بالمغرب: بيان للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية بخصوص تصريحات السيد وزير الثقافة والشباب والرياضة حول المسرح المغربي.
ردا على ما تناقلته الصحافة منسوبا إلى السيد وزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة خلال جلسة مناقشة مشروع قانون إعادة تنظيم المسرح الوطني محمد الخامس، بمجلس النواب يوم الأربعاء 8 يناير 2020؛ وأمام عدم تأكيد الوزارة أو نفي أو تصحيح ما نشر، اجتمعت السكريتارية التنفيذية للمكتب الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية لدراسة الموضوع وتحليل أبعاده وتداعياته على الساحة المسرحية الوطنية، وانعكاسه على منهجية التعاون والشراكة البناءة التي ما فتئت النقابة تتبناها في علاقتها بوزارة الثقافة وبالعمل الحكومي في المجال الثقافي على وجه العموم، منذ أزيد من عشرين سنة؛ وهي المنهجية التي أثمرت كل الخطوات التشريعية والتنظيمية والإجراءات والبرامج التي مكنت الحركة المسرحية المغربية من تبوء مكان الريادة اليوم على الصعيدين العربي والإفريقي في مجال الإبداع المسرحي وتجديد أساليبه والحفاظ على جذوته متقدة ومتجددة الدماء.
وبعد دراسة حيثيات ما نسب إلى السيد الوزير وملابساته، تعلن النقابة، من موقع مسؤوليتها السياسية والمهنية، رفضها البات لكل مضامين تلك الأقوال، من واقع أنها تنحو نحو عرض اختزالي وغير دقيق لواقع مهني مركب، ينتهي إلى تحميل المبدعين المسرحيين مسؤولية خلل عام في تدبير السوق الثقافية وترويج المنتجات الفنية الحية، لا يمكن بأي حال من الأحوال تحميل تبعاته للمبدعين الذين يسهرون على إنتاج أعمال فنية ذات تنافسية دولية مشهودة، لكن المناخ العام لتسويقها محليا – شأنها شأن بقية المنتجات الثقافية الأخرى- يعاني من هشاشة في قدرة بنيات الاستقبال على التموقع كفضاءات حقيقية للوساطة والتسويق، بالنظر إلى وضعيتها القانونية الباهتة.
وتعتبر النقابة تلك التصريحات، تنم عن خصاص كبير في إدراك تعقيدات الدينامية الثقافية، وما تتطلبه من تدخلات، لا تفرط أبدا في الأسس والمبادئ الآتية:
– إن الدعم الثقافي عموما منبثق من التكاليف الدستورية المنوطة بالدولة وفق منطوق الفصول 5 و25 و26 و31 و33 من الدستور، فضلا عن التزامات المملكة ضمن المواثيق والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان في أجيالها الثلاثة، وحرص جلالة الملك على جعل الثقافة ضمن المداخل الأساسية للتنمية. وليس لوزارة الثقافة أن تسن أو تخطط إجراءات تحد من إعمال هذه الأسس؛
– إن دور الدولة الثقافي في كل البلدان الديموقراطية، يتأسس بالضرورة، على تمكين المواطنين من الولوج إلى الخدمات الثقافية، كآلية لتعميم الارتقاء بالعنصر البشري انطلاقا من مبدأ الحق في التنمية عبر الثقافة، كما تتبناه أجندة أهداف 2030 للتنمية المستدامة؛
– إن نجاح وصدى الإبداع الفني المسرحي خصوصا، لا ولن يقاسا بمنطق الشباك والإقبال الجماهيري فقط، بحكم خصوصيات الألوان الإبداعية في ظل التنوع والتعدد الثقافيين، وإيحاء السيد الوزير المبطن إلى تكريس لون واحد، مسلك لن يؤدي إلا إلى ضرب كل ما تحقق من تنوع وكذا إلى تنميط الأذواق، علما أن الدعم المسرحي نفسه وازن بين تمكين كل الألوان مستندا إلى معيار الجودة المهنية أساسا؛
– إن الدعم الموجه للغايات السالفة للذكر، لا يمكنه إرساء قواعد سياسة ثقافية تربط جزءا من المنتوج الثقافي بالمردودية الاقتصادية المحضة، ولذلك يجب التفكير في سياسات خاصة بهذا الغرض، باليات ملائمة لأهدافها. كما أنه من غير المجدي الاعتقاد أن الدعم الثقافي الهزيل وبنفس الالية، كفيل بصنع سياسات ثقافية وبناء نموذج اقتصادي لها.
وفي سياق ما تشير إليه التصريحات المذكورة، من انكباب الوزارة على التفكير في إعادة النظر في كل مكونات برنامج الدعم الموجه للمسرح، تذكر النقابة الوزارة بأن الدولة ملزمة، بالإضافة إلى الأحكام الدستورية المشار إليها أعلاه، بمقتضى قانون الفنان، بإشراك المهنيين الفنيين في وضع السياسات التي تهم القطاع الفني خاصة والقطاع الثقافي على العموم.
ومن هذا المنطلق، تلح النقابة على أن أي تقييم أو مراجعة للإجراءات المعمول بها في مجال دعم القطاع المسرحي لا يمكن أن تكون أحادية الجانب. وأنها حريصة على أن تكون شريكا إيجابيا في هذا التقييم وإعادة التوجيه الذي ما فتئت تدعو إليه منذ عدة سنوات. وتعتبر أن أي مقاربة تقنوية لهذا الموضوع، في غياب رؤية سياسية شاملة متفاوض بشأنها لن تكون إلا تعمية وإجهازا على ما تحقق من منجزات وإهدارا غير مسؤول لأزيد من عشرين سنة من الجهود المشتركة للتقدم بالمشهد المسرحي والثقافي الوطني.
وختاما تعلن النقابة، بكل أجهزتها الوطنية والترابية، إلى جانب حلفائها الموضوعيين، تعبئتها ويقظتها، للدفاع عن مصداقية عمل الفنانين المسرحيين وتعزيز مكتسبات الحركة المسرحية الوطنية بكل مكوناتها، وفتح آفاق جديدة لتطويرها.
حرر بالرباط يوم السبت 11 يناير 2020 المكتب الوطني