نص مسرحي: “لقاء رومانسي”/ تأليف: علي عبد النبي الزيدي

الشخصيات : (حمد .. في الخامسة والاربعين من عمره. – ورده .. في الأربعين من عمرها – المصور)
المكان : غرفة صغيرة ، لافتة كبيرة سوداء اللون تغطي الحائط ، كتب عليها عبارات دينية ، خزانة ملابس في الزاوية .
(يظهر” حمد ” في المكان ، يقف في زاوية ، يرفع رأسه الى الأعلى ليدعو الله ).
حمد : ( يدعو) إلهي .. أدعوك بقلب مؤمن لا يكف أبدا عن الشكر والحمد والاستغفار لك يا رب، فاستجب دعائي، وارزقني الجنة التي وعدت عبادك أن تكون لهم وليست لسواهم .. يا رب يا رب يا رب …
(تدخل “ورده ” مباشرة ، ترتدي ملابس بيضاء تماما ، يداها مربوطتان بحبل الى الخلف ، وضع لاصق على فمها وقطعة سوداء على عينيها ، تبدو على درجة كبيرة من الخوف)
حمد : ( يرقص بفرح عارم ، يتفحص ورده ، يدور حولها ) يــاه ، أخيرا .. الرقم عشرة
ورده : (تطلق أنينا بصعوبة)
حمد : أنت إذن .. الرقم عشرة، ما أجمل هذه الثياب البيض! تمنيت أن تكون آخر الأرقام امرأة، مثلما تمنيت أن تكون أول الارقام امرأة.. واستجاب الله لدعائي، الشكر لك والحمد يا ربي على كل هذه النعم التي لا تحصى ( لورده ) هذه الرغبة تأتي من باب التنوع في الأرقام ليس إلا ، أو هو شيء يتحكم فيه المزاج … ( ينظر الى حقيبة السفر ) حقيبة سفر ، قالوا لي بأن امرأة تطرق باب بيتنا ، قلت لهم إنها إذن الرقم عشرة .
ورده : ( تومئ له بنعم)
(يدخل المصور مسرعا الى الغرفة ، يضع الكاميرا على استاند في وسط المكان )
حمد : (للمصور) سجّـل أيها المصور هذه اللحظة التي أتوّج فيها أميرا ، سجـّلها جيدا ، لحظة من حلم ، لحظة تـُفتح لي فيها أبواب الجنان وأدخلها بسلام وأخيّر من أي الأبواب أدخل ( يرتل ) الآن حصص الحق .
المصور: ( يبدأ التصوير بهمة عالية)
ورده : ( لا ترى شيئا ، تحاول أن تتكلم معه بصوت مخنوق )
حمد : (لورده) لا ينفع إطلاق الأصوات المخنوقة هنا أبدا، أعرف ذلك (يخرج سكينا طويلا من تحت ملابسه) اطمئني .. سأذبحك على القبلة كما ترغبين، بالرغم من أنني مؤمن بـ ” أينما تولوا وجوهكم فثمة وجه الله “
المصور: ( يدندن بأغنية مع نفسه ، يتحرك ليأخذ مكانا مناسبا للتصوير)
ورده : (جسدها يرتجف خوفا)
حمد : استغفر الله ربي وربكم، لا تخافي، الحياة تافهة، لا شيء فيها يدعو للبقاء. الجمال : أن تـُعاقب في الدنيا قبل الآخرة . الإيمان : أن تغتسلَ في الدنيا وتدخل الى قبرك مسرعا . الكمال : أن تمسي سكينا بلون البياض لكل الرقاب الجميلة (يرقص بنشوة ، يتوقف ، يجرها من شعرها ويجلسها أرضا على ركبتيها غاضبا ) شعرك أداة لإغواء العالم، أنت الآن أمام محكمتي بحكم الزانية (يصيح بها) زانية.. أعوذ بالله من شر نفسك، في هذه اللحظة أراك على حقيقتك، وجهك هو الجحيم الذي يُصلى فيه البشر (ينظر الى شعرها) سأضع حجابا يغطي هذا المنكر .. حتى تغادرين الحياة بشعر طاهر.
ورده : ( تصرخ بصوت مخنوق)
حمد : توقفي.. لا أريد أن أسمع هذا الصوت الذي يذكـّرني بمنكرات الدنيا، فأنا رجل أخروي، أنفذ بعض المهام على الأرض وأغادر الى دار البقاء هناك (يتمتم بسرعة) أنتِ لست سوى بقرة في عيني، بقرة، بقرة. ماذا تريدين أكثر؟ لا أملك القدرة على تنفيذ طلباتك الآن، في جهنم هناك سيوفرون لك حماما ساخنا ، التسعة الذين قبلك لم يطلبوا شيئا، أحدهم فقط طلب أن أغسله غُسل الميت قبل ذبحه وفعلت ذلك، الإيمان في داخلي يحتــّم عليّ أن أكون بلا رحمة، هل تريدين أن أغسلك غُسل الميت؟ لا أملك وقتا كافيا .. صدقيني ، أتمنى أن ألبي كل طلباتكم ، ماذا أفعل يا ربي أمام طلبات العباد؟ (طرقات على الباب) إنهم يطرقون الباب، أستغفر الله من كل ذنب عظيم. ذنوبك أيتها المرأة ستتحول الى أفاع وعقارب بحجم هذه الغرفة، ستهاجمك في كل لحظة . لا بأس .. سأقوم بغسلك ، ربما يكون طلبا شرعيا .
ورده : (تحاول أن تتكلم ، الخوف يأخذ منها كل مأخذ)
حمد : لا بأس، أومن ُ أن الكرمَ شجاعة، سأفعل ذلك.. سأقوم بغسلك غُسل الميت حتى تتطهر روحك من وساخات الحياة، (يتجه الى زاوية في الغرفة ، يأتي بجردل فيه ماء ، يضعه أمامها)
ورده : (ما زالت تحاول أن تقول شيئا)
المصور : ( يرقص بنشوة أمام الكاميرا)
حمد : ماذا تريدين أكثر ؟ ها أنت ستغُسلين غُسل الميت ( يقوم بصب الماء عليها وهي جالسة على ركبتيها وكأنه يقوم بطقس خاص … ) تطهّري يا امرأة ، تطهّري من دنس العيون والقلوب والأرواح ، تطهّري من دنس الحياة وذنوبها التي لا تعد ، تطهّري من دنس كل شعرة من شعر رأسك ومن كل عين شاهدته ، تطهري من نفسك الأمارة بالسوء ، تطهري من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ، تطهري أرجوك … ( يصيح بقوة ) أحاول أن أغسلَ هذا العالم من القذارات التي علِقت به ، لا شيء سوى رؤوس امتلأت بالكفر ( مستمر بصب الماء ) بسم الله وألله أكبر ، بسم الله والله اكبر…
ورده : ( تحاول مقاومة الماء ، تصرخ بصوت مخنوق)
(طرقات على الباب)
المصور: ( مستمر بالرقص لوحده أمام الكاميرا)
حمد : (يجيب طرقات الباب) حالا سينتهي الأمر … (مستمر بصب الماء على كامل جسدها) الرحمة الحقيقة أن تدفن هذه الأرواح الغارقة بالخطيئة مع ذنوبها . أعوذ بالله من شر هذه المرأة ، أعوذ بالله من وجهها وقلبها وروحها ، أعوذ بالله من الشيطان الساكن في جسدها (مع نفسه يتمتم بشكل سريع) هي في عينيّ بقرة ، هي في عينيّ بقرة ، هي في عينيّ بقرة (يصرخ بها وهو يصب الماء على جسدها ) العذاب وحده من ينظـّف هذه الأرواح الشريرة من قذارة أفكارها ، تنظـّف أيها الجسد قبل ان تستقبلك زبانية النار استقبال النار للحطب ، تنظـّف ( يصب الماء أكثر ) تنظـّف ، تنظـّف …
ورده : ( تصبح عملية صب الماء على جسدها كأنها ضربات شديدة عليها )
حمد : ( يتوقف ، يهدأ ، يضع جردل الماء جانبا )
المصور: ( مستمر في تصويره ومن زوايا مختلفة)
حمد : ها قد انتهت مراسيم غُسلك أيتها البقرة ، وأصبحتِ جاهزة لطقوس الذبح . تذكري جيدا أن كل ما أفعله .. هو من أجلك ، من أجل أن أخفف حجم كبائر ذنوبك ، من أجل أن تغادري الحياة بكامل نظافتك ، من أجل أن تتحولين الى قربان أتقرب به الى الله عز وجل !
ورده : ( تحاول أن تقول له شيئا ، تصرخ به بصوت مخنوق ، تحاول أن تتحرك رغم القيود التي وضعت في يديها)
(طرقات على الباب)
حمد : (يجيب الطرقات) سأنتهي حالا ، انتظروا قليلا . ( لورده ) والآن سنبدأ المرحلة الثانية قبل مراسيم الذبح ، الآن تبدأ طقوس الرقص ، رقص تتساقط فيه الذنوب على الأرض وتطير بعد ذلك بحسب كتاب ” كبائر الذنوب عند البقرة الحلوب ” للعالم الجليل وحيد عصره ابراهيم بن واهب بن مره بن عزيز بن كريم الوصلي ، في الجزء الخامس ، وفي صفحة ألف وسبعة ، يقول : أن تنهى عن المنكر ، يُنزّل الله بركاته عليك ويرحمك برحمته التي وسعت كلَّ شيء ( يصيح بوجهها ) أنا لا أعصي أوامر الله أبدا ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، أنا هنا أنفذ أمر الله ليس إلا وعليك الآن أن ترقصي رقصة المذنبة التي تطلب الرحمة من الله ، رقصة التائبة من كل ذنوبها ، رقصة الوداع عن هذه الحياة الفانية …
ورده : ( تحاول الحركة بكل الاتجاهات ، تتألم ، يعتقد “حمد “بأنها ترقص)
حمد : ( يخرج طبلا من خزانة الملابس ، يردد بنشوة مع حركة ورده المؤلمة )
” جي مالي والي بويه اسم الله جي مالي والي بويه اسم الله
متعذبه بدنياي يا بابا جي مالي والي
حلو المعاني بوية اسم الله علمته يرمي سهام يابابا حلو المعاني
صد ورماني بويه اسم الله
لمن تعلم زين يابابا صد ورماني ( أغنية عراقية شعبية شهيرة)
(يتوقف)
ورده : ( أكثر ألم ، قواها تنهار ، تقع )
حمد : ( يتوقف ، يصرخ بها ) ماذا تريدين أكثر أيتها الجنازة ؟
ورده : ( تحاول أن تنهض ، تطلق صوتا مخنوقا )
(طرقات على الباب)
حمد : هل تسمعين هذه الطرقات ؟ كلها من أجل أن أتوّج اليوم أميرا ، لقد تأخرت معك كثيرا ، لا تنتظري مني أن أفديك بكبش سمين !
ورده : ( تنهض ، تتكلم معه بكلمات غير مفهومة )
حمد : (يهز رأسه) أها ، هذه شجاعة لم أعدها من قبل .. تريدين أن تذبحي بفم وعينين مفتوحتين ! كيف لامرأة أن ترى السكين المعد لذبحها ؟ وتشاهد قاتلها ؟ لابأس .. سأفعل ذلك ، يجب أن تلبى طلبات المحكوم بالذبح (يقوم برفع قطعة القماش التي وضعت على عينيها وفمها ، ينظر إليها باستغراب ، يتفحصها جيدا ، يبتعد قليلا عنها ، يبدو مرتبكا) الرحمة يا ربي …
ورده : ( تنظر إليه هي الاخرى باستغراب وكأنها تعرفه من قبل )
حمد : ( يحاول أن يخفي وجهه عنها )
ورده : لمن تطلب الرحمة ؟
حمد : لا أدري .
ورده : لي ؟
حمد : لا أدري .
ورده : لك ؟
حمد : لا أدري .
ورده : ( بسخرية ) للعباد ؟
حمد : لا ادري .
المصور: ( مستمر بالتصوير)
ورده : ليست هناك معجزة .
حمد : وأنت ؟
ورده : أنا في إجازة .. للموتى أيضا الحق بالتمتع بيوم واحد على الأرض !
حمد : إجازة ليوم واحد (طرقات على الباب) طرقاتهم …
ورده: أعرف إنها طرقاتهم .
حمد : غريب هو الشيطان ، لا يمكن .. أستغفر الله ألف مرة !
ورده : انظر الى وجهي .
حمد : قلت لك .. أستغفر الله .
ورده : ما بك ؟
حمد : استغفر الله …
ورده : حمد …
حمد : ( يصرخ ) استغفر الله ( يهدأ ) نعم .. أنا حمد يا ورده !
ورده : وهذه هي الكارثة !
(طرقات على الباب)
حمد : ( مع نفسه ، حائرا ) إنهم يطرقون الباب .
ورده : هل تعتقد بأنه أجمل لقاء جمعك اليوم مع هذه البقرة ؟
حمد : ورده .. أنا … (مرتبك ، يغير الموضوع ) كيف كيف كيف وصلت الى هنا ؟ كيف وانـت ميتة ؟
ورده : سكينك ! أعني اشتقت إليك .
حمد : أنت ميتة ، كيف عدت ؟
ورده : جئت من أجل أن أراك .
حمد : ولكنك ميتة !
ورده : قلت لك الموتى يعودون أيضا ليوم واحد من كل سنة .. من أجل أن يلتقوا بأحبائهم!
حمد : انتظري .. عليك أن تفهمي ما أنا عليه الآن ، أنا شيء آخر ، رجل آخر!
ورده : وأنا وردة أخرى لا تنتمي لأشواكك .
حمد : حاولي أن تصدقي بأنني أفعل كل هذا من أجلكم .
ورده : ( بتهكم ) يبدو لي ذلك جيدا .
حمد : أبحث عن سعادة جديدة لأرواحكم .
ورده : ( بسخرية ) وتوزع السعادات لمن تشاء ، وتهب الأرزاق لمن تشاء ، وتعطي الخيرات لمن تشاء ، وتأخذ الأرواح ممن تشاء ! ما شاء الله .
حمد : ( يصيح بوجهها ) توقفي يا ورده .. لا تسخري من عدالتي ( يهدأ ) لـِـمَ عدت أصلا ؟
ورده : لا أدري يا حمد .. أقدامي ، قلبي ، لالا .. روحي جرتني بالنزول الى الوطن ! الى بيتك ، هي التي جرتني للقاء رومانسي معك كنت أحلم به في حياتي قبل أن أرحل.
حمد : هل مت فعلا ؟
ورده : ربما .. لا أدري .
حمد : أها .. تحلمين دائما ، وكنت أقول لك إن الأحلام بالمقلوب يا ورده .. انظري الى المقلوب الذي نعيش في داخله (ينظر الى شعرها ، يُسرع بجلب قطعة قماش من خزانة الملابس ) ضعي هذه على رأسك !
ورده : لا أحتاجها .
حمد : حرام .
ورده : الحرام في روحك !ّ
حمد : (يصرخ بها ) قلت لك ضعيها على رأسك .. حرام .
ورده : (تأخذها منه ولا تضعها على رأسها) قطعة قماش تغطي رأسي ، ومن يغطي روحك التي تحولت الى قبور وتوابيت ونزف دماء وسكاكين ؟
حمد : أستغفر الله .. أنا أذبح كي أنظف هذا العالم من الوساخات !
ورده : ( تضحك ) تقتل وتستغفر الله ؟
حمد : كلمة تأتي على لساني دائما ، لم أفعل شيئا يدعو للاستغفار !
ورده : ومحكمتك التي تبيح لك بقتل الكون كله ؟
حمد : العالم مريض على فراش الموت .. ينتظر مني أن أصنع له مليار تابوت وتابوت بحجم أمراضه ، العالم وباء كافر لابد من نار تحرقه ، ويمكنك أن تراجعي كتاب ” العباد في تحريم الأعياد ” للعالم الفقير الى الله …
ورده : (تقاطعه) من يعيدك كما كنت ؟ أنت حكايتي الوحيدة التي أحكيها لنفسي كل ليلة وأنام على دفئها لسنوات ، أنت الوالي ، الفارس بقلبه الذي يتسع لحب الكون ، العاشق بثيابه البيض ( تصرخ به ) والآن .. لا أعرف هذا الشيء الذي يقف أمامي ؟ عيناك لا تشبه عيناه ، صورة مشوهة ، بقايا من حكاية …
حمد: ( ينظر الى الأعلى ) هو أرادني أن أكون هكذا فكنت !
ورده : من هو ؟
حمد : الله .
ورده : أنت نار من صنع يديك .
حمد: أنا نار من صنع الله .
ورده : ما أتعس أن نصدق أكاذيبنا !
حمد : لا أهتم لكلماتكم .. أريد الآخرة يا…
ورده : ماذا ؟ قلها .
حمد : ( بصعوبة ) يا حبيبة !
ورده : حبيبة ؟ اذهب لتحلل دمك أيها الرجل .
حمد : الرحمة .. أن تعالج مرضى هذا الكون بالقتل .
ورده : ومن نصبك إلها واحدا فردا صمدا ؟
حمد : لست إلها .. أنا رجل قيم .
ورده : من سكين .
(طرقات على الباب)
حمد : ( يتردد ) حبيبك !
ورده : وهل بقي جزء من قلب حمد صالح للحب ؟
حمد : ما زلت صالحا لك يا وردتي ، لوحدك .
ورده : والسكين ؟
حمد : أتقرب به الى الله !
ورده : بسفك دم ؟
حمد : بعتق رقبة من ذنوبها في حياة لا معنى لها .
ورده : أفكارك لا معنى لها .
حمد : هناك ألف حد شرعي عليك أن لا تتجاوزيه معي يا حبيبتي !
المصور: ( ينتقل من زاوية الى اخرى)
ورده : هذا يعني .. إن عليّ أن أعيش بكماء في حضرتك أيها الأمير ؟
حمد : لم أتوج أميرا بعد .
ورده : عد يا حمد …
حمد : لا أستطيع يا ورده ..
ورده : نعود الى تلك الليالي الباردة التي تتدفأ بأنفاس حبنا ، نعود الى همساتنا ، الى أحلامنا التي لا تعد .
حمد : أستغفر الله . هل كنت في الجنة ؟
ورده : الجنة في أرواحنا .
حمد : ما هذا الكابوس ؟
ورده : عد الى حمد الذي أعرفه .
حمد : لا أعرف أحدا بهذا الإسم .. نسيته !
ورده : وما اسمك الآن ؟
حمد : لا أدري .
(طرقات على الباب)
ورده : لم لا تفتح الباب ؟
حمد : ( بألم ) إنهم يريدون حمل جثتك يا عمري .
ورده : جثة أخرى ؟
جمد : ( مؤكدا ) وأخرى واخرى واخرى .
ورده : وتصبح بعدها أميرا ؟
حمد : إنك لا تفهمي ماذا يعني أن أتوّج أميرا .
ورده : ولا أريد أن أفهم .
حمد : هذا يعني بأنك خارجة عن عهود حبنا .
ورده : لا يمكن لحبنا أن يعيش وسط الأصوات البريئة التي كانت تصرخ هنا ، أو التي كانت تتوسل بتركها أن تعيش . الحب أن أذوب بك وتذوب بي ، أن تتغزل بي لثلاثين ساعة في اليوم الواحد ، أن تموت فيّ وأموت فيك .
حمد : ( يخرج سكينا طويلا ) الحب في يدي .
ورده : الدم في يدك .
حمد : الطاعة .. هي الحب !
ورده : وأتحول بلمح البصر الى جارية في قصرك ؟
حمد : من أجل أن ندخل الجنة معا .
ورده : لا أرغب بجنة يدخلها الناس بسكاكينهم !
حمد : لا أعرف لماذا أصغي إليك ، لا أعرف ، لم أعهد الإصغاء لأي أحد .. ربما لأنني ما زلت أحبك .
ورده : رجل شجاع ، يحمل سكينا ، يملك أمر الناس كما يعتقد ، يملك القلوب والأرواح ، يهب الحياة لمن يريد ويسلبها ممن يريد ، قل بأنك الله سبحانه والحمد لله وربكم الأعلى .. كن شجاعا وقلها .
حمد : ( يصرخ بها ) يكفي ..أنا أنفذ إرادة الله في الأرض .
ورده : منذ متى ؟
حمد : قلبي كان مغطى بغشاوة .
ورده : (بهدوء) كنت طيبا ، عاشقا ، إنسانا …
حمد : أنا طيب وعاشق وإنسان مع كل الذين نظفتهم من ذنوبهم وغادروا الحياة .. أشعر بأنهم الآن سعداء في قبورهم .
ورده : التسعة قبلي ؟
حمد : أحتفظ ببقايا ملابسهم في خزانة الملابس ( يشير الى خزانة الملابس )
ورده : ( بتهكم ) ما أجملها من ذكريات ! ( مع نفسها ) من هذا ؟ ( تصيح به ) من أنت ؟
حمد: حبيبك يا ورده .
ورده : لا يمكن يا حمد .
حمد: هل تغير وجهي ؟
ورده : لا شيء يذكــّرني بهذا الوجه .
حمد : دعينا نبتعد الآن عن هذه المفردات .
ورده : ما الذي جعلني أعود مرة أخرى الى قلبك ؟!
حمد : أنا حبيبك .
ورده : تتذكرها ؟ أيعقل ان هذه البندقية مفتوحة الأمان التي تقف أمامي لم تنس بأنني ما زلت حبيبة ؟
حمد : كيف أنسى ؟ انظرُ الآن الى وجهك كي أعيد سعادتي التي فقدتها منذ أن رحلت .
ورده : رحلت أبحث عن لحظة هدوء واحدة ، خرجت من أجل أن اجد مدينة بيضاء أنام في دفئها ، رحلت كي أنسى حبنا الذي لا يمكن أن يلتقي مع الموت هنا .
حمد : رحيلك هو الذنب ؟
ورده : أن أتبنى ما تؤمن به هو الذنب !
حمد : عندما تدخل الشياطين تخرج الملائكة .
ورده : ومن هو الشيطان هنا ؟
حمد : أستغفر الله ، أنت مذنبة يا حبيبة ، رحيلك من الكبائر بحسب قانوني ، أنت غارقة بالخطيئة يا عمري ، لا يمكن أن أحمل ذنوبك على ظهري ، لا يصح ، المغفرة يا رب ( يصيح بها ) تحتاجين الى عقوبة في الدنيا .
ورده : تفضل .. إحكم كما تشاء .
حمد : ( بحزم ) لقد حكمت عليك بثمانين جلدة !
ورده : ( تضحك بقوة ) بحسب قانونك .. ألم تكن تردد عندما عرفتك : وخلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ؟
حمد : عرفت متأخرا أن لا أحد يستحق أن نتعرف عليه .. لا أحد .
ورده : لا يمكن أن تكون الرجل الذي أحببته يوما ؟
حمد : ما زلت حبيبك .. انظري الى صفحة مائتين وستة وخمسين من كتاب ” الحد في تشريع الجلد ” للعبد المغفور له عبد الله بن سالم بن محمد بن …
ورده : ( تقاطعه ) تحتاج الى روح جديدة ورأس آخر ويدين نظيفتين ولسان يصوم عن الكلمات لسنة كاملة .
حمد : توقفي (يخرج سوطا من خزانة الملابس) يجب أن تجلدي قبل أن نعود الى حب جديد أكتب حدوده الشرعية بنفسي .
ورده : لا أحتاج الى حبك وحدودك ! من قال لك بأن هذا القلب يمكن أن يفهم لغتك الميتة ؟ من قال لك بأن روحي مازالت متعطشة لدفء حبيبها ؟ ( تصرخ به ) من قال لك بأنني أحبك الآن ؟ انا امرأة بلا والي .
حمد : ( يلوح لها بالسوط ) ستـُجلدين …
ورده : انا أجلدُ الآن بوجهك بصوتك بأنفاسك بقلبك بروحك .. ( تغني بألم)” جي مالي والي يابا بابا … “
حمد : ( يمسكها من شعرها ) اسكتي ، اسكتي أيتها المذنبة ، عليك أن تتوبي أولا يا حبيبة وتجلدي ثمانين جلدة وتعودين بعدها طاهرة الى حبنا ، فالتي أراها الان أمامي امرأة من حرام ودنس ورذيلة .
ورده : ( مستمرة بالغناء ) جي مالي والي … ( تتوقف ) ومن أراه الآن أمامي نهر دم على شكل رجل .
حمد : أرجوك أن تسكتي .. حاول أن تساعديني على تنفيذ الحد الشرعي .
ورده : تفضل .. إفعل ما تشاء ( تجلس على ركبتها ) إجلد ، هيا إجلد .. إجلد … (تستمر بالغناء بألم )
جي مالي والي بويه اسم الله جي مالي والي
متعذبه بدنياي جي مالي والي
حلو المعاني بوية اسم الله علمته يرمي سهام يابابا حلو المعاني
صد ورماني بويه اسم الله
لمن تعلم زين يابابا صد ورماني (تتوقف)
حمد : ( يصرخ بها ) توقفي عن الغناء … ( يقوم بجلدها بالسوط ، تصرخ ، يستمر بجلدها وهو يعد الأرقام ، قد يصل الى رقم معين ويتوقف)
ورده : ( تقع ، تبدو في حالة ألم شديد )
حمد : ( للمصور ) استمر بالتصوير .
المصور: ( يرقص ويصور )
حمد : ( لورده ) أنت الآن أكثر طهارة .
ورده : ( بألم متهكمة ) وأنت أكثر قداسة .
(طرقات على الباب)
حمد : فعلت هذا من أجل حبنا ، من أجل روحك يا عمري .
ورده : اسكت .. لا تقل يا عمري .
حمد : يمكننا الآن أن نعود لحبنا القديم !
ورده : (تتألم من أثر السوط) ابتعد .. لقد زرعت سياطك في جسدي .. ماذا تريد مني أكثر؟
حمد : حبك ما زال يحاصرني .
ورده : (تتألم أكثر) لا يعقل …
حمد : كل شيء يمكن أن يعقل هنا !
ورده : لا يمكن أن يلتقي الحب بسكينك المعد لذبحه .
حمد : أنا أحبك .. ما زلت أحبك ، أنت حبي الأوحد .. هل تفهمين ؟
ورده : لا أستطيع أن أفهم ، لالالالالالالالا …
حمد : يمكن أن نعود معا كعاشق وعاشقة .
ورده : قلبي الحي لا يلتقي مع قلبك الميت بعد الآن أبدا .
حمد : قلبك يحتاج الى عملية غسيل .
ورده : كيف لي أن أحبك وأنت هكذا ؟ هكذا .. تطلق صافرة الموت في كل مكان، وتوزع الأكفان هدايا في ليالي العيد السعيد، وقد خرجت حبيبتك يوم العيد بملبسها الجديد، حبيبتك التي كنت تسميها روحي، وتدللها عمري إنتِ، وتهمس لها يا عيني، وتغازلها يا وردتي (تصيح به) ما بك؟ لماذا تحوّلت من حبيب الى دفان، أنك فاقد للذاكرة، لقد كنت انتظرك كل ليلة عند محطة قطارنا، انتظر صافرة القطار بفارغ صبري من أجل أن تأتي يا حمد، تأتي وأعانقك بكل تفاصيلي، بكل دفئي ولوعتي .. يا حلمي ويا حياتي ويا روحي كلها ( تصيح به ) “ولك يا والي ، شبيك ، شنو اللي غيرك ؟!”
حمد : لا أسمع شيئا ، وضعت حجرا في أذني ، وقفصا صدريا آخرا على صدري، استغفر الله .. لا تجعلي الشيطان يلهو في رأسك ( يتمتم ) ” إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا … “
ورده : عد الى حمد الذي أعرفه ولو ليوم واحد .. أرجوك .
حمد : أنا هو .. حاولي أن تصدقي .. حبك يعيش معي .
ورده : الدم كفيل أن ينسيك حتى اسمك .
حمد : (يشير الى السكين) قبل لحظات كاد هذا السكين أن يذبحك، قبل لحظات كنت أراك منكرا كبيرا يجب حذفه من هذه الدنيا، صفرا زائدا على اليسار، قبل لحظات أردتك أن تتوسلي من أجل أن تظلي حية ، والآن حبك يجعلني أتوسل بك أن نعود سوية .
ورده : سوية ؟! (تضحك) إنك لم تر نفسك جيدا في مرآة .
(طرقات قوية على الباب)
حمد : (يصرخ) توقفوا عن طرق الباب، أستغفر الله (يقف أمامها)  اليوم لن أتوج أميرا، أعرف ذلك، وأعرف بأنها واحدة من الذنوب الكبيرة ولكنني سأستغفر الله ألف مرة من أجل ذلك، أتزوجك وأتوب، اسمعيني جيدا .. أنا الآن وبكامل قواي العقلية .. بكامل حبي لك .. بكامل رغبتي .. أطلب الزواج منك ( يبكي ) أرجوك أن توافقي
ورده : ( متحسرة ) حبنا صار في خبر كان …
حمد : لم يزل على حاله .. لقد عشنا حبا ليس كمثله حب ، وقد آن الأوان أن نُحي معا سُنّة الزواج .
ورده : نتزوج ؟ لالالالا .. لا يمكن أن أقبل !
حمد : لا تقبلين ؟ لماذا ؟ لا شيء يمنعنا من الزواج .
ورده : كل شيء يمنعنا من أن نكون قلبا واحدا .
حمد : لماذا ؟
ورده : لن تفهم .
حمد : سأحاول أن أفهم .
ورده : التي تقف أمامك الآن .. امرأة أخرى !
حمد : امرأة أخرى ؟ ماذا تعنين ؟
ورده : ( تصيح به ) أنا لم أعد على دينك!!
حمد : حبيبتي ؟
ورده : حبيبتك لم تعد على دينك .
حمد : لست على ديني ؟ ( يرتبك ) كيف كيف كيف كيف ؟
ورده : هكذا لم أعد على دينك !
حمد : لا أفهم …
ورده : قلت لك لن تفهم .. أنا الآن لست …
حمد : ( يقاطعها ) على دين آخر ؟
ورده : نعم .. على دين آخر !
حمد : كافرة ؟
ورده : بحسب تفسيرك !
حمد : (يصرخ بها) سأذبحك .
ورده : لتصبح أميرا .. فأنا الرقم عشرة ، ماذا تنتظر ؟
حمد : لا أصدق .
ورده : صدّق .
حمد : من أنتِ ؟
ورده : حبيبتك كما تزعم .
(طرقات قوية على الباب)
حمد: لا يمكن (يصرخ بالطرقات) توقفي .
ورده : أعرف بأن سكينك لن يستوعب .
حمد : كيف له أن يستوعب ؟ كيف ؟ (يتحرك الى خزانة الملابس، يفتحه، يخرج العديد من الملابس منه، تبدو آثار الدماء واضحة عليها) انظري الى هذه الثياب، هذا (يرفع قميصا لشاب) لشاب تسريحة شعره لم تعجبني فذبحته ، هذا (يشير الى يشماغ) هذا الرجل العجوز قال كلمة واحدة ضدي، كلمة واحدة فذبحته، وهذا (ثوب طفل صغير) لا أريده أن يكبر فيخالفني الرأي فذبحته، هذه (يرفع ربطة عنق) هذه لأستاذ قالوا لي بأنه ينظر إلينا بعينين ساخرتين عندما يخرج صباحا من بيته فذبحته، أما هذه (يرفع بدلة عروس) لعروس كانت في طريقها الى بيت عريسها، وذبحتها! هؤلاء (يشير الى الملابس الأخرى) كلهم ذبحوا لأنهم يتنفسون نفس الأوكسجين الذي أتنفسه (يهدأ، يقترب منها ، يصرخ بوجهها بقوة) أنت مرتدة … !!
المصور: ( يضحك ، يخرج الكاسيت ويضع آخرا بشكل سريع)
(قطـــع )
ورده : (تفتح خزانة الملابس، تخرج بقايا ملابس المذبوحين، ترفع قميصا لشاب ، تمثل دور الشاب) ماذا فعلت لك ؟
حمد : ليس مهما ما فعلته ، الأهم ما ستفعله .
ورده : لا أعرفك ؟
حمد : وأنا أيضا .
ورده : لــم ذبحتني اذن؟ (تضع القميص جانبا )
حمد : أنت رقم بالنسبة لي ليس إلا .
ورده : (تخرج من خزانة الملابس ” يشماغ ”) خرجت فجرا باحثا عن عمل أسد به رمق العائلة  (تضع اليشماغ جانبا )
حمد : وها أنت تذبح من أجل العائلة !
وردة : ( تخرج من خزانة الملابس ثوب طفل ) لــِـمَ تكره طفولتي ؟
حمد : أخاف من المستقبل .
وردة : لم أفعل شيئا سوى أنني كنت ألعب بباب دارنا . ( تضع ثوب الطفل جانبا)                                               حمد : يجب أن تغادر الحياة حتى لا تلعب مرة أخرى بباب داركم .
وردة : ( تخرج بدلة عروس من خزانة الملابس ) إنها من أجل ليلة ليست كأي ليلة ، كنت أحلم بها دائما .
حمد : كان عليك أن لا تحلمي بها .. لا مكان للأحلام هنا .
وردة : لم أكمل حتى ليلة زفافي . ( تضع بدلة العروس جانبا )
حمد : ستكملينه في جهنم .
( تتوقف ورده عن تمثيل الأدوار )
(قطـــــــــــع )
ورده : للأسف .. أنت رجل ميت .. تسكنه الظلمة .
حمد : الظلام كفيل أن يخلص العباد من ذنوبهم الكبيرة .
ورده : لا تملك سوى هذه المفردات التي غرقت بها ، لا تملك سوى الصراخ بوجهي ، وتريدني أن أكون حبيبة لك ، لا يمكن .
حمد: اسكتِ ، أنت مرتدة يا حبيبة ، مرتدة يا ورده (يهجم عليها، يعيد القيد الى يديها ، ويضع قطعة القماش على عينيها ) ستذبحين …
ورده: ( لا ترى شيئا ، تضحك ) أعرف .
حمد : أبشع ما يكون الذبح .
ورده: ( تضحك أكثر ) أعرف .
حمد : بسكين لا يعرف الرحمة .
ورده: (تستمر بضحكها ) أعرف .
المصور: ( مستمر بالتصوير من زاوية اخرى)
حمد : (يصرخ بها) توقفي عن الضحك يا كافرة .
ورده: في رأسك .
حمد : لا يمكن أن تكوني من الحور العين وأنت مرتدة .
ورده : ( تضحك ) إنك لا تفهم ولن تفهم .
(طرقات على الباب أكثر قوة)
حمد : كيف لك أن تتنازلي عن دينك ؟
ورده: تنازلت عن دينك أنت أيها الرجل !!
حمد : ما زلتُ على ديني .
ورده : تعيش وهما .
حمد : حكمت عليك .. انتهى الأمر ، ولكن أعتذر لك .. لن أذبحك على القبلة!
ورده: الله يعيش في قلبي !
حمد : لن تدفنين في مقابرنا مرة أخرى .
ورده: روحي ستكون هناك في الجنة .
حمد: لن تشهدي الشهادة .
ورده : هو يعلم ما في القلوب .
حمد : إنك عدوة الله .
ورده : الذابح أم المذبوح ؟
حمد : الذابح يد الله .. يذبح من يشاء !
ورده: ماذا تنتظر ؟ تقدم .. هيا ، إذبح على طريقتك الخاصة .
حمد : سأذبحك ، نعم أذبحك يا ورده .. نداء يجتاح رأسي ، يصرخ فيه ، اذبحها ، اذبحها .. إنها مرتدة .
ورده: وأنا مستعدة أيها الرجل ، تقدم …
حمد : ( يمسكها من شعرها ) سأفعلها الآن بقلب من خشب .
ورده: أنت مصنوع من خشب أيها الــ .. حمد .
حمد : ( يصرخ بها ) اسكتِ .
ورده: لن أسكت .
حمد : اسكتِ .
المصور: ( يعاود الرقص أمام الكاميرا)
ورده: صوتي سيظل هنا في هذا المكان ، يظل هنا لعنة تطاردك في الحياة ونارا في قبرك
حمد : (يطرحها أرضا ، يخرج السكين ، يحاول ذبحها) بسم الله والله أكبر بسم الله والله أكبر بسم الله والله أكبر (يتوقف، يتركها ) يدي ترتجف ، لا أقوى على ذبحك (طرقات على الباب) توقفوا عن طرق الباب ، لم أذبحها بعد .
ورده: لن تتوج أميرا إلا بذبحي يا حمد .. اذبح …
حمد : أحتاج قليلا من القوة، اليوم هو موعد تتويجي أميرا، اليوم تفتح أبواب الجنة كلها من أجلي، كل ملائكة السماء تنتظر هذا الخبر السعيد (يصرخ بها، يفتح قطعة القماش من عينيها ) لماذا جئتِ ؟ لماذا يا حبيبة ؟ كان يمكن أن أتوّج بذبح أي أحد آخر !
ورده : مشروعك لن ينتهي بالرقم عشرة .
حمد: لن ينتهي أبدا.. لقد حكمت عليك بالزواج مني أولا وبعدها تتم مراسيم الذبح.
ورده: أرفض الزواج منك .
حمد: لم أسألك القبول أو الرفض .
ورده: لن أقبل .
حمد: ( يردد ) زوّجتك ِ نفسي أيتها المرأة بلا غائب ولا حاضر ، وليس عليك أن تقولي نعم قبلت الزواج منك ، فإن لي الحق بالزواج ممن أشاء !
ورده: اغتصاب تعني .. فتغتصب من تشاء .
حمد: أنا أمير عليكم وطاعتي واجبة .
المصور: ( مستمر بالتصوير)
ورده: ضحكوا عليك وأغرقوك بكلمات من عسل ، وانت لست سوى رجل من سكين ما إن يصيبك الصدأ حتى ترمى الى أقرب قمامة من هنا ، أيها الخاسر .. كن على يقين بأنني لن أكون لك ، وأرفضك بكامل قلبي وعقلي ولن أزوجك نفسي ابدا.
حمد: ( يصرخ بها ) سنتزوج رغما عنك .
ورده: كيف تتزوج من مرتدة كما تقول ؟
حمد: يحلُّ لي ما لا يحلُّ لغيري ( يخرج بدلة عرس من خزانة الملابس ) عليك أن ترتدي هذه البدلة أيتها العروس .
ورده: لن أرتدي شيئا من أجلك .
حمد: إنها لعروس حقيقية لم تكتمل ليلة زفافها ، سنتزوج أنا وأنت لساعة واحدة فقط.
ورده: ( تصرخ به ) ابتعد ، لا أريدك .. كن إنسانا للحظة واحدة .
حمد : لقد نزلت من الجنة من أجلي .
ورده : نزلت من أجل حمد الذي أعرف قلبه جيدا .. وليس لك أنت .
حمد: أنا هو حمد وعليك أن ترتدي بدلة العرس حالا ، حالا …( يمسكها من شعرها بقوة)
ورده: ( تصرخ ) لن أرتدي بدلة موتي .
المصور: ( مستمر بالتصوير من زاوية أخرى)
حمد: ( يجعلها ترتدي البدلة بالقوة ، بعد ان يقوم هو بذلك عنوة)
ورده: (تصيح ) لالالالالالالا .. اخرج سكينك واذبح ، لست عروسا ، أنا امرأة غادرت مكانك وزمانك ووجهك ولغتك ، وما عادت تنتمي لكل هذه التفاصيل ، أنا حورية من الحور العين ، أريد حياة بحجم الهدوء ، بحجم سنوات العمر الضاعت بين رصاصة وسكين ، ماذا تنتظر ؟ اخرج سكينك أيها الرجل واذبح على القبلة التي تشاء ، هنا ( تشير لقلبها ) قبلة لي ، لنا .. نحن الذين أصبحنا بلا والي .
حمد : ( يجرها إليه بقوه ) أنت الآن زوجتي ، أنا وليك وقد زوّجتك نفسي .
ورده : ( تجر السكين منه ، تحاول أن تطعن بطنها )
حمد : ماذا تفعلين ؟ انتظري …
ورده : سأغادر الحياة التي جمعتني بك .
حمد : ( منهارا ) لا .. أرجوك ، سنكون معا ، انتظري …
وردة : لا أرغب بحياة أنت فيها .
حمد : ( للمصور ) لا تصوّر ، توقف عن التصوير .
المصور: ( مستمر بالتصوير ، يرقص )
ورده : لن تكون أميرا بجثتي .
حمد: لا .. توقفي ، أرجوك .
ورده : ( تطعن نفسها ) لن أكون لك أبدا أبدا أبدا … ( تقع ميتة)
حمد : ( يصرخ بها ) انتظري ، لا تموتي الآن .. توقفي عن الموت ( يحاول تحريكها ، ولكنها أصبحت جثة هامدة ، يصرخ ) ورده …
المصور: ( ينتهي من التصوير ، يبتسم بمكر ، يحمل كاميرته ويخرج مسرعا )
حمد : ( يحاول اللحاق بالمصور ، يتوقف ، بجنون ) لا تخرج .. انتظر ، لم أذبحها بعد ، انتظر أرجوك ( يصرخ ) يجب أن أتوج اليوم أميرا ، أنا هو الأمير ، أنا هو … ( يعانق الجثة ويبكي بقوة ، يغني بألم الأغنية الشعبية بلحن جديد ” جي مالي والي)
                                            انتهـــــــــــــــــــــــــــــت
علي عبد النبي الزيدي/ العراق – الناصرية (صيف 2012)
ملحوظة: أول تحديث: 2014/08/22
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت