تاريخ الدراما يرى ان اقرب المفاهيم التي تجعل علم النفس قريبا من الدراما هو مبدأ
التطهير: فهو بمثابة الدعم النفسي للفرد سواء كان سويا او غير سوي ، فهو يساعد على تنقية النفس من التراكمات والضغوط النفسية . وفي هذا المضمار يشير الدكتور معيبد الى نصيحة الطبيب الروماني “سيرانوس” في القرن الاول قبل الميلاد لمرضاه بالقراءة والمشاركة في تمثيليات درامية مستعملا التراجيديا لبعض الامراض النفسية والكوميديا لمعالجة الكآبة .. فالدرما تحفز في الفرد نوعا من التوازن النفسي مع الآخرين خصوصا اذا كان الفعل الجمالي تشاركيا . كذلك سعى العالم النفسي “يونغ” الى فعل التطهير واهميته من خلال نظريته اللاوعي الجمعي ويعتمد فيه على محموعة التفاعلات البشرية في اللاوعي المخزون لتمثلات جمعية ضاربة في القدم منذ العصور البدائية .
سعى عموم الدراما النفسية للوصول الى العقل ومعرفة ما يدور في داخله بالتعاون مع المريض نحو تحويل العقل الى الخارج ووضعه في اطار مادي للتمكن من السيطرة عليه ومعرفة اسراره لتسهيل عملية العلاج .فان العلاج النفسي بواسطة الدراما مهم في اكتشاف تجارب ذاتية مؤلمة وان لا تبقى مستترة فتؤدي بالمريض الى تفاقم حالته النفسية..كذلك سعى ستانسلافسكي الى تطوير القدرة على الملاحظة والخيال لدى الممثل من خلال تحفيز الذاكرة الانفعالية والتركيز على نقطة الاثارة الفعالة في انتاج اداء درامي مثير ومقنع .. كما ركز مسرح “مورينو” على الدور الفاعل للملاحظة واشتغال دور الملاحظ (المعالح) في المشاركة المفتوحة . وتسمى بالملاحظة المفتوحة لأنها مقرونة بمتغيرات الاداء لدى المريض حسب تاثير المحفز وقدرته على التفاعل مع عملية التحفيز.. كذلك اعتمد مورينو على عنصر التخييل الذي يساهم في اعادة تشكيل ملائم مع الدافعية النفسية وقد قسم التخييل الى نوعين
اولا: التخيل التمثيلي- وهو استرجاع لصور للاحداث النفسية التي طبعت في الذهن بعد غياب المسبب لها وارجاعها الى ساحة الشعور
ثانيا: التخيل الابداعي- محاولة انتاج صور جديدة من أجل التحرر من صور الماضي وهو تخيل خصب وايجابي يتميز
بالفاعلية والقدرة على الابتكار، وقد اعتمد استانسلافسكي على الابتكار وانتاج صور ابداعية من خلال تحفيز مبدأ
لو السحرية : التي تمثل فاعلية الممثل لانتاج فعل درامي جديد بعد التحرر من ذاكرته المخزونة للتجارب المسرحية السابقة ، وعملية التحفيز للتمثيل الابداعي يكون في اوجه لدى الممثل عند ستانسلافسكي بعد استعمال الخيال/التخيل. والتخيل عند مورينو يعتمد على تحفيز الذهن للاحداث السابقة او الحالية أو المستقبلية,
ويعتمد المسرح بالشكل الاعم الى نقل المشاهدين في حالة من التوافق الاجتماعي على محورين: الاول مشاركة وجدانية بين كل مشاهد ومجموعة الجمهور المتلقي للحدث الدرامي. والمحور الثاني يكمن في التفاعل بينه وبين الحدث وشخصيات التي تمثل الادوار على الخشبة وان عملية خلق فضاءات مسرحية مبتكرة هي لغرض تعميق الوحدة الجوهرية عبر العروض الطقسية المشتركة وتشكيل اجواء مناسبة للعرض الاحتفالي وهذا يتركز في اشتغالات “آرتو” من أجل تهذيب النفس وتطهير الجسد من الأدران العالقة وارجاعه الى حالة الجسد الصافي ، حيث ان العرض في مسرح القسوة يقود المتفرج الى تحقيق النشوة بعد القزع والرعب الراشح من مجريات الاحداث وما يحصل امامه من صخب واضطرابات .
فان المسرح كما يشير المؤلف يهدئ من الصراعات ويفصل القوى المتصارعة داخل النفس . ففعل المسرح يشبه فعل الكوارث يساعد الشخص من خلال هذه الافعال القاسية للكوارث على رؤية ومعرفة انفسهم كما هي .وان اهم ما يسعى المسرحيون والمعالجون النفسيون هو المكاشفة .. اما بروك فهو احد المساهمين في ولادة الدراما العلاجية حسب المؤلف بعد اعتماده على الارتجال وتبادل الادوار لغرض خلق حدث فني عفوي عبر عنصر الارتجال. كذلك لابد من الاشارة الى مسرح كروتوفسكي الذي يعد شكلا من اشكال المسرح العلاجي الذي مارس فيه محاولات لانفصال العقل عن الجسد وتحرره من سطوة الذات على العكس من برخت الذي اعتمد على ايقاظ الوعي لدى الجمهور من خلال كسر الايهام .وترك مسافة واعية بين الممثل والدور الذي يؤديه من خلال التخلص والتملص في ذروة الحدث من سطوة الشخصية ، وان تلك المسافة الواعية تساعد الجمهور والممثل على ادراك الحدث ومواجهته ومحاولة تغيير مساره
وان عملية الايهام وكسره تساهم في تفاعلية الجمهور مع الحدث ، ومارس “بوال” هذه العملية عن طريق الممثل الجوكر وهي تجربة فكرية تعتمد كشف الشخصية وكشف ممثل الشخصية بالتناوب التفاعلي .واحيانا تكون الطريقة العلاجية بالخروج من حدث درامي والدخول في تجسيد حدث درامي آخر باتفاق الممثلين على تجسيد حكاية اخرى خارج مجريات الحكاية الاصلية او ما يطلق عليها مسرح داخل مسرح . وفي حالة بوال يعد المتفرج هو الطرف الفاعل الذي يتفاعل مع الحدث وتغيير مساراته عن طريق تحفيز المتفرج بان يبتعد عن وضعه كمتلقي ودخوله كمرسل في بناءات الحدث الدرامي وتغيره .. ويعد الفصل الثالث من الكتاب هو الاكثر فاعلية من حيث دراسة المسرح العلاجي لدى توجهات المدارس المسرحية قديمها وحديثها وان لم يطلق على مسرحهم سمة العلاجي لكنه بطبيعة الحال مسرحا يستهدف الانسان لتحقيق التوازن النفسي والتطهير، او التخلص من الكآبة ومخلفاتها في المسرح الكوميدي الذي يعتمد المفارقة النفسية وتناقضات الشخصية ليجعل من المتلقي(المريض) يكون وجهة نظر ساخرة وناقدة للحدث وللشخصية التي جسدت التناقضات النفسية عبر مجريات الحدث
الفصــــل الرابـــع :(تطبيقات)
ويشمل هذا الفصل على تطبيقات واجراءات الباحث الدكتور معيبد .ويحوي على عدة جداول بالاضافة الى مجموعة البحث واجراءات الباحث على مجموعة من الايتام في قسم رعاية الطفولة في محافظة البصرة تتراوح اعمارهم (6 – 12) سنة تعرضوا لخبرات صادمة انعكست سلبا سلوكهم من خلال اعتماده على ادوات بحث تتمثل باستمارة جمع المعلومات ومعيار خاص لغرض تحقيق اهداف البحث. ولأن الفصل الرابع يحوي عدة جداول ومخططات منهجية واجراءات بحثية توصل لها الباحث بعد دراسته واطلاعه على اساليب عدة في المسرح العلاجي لذلك نوصي القارئ او الباحث بالرجوع لكتاب الدكتور معيبد (المسرح العلاجي) الفصل الرابع لاهميته في الوصول الى نتائج تطبيقية عملية تساهم في اخراج هذا الكتاب من عالمه النظري الى واقع عملي يمكن اعتماده في المؤسسات التي تضم العديد من الذين بعانون من خبرات صادمة
وقد خرج الباحث بتوصيات:
1/ فتح عيادات للسايكو دراما وتفعيلها في المؤسسات الحكومية لاسيما التربية والتعليم
2/ الاستفادة من وسائل الاعلام في زيادة وعي المجنمع بالمشكلات السلوكية التي يخلفها الاباء وتنعكس على الابناء لتسبب لهم
خبرات صادمة,
3/ تصميم برنامج علاجي في السايكودراما لغرض مواجهة المشكلات السلوكية , ويعمل عليه المتخصصون في علم النفس والمسرح
4/ استخدام برنامج تثقيفي في الجامعات والمدارس حول اهمية العلاج بالسايكودرما