هشام عبد الحميد: ملتقى كتاب الدراما بالدوحة فرصة قوية لتفعيل الدراما العربية نظريا و تطبيقيا / حاورته: بشرى عمور
انعقد بالدوحة يومي 11 و 12 نوفمبر 2019 ملتقى كتاب الدراما الثاني الذي نظمته وزارة الثقافة والرياضة القطرية، والذي عرف مشاركة ثلة من الفنانين و الباحثين والكتاب والنقاد و الإعلاميين، الذين ساهموا في إثراء محور هذه النسخة التي حملت شعار:”التصورات الكبرى في الدراما العربية بين راهن المضمون الفكري و أفق التجربة الجمالية”. ولكي نتعمق أكثر في هذا المحور ارتأى موقع مجلة الفرجة إجراء استطلاع مع بعض الحضور، سواء ضيوفا أو محاورين لاستقراء آرائهم و مقترحاتهم لإغناء هذه الفعالية.
(هشام عبد الحميد)، ممثل و مخرج مصري، حاصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1984، عين معيدا بالمعهد ما بين 1985 و 1992، حصل على دبلوم الدرسات العليا قسم الإخراج عام 1987. له عدة أعمال مسرحية و تليفيزيونية و سينمائية
الفرجة: الملتقى عرف عشرة مداخلات تمحورت حول “الدراما العربية على محك التصورات الكبرى، وكيف نؤسس لها” هل جاءت هذه المداخلات مستوفية للطرح الذي حمله شعار هذه الدورة؟
هشام: نعم لحد كبير جدا كانت الأجوبة و المداخلات مستوفية لشعار هذه الدورة من الملتقى، وأعتقد ليس كل ما كنا نحمله في جعبتنا ذكرناه كاملا لأن قلة الحيز الزمني (الذي لا يتعدى 20 دقيقة) لا يساعد على التطرق لكل ما أنجزناه في ورقتنا, ولكن أجوبتنا على الأسئلة التي طرحت علينا أثناء المناقشة من طرف الحضور ساعدتنا بشكل أو بآخر أن نكثف و نركز على أهم نقط محاورنا التي ارتأينا ـ من وجهة نظرنا ـ لابد من إثارتها وإلقاء الضوء عليها, وعلى هذا الأساس أعتبر أن الورقات كانت جامعة مانعة بما حمله الشعار.
الفرجة: الملتقى يرتكن على ثلاثة مفاهيم أساسية (الوعي، والوجدان، ثم الجسم) هل هذه المفاهيم تتجسد في دراما العربية حاليا؟؟ وهل استطاعت الدراما خلق تلاحم بين ما تطرحه وما يعيشه المجتمع العربي من مفارقات؟
هشام: لا يمكننا أن نتحدث على أن هناك توافق واستجابة درامية للمفاهيم التي ذكرتها (الوعي، والوجدان، ثم الجسم) لأن الدراما العربية مازال أمامها أشواط كبيرة تحق لها إمكانية المناقشة و التحليل و العرض بشكل يتسم بالجرأة ـ يمكن أن نقول عليها ـ أنها متجاوزة. خصوصا أن هناك فرق بين الدراما العربية في السينما و الإعلام (المقصود به التلفزيون) لأن هناك اختلاف كبير. فالسينما فكر بالدرجة الأولى وبالتالي فهامش الحرية و الجرأة فيها كبير جدا. أما التلفزيون فهو جهاز الأسرة، فهنا يجعل الكاتب الدرامي مضطرا أن يوفق بين القيم و بين الكتابة الدرامية في العمل المنوط به، يمكن هذه النقطة بالذات تتسم نوعا ما بالصعوبة، حيث يتطلب منا تقديم الدراما دونما الدخول في مناطق حساسة جدا تتميز بها منطقة السينما أكثر بكثير من التلفزيون. ولهذا نحن موجدين هنا للحديث عن كيفية الطرح ونطمح في مداخلاتنا في تقديم دراما عربية بها كثيرا من الفكر و الفن دونما خلق نوع من أنواع ازعاج ومس بقيم التلفزيون وميثاقه.
الفرجة: في ظل التطور الملحوظ للتقنيات و الوسائطية، هل استطاعت الدراما العربية أن توافق بينها وبين الفكر والقيم و التصورات التي تطرحها الكتابة الدرامية؟
هشام: أتصور أن الوسائطية في الحقيقة تطورت بشكل مذهل على مستوى الصوت و الصورة وما يتابعهما من مؤثرات صوتية وبصرية…إلخ. ففي السنوات الأخيرة عرفت طفرة مهمة عكست إيجابيا على قيمة الأعمال التي قدمت سواء في السينما أو التلفزيون، مما شكل فرقا واضحا بين ما تم عرضه زمان و الآن كطرح بصري وصوتي ومعادلات فنية موجودة، وسائطية بين لغة الدراما التي تنقلها إلى الصورة.
فعلا هناك تقدم ملموس وواضح ولا تخطئه العين، وأنا أتمنى مزيدا من التقدم وفي نفس الوقت أن يواكب ويوازي ويعمل على التعبير المطلوب للأفكار الدرامية المطروحة.
الفرجة: هل ظاهرة ورشات الكتابة الدرامية حققت طفرة نوعية في طرحها لمواضيع تعبر عن الذات العربية؟ وما رأيك لو أضاف الملتقى ورشات تكوينية موازية لشعار الدورة؟
هشام: بالنسبة للورشات كتدريب عن الكتابة الدرامية ممكن استصغيها وأقبل بها، ولكن لا اقبل أبدا الورشات التي تدخل في كتابة العمل، فالعمل الذي يكتبه مثلا خمسة أو ستة أفراد لا يخدم الخط الدرامي، حيث هناك من يحاكي هذا الأسلوب من الورشات التي يرتكن عليها بعض الأعمال الدرامية الأمريكية (المسلسلات.. وسيتيكومات) لكن هذا يبقى محسوب جيدا ومعمول بشكل مهني واحترافي وبصنعة شديدة جدا تتسم بالاتقان وإلا يطلع للأسف “سمك، لبن، ثمر هندي” يعني فلان يكتب في موضوع والثاني يكتب في موضوع ضده. إذن مثل هذه الورشات لا يمكن الاعتماد عليها في كل الأعمال. فلابد من التوافق والتلائم والانسجام ، ممكن هناك أعمال تحتمل هذا وأخرى لا. فضروري من التوفر على مستوى معين من الوعي و الدقة.
أتمنى تواجد وحضور عصر كتاب الدراما الكبار، حتى لو أجزنا إدماج موضوع الورشات الكتابية مع بعضها، لكن هذا لا يجعلنا نعلن ونعمد على إعدام كتاب الدراما خصوصا التلفزيونية لأننا سنقع في مشكل كبير، فلا أحد سيفرض علينا الاعتراف بتواجد و ترسيخ هذا الأسلوب ونتركه يهمن ويسود إلى درجة أن يستبعد أو يقصي أو يهمش الأصل في الكتابة ألا وهو المؤلف الأوحد.
أما بخصوص الورشات المرفقة للملتقى، فأنا طبعا أرحب بذلك وهذا من أجل التطوير و التنمية التي تشمل على التمحيص و التدقيق في فن وعلم الكتابة الدرامية.
الفرجة: الدورة السابقة حملت شعار:”الدراما العربية و آفاق التغيير الحضاري” و هذه السنة ناقشت شعار:”التصورات الكبرى في الدراما العربية بين راهن المضمون الفكري و أفق التجربة الجمالية”، ما فكرة التي تقترح على الملتقى تبنيها في دورته المقبلة؟ و لماذا؟
هشام: أقترح التطرق إلى موضوع:”التقنيات الحديثة و فن الممثل” لأن هذا فرضته الأجواء العامة التي تتحكم في الدراما العربية التي تعد المرآة التي تعكس حياتنا اليومية بكل تجلياتها.
الفرجة: كلمة الأخيرة
هشام: أنا سعيد جدا بمشاركتي في هذا الملتقى، من خلال ورقتي التي حملت عنوان:”تنميط التصورات في الدراما المصرية ” معززا ذلك ببعض الأعمال السينمائية و التلفزيونية و المسرحية. إلى جانب ثلثة من القامات و الهامات الثقافية و الفنية والفكرية العربية.
وسعيد أيضا بهذا الملتقى الذي أدى إلى تفاعل وتواصل و احتكاك بين بعضنا البعض لتفعيل الفن والثقافة والدراما العربية، وأتمنى أن نلتقي مرات أخرى في تظاهرات هادفة مثل هذه، لكي نثري معلوماتنا و تطلعاتنا كما نساهم جميعا من خلال مكتساباتنا و تجاربنا وخبرتنا أن نضيف شيئا إلى أهداف هذا الملتقى من جهة، ومن جهة أخرى إلى الدراما العربية من أفكار و ملاحظات و مقترحات…كل الشكر للمنظمين و الساهرين على هذه التظاهرة الفنية الثقافية مع متمنياتي بالاستمرارية و النجاح.