" (المُخرجُ بوصفهِ قارئا) وجهة النظر التي تحيط بالمنجز المسرحي العراقي إصدار جديد للمسرحي العراقي (علي العبادي)
في كتابه الجديد الذي حمل عنوان (المُخرجُ بوصفهِ قارئا) تطرق لبعض المتغيرات التي حدثت ما بعد عام ٢٠٠٣ على صعيد النص او العرض او تقنيات العرض المسرحي حيث تجلت بدراسات للمسرح العراقي المعاصر اضافة الى دراسة لبعض العروض والنصوص منها من شاهدها ومنها من قرأها مثلما حاول التأكيد على الخطابات المسرحية التي فيها مغايرة و التوقف عند موضوعات مثيرة للجدل ومنها ما اخذت نصيبها في ذلك ، فيما يخص تأكيد خطاب او لون مسرحي من عدمه ومنها من لم تأخذ نصيبها في ذلك عبر تعضيد هذه الدراسات برؤى وطروحات لمختصين بهذا الشأن . في الكتاب الذي صدر عنم دار ابن النفيس في الاردن حمل عنوانا آخر ( دراسات في المسرح العراقي المعاصر) بدات في مسرحة الشعر في سوق عكاظ حين انشدت الخنساء قصيدتها (قذىً بعينكَ أم بالعينِ عُوّارُ / أَم أقْفَرتْ مُذْ خَلَتْ مِنْ أهْلِهَا الدَّارُ) على اعتبار ان القاء الشعر كان ممسرحا أيضا وان القصيدة الجميلة النابغية هي تلك التي تمتلك مقومات العرض المسرحي الادائي.. ويبين العبادسي في مقدمته على ان الخطاب الثقافي الراديكالي نافذة معرفية فاعلة في إعادة أنتاج الرؤى، وهو عامل مهم في تحريك الساكن كونه خطاباً انفتاحياً على الذوات الأخرى، وهذا مما يعزز التقدم الحضاري لدى أي مجتمع، وان المسرح واحد من أهم الحواضن لهذا الخطاب.. وهو بهذا يطرح يفكك كتابه في هذه المقدمة والتي مفادها ان المدونات النصية في هذا الكتاب تمحورت على دراسات لموضوعات مسرحية اتخذت طابع الاشتباك المعرفي لطروحات ذات إشكالية مفاهيمية وجمالية وفكرية وهو يطرح الاسلة منذ البدء لكي يسحب المتلقي إليه عبر محاولة التصحيح الصحيح وتوظيف القيم الجمالية للجسد وأو اللجوء الى الاستنساخ والسرقة في بعض الأحيان، والمغايرة المدونات الترويجية لخطاب العرض، والوقوف عند محطات مليئة الأسئلة الشائكة حيث يطرح اسئلة متنوعة.
الكتاب تضمن العديد من الاقسام التي لم يجعل لها اراقفما وكانه يريد ان يوضح انها عبارة عن دراسات في هذا الجانب يوحدها التشابه التطابق مع العنونة ولذا فان هذه الاقسام.. ففي قسم (المغايرة في الإشهار المسرحي ) بين ان اغلب المشتغلين في الحقل المسرحي العراقي تأتي تجاربهم ” استنساخية تفتقر إلى محاولة التمرد على المألوف وكسر نمطية المتداول فهو متحفظ لا يريد أن يضع نفسه في مواجهة معرفية وفكرية مع الآخر من خلال انفلاته من الأنساق الجاهزة” وهنا قد يضع جمرا في الطريق قد ينفخ فيها أحد فتشتعل العلامات الاعتراضية والنقدية رغم انه يستدرك ان هذا الخطاب “شهد الإشهار المسرحي تطوراً في خطاباته وان كانت قليلة أو تميزت في الندرة في بعض الأحيان” ويضع لذلك أسبابا منها: الهامش والعقل العربي والصورة الذهنية وكذلك الوعي ويعطي نماذج من هذه المسرحيات القليلة منها مسرحية أوديب وعزف نخلة.
وفي القسم الثاني ( المسرح العراقي بين الإستنساخية والسرقة ) وربما هو قسيم يفكك فيها ما لم يقله في القسم الاول حيث يعطي ملامح التأصيل للمسرح العراقي منذ نهاية القرن التاسع وخاصة في مدينة الموصل من خلال المدارس المسيحية وبالخصوص مدرسة (الكليركية) التي أسسها الآباء الدومنيكان سنة 1750 م ثم كما يقول تطوّر المسرح الى ان وصل ما عليه الآن لعدة اسباب منها التأصيل وما حصل بعد التغيير ويناقش (فرضية نتاج بعض الخطابات المسرحية لما بعد التغيير عبر ذاتية منتجة وذاتية غير منتجة.. ثم يتطرق العبادي الى ما يصر على تسميته بالسرقة “السرقة بين التصريح والتلميح) والتي يعدها محاولة اغتيال حق المبدع هبر إزاحة مباشرة واخرى غير مباشرة مما يعني الوصول الى تدني الخطاب الثقافي والفني “لدى الكثير من المشتغلين في الحقل المسرحي وانغلاق المسامات الإبداعية جعلت منهم توابع إبداعية.. ليأتي قسمه الاخر (سرقات النصوص المسرحية عبر منظومة الإنترنت) والتي يؤكد فيها على كارثية ما حل بأهل الإبداع، حينما ينشر المبدع نصاً مسرحياً في أحد المواقع المتخصصة في الشأن المسرحي أو غيرها، عملية السطو على هذا المنجز تتم بسهولة بالغة ويصبح للسارق حرية ما لم يألفه في واقعه عبر اشتغالاته في مجالات السطو واغتيال المؤلف وكذلك (سرقة الدراسات) التي يؤكد فيها أنها “لم تقف السرقات او الخطاب الاستنساخي عند العرض أو النص فقد تجاوز ذلك بولوجه عالم المعرفة عبر الدراسات الأكاديمية العليا المختصة بالشأن المسرحي.. كذلك (سرقة الذات) وهو ما يوضح انه “يدور في حلقة مفرغة عبر اجترار بعض مما أنتجه سابقاً وإعادة تقديمه تارة بإعادة تسمية النتاج أو بحذف وتعديل الذي يجريه على النتاج الإبداعي في شتّى مجالات المسرح..
ويطرح أقساما أخرى عبارة عن سؤال (لماذا نسرق أو نستنسخ؟) و(هل هناك حقوق محفوظة؟) وكذلك (المشرق يدحض ويزيح المعتم) وهو جاء استدراكا لما اماط عنه اللثام على اعتبار ان ما حصل هو” جزء معتم من ذلك الوجه البراق الذي قدم أعمالاً مسرحية مهمة شكّلت وساهمت في خطاباتها المتنوعة والمختلفة بنسيج خارطة المسرح العربي” وحفل الكتاب بعنوان جاذب (التوظيف الجمالي لسينوغرافيا الجسد في العرض المسرحي) على اعتبار ان السينوغرافيا تعد أحدى مكملات المنظومة الجمالية في العرض المسرحي وأنها مرّت بعدة مراحل حتى تطورت وانه من المصطلحات المسرحية الحديثة على مستوى التداول وأنها “لم تقف عند عتبات القطع الديكورية المنتشرة في الفضاء المسرحي، بل ذهب المشتغلون في تنقيبها الجمالي إلى فضاءات أوسع حيث لغة الجسد وتحولاتها الدلالية في البناء السينوغرافي”
ويطرح العبادي عدد مستويات التي يتجلى فيها خطاب سينوغرافيا الجسد منها(المستوى الفكري/ المستوى المكاني /المستوى الزماني) ليناقش يعدها (إشكالية المصطلح في المسرح التجاري) على اعتباره واحدا من معناة المسرح العراقي والذي يرتبط بالوعي والجمهور والحاجة وغيرها .. ثم يناقش في قسم جديد (النقدُ المسرحي ) على اعتباره “أداة مهمة في الكشف عن مدى التطور الحاصل في التجربة الفنية” وهوة يصنف ذلك عبر طرح الاسئلة ان كانت هناك أزمة نقدية في المسرح العراقي ويشؤرح عبر فروع لهذا القسم (الأزمة نقدية/ الجلسات النقدية للعروض/ هل النقد موهبة؟/ النقد تابع أم مستقل؟) ويطرح الكاتب في قسم (إشكالية التجنيس في عروض واقعة الطف وهو يناقش ما اصطلح عليه (نظرية المسرح الحسيني) من قبيل أحد كتاب المسرح الذي الف كتابا لذلك وانه خرج بعد قراته لذلك الكتاب أنه “تدمير لمفهوم النظرية لما تحمله من التباسات علمية، جعلتني أتساءل في أحيان كثيرة ما هي مسوغات إطلاق هذه النظرية؟” ثم يطرح سؤالا أين هو الجانب العملي في النظرية؟ هل هي نظرية نص أم عرض؟ وتضمن الكتاب كذلك مناقشات حول (توظيف التراث في النص مسرحي ) وجاءت عبر مناقشات لعروض مسرحية منهات (تمثّلات فلسفة الانتظار المأسوي في النص المسرحي العراقي.. المجموعة المسرحية (لا وجه للشجر) انموذجاً للكاتب حيدر عبد الله الشطري) وكذلك (ملامح المونودراما في القصة القصيرة (بقايا الميدان)* إنموذجاً للقاص حسن الغبيني ) و (تحوّلات الجسد النسوي في عرض “عزف نسائي” للمخرج سنان العزاوي) وحمل الكتاب جدولا مهما اطلق عليه عنوان (المرأة العراقية قبل وبعد عام 2003) والذي جاء ما قبل وما بعد هذا التاريخ فهو في الجدول ابقاها مهمشة في التاريخين وانها اقصيت في الزمن الاول وتانه تم تعزيز الاقصاء في الزمن الثاني وانها عاشت في ظل دكتاتور واحد وهي الان مع تشظي الدكتاتوريات