مسرح الهواة بالمغرب ..الأصل / بقلم: ادريس الروخ
تعددت تحارب المسرح في المغرب بتعدد الاسماء التي مارست فعل الفرجة في كل اشكاله ..واشتغلت على النص كلغة لفظية وعلى الجسد كتعبير حركي سينوغرافي ..وعلى أهمية المسرح في تطهير الفرد والمجتمع من ترسبات الماضي وتقلبات واستبداد السلطة وأنانيتها في عدم اشراك المواطن في ابداء الزأي واخد القرار ..
لغة التغيير دراميا في القضايا المغربية منذ الاستقلال اتضحت ملامحها في حركة مسرح الهواة ..حيت المطالبة بحريات اكثر ويتحرر العقل والجسد من ارث الماضي وبتطوير لغة تواصلية جديدة بعيدة عن العنف والقمع وقادرة على البناء بدل الهدم ..لغة تجعل من الانسان إنسانا وتضعه في موضعه يبدع ..يفكر ..يبدي الرأي ..يحاور ..يجادل ..يرفض ..ينتفض ..يؤسس لمعرفة جديدة وثقافة مغايرة ومفاهيم حياة مختلفة عن تلك التي عاشها من قبل .
ان المسرح المغربي بتجاربه الاستتنائية كادت ان تقوده في وقت ما الى الريادة والانفراد بمسرح مغربي عربي مختلف عن الأشكال المسرحية الغربية .
لقد ابانت تجارب العديد من الاسماء الفنية في حقل المسرح بالمغرب عن حنكتها في تنشيط الذاكرة المسرحية في كل مناطق المملكة بتعرية الواقع وطرح الأسئلة الوجودية المقلقة بصيغة فلسفية ..وهذا ماافرز لنا نصوصا غارقة في التجريب ..عميقة في مصطلحاتها ..مثقلة بهموم اللحظة ومكبلة بحبال التاريخ الذي لم نتصالح معه حثى الان ..
من بين هذه الاسماء نجد عبد الكريم برشيد ومسرحه الاحتفالي بمعيّة الطيب الصديقي وعبد الرحمان بن زيدان والمسكيني الصغير لمسرحه الثالث ناهيك عن حوري حسين ومسرح المرحلة ثم الفنان عبد الحق الزروالي والمسرح الفردي ..وكذلك مسرح النقد والشهادة مع محمد مسكين ..دون ان ننسى محمد تيمود .. الغ .
ولعلهم جميعا بالاضافة الى اسماء اخرى …حاولت جاهدة ان تنعش الممارسة المسرحية بالمغرب خصوصا في السبعينات والثمانينات والتسعينات ..حيث كان لمسرح الهواة في المغرب قوته وقدرته على التأثير وعلى جعل الفرجة المسرحية ممكنة وفاعلة وبعيدة في نفس الان عن كل ماهو تجاري واستهلاكي ..
فالمسرح من هذه الزاوية جاء ليعيد الأمور الى نصابها وان يقلب المواجع وينبش في قلب الجروح لتحريض الفرد والمجتمع على الفعل والانفلات من خموله وكسله ..
مسرح خاطب الطلاب والعمال والمهمشين والانتليجنسيا وعامة الناس ..تنقل بين فضاءات المسارح القليلة الموجودة هنا وهناك ..قدموا عروضا في دور الشباب وفي المقاهي ومقرات الأحزاب وفي النوادي والساحات والمدارس والجامعات ..فتحوا أفق الفرجة في القرى والبوادي ..بامكانيات منعدمة وبعزيمة لا حد لها ..كتبوا وأخرجوها ومثلوا وأنتجوا أعمالهم بما في جيوبهم ..كانوا فعلا عشاقا للمسرح ..لم يملوا ولم ييأسوا ولم يتوقفوا من المحاولة وإعادة الكرة مرة بل مرات ..كانوا هم شخصيات مسرح الواقع ..منهم من مات حصرة ومنهم من توقفت عزيمته قهرا ومنهم من تعطلت آلياته وتفتت ومنهم من استمر بمرارة ولا يزال ..
مسرح الهواة الذي كان امتدادا لتجارب المسرح العالمي لم يسعفه الحظ والظروف والقرارات السياسية ومسطرة الإدارة في الانتشار ( الا القليل من تجارب المرحلة والتي استمرت وانتشرت وبالأخص في عالمنا العربي ) .
لقد حكم على مسرح الهواة بالإعدام في كل ماكان قد اعتمده ( مهرجان مسرح الهواة / المهرجانات المواكبة لتجارب مسرح الهواة بالمدن الكبرى -الفرق المسرحية الهاوية التي تحولت الى فرق محترفة / كتاب مسرح الهواة ومخرجي مسرح الهواة بعد ان انسلخوا وابتعدوا عنه …الغ )ومع هذا نقول ان تاريخ المسرح المغربي لم ولن يكون له جدوى ولن يحقق ما حققه الان من امتيازات ( ولو نوعا ما بسيطة ) لولا تجارب الهواة ومبدعي الركح ونقاذه ومؤسسيه.