البسكاتورية في المسرح/ علاوة وهبي

قد يبدو للبعض ان مقولة البسكاتورية في المسرح مقولة غريبة او نسبة غير دقيقة. الا انني اعدها صحيحة ونسبة صحيحة كذلك.والبسكاتورية نسبة الي الكاتب والمخرج الالماني الكبير اروين بسكاتور(1893. ..1966)
والذي شاركه الكاتب الكبير الذي كان له التأثير الكبير علي عديد الكتاب في انحاء مختلفة من العالم في القرن الماضي اعني برتولد بريخت مواطن الماني مثل بسكاتور.(1898…1956).

 
عندما انتهت الحرب العالمية الاولي كان بسكاتور في حوالي الثلاثين من العمر ويقاربه في السن بريخت اذ كلاهما من مواليد نهاية القرن التاسع عشر. والثلاثين من العمر هي منتصف العمر الشبابي وهو قمة الثورة والتمرد عنده الحرب العالمية الاولي وما نتج عنها دفعا بسكاتور الي التفكير في التغيير المسرحي وما كانت تعرفه مسارح تلك الحقبة. واهتدي مع المد الاشتراكي والثوري في العالم وانتصار الثورة السوفياتية وقيام الاتحاد السوفياتي و وصول هتلر الي السلطة في المانيا .
عمل بسكاتور في اول الامر في مسرح دولة وبدأ في تطبيق نظريته في التغيير بتقديم العروض باسلوب جديد لم تتعود عليه المسارح ولا تعود عليه الجمهور وذلك باستخدام اللافتات الدعائية، والغاء الجدار الرابع واستخدام المشاهد السنيمائية، وايقاف مجري الحدث المسرحي لكسر الايهام عند المتفرج، وهو ما عرف فيما بعد معوبريخت بمصطلح التغريب. وقد تحدث بسكاتور عن ذلك كله في كتابه القيم المسرح السياسي واظنه كتابه الوحيد.

 
وتجدر الاشارة هنا الي كون حركة بسكاتور التجديدية وفي المسرح لم تكون وحيدة بل كانت هناك حركات تجديد عرفتها انحلترا مع هنري كريج وكذا حركة مايرخولد في الاتحاد السوفياتي. وكان بريخت يعمل مع بسكاتور ومما لا شك فيه انه تأثر به وبما كان يقوم به في تجربته المسرحية وقد انعكس الكثير من آراء بسكاتور في آراء ومفهوم بريخت للمسرح وفي كتابة نصوصه المسرحية.
بسكاتور رجل المسرح ورجل السنيما استخدم كذلك في مسرحه المناشير السياسية التحريضية والوثائق، والتي اخذه بمفهومها فيما بعد الكاتب بيتر فايس فيما عرف بالمسرح التسجيلي..اتهم بسكاتور من طرف الكثير من المحافظين في المانيا مع صعود النازية. وقال البعض بانه من اصول يهودية، الامر الذي اضطره الي الاستقالة من مسرح الدولة وانشاء مسرحه الخاص باسم التريبونال. بين سنوات1920..1929 ومن العروض التي قدمها في مسرحه الخاص والتي استخدم فيها الاليات الملحمية قبل ان يستخدمها بريخت. وكان فيها ممثلا ومخرجا كذلك نذكر له:
1..هكذا الحياة
2..راسبوتين
3 الجندي الشجاع شفايك.

وهذه الاخيرة كانت قمة نجاح بسكاتور. ومما كان يهدف له بسكاتور هو جعل السنيما في خدمة الدراما المسرحية كذلك من التغييرات التي تحسب له والتي اصبحت بعده من التقنيات المستخدمة في المسرح, ولم تكن اولا يكن مقبولا استخدامها قبله اعني وضع الاضاءة وفي مؤخرة الركح المسرحي.
تجربة بسكاتور هذه التثويرية وجدت انتشارا لها في جهات مختلفة من العالم وان اصبحت تنسب الي برتولد لريخت اكثر مما تنسب البسكاتور، وجدت الظاهرة انتشارا لها في كل دول العالم التي كانت تسير في النهج الاشتراكي وعرفت توسعا كبيرا بين فرق هواة المسرح لانها تعتمد علي اسلوب التحريض والدعوة الي الثورة ومشاركة الشعب في التسيير . كما وجدت الظاهرة مرتعا لها غي امريكا خلال حرب فيتنام وعرفت بمسرح الشارع. اذ كانت الفرق تنزل الي الشوارع لتقديم عروض مناهضة للحرب ومحرضة لابناء الشعب رفض التجنيد والتوجه الي فيتنام لمحاربة ابناء الوطن في وطنهم.
البسكاتورية هذا المصطلح اري انه من الضروري ان يجد طريقه الي الكتب التي تتحدث عن المسرح وبالاخص تلك التي تتحدث عن بريخت وتنسب اليها مفهوم التغريب والملحمية وغيرها .انه من الاهمية اعادة حق السبق لصاحبه. وان كان بريخت اضاف لنا ان نحق له ذلك.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت