نص مسرحي: "نــوافــذ" / بقلم: د. نزهة حيكون

حياة لا تؤمن بالصدفة، لكن الناس يعشقون الاستكانة لمقولات جاهزة تزج بهم في خانة الخضوع، والتخاذل، مقولات كالصدفة و الحظ و “المكتوب”، و هم لأجل ذلك يطلقون أحكامهم هنا و هناك، و لا يكفون عن رؤية العالم من زاوية واحدة، غافلين عن زوايا أخرى قد تجعل حياتهم أسعد، و وجودهم أكثر فعالية.
ترصد المسرحية لحالات إنسانية متباينة، قد تجري في أي زمان أو مكان، حالات ننظر إليها من زوايا جاهزة سلفا، فنرى فيها سوادا حالكا وحده، أو بياضا ناصعا فقط، كما قد نراها رمادية بلا بريق و بلا حياة..
المسرحية تحكي في جو تخيُّلي صرف، قصة ثلاثة رجال، يبيعون إطارات للنوافذ،و يبيعون معها رؤى مختلفة للعالم و الأشياء، و لا يستطيعون التخلص من لعنة هذه الإطارات و هم:
بياض: يبيع إطارات نوافذ بيضاء فقط، و يبيع معها النظرة المتفائلة، و الساذجة أحيانا، التي ترى العالم ورديا دائما.
سواد: يبيع إطارات نوافذ سوداء لا غير. و يبيع معها النظرة المُغرقة في العدمية، و السواد.
رمادي: يبيع إطارات رمادية دون غيرها. و يبيع معها الوسطية السلبية التي لا موقف لها .
عندما يكتشف السكان لعنة هذه النوافذ يطردونهم شر طردة، يهرب الرجال الثلاثة، محملين بسلعتهم، وباللعنة التي تطاردهم، فقد أصبحوا هم أنفسهم مهددين بالتحول إلى إطارات خشبية، أما اللعنة فلن يتخلصوا منها إلا بإعلان أحد الزبائن لامتنانه للألوان الثلاثة،  يقررون دخول أول مدينة تصادفهم لبيع ما تبقى من إطارات و نوافذ،لعلهم أيضا يجنون امتنان و شكر الجنس البشري لصنيعهم، لكنهم يلتقون بصالح الزبون الوحيد الذي سيقرر شراء إطارات بالألوان الثلاثة مجتمعة:
صالح: أستاذ التعليم الثانوي، مفكر و ذو مبادئ و مواقف مُعلنة، يعيش مع عائلة مكونة من زوجة مريضة، و ابن وابنة في عقدهما الثاني، على مشارف الشباب الذي يغريهما بملذات الحياة، و التي لا يستطيع صالح توفيرها لهما بالضرورة.
رغبة من الباعة الثلاثة في التخلص من بضاعتهم و لعنتها، يقررون الانصهار بالإطارات والتحول إلى كائنات خشبية، ليعيشوا مع صالح و أسرته، و يكتشفوا سر اختياره للألوان الثلاثة، بل وليتمكنوا من انتزاع إحساس الإنسان بالامتنان، فهذا الإحساس هو الذي سيزيل عنهم اللعنة التي تطاردهم ..
                                   المشهد الأول: الهروب
الوقت ليل، في ساحة فارغة نرى الرجال الثلاثة سواد و بياض و رمادي في حالة هروب و خوف، يحملون إطارات نوافذ و يترقبون قدوم أحدهم..
سواد : (يحمل إطارات سوداء..)  لازالوا وراءنا ؟
بياض : (يحمل إطارات بيضاء..) لا أظن..
رمادي : (يحمل إطارات رمادية..) فلنرتح قليلا إذن ..
بياض : لا نستطيع الآن.. ربما لازالوا خلفنا..؟
سواد : و أنا لا أستطيع الاستمرار في الجري مع كل هذا الحِمل.
بياض : مطرودون بلعنة هذه النوافذ..
رمادي : لقد ابتعدنا عن المدينة.. يمكننا أن نأخذ قسطا من الراحة.
سواد : تعبت كثيرا من حمل هذه الإطارات..
بياض : ما يريدونه هو خروجنا و مغادرتنا للمدينة، نحن و قطع الخشب الملونة هذه.
سواد : هم يريدون موتنا.
رمادي : لا .. موتنا لا يهمهم، ما يزعجهم هم هو كلامنا.. أو بالأحرى كلام نوافذنا، برحيلنا سيرتاحون.
سواد : ربما أرادوا محو آثارنا نهائيا.
بياض : هكذا أنت كل شيء عندك أسود.
سواد : و بياضك أنت، هل نجاك منهم؟
رمادي : اخرسا معا، بسببكما أنا مطرود (بنبرة ساخرة..) بياض و سواد.
سواد : ماذا فعلت أنا؟
رمادي : جعلت نصف المدينة يعاني حالة اكتئاب، بسببك يا سواد منهم من دخل في عزلة، و منهم من انتحر أو حاول لمرات.
بياض : أما أنا فأكيد لا..
رمادي : سيد بياض، لا طبعا، فأنت جعلت النصف الآخر يُطل من نوافذك البيضاء فاغرا فاه، و ينتظر السماء لتمطر أمانا و أحلاما بليدة.
بياض و سواد : و أنت؟
رمادي : أنا حاولت أن أجمع النصفين، علَّ الأول يخرج من شرنقته، و الثاني يبتعد عن حماقاته..
سواد : نفاق.
رمادي : ممكن.. لكني أحافظ على النوع البشري من الانقراض.
بياض : ما الذي سيجعلهم ينقرضون؟
رمادي : لا معنى لبشر يعيش في ظلام حالك، أو في بياض يحجب الرؤية.
سواد : لكن الرمادي هو لا لون.
بياض : و لا موقف.
رمادي : ألوانكما و موقفكما رمتنا خارج حدود مدينتنا.
سواد : تتنصَّل من المسؤولية ؟
بياض : و كأنك لست من يوقعهم في حيرة.. إطاراتك الرمادية تجعلهم لا يعرفون يمينهم من شمالهم..
سواد : و كأنك لم تجعلهم يخلطون الليل بالنهار..
بياض : فلم يناموا ليلهم، و لم يتيقظوا في نهارهم.
رمادي : أنا إذن سبب تشردنا، و خروجنا مطرودين من المدينة؟
سواد : (بتأفف) لا أعرف..؟
بياض : و لا أنا..؟
رمادي : ما الحل الآن؟
سواد : الهروب.
بياض : نحن هاربون..
رمادي : سنظل هكذا..؟
سواد : الهروب حل وسط، أظنه سيعجبك.
رمادي : لا الهروب تعتيم و غموض لا نهاية له.
بياض : ليس المقام مقام شرح لفلسفة الهروب.
سواد : المقام مقام ماذا؟ (يتساءل بعصبية)
بياض : مقام بحث عن الحلول الممكنة.
رمادي : أحيانا يكون تفاؤلك في مكانه.
بياض : اعتراف أعتز به.
سواد : بعد أن تُنهيا نوبة الإطراء هذه، دعونا نبحث عن مخرج من هذه الورطة..
بياض : و أيضا عن طريقة للتخلص من هذه الإطارات.
رمادي : كيف نتخلص منها، احتاجت منا وقتا كبيرا للصنع، ثم إنها الحرفة الوحيدة التي نتقن جيدا.
بياض : حِرفة أودت بنا.
رمادي : اللعنة هي التي قلبت حياتنا رأسا على عقب، لا تنسوا أننا مهددون بالتحول إلى إطارات خشبية إذا لم نتمم اللعبة.
سواد : اللعبة أم اللعنة؟
بياض : لا يهم تقول اللعبة اللعنة أن على البشر أن يشعروا بالامتنان لنا كي نستطيع التخلص من خطر التحول إلى قطع خشبية معلقة على جدران البيوت.
سواد : لا زلنا في مأمن من التحول ..
رمادي : قد يحدث في أية لحظة إن لم ننجح في جعل هذه الكائنات البشرية تمتن لصنيعنا..(ينتبه فجأة..) أُنظرا معي إلى الأُفق هناك.
سواد : ماذا ترى؟ ليس هناك غير السراب و السواد
بياض : لا أنظر.. أنظرا.. أرى الفراشات تحوم عاليا.
رمادي : أي سواد و أي فراشات.. إنها أسوار مدينة قريبة من هنا.
سواد : مدينة أخرى؟
بياض : غير التي كنا فيها.
رمادي : دعونا نذهب إليها.
سواد : لنطرد من جديد.
بياض : أو ربما نجد من يستقبلنا.
رمادي : الأهم الآن هو أن نبيع هذه الإطارات.
سواد : نتخلص من معالم الجريمة.
بياض : لسنا نُجرِم في حق أحد..نحن نبيع منافذ للهواء.
سواد : هناك من يختنق من هذا الهواء.
بياض : نحن نبيع إطارات للنوافذ، و لا نتحكم في تيار الهواء.
رمادي : اسمعا.. قد يكون في ذهابنا إلى تلك المدينة خلاصنا، نبيع ما تبقى من الإطارات، و نهاجر إلى بلد غير البلد.
بياض : نمتهن حرفة أخرى غير بيع الإطارات؟
سواد : لا أظننا سنفلح.
رمادي : فلنحاول.
سواد : لن نفلح.
بياض : هي فرصة أخرى للعيش.. لما لا؟
رمادي : أنصتا.. لن نبقى طويلا هذه المرة.. لن نعيش مع الناس هذه المرة تفاصيل حياتهم.. لن نتتبَّع إطلالاتهم..سَكَناتهم و حركاتهم.
سواد : نبيع إذن و نُعاوِد الهرب.
بياض : نبيع و نبحث عن حياة أخرى .
رمادي : أسرعا في سيركما.. ليجدنا الصباح الباكر هناك.
 
                                  المشهد الثاني: السوق
المكان غارق في إضاءة بيضاء، تُعلن قدوم يوم آخر، ساحة تضج بالمارة، و الحركة المتسارعة، يدخل كل من بياض و سواد و رمادي، يحملون إطارات النوافذ، يحاولون استقصاء المكان، و جس نبض السكان، و البحث عن طريقة لبيع سلعتهم..
رمادي : ترون هذه المدينة؟
سواد : أناسها لا يكفون عن الحركة.
بياض : إنهم فرحون بحياتهم.. يظهر ذلك على سحنتاهم الوردية.
سواد : بل هم خائفون.. وجوههم شاحبة.
رمادي : لا هذا و لا ذاك..ألا تريان أنهم جميعا يتجهون صوب تلك الساحة..اسمعا الأصوات متعالية من هناك.
سواد : يتشاجرون؟
بياض : يهللون؟
رمادي : نستقصي الأمر و نعرف. (يتجهون صوب مكان الصوت)
بياض : تمعنا معا فيما يحدث..
سواد: إنه سوق.
رمادي : نعم.. ذاك يبيع ملابس جاهزة.
سواد : ترون بائعة الأثواب؟
بياض : و الآخر يضع أمامه أجهزة كهربائية غريبة.
رمادي : حركة البيع ناجحة هنا.
سواد : سنستطيع التخلص من هذه الإطارات سريعا..
بياض : أنا متفائل.
سواد : ليس جديدا ..نعرف ذلك عنك..
رمادي : كفا.. ما رأيكما لو نتخذ لنا ركنا وسط هذا الزخم من الباعة و نبدأ..
بياض : عندي فكرة.
سواد :  أتحفنا.
بياض : اسمعا، لم لا نبيع الإطارات مجتمعة..فبما أننا لا نعرف المدينة و أهلها، و لا نعرف قابليتهم للشراء، سنتعاون على إقناعهم و إغرائهم باقتناء سلعتنا.
رمادي : فكرة تستحق الوقوف عندها.
سواد : تريدني أن أشترك معك في بيع إطارات بيضاء.
بياض : و أنا سأبيع معك إطاراتك السوداء.
رمادي : أنا لا أجد مشكلا، مادام الأمر مرحليا، و هو خطوة للخلاص من لعنة هذه النوافذ.
سواد : تلك ليست لعنة، إنها سبب عيشنا، و سر حياتنا..
بياض : كان اقتراحا فقط.
رمادي : أنا أوافق.
سواد : ستوافق على دمجنا لنصير رمادا و نحترق..
بياض : و نبعث من رمادنا لنطير على المدينة بأجنحة رفرافة.
سواد : الطيران عمل لا نتقنه.
رمادي : لنبقى فيما نتقنه إذن.. أرى أن هناك زوايا فارغة في هذا السوق، ليتخذ كل واحد منا مكانا و يبدأ دون تأخير..
(يتخذ بياض ركنا يمين الساحة، و سواد أقصى اليسار بينما يبقى رمادي في الوسط، يفرد كل واحد إطارات نوافذه أمامه، ينادي على سلعته قصد بيعها..)
بياض : إطارات نوافذ .. إطارات نوافذ..(بصوت مرتفع) بياض و صفاء..
سواد : (بصوت عال) إطارات سوداء هنا .. لا يظهر عليها العفن و تصبر لصروف الدهر..
رمادي : إطارات نوافذ.. إطارات رمادية تساير الموضة، و تناسب كل ألوان الأفرشة والطلاء ..
بياض : إطارات تجعل عالمك مليئا بالتفاؤل.. إطارات نوافذ بيضاء تبعث في حياتك الأمل.. تجعلك ترى العالم من الداخل و الخارج مفعما بالفرح.
سواد : إطاراتي السوداء لا تغشك.. لا تبيعك الأوهام ..تقدم سيدي.. تفضلي سيدتي..إطارات لا تصدأ، إطارات تجعلك تكتشف الزيف و الكذب الذي في عالمك.. لا تنخدعوا بإطارات فاتحة اللون تعميكم عن الحقيقة.
رمادي : لون محايد .. لون مريح .. مع إطاراتي الرمادية أنت في مكانك، أقدامك على الأرض، تابت و مستقر لا خوف عليك من أحلام كاذبة، و لا من كوابيس مخيفة. (بعد مرور مدة على محاولات البيع..)
بياض : رمادي هل بعت شيئا؟
رمادي : هؤلاء الناس لا يستجيبون.. ماذا عنك يا سواد؟
سواد : ولا واحد.. إنه الكساد.
بياض : لن نيأس بسرعة.
رمادي : ربما سلعتنا جديدة عليهم.
سواد : أليس في المدينة نوافذ؟
بياض : بلى.
رمادي : إذن هم في حاجة إلى إطارات.. إنه يومنا الأول.
بياض : قد يكون الخطأ في طريقة البيع.
سواد : كيف ذلك؟ ما كنا نقوله في المدينة الأخرى نقوله هنا، و طريقة عرض السلعة هي نفسها.
بياض : و هذا يمكن أن يكون خطأ.
سواد : ما معنى كلامك؟
رمادي : وجب التغيير.
سواد : ماذا سنغير بالضبط؟
بياض : هل نصلح من وضع الإطارات مثلا؟
رمادي : ممكن أليس الإصلاح تعديل في التفاصيل..
(يبدؤون في تعديل وضع الإطارات و البحث عن طرق مختلفة لعرضها، في هذه الأثناء يدخل السيد صالح، يحمل محفظة كتب في يده، و يتفحص المكان برويَّة)
بياض : سيدي صباحك سعيد.. تفضل إطارات نوافذ بيضاء بهجة و متعة..
سواد : سيدي ذوقك الرفيع ظاهر من هيئتك.. إطارات سوداء لنوافذك، لون أنيق يناسب منزلك.
صالح : شكرا أنا أراها جميعها سأقرر..
رمادي : قرارك سيستقر عندي سيدي.. أنظر لهذا الإطار الرمادي الجميل، لون هادئ و ملائم.
صالح : نعم  شكرا .. إنه لون جميل.. كل الألوان مناسبة و جميلة..  و هي كلها ألوان أحبها.
بياض : الأبيض أفضلها..
سواد : لا بل الأسود.
الرمادي : الرمادي يجمعها معا ( يفكر صالح مليا و عيناه تجوبان المكان و تلاحظ الإطارات عن كتب)
بياض : لا تفكر كثيرا سيدي.. سأبيعك اثنين بثمن الواحد.
سواد : لاحظ الفرق سيدي.. أنظر جودة إطاراتي و دقة صنعها.
رمادي : سيدي خدمة التوصيل و التركيب مجانية.
صالح : (يتأفف) حسنا .. حسنا،رجوكم اصمتوا قليلا.. في الحقيقة أنا في حاجة إلى ثلاثة إطارات (يصمتون جميعا، بينما صالح يتأمل و يتابع حديثه..) بالنظر إلى حاجتي لإطارات ثلاثة لنوافذي.. و تماشيا مع ذوق الأسرة و لون الأفرشة سآخذ الألوان الثلاثة..
رمادي : كيف؟
بياض : سيدي.. ذلك مستحيل (بينما السيد صالح يعاين السلعة، يتحدثون هم بهمس)
سواد : هل يعقل هذا؟
بياض : كيف يأخذ الألوان الثلاثة؟
رمادي : نصارحه.. نخبره بحقيقة سلعتنا؟
سواد : أجُننت..؟ نسيت أننا جئنا هنا للتخلص مما تبقى لدينا من إطارات ملعونة؟
بياض : لكن .. تصوروا معي منزلا بنوافذ ثلاثة على العالم؟
رمادي : كيف يمزج السواد بالبياض، و هل يستقيم معهما الرمادي في مكان واحد..؟
بياض : سنجني على المسكين، نصارحه و ينتهي الأمر.
سواد : نصارحه و ينتهي أمرنا ..لما لا نتركه و نراقب التجربة عن قرب.
بياض : سنمرح إذن.
رمادي : مجانين .. ( ينتهي السيد صالح من معاينة البضاعة )
صالح : سآخد واحدا من كل لون..( يخرج قصاصة ورق و يعطيها لأحدهم ) أتمنى أن أتوصل بالإطارات هذا المساء، و أتمنى أن تقوموا بتركيبها أيضا .. و سأعطيكم النقود هناك.
 
                                        المشهد الثالث: البيت الهادئ
ننتقل إلى منزل السيد صالح، في بهو فسيح وُضِعت قطع أثاث تنم عن ذوق شديد: كرسي هزاز و أريكة كبيرة إلى جانبها أخرى أصغر، و على الجدران صور العائلة وساعة كبيرة.تجلس السيدة زهرة زوجة السيد صالح على الكرسي الهزاز، و تلعب في خصلات من شعرها الأسود الطويل و المنسدل على كتفيها، لونها شاحب و صوتها خافت إشارة إلى مرضها..
زهرة : أكثر ما أعجب صالح في فترة تعارفنا، كانت هذه الخصلات السوداء الطويلة.. لكنها الآن تتساقط تباعا.. لن أتحمل أن أفقدها كلها ..أية أنثى سأصيرها بلا شعر؟ (تحمل علبة الدواء) لن أشرب هذا الدواء ثانية، ما معنى أن أعيش أنثى بلا أنوثة؟.. ستسكن الأورام كل خلايا جسدي إن أنا استسلمت لكلام الأطباء.. هم لا يفهمون أن الورم الذي في دماغي، ليس أهم من الأورام التي ستنتشر في روحي و أنا أبتلع أدوية تُفقدني القدرة على العيش كأي زوجة و أم.
صالح : (يدخل عائدا من السوق) كيف حالك زهرة، تحملين الدواء.. أتمنى أن تكوني قد شربته.
زهرة : نعم.. شربته للتو .. ماذا عن اجتماع المدرسة؟
صالح : أي اجتماع هذا..؟ اجتماع لا يخلص لأي توصيات، و لا يفعِّل أي إجراء.. كلام يطير في الهواء.
زهرة : لماذا تصر على أن تغير العالم من حولك..؟
صالح : لن أخضع للريح لتحني قامتي.
زهرة : أن تحني قامتك قليلا، أفضل من أن ينكسر رأسك.
صالح : هم لا يقدرون على شيء.. أصلا الإدارة لا تريد أن تدخل في صراعات أكبر منها.. ما دمت أدخل الفصل، و ألقن الصبية دروسهم، فأنا أمارس وظيفتي كما يعشقون برتابة و ملل.
زهرة : تخيفني عليك صالح.. و أنت تعرف أن أيامي قليلة، أريدك أن تلزم الهدوء. و تُهادن الأيام لتنهي ما تبقى من تربية الأولاد، و توصلهم إلى بر الأمان.
صالح : لا أحب هذه النبرة، من قال أن أيامك قليلة، العمر غيب، و الغيب عند الله.
زهرة : الغيب ينتظرك أنت و الأولاد، (بنبرة يائسة) أما أنا..
صالح : (يقاطعها باستياء) أنت ستشفين بالأدوية أو الأشعة أو غيرها، ستكونين بخير..
زهرة : (تشير إلى رأسها) مرضي هنا.
صالح : مرضك في رأسك لكن لا تجعليه يتربص بقلبك و روحك.
زهرة : مرض خبيث.
صالح : لن يكون أخبث من اليأس.
زهرة : أنتم أملي، أريدكم أن تعيشوا بأمان.
صالح : كُفِّي زهرة من فضلك..(تدخل ليلى بفستان منسدل يتطاير من حركاتها المتمايلة)
زهرة : ابنتي الجميلة..
صالح : (بنبرة فيها عتاب و لوم) لازلت تطيرين كالفراشة..
ليلى : أبي..؟
صالح : أخاف من سذاجتك و طيبتك هذه.
ليلى : مرة أخرى أبي.؟ أبي.. ليس كل الناس ذئاب.
صالح : لكنهم ليسوا حملان أيضا.
زهرة : ( تعود للجلوس على كرسيها الهزاز) ابنتي حبيبتي تحب كل الناس و تعشق الحياة.
صالح : كي تحيى يجب أن تكون متيقظة.. لا أريدها حالمة طيلة الوقت.
ليلى : لما تقول هذا يا أبي؟
صالح : كل يوم بحكاية يا ليلى.. هذه سرقت لك ساعة أو خاتم، و تلك استعارت كتابا أو حقيبة يد و لم ترجعهما، و ذاك قال لك كلمة إطراء و اكتشفت أنه يسخر و و و و و ..
ليلى : هذه مجرد أحداث عابرة.
صالح : لكنها كثيرة و مزعجة، في كل مرة أقول أنك..
مروان : (يدخل مسرعا ليكمل حديث والده بنوع من السخرية) أقول أنك فهمت الدرس و أنك أخذت العبرة لكن دون جدوى.. سذاجتك و طيبتك الزائدة توقعك مرة تلو أخرى.
ليلى : أبي مروان يسخر مني.
صالح : لا بل الاستهزاء مني.
مروان : لا بتاتا.. لكنني دائما أدخل لأجد أبي يقول نفس الكلام، و أمي تجلس نفس الجلسة على الكرسي، و أنت ليلى تتمايلين هنا و هناك بنفس الإيقاع..أحيانا أظن الزمن متوقف في هذا المنزل
صالح : الزمن متوقف عندك وحدك.
زهرة : مروان لماذا تأخرت  في العودة حبيبي، خرجت دون أن تأكل وجبتك كاملة.
صالح : لا تنسي أن تعطيه كأس حليب قبل أن ينام.
مروان : تعجبني طرافتك أبي.. نعم أنت أب ممتاز تملك روح النكتة.
صالح : النكتة هي التي تعيش فيها يوميا .. كل وقتك نكت و ضحك و موسيقى و أشياء أخرى بلا ملامح.. متى تدرس؟.. متى تخطط لمستقبلك؟
مروان : مستقبلي؟.. تركت لك التخطيط أبي.. فأنت بارع فيه.. ألست أستاذ رياضيات؟
زهرة : تحدث مع والدك بأدب.
صالح : الأدب آخر ما يمكن أن يفهمه.
مروان : تظلمني أبي.. كنت أمازحك و لم أقصد التقليل من احترامك (يحاول تقبيل يد والده لكنه لا يتركه ..)
ليلى : (تحاول تطرية الجو التي تأزم بين الابن و الأب)  أمي كيف كان يومك؟
زهرة : ككل الأيام يا ابنتي.
صالح : أريد أن أخبركم أنني اشتريت إطارات لهذه النوافذ التي نغلقها منذ مدة بالستائر فقط
زهرة : أفضل.. فالهواء شديد هذه الأيام.
ليلى : أبي أتمنى أن تكون ألوانها زاهية تبعث الحياة في المكان.
مروان : الإحساس أنك تفتح النوافذ لتختلس النظر إلى العالم، أفضل من نوافذ مفتوحة طيلة الوقت.
صالح : هذا ما يهُمُّك في الأمر متعة التلصص على الناس..المهم سيأتي الحرفيون لتركيبها.
زهرة : حرفيون؟ هي ثلاث نوافذ فقط .. عامل واحد يكفي.
صالح : اشتريت كل إطار من بائع مختلف.
زهرة : لماذا؟
صالح : لا أدري لماذا كل واحد منهم يبيع لونا دون الألوان الأخرى.
مروان : اشتريت إطارات بألوان مختلفة.
ليلى : فكرة جميلة.
زهرة : تغيير في وقته.
صالح : أتعرفون .. ما دفعني لذلك هم الباعة أنفسهم، شعرت بشيء ما في طريقة بيعهم و تقديمهم لإطارات النوافذ، تشعر و كأنهم يقدمون لك رؤية للعالم، و ليس إطارا للنافذة..
مروان : استطاعوا استدراجك رغم صرامتك.
صالح : لم يستدرجوني .. فنحن فعلا بحاجة لثلاثة إطارات لهذه النوافذ المشرعة على الهواء.
ليلى : على كل حال سيزداد البهو رونقا .. أنا متأكدة من ذوق أبي.
مروان : كل فتاة بأبيها..
ليلى : (تقاطعه بدلال) معجبة.. نعم أنا معجبة بأبي.
زهرة : جميل منك صالح أن تفكر في تأثيث عالمنا الصغير.. و متى سيأتي العمال ؟
صالح : في أية لحظة.. طلبت منهم أن يركبوها اليوم لننعم بليل دافئ.
 
                                     المشهد الرابع : النوافذ المُشْرعة
نفس المكان في منزل عائلة صالح، بياض و سواد و رمادي يتأملون المكان، و يفحصون النوافذ الخالية من الإطارات..
رمادي : منزل جميل.
بياض : أثاث أنيق.
سواد : سيزداد أناقة بإطاري الأسود.
رمادي : مغرور.
سواد : أنظرا كل شيء في مكانه، و كل الأشياء موضوعة بعناية.
بياض : أشفق لحال هذه الأسرة.. تدركون ماذا سيحدث بعد أن نقوم بالتركيب.
رمادي : بطبيعة الحال، فالعائلة التي كانت تقتني إطاراتك البيضاء كانت تُصاب بالبلادة.
بياض : التفاؤل ليس بلادة.
سواد : لكن أن تشرع ذراعاك للريح، ممتطيا صهوة أحلام ركيكة هو الجنون بعينه..
بياض : ماذا عن سيادتكم؟ .. آخر عائلة ركبت لها إطاراتك السوداء، انتحر الأب..و دخلت الأم في عزلة أبدية، أما الأبناء فتشردوا..
سواد : لستُ السبب.
رمادي : آه ..
سواد : أعرف آهاتك المستهزئة ..ماذا عن رماديتك المقرفة..تذكر ذاك المفكر الذي يشهد له العالم بتميز مشروعه الفكري ..جعلته يتنكر لكل نظرياته، و يعتزل العالم بمناظراته و ندواته و محاضراته..
بياض : دعونا من الماضي.
رمادي : أعترف أننا أمام تجربة جديدة، أول مرة يطلب الزبون الألوان الثلاثة.
سواد : سيختلف الأمر هذه المرة.
رمادي : قد تكون الكارثة التي تودي بنا.
بياض : أو تكون الخلطة العجيبة التي تضمن لنا الخلود.
سواد : فلنبدأ العمل.. أنظرا سأضع هذا الإطار الأسود خلف هذا الكرسي الهزاز.
بياض : أما أنا أظنني سأضع إطاري خلف الأريكة.
رمادي : أظنني سأختار النافذة التي فوق الساعة مباشرة.
(يبدؤون في التركيب و هم يتحدثون و يتداولون حول خصوصية هذه العائلة..)
سواد : يعجبني المكان كثيرا.. أنظرا لهذه الأريكة، أظن رب الأسرة يجلس هنا ماسكا جريدة اليوم، واضعا فنجان قهوة سوداء بجانبه.
بياض : أكيد أن زوجته المصون ستجلس على هذا الكرسي الهزاز تخيط سريدة الصوف.
رمادي : نمطيان مبتذلان..
سواد : و أنت مبدع زمانك .. قل لنا بعد البحث و التقصي ما رأيك في هذا المنزل، و هذه العائلة؟
رمادي : أتعرفان، أظن العائلة تعيش أزمة ما..
سواد : (بسخرية) الأزمة هي التي تنتظرنا بعد أن علقنا هذه الإطارات.
بياض : كيف توصلت إلى هذه النتيجة؟
رمادي : أنظرا هذا النظام الشديد، يدل على غياب الحياة، و هذه الساعة التي تقف مستفزة المكان، و كأن أحدهم يُحصي الدقائق و الساعات..
سواد : فيلسوف الزمان.
بياض : اللعنة تطاردنا نحن و هذه الإطارات.. أما هذه الأسرة فأظنها تعيش في أمان تام
رمادي : لدي فكرة
سواد : تفضَّل قل ما عندك.
رمادي : نحن نعرف أننا مطاردون بلعنتنا و أننا إذا لم ننجح في جعل أحد هؤلاء البشر يشعر بالامتنان  لنا فسنصير خشبا كهذه الإطارات.
بياض : نعي ذلك جيدا.. هو قدرنا.. نحن لم ننجح في جعل البشر يمتنون بل هم ساخطون علينا وطردونا بلا رجعة.
رمادي : و نحن نعرف الآن أن هذا الرجل، و هذه العائلة هي الوحيدة التي طلبت الألوان الثلاثة وهي سابقة من نوعها، فقد  اختارت
بياض : الأبيض.
سواد : الأسود.
رمادي : و الرمادي.. لذلك لا بد أن نعاين التجربة، فإذا كان كل واحد لا يفتح عينيه إلا على رؤية واحدة و وحيدة .. فلا بأس من أن نرى هؤلاء الناس، كيف سيستقبلون العالم بهذا المزج الغريب.
سواد : كيف إذن؟
بياض : ماذا تقترح؟
رمادي : أقترح أن نبقى و نعاين عن كتب.
سواد : نبقى؟
بياض : نعيش معهم؟ .. لأي سبب؟ .. ماذا سنقول لهم؟
رمادي : لا تكن أبله.. هم لن يرونا.
سواد : إذا فهمت جيدا أظنك تُشير إلى خاصية الانصهار التي نملك..
رمادي : بالضبط.
بياض : لكنها آخر حل نلجأ إليه.
سواد : تريدنا إذن أن ننصهر في إطاراتنا.
رمادي : نعم.
بياض : لكنك تعرف أننا لا نملك الحق لفعل ذلك إلا لمرة واحدة.
سواد : ستكون الفرصة الأخيرة، هل الأمر يستحق؟
رمادي : ألسنا مطاردين بلعنتنا، أليس الهروب قدر محتوم فلنتجرَّأ
بياض : ما دمنا نبيع الإطارات و نُصنِّعها فنحن أحياء.
سواد : إذا لم ننجح ستكون النهاية، سنبقى في هذه القطع الخشبية إلى أن نهترئ و نتآكل و نتلاشى.
بياض : يجب أن نفكر.
رمادي : أشعر أن الأمر مختلف هذه المرة.
سواد : ليس مختلفا بل خطيرا.
بياض : و مصيريا.
رمادي : فلنقرر..أنا شخصيا مستعد..
بياض : أنا أيضا يمكن أن تقولا أني أحبذ الفكرة، و لابد من المجازفة.
سواد : يعني إذا اختفيتما ماذا سأبقى أفعل أنا وحدي بلعنتي .. سألحق بكما أكيد.
رمادي : نحن متفقون إذن.
سواد : سنصير تحث رحمة هذه العائلة.
بياض : عائلات كثيرة كانت تحث رحمتنا.
رمادي : هكذا إما أن تصل العائلة لخلاصها و نحن معها .. و إلا يبقون في انكساراتهم و نضيع نحن.
بياض : يعني أن خلاصنا في خلاصهم هم.
سواد : متى أحسوا بالامتنان لنا أو بمعنى أصح للإطارات.
بياض : لكن متى أمتن الإنسان للجماد؟ إن كان لا يمتن حتى لأخيه الإنسان.
رمادي : جماد ؟ هذا سوء تقدير منك.. نحن لسنا جماد.
سواد : نحن روح مطرودة من نعيم الجسد الزائل.
بياض : لكنها روح أبدية الألم.
سواد : هل سنستطيع أن نوصل هذه الأسرة درجة الامتنان؟
رمادي : أو نغرق نحن و إياها.
سواد : وجب تغيير الخطة بأكملها.
بياض : أكيد سنكون مطالبين عكس المعتاد أن نغير نظرتهم .. و قد يكون هذا مخالفا لما ألفناه.
سواد : هي النهاية.. الوداع.
رمادي : و ربما بداية جديدة، إلى اللقاء يا إخوان في نسختكم البشرية.
بياض : استعداد ..
(يتمسكون ببعضهم البعض، يسمع صوت مرتفع و حاد، تتحرك الإطارات و يختفون هم.. نسمع فيما بعد أصواتهم تصدر عن الإطارات..)
صوت سواد : بياض .. تسمعني .. ألا زلت في نسختك البشرية.. بياض.. رمادي.
صوت بياض : سواد لا أنا هنا في الإطار.. لا أرى غير المكان خال إلا من الأثاث.
صوت رمادي : تمت عملية التحول بنجاح .. أتمنى أن يحالفنا الحظ في هذه المهمة.
 
                               المشهد الخامس: روح في خشب
نفس المكان في منزل السيد صالح، هذه المرة عُلِّقت الإطارات في مكانها، تخرج زهرة يتبعها صالح.
زهرة : ما هذه الأصوات؟
صالح : كصوت ارتطام شيء.
زهرة : أين العمال؟..قلت أنكم تركتهم يركبون الإطارات.
صالح : نعم لكنهم غادروا ..لكن كيف ذلك؟..لازلت لم أعطهم ثمن السلعة و التركيب.
زهرة : هل تشاجروا مع بعضهم؟ سيعودون فهم في حاجة إلى النقود.
صالح : أكيد .. قولي لي .. كيف تجدين النوافذ بعد أن وُضعت لها هذه الإطارات الجميلة.
زهرة : جميلة جدا.
صالح : سأتركك حبيبتي و أخرج إلى اجتماع النقابة. ( يغادر ..)
زهرة : رافقتك السلامة. (تجلس على الكرسي الهزاز، يرن الهاتف فتحمله بسرعة ..) ألو.. نعم..نعم سآتي في الموعد ..لا لم أنس.. لازلت أشرب الدواء بانتظام .. نعم.. نعم أعرف ينتظرني يوم طويل مع العلاج الكيميائي..شكرا (تعيد الهاتف إلى مكانه، وتعود إلى مكانها على كرسيها الهزاز..) آه تقول تلك الممرضة الحمقاء ينتظرني يوم طويل.. و لا تعرف أن العمر قصير.. تريد أن تحول ما تبقى منه إلى حقن و أنابيب و أجهزة.. لن أذهب.
بياض : لماذا ..؟ ( لا تنتبه زهرة إلى أن السؤال صادر من الإطار الأبيض، فتستمر بالحديث و كأنها في حوار مع نفسها)
زهرة : لا يمكن أن أحول حياة أسرتي إلى ألم و انتظار.. هم لن يتحملوا.
بياض : ألا يحبونك؟
زهرة : هم يحبونني .. لكني لا أريد أن أجعل عذاباتي آخر صورة يتذكرونها لي.
بياض : أنانية هذه.
زهرة : ليستُ أنانية.. لا و ليس لدي إحساس بالذنب اتجاه نفسي.. العلاج سيجعلني أفقد بريق بشرتي ..شعري..نظرتي و نضارتي.. أنوثتي.
بياض : دون علاج ستفقدين أسرتك نفسها.
زهرة : أشعر أنني مضطربة (تحاول التأرجح على الكرسي الهزاز) أنا أحب أسرتي بل هي سبب وجودي.. لكن من قال أن العلاج سينجح.. من قال أن الحياة ستعود لتدب في هذا الجسد الذي سكنته الأورام..
بياض : و من أكد لك أنه سيفشل؟
زهرة : حالات كثيرة ماتت في الجلسات الأولى للعلاج.
بياض : و حالات أكثر عاشت و استمرت.
زهرة : عاشت مع الأدوية و الزيارات المتكررة للأطباء و الخوف الدائم من المعاودة.
بياض : لكنها ربحت أعواما بقرب من تحب.
زهرة : أعيش بدون شَعر.
بياض : فرصة لتجربي “باروكات” بألوان أخرى.. لتغيري من مظهرك.
زهرة :أعيش بتعب دائم.. و إحساس بالعياء.
بياض : فرصة ليخدمك الآخرون.. يقتربون منك أكثر.. يدللونك.
زهرة : (تقوم من الكرسي و تتجه صوب النافذة ذات الإطار الأبيض ..) ما بي اليوم؟ ..أشعر بإحساس غريب.. أمل دفين يحيى بداخلي.. بياض يدب في سواد..( تحمل الهاتف تركب رقم العيادة) الو.. اسمحي لي أود أن أسأل متى ستبدأ الحصة.. الثامنة صباحا ..حسنا سأكون هناك باكرا..(تجمع شعرها عاليا و تخرج)
سواد : (بصوت هامس ومن خلال الإطار) أنت لا تُضيع وقتك يا بياض.
رمادي : عمل جيد.
بياض : ترون كيف غيَّرت رأيها..كيف بدَّلت يأسها أملا .
رمادي : اصمتا أحدهم قادم..  (تدخل ليلى و تستلقي على الأريكة، و في يدها مذكرة وردية اللون، ووردة)
ليلى : (تتصفح المذكرة، و تبتسم) مُنَى كتبت لي هذه الأسطر في دفتر الذكريات هذا، و نحن في رحلة الوادي.. (تقرأ ما كُتب بصوت مرتفع فخور) صديقتي ليلى: أنت أفضل صديقاتي و أنا أحبك ولكن أحذرك من الأخريات، فهن يُرِدن إفساد صداقتنا.. مسكينة منى تحبني و تخاف علي (تقلب صفحات الدفتر و تبتسم) كتاب ذكرياتي امتلأ ..آه نعم هنا سعاد هي الأخرى كتبت شيئا..صديقتي ليلى: أنت جميلة.. و أنا أحبك لأنك أفضل صديقاتي لكن أريدك أن تنتبهي لمنى فهي تقول عنك كلاما سيئا..(باستغراب) ماذا؟ ما هذا الكلام الغريب..؟ أنا أريد الحفاظ على صداقة الاثنتين، ولكن من أصدِّق..؟
سواد : (نسمع صوته من خلال الإطار الأسود دون أن نراه) لا تصدقي أية واحدة.
ليلى : (تظن أنها تسمع صوتها الداخلي، فتستمر في كلامها دون أن تنتبه) هل يُعقل أن منى تكيد لي..و هل يصح أن تقول سعاد كلاما سيئا عني.. لا يمكن .. لن أصدق.
سواد : لماذا لا تصدقين ..؟
ليلى : و ما السبب الذي يجعلني أصدق..؟
سواد : تضارب مصالح.
ليلى : ليس في الصداقة مصالح.
سواد : الصداقة مصلحة كبرى.. أمن السهل أن تكسب صديقا لك وحدك.
ليلى : معنى هذا أن كل واحدة منهما تريدني صديقة لها وحدها .. (بفرح و فخر) هذا شيء جميل يناسبني كثيرا.
سواد : لو كانتا صديقتين صدوقتين لتمنَّيتا لك السعادة في إحساسك بصدقهما معا.
ليلى : لن أغير حبي لهما .. و صداقتي لهما معا.
سواد : ماذا لو كانتا كاذبتين .. و كانتا صديقتين لبعضهما، و أنت مجرد لعبة يتسليان بها.
ليلى : (تفكر مليا) مستحيل.. أيمكن تصديق هذا الكلام؟ .. البارحة طلبت مني منى الفستان الأحمر ستذهب لعيد ميلاد إحدى بنات عمها.. لا..يا ربي ..؟  و سعاد طلبت سواري الفضي قالت ستذهب  لعيد ميلاد إحدى بنات العائلة..؟
سواد : إنهما ستذهبان معا لنفس عيد الميلاد.
ليلى : لا يمكن، كانتا ستُخبرانني .
سواد : كنت قد تحتاجين الفستان أو السوار.
ليلى : ما معنى هذا الكلام..؟
سواد : قلنا مصالح.
ليلى : قلبي يتألم.
سواد : جميل..
ليلى : الألم جميل..؟ (تخرج الوردة من الكتاب) أنتَ لن تجعلني أتألم أليس كذلك..؟ (تبدأ في قص وريقات الوردة) أنتَ تُحبُّني..يحبني ..لا يحبني.. يحبني.. لا يحبني..يحبني .. لا يحبني (تستمر حتى آخر وريقة في الوردة) يحبني.. آه هو يحبني..
سواد : لو بقيت في الوردة ورقة أخرى لكانت النتيجة لا يحبك.
ليلى : الورد لا يكذب.
سواد : و الإنسان..؟
ليلى : هو يحبني.
سواد : هل أخبرك بذلك..؟
ليلى : لا لم يُخبرني .. ينظر إليَّ بإعجاب و يبتسم.
سواد : ليس كافيا.
ليلى : يقف كلما رآني.
سواد : احتراما.
ليلى : حبا.
سواد : ليس بالضرورة.
ليلى : (تجمع أوراق الوردة متأففة) ماذا بك يا ليلى اليوم..؟ كيف تضيع ثقتك هكذا بالأشياء.. كل شيء سبق و رأيته أبيض ناصع.. يتسلل إليه سواد حالك..لا الصداقة صداقة.. و لا الحب حب .. يجب أن أعيد النظر في كل شيء ( تخرج غاضبة، تلتقي بمروان دون أن تكلِّمه، يلج هو المكان بهدوء، وينظر في ساعة يده..)
مروان : هذه الساعة متوقفة تماما.. (ينظر إلى الساعة الحائطية، ليضبط ساعته اليدوية) هذه أيضا متوقفة.. هل توقف الزمن فعلا في هذا المنزل كما قُلت لأبي.. أشعر بالندم لكلامي.. لكني أشعر بالملل أحيانا.. أمي متهالكة على كرسيها الهزاز طيلة الوقت .. أختي رأسها في السحاب، و أبي يعتقد أنه وحده قادر على أن يصل بقارب هذه العائلة إلى الأمان..
رمادي : و أنت ..؟ (يُكمل مروان حديثه دون أن يهتم للصوت القادم من الإطار الرمادي)
مروان : أنا ضائع لا أعرف ما أفعل.. أريد أن أختار لحياتي مسارا و لا أستطيع.
رمادي : لماذا..؟
مروان : يُشعرني الجميع أنني لا أقدر على شيء و أنني مستهتر، لا يمكنني أن أنفع في شيء.
رمادي : لماذا ؟
مروان : لا ذنب لي إن فشلت في بعض سنوات الدراسة، و لا ذنب لي إن أحببت الحياة و التمتع بملذاتها و كرهت المنغصات .. لماذا يظنون أنني طائش..؟
رمادي : بيِّن لهم العكس.
مروان : كيف أبرهن للجميع أنني لست عابثا و لا كارها لحياتي معهم..؟
رمادي : خد قرارات حاسمة..
مروان : سأحسم في أشياء كثيرة.. لكن هل أحتاج لأكون سوداويا صارما لاعنا للعالم..؟ أم متفائلا فاتحا ذراعاي للقادم من الأيام..؟
رمادي : لتكن رماديا بينهما..دراستك مثلا..
مروان : علي اختيار التخصص الصحيح الذي أستطيع مسايرته، و يناسب قدراتي، لن تكون الأسرة كاملة علماءَ رياضيات..
رمادي : و ميولاتك أيضا..
مروان : أنا أحب أشياء كثيرة، الموسيقى، الرقص، الرسم،و..
رمادي :عبِّر عن إحساسك.
مروان : الآخرون يعتقدون أنني بلا قلب.
رمادي : أبدل جهدا لتغيِّر نظرتهم تلك.
مروان : هل أستطيع أن أقول لأبي أنِّي أحب صرامته، و أشعر فيها بالأمان رغم انتقاداتي له..؟ هل أنجح في أن أعبر لأمي عن خوفي من نظرتها اليائسة، و أجعلها تكف معاملتي كطفل مدلل..
رمادي : ليس صعبا.
مروان : وليس سهلا أن تعرف أختي أنني أحبها كثيرا، و أخاف عليها من سذاجتها و تفاؤلها الزائد، كما ليس من السهل أن يكتشف أبي أني على علم بنضاله العمالي، و أني فخور بسيرته المهنية وبسمعته النقية..
رمادي : موقفك يجب أن تكون واضحة و صريحة و محايدة في أغلب الأوقات.
( يجلس مروان عل جانب من الريكة، يحاول ضبط ساعته، في هذه الأثناء تدخل السيدة زهرة، و تجلس بجانبه و قد ارتدت فستانا بألوان زاهية، و غيرت من تصفيف شعرها، من الجانب الآخر تدخل ليلى بسروال و قميص رياضيين، تجلس على الكرسي الهزاز)
زهرة : ليلى تعالي هنا بجانبي أنا و أخيك..
ليلى : نعم أمي.
زهرة : اسمعا.. يجب أن أخبركم بشيء .. غدا سأذهب إلى المصحة.
ليلى : مريضة أمي ..؟
زهرة : انتظري .. عندي حصة علاج كيميائي.
مروان : أمي بماذا تحاولين إخبارنا؟
زهرة : اسمعا.. أنا أعاني من المرض الخبيث لكني سأعالج بإذن الله .. أنتما صرتما كبيران بما يكفي ستفهمان.. أنتظركما أيضا لتدعمانني و تساندان والدكما ..سننجح في تجاوز المحنة.. (يعانقانها في ذهول )
 
المشهد السادس : نوافذ مفتوحة
نفس المكان في بهو منزل السيد صالح، الإطارات تتوسط جدار الصالون، الأثاث في مكانه بنفس الترتيب نسمع صوت سواد و بياض و رمادي من خلال الإطارات..
سواد : رمادي استطعت أن تقنع مروان.
رمادي : و دورك مع ليلى لم يكن هيِّنا.
بياض : نسيتموني؟
سواد : كيف ذلك؟
رمادي : أنت كنت حاسما مع السيدة زهرة.
بياض : أظننا في الطريق الصحيح.
سواد  : لأول مرة سوادي لا يؤدي إلى كارثة.
بياض : بل أول مرة بياضي لا ينتهي بحماقة.
رمادي : أشعر أنني حققت توازنا هائلا في شخصية مروان.
بياض : النوافذ صارت مشرعة على أمل جديد.
سواد : ليس الأمل وحده هو المهم، الأهم هو أننا ابتعدنا عن الأحادية..
رمادي : المسألة في مقدار البياض و السواد والرمادي الذي يجب أنن نمرره نن
نمرره، إنها الرؤى و اختلافها.
سواد : هُس.. أصمتا.. ( تسمع خطوات أقدام ويدخل السيد صالح..)
صالح : لا أدري لماذا لا أعتبر،أعرف تماما أن النضال النقابي أصبح من حكايات الزمن الجميل .. صرتُ فاشلا في كل شيء، أنا أومن بأن التدريس رسالة، و هم يعتبرونه حصص و ساعات إضافية و تعويضات مالية.. صرت مناضلا بلا قضية..
سواد : (يسأل من خلال الإطار الأسود) عن أية قضية تتحدث؟
صالح 🙁يجيب دون أن يهتم بمصدر الصوت و كأنه يحدث نفسه) قضية الإنسان .. قضية الوجود..
بياض : أنت موجود.
صالح : معادلة عقيمة.. التفكير لم يعد معادلا للوجود، الثقافة أصبحت “موضة” قديمة..
رمادي : الموضة ليست ثابتة.
صالح : كل الثوابت أصبحت متغيرات.. أحيانا أفكر في الاستقالة من التعليم و امتهان حرفة ما أو التعاطي للتجارة .
بياض : نهاية مؤلمة لأستاذ ناجح.
صالح : أريد أن أكون مسالما مع ذاتي .. لن أقبل و لن أتحمل ما يحدث بداخلي من صراع.
سواد : ستكون فاشلا.
صالح : الفاشل أفضل بكثير من الخائن.
رمادي : تهرب من معاركك.
بياض : الحياة تخفي دائما الجديد.
سواد : الهروب عدم.
رمادي : أنت إنسان خُلقت للتواجد على الأرض.
بياض : لتؤدي رسالتك.
سواد : معاركك كثيرة ..لا تستسلم.. ( يخرج صالح..)
بياض : إقناعه صعب.
سواد : قمنا بما علينا القيام به.
رمادي : هذا النوع من الصعب إقناعه و توجيهه.
سواد : قناعاته ثابتة.
بياض : و شخصيته قوية.
رمادي : هو يعرف كيف ينظر للأشياء .. السواد سواد و البياض بياض و الرمادي رمادي..
سواد : لكن موقفه متعنت.
بياض : يمر بلحظة يأس .. سيجتازها..
رمادي : هذا دورنا لنجعله يتوازن من جديد .
(يدخل صالح من جديد و قد غير ملابسه، و يستلقي على الأريكة ليرتاح)
صالح : يا الله .. أحتاج إلى أن أنام كموج البحر.
بياض : موج البحر ينام ليُعاود الهيجان.
سواد : و العربدة .
صالح : يأبى المد أن يدنيني حيث أشاء .. و الجزر لا يجعلني أختفي و أزول من هذا العالم.
رمادي : لست موعودا بالنهاية بعد.
صالح : موعود بالعذابات ..( تثير انتباهه الإطارات على الحائط..) أية فكرة هذه التي انتابتني لأشتري الإطارات..؟  جميلة هي.. لكنني الآن و أنا أنظر إليها أشعر بحيرة من أمري ..العمل، الأسرة، النضال الفكري.. آمالي و أحلامي بِغَد مختلف .. أهي كوابيس تتشح بالسواد ؟ أم هي ملاحف بيضاء ممدودة للفرح..أم هي رمادية ممسوخة الملامح.. هل أنا خليط من هذا و ذاك..؟ لو فتحتُ كل النوافذ و مددت عنقي إلى حدود السماء، سأجد حلا؟.. لو حنيته إلى أسفل السافلين هل أرتاح ؟ أم أبقى معلقا ؟
( في هذه الأثناء يدخل مروان و زهرة مع بعضهما البعض، و يتجهان صوب السيد صالح)
مروان : أبي أريد أن أخبرك بموضوع.
ليلى : نعم و أنا أبي نفس الموضوع.
صالح : غريب.. تتفقان معا .. و في هذه اللحظة بالذات.
مروان : أبي لقد علمنا بمرض أمي.
ليلى : و علمنا بمعاناتك معها  .. و ما كابدته من ألم و هي ترفض العلاج.
مروان : أبي .. لقد فهمت أيضا أن انزعاجك مني أنا سببه، كان علي أن أقرر و أحسم أمورا كثيرة، دون أن أزيدك هما على هم..
صالح : مروان أنت ابني و أنا والدك هذا واجبي.
مروان : أبي أرجوك .. أريدك أن تعرف أني أبالي لك، و أهتم لأمرك .. بل و أفتخر بك.
ليلى : أبي أنا لست لست ليلى الطيبة الآن.
صالح : لا ياابنتي فالطيبة مطلوبة.
ليلى : الطيبة و ليست التفاهة.. أخجل من تفاهتي و أنا ابنة مفكر عظيم.
صالح : هل أصدق هذا التغيير المفاجئ؟
مروان : ليس مفاجئا .. هي تربيتك .. كان من الضروري أن توصلنا إلى بر الأمان.
ليلى : أبي لقد تحدثنا طويلا مع بعضنا.. و ليس مرض أمي وحده السبب.
صالح : مع ذلك فأنا لا أعرف ما العمل مع أمكما، و إن كنت سعيدا بما أسمع (تدخل السيدة زهرة مرحة..)
زهرة : أنتم مع بعض الآن .. أظنكما أخبرتماه..؟ أخبرتماه أنكما سترافقانني  غدا للمصحة ( وسط نظرات الأولاد الفَرِحة و نظرات صالح المندهشة، تتجه زهرة صوب الإطار الأسود و تفتح النافدة) السواد لن يخيم على أيامي بعد اليوم، أحتاج بعض البياض.
ليلى : (تتجه صوب الإطار الأبيض، و تفتح النافذة) ليس كل الأبيض نقاء و صفاء، قد يكون فيه طمس للحقائق، و أنا تعلمت الأبيض وحده ليس هو الوجه الحقيقي للأشياء، نحتاج السواد أيضا
مروان : (يتجه صوب الإطار الرمادي و يفتح النافذة) لن أكون سوداويا عدميا،  و لن أكون أبيضا ساذجا، سأبحث عن حلول وسط، في الوسطية نوع من الاعتدال الذي أحتاجه، اللون الرمادي هو اختياري..
صالح : قررت عائلتي أن تفتح منافذ الهواء على المدينة، من خلال هذه النوافذ.. أنا ممتن لك (يوجه كلامه للإطارات الخشبية) يا إطارات السعد..
 
المشهد السابع : جرعات من الأمل
في عيادة طبية يظهر كل من بياض و سواد و رمادي، كل واحد يرتدي وزرة في لونه هو، تتوسط المكان طاولة على جنبيها مجموعة من الكراسي،و فوقها ملفات كثيرة،و في الجانب سرير للفحص الطبي، و مجموعة من الإطارات البيضاء و السوداء و الرمادية، رُصفت بشكل مرتب..
سواد : ملفات كثيرة يجب معاينتها.
بياض : لقد تراكمت حالات كثيرة يجب معاينتها.
رمادي : قاعة الانتظار مليئة بالزبائن.
سواد : بالمرضى.
بياض : هم ليسوا مرضى.. يمكن تسميتهم..(يفكر مليا)
رمادي : حالات نفسية مضطربة..
سواد : هم مرضى.
بياض : لا داعي لسوداويتك اليوم.
رمادي : بل نحن في حاجة إلى ألواننا الثلاثة.. ألا تذكر أننا بفضلها هنا.
بياض : بفضلها مجتمعة.
سواد : صحيح.. أعترف أن امتنان صالح لنا خلَّصنا من اللعنة.
رمادي : و بفضله أيضا و بفضل أفكاره فتحنا هذه العيادة.
سواد : كل سكان المدينة يقصدوننا للعلاج.
بياض : ليس علاجا .. و ليست عيادة بالمعنى الصريح.. هي مكان للاستجمام.
سواد : بالعكس .. أظنه أكثر من ذلك.
رمادي : صحيح أوافقك.. هو بوابة للأمل.
بياض : لن نختلف حول التسمية الآن .. المهم ننا أأاااتتبتليؤتباغتلابا
أننا نحيا أرواحا في أجساد غير خشبية.. و أكثر من ذلك نوزع الأمل جرعات في إطارات السعد هذه.
رمادي : (يفتح إحدى الملفات) اسمعا حالة هذا الشاب، لقد رسب مرات متكررة و لم يحصل على شهادة البكالوريا.
سواد : أظنه سيحتاج إطارا أسودا كي لا يعوِّل على غير العمل..
بياض : و سيحتاج إطارين بيضاوين كي يخرج من اكتئابه.
رمادي : هذه الحالة لا أظنها ستحتاج إطارات رمادية .. هو دون السن المسموح به.
سواد : لدي حالة فتاة عانس تعاني من اكتئاب شديد.
بياض : ستحتاج ثلاثة إطارات بيضاء ليعود إليها الأمل.
رمادي : وواحد رمادي.. كي لا تعيش في أحلام كاذبة.. بعريس لن يكون في حجم توقعاتها.
سواد : وواحد أسود ربما يجعلها أكثر عقلانية.
بياض : هذا الملف مستعجل كثيرا.. إنه لعامل سكة حديدية فقد عمله نتيجة إهمال يقول أنه لم يكن السبب فيه، سأخصص له إطارا أبيضا واحدا.
سواد : و إطارين سوداوين.
رمادي : و أربعة من عندي أنا.
بياض : ماذا عن ملف القاضي المرتشي.
سواد : لازلت لم أبث فيه.. هنا ملفات كثيرة لأهل السياسة.
بياض : أفكر في رفض هذا النوع من الملفات.
رمادي : موقف يمكن أن نناقشه.. لدي ملف لزوجة خائنة.
بياض : يحتاج تمحيصا أكبر.. ماذا أقول لأهل العلم؟
رمادي : من خبرتي بهم هم لن يعاودوا المجيء تعرفانهم هي لحظة قطيعة معرفية غالبا ما تمر بسلام وتخلف وراءها فتحا علميا كبيرا.
سواد : بعض الملفات الشائكة .. سيحتاج أصحابها إلى معاينة خاصة قبل تحديد الجرعات.
رمادي : لازالت الجرعات كافية.
بياض : نعم كل إطاراتي البيضاء حرصت على طلائها بنفسي.
سواد : لدينا عدد كاف من الإطارات السوداء.
رمادي : يمكنني أن أقول نفس الشيء بالنسبة للرمادية أيضا..
بياض : فلندرس الملفات المتبقية.
سواد : نعم و لا تنسوا أن الناس ينتظرون في القاعة خارجا.
رمادي : هذا الانتظار أيضا جزء من الأمل في القادم..
 
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‎Nezha Haigoun‎‏‏
 
 
 
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت