بالمغرب:"بوجمعة الفروج"…يعري واقع التشظي والتشرذم العربي/ منير بل الأخضر

في إطار مشروع وزارة الثقافة والاتصال – قطاع الثقافة لتوطين الفرق المسرحية، قدمت فرقة التأسيس مسرحيتها ” بوجمعة الفروج” إخراج محمد بلهيسي، وتأليف الصغير المسكيني، أما السينوغرافيا فهي من توقيع الفنان الكبير محمد شريفي. الأمس الأحد 13 اكتوبر 2019 على الساعة الثامنة مساء. العرض سافر بالجمهور على مدى عشر لوحات في أجواء فن الحلقة حيث يتناول مجموعة من رموز الحلقة بالمغرب حكاية قرية الخائفين مع الغول، الحكاية التي تبدو بسيطة من الوهلة الأولى – حكاية غول وهمي  بإحدى القرى يستولي على مقدراتها وخيراتها لأن أهلها عجزوا عن مواجهة خوفهم، إلا أنه مع تغير الظروف، يغير هذا الغول جلده ليتحول إلى شيخ فقيه، يوهم القرية بأنه خلص القرية من الغول، وبذلك يستولي على خيرات هذه القرية مرة أخرى بأسلوب جديد، لتتغير اللعبة من جديد حسب تغير الظروف – فإنها تعكس في الحقيقة واقع تشظي وتشتت المجتمعات العربية ما جعلها عرضة الاستغلال، مرة بالإرهاب المباشر

الفقيه: كايقولوا تولد فالمريكان، وكبر فشافاخستان والله أعلم.
أو من خلال الأنظمة الشمولية في الدول المتخلفة
البراح: قالكوم سيد الغول أنه غايعودلكم الطهارة
أو من خلال الخطاب الإيديولوجي الديني الذي يؤثر في البسطاء، وتكون النتيجة نبذ الإنسان الواعي والمثقف الذي يحارب الجهل والخوف مثلما وقع لأبي شامة في المسرحية، كذلك فالعمل المسرحي أكد على أن الانتهازية، والأنانية من أسباب تخلف هذه المجتمعات وانحدارها في الحضيض.
لقد استطاع الفنان محمد بلهيسي أن يقدم لنا هذا العمل الفني القيم وفق رؤية إخراجية متكاملة، حيث اعتمد على مجموعة من الآليات الفنية كتداخل الفضاءات حيت رصد لنا في استهلال المسرحية فضاءات عرض فن الحلقة بالمغرب، وأشهر روادها. كما تحدث عن هموم رواد هذا الفن، وأشرك الجمهور في بناء الحكاية على عادة الحلقة الشعبية، كما أن تحريك قطع الديكور داخل الفضاء الميزنسيني كان يراعي متطلبات بناء الحكاية بالتالي حقق بعده الوظيفي كما الجمالي، حيث تفوق الفنانان أحمد بلهيسي وعبد المجيد بلحاجو على نفسيهما في تنفيذ الديكور، الذي ينقلك من ساحات الحكي والحلقة، إلى فضاءات الحكاية بسلاسة. أيضا كان للملابس في المسرحية دورها الجمالي والوظيفي من خلال حضور اللباس المغربي التقليدي بما يتلاءم مع الشخصيات وأدوارها ويعطيها جماليتها، لتنضاف إلى كل هذا موسيقى العرض التي جمعت بين التراث الموسيقي المغربي، والأصوات المسجلة لينصهر كل هذا في بوتقة الرؤية الإخراجية للفنان محمد بلهيسي ويقدم لنا واقعنا العربي المزري مستشرفا المستقبل، من خلال استلهام التراث المغربي ليؤكد بأن هنالك رابط قوي بين الماضي والحاضر والمستقبل.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت