ابستمولوجيا "غي " لعمار نعمه جابر / بقلم: حسام الدين مسعد (مصر)
يطرح الكاتب العراقي عمار نعمه جابر نصه الجديد بعنوان «غي» والذي يستهله بحوار جدلي بين شخصين أطلق عليهما الأول والثاني هذا الحوار العقائدي الجدلي الذي خلقه الكاتب بين رجل دين هو (الثاني) وبين عامل بسيط (الأول ) تم إستئجاره ليعلق لوحة (لايقونة مقدسه) من وجهة نظر (الثاني) في حين ان (الأول ) يري أنها كلوحة مثلها مثل آلاف اللوحات بل ان (الثاني) يطلب امرا عبثيا من (الأول ). وهو ان تبقي اللوحة راسخه ثابته لثمانمائة عام تهز وجدان الجميع مع ضمان (الأول) لذلك الأمر اي ضمانه لعدم خلخلتها عن مكانها قبل الثمانمائة عام .
تخوض الابستيمولوجيا المعاصرة عموما، في تعريف وتسويغ المعتقدات. فالمعرفة التي يتناولها الإبستيمولوجيون المعاصرون هي معرفة القضايا. أما معرفة النص او إبستمولوجيا النص فتشمل علم المعرفة، الهرمنوطيقا، علم الدلالات، علم اللغة، وفلسفة اللغة. وينبغي أن نفرق أولا بين فهم النص ومعني النص.
ففهم النص مغاير لمعني النص. فالمعني هو الشيء الذي يحمله النص. أما الفهم فهو ما يمارسه المتلقي أو عامل المعرفة، وقد يصيب به معن النص أو قد يكون الفهم مغلوط ا، فينحرف عامل المعرفة عن معن النص ولا يصيبه. لذا يبحث في معن النص بعد البحث في قضية فهم النص ولقد فهمنا من نص عمار نعمه جابر “غي” أنه يجب علينا جميعا ان نقف في المنتصف لتبدو الأمور علي حقيقتها . وبالتالي فإن الكاتب يقودنا الي المعرفه من خلال الفهم البسيط لنصه “غي” الذي يدعونا فيه الحياد عند الحكم علي الأمور.
لكن حين نتطرق الي تأويلات النص التي يستطيع القارئ التفكيكي ان يبحث فيما اورده الكاتب عن قصد او ما لم يقصده الكاتب . فنجد أن عمار نعمه جابر قد اختار لنصه عنوان “غي” والغي في اللغة تعني الضلال إستنادا اقول الله تعالي «قد تبين الرشد من الغي » واري انه وفق في إختيار هذا العنوان الذي يحمل معنيين الأول هو ضلال الآخر الذي يسعي لنشره والسيطرة به علي (الأنا) والمتمثل في نص “غي” في شخصية رجل الدين (الثاني).
أما المعني الثاني فهو ضلال النفس (الأنا) التي أما تستجيب لرغبة الآخر وإما تتجادل معها والمتمثل في شخصية العامل البسيط (الأول) وهذا المعني هو ما قصده الكاتب في الجملة التي وردت في حديث الأول مخاطبا الثاني «علينا جميعا ان نقف في المنتصف لتبدو الأمور علي حقيقتها» اي انه لبلوغ المعرفه يجب ان نحكم المنطق والعقل وإن نكون علي حياد تام دون أي تأثير أو هوي ونحن نحكم في أية قضيه كانت .
لقد امتلك عمار نعمه جابر الفاظ لغويه (جاحد وكافر ، قنبلة موقوته ، قنبلة نوويه ،صاروخ عابر للقارات ) كانت لها الأثر البالغ في معرفة المخاطب (الثاني) والتي تعين علي تحليل شخصيته وفهم ايدولوجياته التي هي في مكمنها ضلال نابع من شخصية ميكافيليه الغاية لديها تبرر الوسيله فلا يكترث بالآخر بل يلقي التهم جزافا وكأنه يحمل سوطا يجلد به كل من يخالفه الرأي او يفضح إيمانه المزعوم او يكذب خرافاته وكأن الكاتب أراد أن يخبرنا ويزيد معرفتناان الآثم هو من يجهر بالأثم فمن لفظ «راي جاحد وكافر »هو صاحب الفكر الجاحد الكافر الذي يستطيع به ان يكفر ويغطي الحقيقة عن الناس
لقد تناول عمار نعمه جابر قضية هامه وفلسفيه وإن كانت تضرب في معتقد ديني لخصها في جملة حواريه ل(الأول) «الرب ثابت لا يتغير ما يجب ان يتغير هو صورته في أذهاننا»
إن عمار نعمه جابر يقودونا للمعرفة الحقيقيه للرب وأن تتغير الصورة الذهنيه التي جبلنا عليها لتتناسب مع ثبات الإيمان به جل وعلا هذه الفلسفة الطرديه الهادفة لمعرفة الرب والتي تجعل من الشك يقين لا يتزحزح هي معرفة نهائيه كبلوغ المتصوف الذي ينتقل من المعرفة الماديه الي المعرفة النهائيه بما يسمي (اليقين) ان عمار نعمه جابر يدعونا لبلوغ اليقين والإنتقال من المعرفة الماديه الي المعرفة النهائيه في أية قضيه حتي يصبح الحكم فيها مبتني علي معرفة يقينيه
ولذا طرح عمار في نصه قضية جدليه وهي الحياة الأبديه او العالم الآخر هذا الذي لم نبلغ فيه اليقين وكل ما لدينا اقاويل تواترت لا سند دامغ فيها هذه الأقاويل التي تواترت اشبه بلوحة الأيقونه المقدسه التي سقطت وتهشمت بعد دقائق من تعليقها ليخبرنا الكاتب ان الأقاويل والأخبار المتواتره والخرافات ستكون نهايتها هي نفس نهاية اللوحة المقدسه اذا تكشفت لنا الحقائق وإذا تسلحنا بالمعرفه او الأبستمولوجيا
لقد استطاع الكاتب عمار نعمه جابر ان يفتح لنا افاق المعرفه في نصه البليغ “غي” هذا النص الذي لم يستهله بتعريف الشخصيات او تحديد الزمان والمكان كي يتجادل القارئ مع الفكرة الفلسفيه ويفتح له افاقا معرفيه تخلق للنص ابدية خالده في ذهن القارئ الذي أثناء قرائته ل«غي»انتقل من المعرفة الماديه الي المعرفة النهائيه وبلغ اليقين الذي يجعله قادرا علي الحكم بجودة نص عمار نعمه جابر.
النص ” غي” منشور بالفرجةك
https://www.alfurja.net/2020/06/%d9%86%d8%b5-%d9%85%d8%b3%d8%b1%d8%ad%d9%8a-%d8%ba%d9%8e%d9%8a%d9%91-%d8%aa%d8%a3%d9%84%d9%8a%d9%81-%d8%b9%d9%85%d8%a7%d8%b1-%d9%86%d8%b9%d9%85%d9%87-%d8%ac%d8%a7%d8%a8%d8%b1/