” الغوالي” مسرحية من فصل واحد/ راضي الضميري (الأردن).
الشخصيات: (صاحب المعالي، الحلاق، المستشار، السائق و صاحب العلالي)
** المشهد الأول
(في مكتبه، يجلس صاحب المعالي وبيده مرآة ، يتحسّس وجهه بيده اليمنى، يمررهابحنو بالغ على خط عجز المكياج عن إخفاءه؛ يتمتم بكلمات غير مفهومه، بغضب يرميالمرآة على مكتبه، بينما حلاقه يملس شعره بحنو بالغ… )
الحلاق: ما بك يا سيدي؟
صاحب المعالي: (يتأوه) إييييه العمر يمشي بسرعة مخيفة.
الحلاق: ( بدلال) ما زلت في قمةعنفوانك يا سيدي، لكن يبدو أن هناك أمر آخر يشغلبالك؟
صاحب المعالي : (وهو يتحسس وجهه) لا تكذب عليّ.
الحلاق: ( بثقة) أنا لا أكذب يا سيدي، أنا أقول الحقيقة فقط، وهذا الخط الذيتتحسسه بيدك ما هو إلا وسام على جبينك، يثبت أنك تعمل ليل نهار من أجل الوطن.
صاحب المعالي: إييييييه الوطن، ما أحلى هذه الكلمة.
الحلاق: أنظر معاليك إلى هذه الشعرة الشائبة(يناوله المرآة) لقد تعمدت أنأبرزها بكل وضوح، لكي يعلم الجميع أن الشيب في طريقه لأن يغزو شعرك الجميل من كثرةالتفكير بهموم الناس.
صاحب المعالي:(يتناول المرآة، متنهدًا) إيييه هموم، ومشاكل لا حصر لها.
الحلاق: (بأدب) لا تشغل بالك كثيرًا يا سيدي، كل مشكلة ولها حل.
صاحب المعالي يرمي المرآة على المكتب)لا أخفيك، فالتفكير يكاد يقتلني.
الحلاق: أرى أنك بحاجة لأن تنقع قدميك في الماء الدافئ مع بعض الملح لكيتستريح.
صاحب المعالي باستغراب) ولكنني نادرًا ما أمشي؛ فلماذا أضع قدمي في الماءالمالح؟
الحلاق: (بلهجة العارف) ولكن فكرك يمشي ليل نهار في أزقة ودروب هذا الوطنمتفقدًا مشاكله، وهذا ينعكس على قدميك؛ هكذا قرأت في إحدى المجلات الطبية الصادرةفي الغرب.
صاحب المعالي: امممم ما دام الغرب قال ذلك فهم على حق.
الحلاق: دع فكرك يرتاح قليلا، واسترخ.
صاحب المعالي: صدقت ، يجب أن أســ (فجأة يقتحم المكتب المستشار وهو فزع)
المستشار: (وهو يلهث) سيدي سيدي أدركنا يا سيدي ( ينتفض صاحب المعالي عن كرسيه،وسط دهشة الحلاق)
صاحب المعالي: (غاضبًا) يا حيوان، كيف تقتحم مكتبي بهذه الطريقة؟
المستشار: (مرعوبًا) سيدي ، لقد حصل أمر جلل.
صاحب المعالي: (متجهًا نحوه والشرر يتطاير من عينيه) ماذا حصل ها، قل لي؛ هلاختفت الشمس؟ هل ابتلع ثقب الأوزون المواطنين؟هل انحسر الفرات عن جبل من الذهب وذهبالناس ليتقاتلوا عليه؟ هل بُعثَ التتار والمغول من جديد؟ ماذا الذي حصل يا وغدلكي تقتحم عليّ مكتبي بهذه الطريقة؟
المستشار: لقد حصل الكثير يا سيدي! (يخرج الحلاق مسرعًا بعد أن أشار إليه صاحبالمعالي بحركة من يده)
صاحب المعالي: (يعدل من ربطة عنقه) اجلس وقل لي بهدوء ماذا حدث، وإن لم يكنالموضوع ذو أهمية فلسوف أجعلك عبرة لمن لا يعتبر.
المستشار:(يجلس) سيدي، اللجنة الدولية التي جاءت إلينا لتقصي حقيقة أوضاع الناسمن أجل تقديم حزمة من المساعدات للبلد..
صاحب المعالي: (مقاطعًا) ما بها هذه اللجنة هيا قل بسرعة؟
المستشار: سيدي ، لقد جابوا شوارع البلاد، ثم طلبوا منا أن نحضر لهم أحدالمواطنين لكي يجروا عليه بعض الفحوصات.
صاحب المعالي: ( باستغراب) وماذا في ذلك؟
المستشار: لقد وافقنا على طلبهم، ولكننا فوجئنا بأن اختاروا هم وبطريقة عشوائيةأحد المواطنين، ثم أجروا عليه بعض الفحوصات، وكادوا أن يجنوا.
صاحب المعالي: ويحك؛ كيف سمحتم لهم بذلك؟
المستشار: نحن بلد ديمقراطي يا سيدي، ولم يكن بإمكاننا أن نعترض، وإلا ذهبتالمساعدات في خبر كان.
صاحب المعالي: (يعود أدراجه إلى مقعده) وماذا حصل بعد ذلك؟
المستشار: لقد أخذنا المواطن إلى الغرفة الخاصة في المستشفى، وما إن خلعوا عنهعباءته حتى فزّ كالقرد وهو يصرخ” ياااااع يوووو يييي هوووو” وهو يحرك كلتا يديه فيالهواء بحركات الكونغ فو، وكان يلبس تي شرت لــ ” بروس لي”
صاحب المعالي: (هازًا رأسه باستهزاء) هذا مؤشر جيد، وهذا دليل على أن المواطنبألف خير، حتى الصينيون نسوا حركات الكونغ فو، وهذا يعني أن شعوبنا رياضية؛ فماالغرابة في ذلك؟
المستشار: (يزدرد ريقه) سيدي هذا ما ظنناه في بداية الأمر، ولكن بعد الفحوصاتالتي أجروها، أصيبوا بالصدمة والذهول.
صاحب المعالي: (يصب لنفسه كأس شراب) ولماذا دهشوا، هل هذه أول مرة يشاهدون فيهاأحد يمارس رياضة الكونغ فو؟( يتجرع الكأس دفعة واحدة)
المستشار: لقد وجدوا في هذا المواطن أكثر من خمسين مرضًا، منها اثنان لم يسمعواعنهما في حياتهم، ناهيك عن السكري والسرطان، والضغط، والقلب، وتصلبالشرايين.وروماتيزم المفاصل، وتكلس في الرئتين، والدوالي، وتضخم في البروتستات،وعدة ذبحات صدرية قديمة، ولا أسنان …
صاحب المعالي: ( مقاطعًا بغضب) ماذا، ولا حتى سن واحدة؟
المستشار: لاشيء، مغارة يعصف بها الخواء، والطامة الكبرى يا سيدي بعدما أجرواله فحص الذّكاء؛ لقد حصل على 99.99 بالمائة؛ علامة كاملة.
صاحب المعالي: (بذهول) اللعنة، هذا الرقم يذكرني بانتخاباتنا التي كنا نجريها.
المستشار: مثلما أقول لك، ولقد تساءلوا بدهشة كيف مازال حيًّا هذا الإنسان، أوشبه الإنسان كما وصفه رئيس الوفد؟
صاحب المعالي: ويحكم، ولماذا لم تتداركوا الأمر؟
المستشار: لقد أسقط في أيدينا، ولم يكن في وسعنا فعل أي شيء، صدقني لقد كانالوفد مذهولاً مما رآه، ووقفوا لدقائق لم ينبس أحدهم ببنت شفة؛ وكأن على رؤوسهمالطير.
صاحب المعالي: لكن يجب أن تفعلوا شيئًا وبسرعة.
المستشار: لهذه الغاية جئتك طائرًا، ولم أنتظر حتى أن أهاتفك لعلمي أنك مشغولدائمًا في متابعة قضايا المواطنين، ويجب أن نتحرك بسرعة؛ نعم لأن رئيس الوفدسمعته يقول لأحدهم: أين تذهب المساعدات إذا كان هذا حال المواطنين؟
صاحب المعالي: ( بعد تفكير) وماذا سنفعل، هيا قل لي؟
المستشار: لا أعلم، أشعر بانقباض شديد في صدري، والأوكسجين نفد من عقلي؛ لاأدري.
صاحب المعالي: ولماذا لا تدري وأنت المستشار؟ ولماذا ندفع لك الرواتب والحوافزوبدل السفر، والسيارات المخصصة لك ولأفراد أسرتك وعشيرتك، ها ، أليس من أجل التفكيروإيجاد الحلول لمشاكلنا؟
المستشار: ( متلعثمًا) نعم، نعم، ولكني مصدوم مما حصل.
صاحب المعالي: ( يعد لحظة تفكير، يتناول زجاجة ويصب منها في كأس ويناولهللمستشار) خذ اشرب وركز معي، يجب أن نجد حلا وإلا طرنا عن هذا الكرسي؛ فكر بهدوء،استرخ، وفكر بهدوء…
(يأخذ المستشار الكأس، ويتجرعه دفعة واحدة، ويتمدد على كرسيه، بينما صاحبالمعالي، يتناول الزجاجة ويشفطها دفعة واحدة)..
** المشهد الثاني
في فيلا فخمة، حيث صاحب المعالي، مسترخ على مقعده في مكتبه الخاص، وبيده كأس ،ومن حين لآخر ينظر في ساعته بقلق، ويزم شفتيه، فجأة يطرق الباب ويدخل سائق صاحبالمعالي مسرعًا:
السائق: سيدي، سيدي لقد وصلت، لقد وصلت.
صاحب المعالي: (فرحًا) أين هي؟ هيا أدخلها بسرعة ماذا تنتظر؟
سيدي : لا، لا أقصد الغندورة يا سيدي، بل الأزمة الاقتصادية العالمية، وفقدتعملتنا اليوم نصف قيمتها .
صاحب المعالي: (وقد تجهم وجهه) ماذا تقول، ويحك، ثكلتك أمك، وما أدراك بالأزمةالاقتصادية العالمية يا متخلف؟
السائق: سيدي لقد سمعت سائق صاحب العلالي يتحدث على “الواتس أب” مع السائقين على “جروب الغوالي”
صاحب المعالي: (مندهشًا) وما هو هذا الجروب؟
السائق: هذا جروب أنشأناه نحن السائقين الذين نعمل عند معاليكم وتيمنًا بكمأسميناه ” جروب الغوالي”.
صاحب المعالي: (بدهشة)ماذا؟
السائق: (يزدرد ريقه) نعم يا سيدي، من شدة حبنا لكم فعلنا ذلك، ولو لا أهميةالحدث الذي سمعته، وإخلاصي وولائي المطلق لمعاليكم لما أفشيت بهذا السّر.
صاحب المعالي: وهل هذا الخبر الذي سمعته صحيح؛ أم أنه مجرد إشاعة؟
السائق: بل صحيح يا سيدي، لقد أكد سائق صاحب العلالي صحّة هذا الخبر.
صاحب المعالي: ( متوعّدًا)اغرب عن وجهي يا وغد، حسابك معي سيكون عسيرًا جدًا،اغرب عن وجهي.
(يخرج السائق وهو مطأطئ الرأس، يتناول صاحب المعالي هاتفه ويتصل بــ “صاحبالعلالي”..)
صاحب المعالي: ألو مرحبًا كيف حالك يا زميلي العزيز، وما هي أخبارك طمئنا عنك؟
صاحب العلالي: أهلا أهلا، أنا بخير، كيف حالك أنت؟
صاحب المعالي: أنا بخير والحمد لله، أخبرني عنك أنت، هل من جديد؟
صاحب العلالي: لا جديد، لا جديد، كل شيء تحت السيطرة، فقط بعض الأمور التافهةوالتي تنغص البال، ولكننا اعتدنا عليها، كما تعلم فهموم الوطن لا تنتهي.
صاحب المعالي: إيييييه كان الله في عوننا، ولكن قل لي، هل حدث أمر ما؛ يعني شيءمميز هذا اليوم؟
صاحب العلالي: لا شيء يذكر، فقط الأزمة الاقتصادية العالمية يبدو أنهاانفجرت منكثرة الضغط؛ فأصابتنا بعض شظاياها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ماذا نفعل هذه أمورخارجة عن إرادتنا.
صاحب المعالي: ( بتأثر) صدقت، صدقت، نحن نفعل كل ما بوسعنا، ولا طاقة لنا علىمجابهة البعبع العالمي وخربشاته التي لا تنتهي.
صاحب العلالي: لا تشغل بالك، سنجتمع غدًا، وسنحاول أن نخفف عن المواطنين،وندعوهم لشد أحزمتهم، فالمشكلة تتطلب تكاتف الجميع، والحلول جاهزة، نخرج بعض الدراسات المطوية في الدروج، وقد، أقول وقد نضطر للجوء لبعض الحلول المزعجة،فنبيع بعض القطاعات التي تشكل عبئًا كبيرًا على اقتصاد البلد وعلى كاهل المواطنين،الخصخصة يا صاحبي حل ناجع، ولا بد من شرب الدواء المر لكي نتعافى.
صاحب المعالي: صدقت معاليك، كان الله في عوننا..
صاحب العلالي: (مقاطعًا) عذرًا، جاءتني مكالمة مهمة كنت بانتظارها، أدعك بسلام،وموعدنا غدًا، أراك على خير، باي.
صاحب المعالي: باي، باي.
(يضع صاحب المعالي سماعة الهاتف، ويتناول كأسًا ويشرب، في هذه الأثناء، يطرقالباب المستشار ويدخل)
المستشار: (فرحًا) سيدي لقد حلّت المشكلة.
صاحب المعالي: عن أي مشكلة تتحدث، فمشاكلنا كثيرة؟
المستشار: مشكلة الوفد الأجنبي:
صاحب المعالي: (يضرب رأسه بقبضة يده) آه لقد نسيت يا لغبائي؛ هيا قل لي كيفعاجلت الأمر؟
المستشار: بعد جهد جهيد أقنعنا الوفد بأن هذا الرجل الذي أجريت عليه الفحوصات ماهو إلا وافد مسكين جاء إلى بلدنا باحثًا عن عمل.
صاحب المعالي: (وقد انفرجت أساريره) يا لك من ذكي، أحسنت.
المستشار: ( مزهوًا بنفسه) شكرًا لك يا سيدي.
صاحب المعالي: (باهتمام ملحوظ) قل لي بالتفصيل ماذا حصل؟
المستشار: بعد أن أقنعاهم بذلك، فكرنا بإحضار مواطن آخر لكي يفحصوه، لكنناارتأينا أن لا نغامر ونحضر أيًا كان، فذهبت إلى الملهى الذي يتردد عليه ابنمعاليكم، وأخذناه للوفد.
صاحب المعالي: (ينتفض عن كرسيه) ماذا فعلت؟
المستشار: سيدي، هكذا أفضل، فابن معاليكم منا وفينا، ومن تعرفه خير ممن لاتعرفه!
صاحب المعالي: من المؤكد أنكم أزعجتموه بهذا الأمر(غاضبًا) ويحك كيف تجرؤ علىإزعاج ابني؟
المستشار: كلا، كلا لم نزعجه، بل حملناه على كفوف الراحة يا سيدي؛ معاذ الله أننزعجه.
صاحب المعالي: وكيف سارت الأمور؟
المستشار: على خير ما يرام، وقد سيطرنا على الأمور من بدايتها.
صاحب المعالي: (باستغراب) كيف، ماذا قلت، لم أفهم هذه الجملة؟
المستشار: (بتردد) أن تسمع مني خير من أن تسمع من غيري، لذا سأخبرك بالحقيقةكاملة؛ في البداية لم تمش الأمور كما أردنا، لكننا عالجناها بسرعة البرق، وكان هذافي مصلحة ابنكم الغالي على قلوبنا جميعًا.
صاحب المعالي: (هازًا رأسه) اشرح لي بهدوء لعلي أفهم المقصود.
المستشار: لقد تبين من فحص الدم بأن دمه فاسد( يخفض من صوته) فقمنا بتغييرالنتيجة على الفور في غفلة من الوفد.
صاحب المعالي: (غاضبًا) ويحك أنا ابني دمه فاسد؟ أتحدى أي إنسان في هذا العالمأن يأكل مثل طعامه و يشرب مثل شرابه؛ لا بد أن هناك خطأ ما.
المستشار: هذا ما قلته في نفسي يا سيدي، لذلك غيّرنا نتيجة الفحص.
صاحب المعالي: ثم ماذا يا مستشاري العزيز؟
المستشار: اكتشفوا أيضًا أن هناك ضمور في العضلات، لكننا تداركنا الأمر أيضًا،وأقنعناهم بأن هذا الأمر ناتج عن الجهد الذي بذله ابن معاليكم طيلة اليوم، لكونهكان ضمن حملة تطوعية من أجل نظافة البلد، وكنس لوحده شارعًا بطول خمسة كيلو متر.
صاحب المعالي: (يجلس على كرسيه) هكذا إذن؟
المستشار: هذا ما حصل يا سيدي، وقد ذكروا أن الضمور هذا نتيجة السهر أمامالبلاي ستيشن، وحياة الترف واللهو واللعب التي يعيشها، لكن بعد اقتناعهم بعذرناغيّروا انطباعهم.
صاحب المعالي: (بتذمر) ثم ماذا، هيا أخبرني بسرعة، لقد نفد صبري؟
المستشار: لقد مشت الأمور على خير، وخرجنا بتقرير لا تشوبه شائبة.
صاحب المعالي: أحسنتم أحسنتم، ولكن قل لي بصراحة؛ ماذا عن اختبار الذكاء؟
المستشار: ( بتلعثم) بصراحة، لقد…
صاحب المعالي: ( مقاطعًا) قل الحقيقة، وإلا سأغضب عليك.
المستشار:(مرتبكًا) الأسئلة كانت عبارة عن ضع دائرة حول الجواب الصحيح، وأولسؤال كان ” ما هو الشيء الذي يستخرج من باطن الأرض ويطلق عليه الذهب الأسود ؟”
صاحب المعالي: وبماذا أجاب فلذة كبدي؟
المستشار: (بتردد) لم ينتبه للاختيارات الموجودة على الورقة وكتب” باذنجانأسود”.
صاحب المعالي: ( مندهشًا) ماذا تقول؟
المستشار: ولكننا تداركنا الأمر يا سيدي، فقمنا بقطع التيار الكهربائي عن الغرفةلدقيقتين، وتسلل أحدهم وحل كل الأسئلة نيابة عن ولدكم الغالي.
صاحب المعالي: (فرحًا) أحسنتم، أحسنتم، لا بد من مكافأتكم، سأعمل على ذلكفورًا.
المستشار: شكرًا لك يا سيدي، وعلى كل حال نحمد الله أن الأمور مشت على خير،فذلك المواطن الذي اختاروه كاد أن يفضحنا؛ تخيّل أن أحدهم وهو ماركسي كان على وشكأن ينطق بالشهادتين.
صاحب المعالي: (متعجبًا) ماذا؟
المستشار: نعم، فبعد أن قال رئيس الوفد ؛ إن بقاء هذا الإنسان أو ما تبقّى منهعلى قيد الحياة تعتبر بحد ذاتها معجزة كونيّة، وهذا يعني أن العناية الإلهيةموجودة، وترعى المساكين؛ رفع ذلك الماركسي سبابته اليمنى وكان على وشك أن ينطقبالشهادتين، ولكننا تداركنا الأمر على عجل.
صاحب المعالي: تبًا لهذا التعيس، كيف فكر بهذه الطريقة؟
المستشار: ولا يهمك يا سيدي ، لقد انتهى الأمر كما نشتهي.
صاحب المعالي: (يحك رأسه بيده) ولكنك لم تقل لي؛ كيف كان هذا الأمر في مصلحةفلذة كبدي؟
المستشار: لقد رتبنا لكي يسافر ابنكم الغالي وعلى حساب الوطن في رحلة استجمامونقاهة إلي دولة أوروبية لكي نعالج بعض الخلل الذي لمسناه في التقارير التي خرجتبها الفحوصات.
صاحب المعالي: أحسنتم، أحسنتم.
المستشار: لا إحسان على واجب يا سيدي، لقد خدمتم الوطن والمواطنين بنزاهة، ومنواجب الوطن أن يرد لكم الجميل.
صاحب المعالي: يا لك من مستشار أمين، لن أنسى خدماتك الجليلة أبدًا، أبدًا.
المستشار: ( يحني رأسه بتواضع) نحن دائمًا في الخدمة يا سيدي.
صاحب المعالي: ( بعد تفكير) آه نسيت أمرًا مهمًا؛ ماذا فعلتم بالمواطن الذيأجريت عليه الفحوصات؟
المستشار: (بحنق) لقد اعتقلناه يا سيدي بتهمة تشويه سمعة الوطن؛ والتحقيق جارٍمعه.
صاحب المعالي: ممتاز، ممتاز، هيّا، أسرعوا بتجهيز ابننا الغالي لرحلة النقاهة،بسرعة.
المستشار: على الفور يا سيدي، على الفور، كل شيء سيجهز بالسرعة القصوى.
إظلام
ـــــــــــــــ
سبق نشره في: نوفمبر 14, 2014