"قصة حب وثنيه" جدلية الإنسان في علاقته بالسلطه /بقلم:حسام الدين مسعد (مصر)

«المباع لا يستبدل»

 
حين تبحر في نصوص الكاتب العراقي سعد هدابي تراه منشغلا دائما بقضايا الإنسان وعلاقته بالسلطه او بالأحري قضية اغتراب المواطن في وطنه.
لكن حين تغوص في نصه «قصة حب وثتيه » والتي تتناول حياة «صفوان »الذي يعيش مختبئا داخل قبو مع فتاة صماء بساق واحده تصنع الدمي القماشيه بماكينة حياكة تدعي «ياقوت ». وفي حوار جدلي عبثي يقص لها صفوان قصته العبثيه والتي أوردها الكاتب كقصة آدم علي الأرض، فتراه يذكر في حواره انه قريب الشبه للقرود وكيف ان إختلافه عن هذه القرود كان سببا في مطاردته من هذا الرجل او الحاكم الذي يسيطر عليها وأنه ينتظر الإعتقال لكنه يسعي أولا ان يصنع عكازا ل«ياقوت»يشبههما ويختلف عن هؤلاء المنافقين الذين باعوا انفسهم ولا يستطيعوا الرجوع في بيعتهم أو استبدال البيع.
لتنتهي قصة الحب الوثنيه كما سماها سعد هدابي بالهرب داخل وعاء كبير يشعل صفوان عود من الكبريت، ويحدث إظلام بعدها لنفاجئ بصفوان او من يشبهه بعد مرور فترة زمنية كبيره يحمل ساق من القماش ويحاول تركيبها لياقوت تعويضا عن ساقها المفقوده.
إن المضامين التي حملها هذا النص والتي أوردها الكاتب في نصه او حتي استطاع القارئ التفكيكي قرائتها بين ثنايا نص سعد هدابي، هي رسائل فلسفيه وإنسانيه ذات أبعاد قيميه عظيمه بداية من اسم النص «قصة حب وثنيه » والتي تطرح علي القارئ.
سؤال هام هل يجوز ان نحب صنم ؟وما هي الفائده من هذه العلاقه؟ وهل قصد الكاتب من عنوان نصه ان العلاقة في قصة الحب هذه؟ هي علاقة متحجره خالية من العواطف والمشاعر ؟ ام انها علاقة حب من طرف أوحد ليس فيها تبادل شعوري؟ إن السؤال الذي قصده الكاتب من عنوان نصه والذي يدفع القارئ للغوص في اعماق النص باحثا عن إجابة تشفي الحيرة والعبثيه التي اضفاها سعد هدابي علي العنوان في نصه قصة حب وثنيه.
قد يراها القارئ انها علاقة الحب بين «صفوان» و«ياقوت»تلك الفتاة الصماء التي لا تنطق والتي لو وصفت علاقة الحب، هذه بكلمة «وثنيه» يكون تعبير بليغ يؤكد علي ان العلاقة من طرف واحد فهي قصة حب لوثن او صنم لا يبادله المشاعر. وقد يراها الكاتب انها تعبير عن حالة التجاهل التي يشعر بها الحبيب تجاه محبوبه الذي لا يبالي حبه.
إلا أنني أري أن سعد هدابي قصد بها حب الوطن الذي يتجاهل ابناؤه المخلصين فأصبحت قصة حبهم له قصة عبثيه اشبه بقصة حب إنسان لصنم لا يبادله المشاعر، لقد وفق سعد هدابي في إختيار اسماء شخصياته والتي تحمل إشارة ورمزا هاما فبطل نصه المونودرامي «صفوان» هو رمز للإنسان الذي اصطفاه الله بالعقل مميزا اياه عن باقي المخلوقات. أما «ياقوت» فهو نوع من الجواهر النفيسه والاحجار الكريمه التي أري أن سعد هدابي استخدم هذا الاسم في إشارة رمزيه منه الأرض او الوطن الذي نعشقه رغم أنه لامادية ملموسة له سوي ارضه التي نعيش عليها. كما وفق سعد هدابي في طرحه لمجموعة من الرسائل منها (ان المباع لا يستبدل»في إشارة منه إلي ان نخاسي الوطن والمنافقين للسلطه علي مر العصور لن تكتب لهم العودة مرة أخري ليغيروا ما بأنفسهم ويعملوا لصالح اوطانهم لا لصالح مصالحهم الشخصيه. وايضا ما أورده صفوان «من أنه يريد أن يصنع عكازا لياقوت يشبههم لا يشبه الآخرون المتلونون علي كل الموائد.
إن سعد هدابي في قصة الحب الوثنيه طرح لنا جدلية الإنسان في علاقته بالسلطه، هذا الطرح العبثي الذي اختلط بسيمائية خاصه بالكاتب الذي يمتلك في جعبته ادوات الرمز والإشاره فليس ابلغ من مشهد النهاية التي يصور لنا الكاتب فيها هروب ياقوت وصفوان داخل وعاء كبير ثم يخرج صفوان عود من الكبريت ويشعله في رمز صريح للأمل وانطلاق شرارة الثوره ضد السلطه بكل اشكالها التي اوردها سعد هدابي في نصه . والتي كنت احسبه نهاية لقصة الحب الوثتيه تلك .
لكن سعد هدابي أراد أن يؤكد علي رسالة هامه وبعد مرور أزمنة كثيره عاد صفوان بعد ان تقدم في العمر يحمل ساق من القماش ويجذب يا قوت كدمية ليعوضها عن ساقها المفقوده في ختام عبثي من عاشق انتهي وبلغ لغاية دلاليه هامه وهي أن قصة حبه تلك ماهي إلا قصة حب وثنيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت