نص مسرحي: "النفخ في رئة الذنوب .." / * أثير الهاشمي

نص مونودراما

 
طبول تدق.. استعراض صوفي لراقصات وراقصين على التلفاز، فجأة تتوقف الموسيقى ..
(يحاول الرقص بالاستدارة مثل رقصات المتصوفة)
ينقطع الرقص الصوفي ..يظهر مقطع تلفزيوني فيه : عاجل، عاجل.. (سقطت عدة صواريخ قرب منطقة..القصف لم يزل مستمرا..عشرات القتلى والجرحى ….)
أووووو .. الى متى ،، يا إلهي .. ما الذي فعلناه كي نعاقب بهذه الطريقة ..
من جديد .. عاجل ، عاجل : (صرح بوتين أن بلاده ترفض القصف ال..بينما أعلنت اليمن سقوط عدة صواريخ. أوردغان، ترامب ، نتنياهو ….. )
يا إلهي ،، لم نزل ننفخ في رئة الذنوب..ذنوبا أخرى .. وأحزانا حائلة .. وآلامانا طازجة.. أمنياتنا ضائعة.. وهذا الظلام لم يزل يرخي سدوله علينا.. لم يزل الليل يأكلنا..نجمة نجمة.. فهو يتخم..ونحن نغصّ بأحلامنا التائهة ..
( يظهر عاجل آخر: إرتفاع حصيلة كورونا الى…إصابات جديدة  في الصين وإيطاليا وإسبانيا وأمريكا وووو..فيما ازداد عدد الوفيات إلى…حجر صحي وقاية..خلية الأزمة.. خليك في البيت )
( بغضب وهو يعدد ) : وباء، قلق، رعب، علاج، أزمات متتالية، وأخيرا حظر.. خليك بالبيت.. نعم سنبقى في ظل البيوت..لكن،لا جديد في حياتنا إلا النظر بوجوهنا كل برهة.. نرى وجوهنا من عين واحدة..وجوهنا (يصمت) يحضر المرآة.. يتمعن بوجهه؛ يضحك، يستمر بالضحك، فجأة يتذكر شيئا ما، يبكي، يصرخ، يبكي، يعود الى الضحك، يبكي يضحك يصرخ.. يصمت..
(لحظة صمت.. يرمي المرآة.. يدير وجهه نحو الجمهور..تبدو اللحية كثيفة والشعر طويل) : هكذا نحن، عندما نموت أو نحجر  تظهر لنا وجوها أخرى، وتختفي وجوهنا الحقيقية.. هل احد منكم يعرفني. هل رأيتموني ذات مرة.. حتى حبيبتي ربما لا تعرفني الآن (يتلمس لحيته) ..أصبحت  مجنونا لكن بعقل (صمت) نعم أنا مجنون لكنني عاقل..هل رأيتم مجانين عقلاء..نعم أنا احدهم.. أو ربما فقدت عقلي..يضحك، ويبكي في آن واحد..(لحظة صمت) يا للهول..الحياة .. نحن بالنسبة إليها, أسطوانة فارغة، نعم، أوعلبة منتهية الصلاحية..تركلنا بأقدامها حال الانتهاء منا (يحاول أن يركل نفسه ،، يجري المحاولة عدة مرات.. يكمل) ستركلنا الحياة.. ركلة واحدة..نحو فضاءات مجهولة.. سننتهي من تأويل ذواتنا.. من أنوثة فحولتنا.. ومن فحولة الأنوثة..من فحولة  نهاراتنا المتخمة بالضياع …
سنتخذ من الريح بيوتا نطير  فيها ، مثل فراشات تائهة ..( يقلد الطيران ) لم تزل قلوبنا معبأة بأنواع الحزن ..
كلما نفخت حكاياتنا في رئة التيه ، اقتضى وجودنا مثل عافية خاملة، لا شمالية ولا جنوبية .. يكاد حزن الأرض يضيء ..
( بصوت منخفض) : نعم يكاد حزننا يضيء ..(بحزن) حزننا يكاد يضيء (يكرر) يضيء حزننا يكاد (يبعثر الكلمات ماسكا رأسه) يكاد . حزننا . يضيء ( لحظة صمت ) الحروب والأوبئة ووو ..حكايات تعجز القلوب عن ضمها ،، تتوهم العقول عن استيعابها …
( لحظة صمت ) ..
حكايتنا واحدة .. نعم .. لكن الفرق .. الأول يموت بفايروس صغير لا يرى بالعين المجردة .. أما نحن فنموت بصواريخ تراها كل العيون .. نحن مجانين الحروب، أكلتنا الحروب في ظل هيمنة الاستعمار، وغطرسة السلاح ..
(يسمع صوت انفجار ) .. ( يصمت ) ينظر الى التلفاز .. ( خبر عاجل )
( يمتعض) عاجل .. عاجل .. ما هذا الهراء .. ( يصمت ، يتحدث ببطئ) نعم .. هكذا نحن، للآن لم نتعلم من حروب الآخرين ، علينا أن نصمت ، أن نعيش ، أن نحيا ..( لحظة صمت ) اللعنة على الموت وهو يخبئ إلينا نقاط الضعف تحت ملامحنا الرثة !! ويظهر فوق ملامح وجوهنا  العبس والغضب والألم ..نحتاج ابتسامة صادقة ..( يحاول الابتسامة ) مثل ابتسامة أمي وهي ترفع يديها للسماء ..يا ويلنا من عذاب السماء ،، إن لم نعيد الأسماء إلى أمكنتها أو لم نصنع من هذا الموت رغيفا من العافية ..
                                      ( ظلام ) .. موسيقى تلائم النهاية ..
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت