ملاحظات خاصة حول دراما رمضان/ د. عبد المجيد أهري

من خلال سلسلتي “سلمات أبو البنات” و”ياقوت  وعنبر”

 
انتهى  الشهر الفضيل، تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وإبان انتشار كوفيد ـ 19 الذي فرض علينا الحجر فرضا مطلقا  في بيوتنا مع الالتزام بالشروط الصحية اللازمة، عفا الله عنا ورفع عنا هذا البلاء.
إبان فترة الذروة، كان متتبعي البرامج الرمضانية مع سلسلتين، حصدتا اهتمام الجمهور الواسع، وحقق نسبة مشاهدة مهمة حسب النظام المعمول به. على كل حال، تبقى تلك مجرد أرقام. وفي أثناء عرض السلسلتين، أقصد كل من “سلمات أو البنات” من إخراج هشام الجباري، التي تعرض في قناة mbc5، ومسلسل “ياقوت وعنبر” من إخراج محمد نصرات، على القناة الأولى، تعددت أراء الجماهير الواسعة بين القبول والاعجاب والرفض والتنديد، بخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي  (فايسبوك ـ أنستغرام).
وإذا لم تكن تهمني آراء الجماهير الواسعة، بقدر ما تهمني كيف كانت الآراء من طرف  المهتمين بالمجال الفني، نقدا وممثلين. فوجدت العديد من الآراء التي تستهجن المحتوى من طرف بعض ممن لم يجد نفسه داخل الدائرة، فكانت تدويناته ضعيفة جدا تكشف عن باطن النفس، والبعض الآخر اكتفى بالصمت، فلم يبدي لا الإعجاب  ولا الرفض ولا القول، حتى بجيم واحد، مادام لا يستطيع أن ينتقد إبداع زملائه، أو أن يقول رأيا في المادة الإبداعية. وهناك طرف ثالث، شارك في بعض الأعمال، وظل  قبيل رمضان يضرب في ا أناقة الأعمال المنافسة، ويبحث لها عن مكامن الضعف بعيدا عن الإبداع في ذاته، بل ظل يطبل لأعماله التي مر منها في مشهد قصير جدا، كأننا أمام غياب مؤسسة خاصة بالتواصل والتسويق للمنتوج الإبداعي. وكذلك كان،  فنحن نفتقر إلى تلك النوعية من المؤسسات التي تتكلف بالتواصل والتسويق، كأننا لا نريد أن نتعلم من التجارب الراقية والمتميزة شرقا قبل تلك التي تتشكل إبداعا في بلاد الغرب.
بالمناسبة، على ذكر التجارب الغربية، أتذكر جيدا مسألتين أساسيتين كانتا ترافقان عملية إبداع سلسلة “صراع العروش”، ففي إحدى الأجزاء الأولى للمسلسل كانت الحاجة إلى اعتماد لغة جديدة، وجب خلقها، مثلما وجب على الممثلين تعلمها في الآن نفسه،  فكان ميلاد اللغة الدوثراكية،وهي لغة خيالية أو لغة مصطنعة تم اختراعها في سلسلة روايات جورج ر. ر. مارتن أغنية الجليد والنار،  والمسلسل التلفزيوني المبني على الروايات صراع العروش، حيث يتحدث بها قوم رُحَّل يتم تسميتهم بالدوثراكيين، سكان البدو القريب من البحر الدوثراكي. تم تطوير اللغة في المسلسل التلفزيونية من قبل ديفيد ج. بيترسون  بناء على الكلمات والعبارات الدوثراكية في روايات مارتن، إلى جانب لغة أخرى هي اللغة  الفاليرية، وهنا يطول الحديث. وأما المسألة الثانية هي تلك العريضة الهائلة التي وقعها العديد من المشاهدين عبر العالم، التي تطالب بمسألة واحدة هي إعادة كتابة سيناريو الجزء الأخير من السلسلة، وهذا ما أدى إلى التفكير في إضافة جزء آخر للسلسلة، من المتوقع بداية التصوير سنة 2022.
نعود إلى أرض الواقع، إلى سلسلتي “سلمات أبو البنات” و”ياقوت وعنبر”، فأما عن الأولى، فكل الملاحظات التي سجلها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي تكفي مخرجنا هشام الجباري ومعه طاقم الإعداد إلى إعادة النظر في العديد من المسائل على طول السلسلة الإبداعية، لكن، ماذا يعني أن يتم اختيار حل انتحار عزوز عوض فهم الحالة النفسية والمرضية للشخصية، عوض اختيار أقصر السبل لإنهاء الجزء الأول، وماذا يعني الحصول فقط على شهادة تبرئة ذمة  لطيفة السيدة سلمات من طرف شخصية خالد، عوض متابعته أيضا في جريمة محاولة قتل الأخيرة، مع الإشادة بقوة الأداء والحضور لكل من محمد خيي والسعدية لديبوعبد الغني الصناك وعبد الحق مجاهد وغيرهم.
وماذا عن “ياقوت وعنبر”، فمم لا شك فيه، تميز الكاستينغ، وقوة الأداء والحضور، بخاصة عند ممثلين بعينهم في مقدمهم عزيز الحطاب  ونورة الصقلي وحسنة طمطاوي والصديق مكوار وخديجة زروال وتاج الدين وجبارة وأضيف أيضا سعد موفق، ولا ننسى وردة الشاشة الآن، شاء من شاء وكره من كره فاطمة الزهراء قنبوع.
لكن اسمحوا لي، ماذا وقع في الحلقة رقم 26، بعد وصول الأحداث إلى الذروة وانعكاس الموقف؟ ببساطة تفكيك واضح في البناء أو في كيفية إعادة الأمور إلى سكة أخرى من الحكي، ومن العلاقات التي تحولت من السعادة إلى الشقاء أو من الشقاء إلى السعادة أو ما بعد اكتشاف الحقائق والتحول من الجهل إلى المعرفة. وماذا وقع في الحلقة الأخيرة، ببساطة، السير نحو النهاية السعيدة، بلم شمل أسرة التلمسي بزواج الغالي وياقوت..
لكن قبل الزواج ماذا وقع، الذي وقع كانت جريمة تسببت بعجز تام لشخصية فوزي، الذي كان لابد من البحث عن أي حل لتغادر هذه الشخصية مضمار الأحداث.. فكان العرس. وانتظرت شخصيا حدثا أخر، قد يكون نتيجة للجريمة التي ارتكبها عريس الليلة بصحبة اخته، وبمباركة العائلة، ربما قد يتسبب في ميلاد جزء ثاني ونهاية استثنائية، هذا إن لم يكن لكل من نورة الصقلي وسامية أقرو  وجواد لحلو رأي آخر.
على كل حال، كان بالإمكان كما قال فؤاد زويرق، تلخص العديد من الأحداث الإضافية والجانبية، مما قد تتحول الثلاثين حلقة إلى عشرين حلقة.. شكرا للطاقمين على المتعة الطبية، وشكرا للممثلين على قوة الحضور والأداء، في انتظار اقلاع حقيقي للدراما المغربية.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت