ماري منيب…..الشر الباسم ( الجروتسك)/ د. محمود سعيد

تمثل ماري منيب مرحلة مهمة في التمثيل المسرحي المصري .خاصة انها المرأة الوحيدة التي تخصصت في لعبه الكوميديا وأخلصت لها علي مدار أربعة عقود تقريبا. فقد منحها الله شكل وصوت يكفل لها ذلك.. لكن ماري منيب..تعي مفردات اللعبة جيدا
لذلك منذ مرحله البدايات وهي تستثمر قدراتها الفنية من عيون مفتوحه باسمه الي شفاه رقيقه علي فم واسع جدا يوحي دوما لنا اننا امام سيدة كبيرة في السن لها من الخبرات والتجارب علي الرغم من أن ماري بدات رحلتها مع المسرح مبكرا جدا
لكن اختارت ادوار النضج والكبر الأدوار التي تستهلك فيها رؤيتها للزمن وللمواقف بذكاء حاد …وكانها صاحبة تجارب
الجروتسك…..
تواجه ماري نفسها ادوارها بطريقه أداء بها قدرا من العناد والممانعة. تختلف درجاتها من دور لاخر حتي لو حدث نوعا من اعتياد الممارسة وإعاده انتاج وتكرار أو حتي وصفها بأنها ممثلة نمط  ،لكن ماري منيب اذكي من هذا التوصيف عبر استخدامها لما يسمي بالجروتسك قبل أن تتعرف عليه مدارس واتجاهات المسرح الحديث…فقد مارسته ماري بوعي وقوه
خاصه ان الجروتسك مرتبط بالتشكيل اولا…فنجد ماري دوما وكانها ترسم لنفسها لوحه أو هي لوحات متنوعة داخل لوحه واحدة..تهتم بلعبه التشويه أو التقبيح علي مستوي الصوره والصوت
إذ أن لديها إصرار غريب في اظهار ان ما هو كوميدي في الجروتسك هو نفسه ما يلفت النظر الي ما هو مضاد للكوميديا عبر اللعب علي المبالفات والابتذال في الشكل وتسريحه الشعر والماكياج الذي يشوه اكثر منه صنعا للجمال
فهي تؤدي من منطقه المستحيل وغير المنطقي عبر تكامل جميع القوي النفسية والجسمية التي تنطلق من اعماق الممثل وتفجر الضحكات ومن ثم المرور من الضحك الي التأمل الدرامي .والعكس صحيح
في ظل عالم يمتليء بالتشوه مفكك .إذ لم تعد النسب مالوفه وتغيرت القوانين حتي مقاييس الجمال تبدلت، فهي لا تنتهك القاعدة في الأداء التمثيلي لا بل هي تنكر القاعدة من الاساس
هي تلعب علي التعبير عن الصراعات الإنسانية بطريقه مزاجيه خاصة تتمثل في التركيز علي أشكاليه الفرد الموجود في محيط اجتماعي معاكس
لتبدو خيبه الأمل واضحة بشدة والأمال المحبطه والتي تعوض عاطفيا بلمسات كوميدية من الفكاهه اللطيفة التي تعطي الجمهور احساسا بأن الفرج قادم لا محاله
والأمثلة كثيره علي هذا الكلام ..لدينا (الا خمسة ) وهي مسرحيه قديمه جدا الا انها مازالت تمتلك مقومات بقاءها الي الان وذلك بفضل ماري منيب تلك السيدة العجوز التي تؤدي معظم المشاهد من شرفه المنزل,, لكن بوعي منظم شديد الاتقان مع فريق عمل متكامل متناغم من كثرة الممارسة المسرحية والتجارب المتنوعة
لكن مثلت ماري منيب رمانه الميزان وحجر الزاوية في نجاح المسرحية عبر الوجه القبيح والتلوين الصوتي والمراهقة المتاخره الغير منطقية والتي جعلتها في النهاية تنطق بالحق من حق الشباب ان يرتبط بالشباب ببساطة وذكاء
فعن طريق المكائد الماكرة”. التي لاتخلو من الفكاهة. ورغم أن الفكاهة قد تأتي قاتمة مريرة، أو تحمل طابعاً جروتسكياً غربياً، أو حتى طابعاً كئيباً مروعاً، فالمسرحية وأجواءها النفسية المشرقة بجلاء، مابين الواقع والمأمول حيث حلم الشاب سليمان بالكنز وحلمة ايضا بالزواج من حبيبته ابنه اخ ماري منيب في المسرحية لتبدوا المشاهد متناثرة ما بين الجد والهذل الواقع والخيال البخيل والطماع او الامين الكريم في اطار كاركاتوري ساخر برز كاطار عام للمسرحية، وذلك بفضل قوة وذكاء ماري منيب في القبض علي لحظات الابداع المتنوعه بالمسرحية في اطار جروتسكي استخدمته ماري منيب حتي دون ان تعي بالجروستيكيه ذاته

 

 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت