في التمثيل … الموهبة وحدها لا تكفي/ محمد الروبي
يتصور بعض أبنائنا الشباب أن الموهبة وحدها تكفيه ليكون ممثلا جيدا. والحقيقة، إن الموهبة هي فقط الأساس الذي سيحدد إذا ما كان الشخص يمكن أن يستمر في طريق التمثيل أم يكف ليبحث عن عمل آخر أو لعبة أخرى.
لكن الموهبة وحدها لا تكفي، فالتمثيل كأي فن له أدوات، إذا لم يعرفها الشخص ويتدرب عليها وينميها ستموت موهبته كأي نبتة جميلة أهملها صاحبها وكف عن رعايتها بالري وتخليصها من أعشابها الضارة.
الممثل كما العازف، إذا لم يتدرب ويتدرب ويتدرب لن يستطيع العزف ببراعة على آلته حتى وإن كان يمتلك موهبة طاغية. آلة الممثل هي نفسه (جسدا وعقلا ومشاعر).. وإذ لم يعِ الممثل أن لكل من هذه العناصر تدريبات يومية.. ونذكر يومية.. فهو ممثل غير مكتمل، بل وستموت الموهبة ولو بعد حين.
وإلى جانب هذه التدريبات (اليومية) هناك ما يمكن تسميته بتسجيل المشاهدات اليومية. فعلى الممثل أن يغذي عينيه وروحه وعقله بتسجيل ما يشاهده في حياته اليومية، أشخاصا أو مواقف أو علاقات بين البشر بعضهم مع بعض أو بينهم والأشياء. تسجيل هذه المشاهدات ودراستها هي ما سيعين الممثل على إكساب دوره حياة حين يستدعي أيا منها أو يستفيد من تفاصيلها.
إذن الممثل الجيد هو أولا موهبة، ثم تدريب يومي لتنمية آلته، مع ملاحظاته اليومية للبشر الذين يقابلهم في الحياة اليومية. والحقيقة العلمية تقول إن الممثل الموهوب من دون تدريب ودراسة مستمرة هو ممثل ناقص. وفي المقابل، فإن الممثل نصف الموهوب المجتهد الذي لا يكف عن تنمية أدواته هو بعد حين ممثل صاحب بصمة، والأمثلة (المحلية والعالمية) أكثر من أن تحصى عبر التاريخ. وفي المقابل، كم من الأسماء الموهوبة فقدت الكثير من تألقها بسبب ارتكانها لكونها موهوبة، خدعتها موهبتها، اكتفت بها، وجلست تنتظر (الدور) الذي ظنت أنها ستؤديه ببراعة معهودة. فإذا بها تسقط في التكرار والاستسهال والأداء المعلب.
أن تكون ممثلا يعني أن تكون مهموما بموهبتك، ترعاها كما ترعى نبتة تريدها يانعة دوما. وإلا ستصحو يوما لن تجدها، فقد غافلتك وماتت.