بفلسطين: تكريم قزموز وطافش والطريفي في افتتاح الدورة الثانية لمهرجان فلسطين الوطني للمسرح/ يوسف الشايب
عن: الأيام
منذ الدخول إلى بهو قصر رام الله الثقافي، مساء أول من أمس، تشعر بالأجواء الاحتفالية المرافقة لتدشين الدورة الثانية لمهرجان فلسطين الوطني للمسرح، وتنظمها وزارة الثقافة الفلسطينية بالشراكة مع الهيئة العربية للمسرح، تبعاً لمبادرة الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة، رئيس المجلس الأعلى للهيئة، ففي الركن الأول الفنان الفلسطيني عبد السلام عبده يحمل دميته “أنيس”، ويحركها بحيث تبدو مغنياً شعبياً تطلق الأغنيات التراثية .. وليس بعيداً عنه، ثمة معرض لملصقات مسرحيات فلسطينية قدمتها أجيال تعاقبت عبر عقود، في حين التقى نجوم المسرح الفلسطيني، الذين تحولوا مع الوقت إلى نجوم حققوا شهرة عربية وعالمية على مستوى الدراما والسينما، وليس المسرح فحسب، فهذا قادم من رام الله نفسها، وتلك من القدس، وأخرى من عكا، ورابع من جنين، وخامس من الخليل وإلى جانبه فنانة من الجليل، بحيث اجتمعت فلسطين التاريخية داخل قاعة واحدة.
انطلقت فعاليات المهرجان بتقديم أبدع فيه الممثل حسام أبو عيشة، المشتهر بطابعه الكوميدي، والممثلة الشابة شادن سليم، وبرعت في عديد الأدوار المسرحية، فشكلا لوحات شبه مسرحية كانت تلقائية ولكن مدروسة للربط ما بين فقرات الحفل، من تكريم وعروض وكلمات.
واختارت الدورة الثانية للمهرجان تكريم ثلاثة ممن قدموا للمسرح الفلسطيني الكثير، كان من بينهم “سيدة المسرح الفلسطيني” الفنانة القديرة سامية قزموز بكري، التي قدمت ما يشبه العرض المسرحي القصير والتلقائي بعنوان “خشبة”، تحدثت فيه عن شيء من رحلتها على خشبات المسرح في العالم، بدءاً من مسرح قصر رام الله الثقافي والحضور الطاغي لمحمود درويش فيه.
وكرم المهرجان أيضاً المسرحي خليل طافش من غزة “لكونه مسرحياً مبدعاً منذ نصف قرن ويزيد، أثرى بإبداعه وعطائه ساحات ومساحات في المسرح على المستوى العربي وليس المحلي فحسب”، كما كرم المهرجان الفنان خالد الطريفي المقيم في الأردن، الذي استرجع في كلمة مسجلة له، مشواره مع المسرح ومع الثورة الفلسطينية، إلى أن حط به الرحال عقب مغادرة بيروت العام 1982 في عمّان التي شارك في تأسيس الحركة المسرحية الحديثة فيها.
وكان وزير الثقافة د. عاطف أبو سيف أكد في كلمته على أن “الثقافة الوطنية الفلسطينية تنتج منجزاً مهماً كهذا المهرجان، بفعل الإرادة الصلبة لمجموع المثقفين، الذي يتحدون كل المعيقات التي تواجههم، ويزرعون في حقول الأجيال إبداعاتهم”، مضيفاً: لعل هذا المهرجان نتاج هذا الفعل الكبير، فاحتضان فلسطين للدورة الثانية من المهرجان الوطني للمسرح بمشاركة تتخطى حدود الوطن المحاصر بالنكسة والنكبة تأكيد على أن فلسطين القضية حاضرة في وعي المثقف والفنان الفلسطيني الذي كرّس فنه وإبداعاته في خدمة قضيته الوطنية، سعياً إلى تحقيق العودة والحرية والاستقلال، عبر رسالة المسرح الإبداعية”، معرباً عن أمله في أن يتسع المهرجان في العام القادم لفرق فلسطينية تقدم أعمالها خارج فلسطين، ولو تعذر كما في الدورتين قدوم أي ضيف إلى فلسطين، بسبب سياسات الاحتلال في استصدار التصاريح، فإنه يمكن تنظيم المهرجان داخل الوطن وخارجه، فالثقافة الفلسطينية واحدة موحدة”.
بدوره شدد، الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، إسماعيل عبد الله، في كلمة تلفزيونية مسجلة، على أهمية الدور الذي يقوم فيه “حماة المسرح وجنده، وعشاق الركح ومريديه” في ترسيخ “فعل مسرحي قوامه الإبداع، وأفقه التجديد والتجدد، ورسم لوحات تعبر عن قيم الحق والحرية والجمال، وتعلن الظلم والقبح، عبر الاحتفال بدورة جديدة من مهرجان فلسطين الوطني للمسرح”.. وقال عبد الله: من شارقة الفنون والثقافة إلى رام الله والقدس وغزة وكل فلسطين نبعث لكم رسائل المحبة والود، لنعلن لكم مشاطرتنا وتقاسمنا معكم لحظات الفرح والبهجة التي تعم قصر رام الله الثقافي، حيث اجتمعت إرادة المبدعين الفلسطينيين حول الخلق والإبداع، وتوحدت جهودهم، وجهود المسؤولين حول المضي أماماً لتحقيق النجاح للمسرح الفلسطيني، وتكسير كل الحواجز التي تعيق تطوره وتقدمه”.
هذا، واشتمل حفل افتتاح مهرجان فلسطين الوطني للمسرح بدورته الثانية، على عدة فقرات فنية، من بينها لوحات مسرحية صامتة للفنان الفلسطيني سعيد سلامة (بانتومايم)، فيما قدمت فرقة اصايل للفنون الشعبية لوحات من الدبكة والرقص الشعبي على وقع أغنيات وطنية وتراثية، في حين انطلقت فعاليات المهرجان بعزف حي للسلام الوطني الفلسطيني قدمته الفرقة الموسيقية العسكرية للأمن الوطني.
وتمتد فعاليات المهرجان في الفترة ما بين الخامس والعشرين من تشرين الأول الجاري، وحتى الحادي والثلاثين من الشهر نفسه، بمشاركة عشر فرق مسرحية من كامل الجغرافيا الفلسطينية، يتنافس منها ثمان على جوائز الشيخ سلطان القاسمي، فيما تعرض مسرحيتا “قلنديا رايح جاي” للمسرح الشعبي، و”بيدرو والنقيب” لمسرح نعم دون المنافسة، لكون أحد القائمين عليهما عضو في اللجنة العليا للمهرجان، وذلك ما تم اتباعه منذ الدورة الأولى تحقيقاً لمبدأ الشفافية.
والعروض المتنافسة على جوائز المهرجان، هي: “الملح الأخضر” للمسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي)، و”جفرا” للمسرح القروي، و”لندن جنين” لمسرح الحرية، و”عباس الفران” لمسرح الحياة، و”الغراب” لمسرح الجوال البلدي، و”كلب الست” لمسرح القصبة، و”سحماتا تحت أشجار الصنوبر” لمسرح الحنين، و”سطح الدار” لبيت المسرح.