إلغاء كل المهرجانات المسرحية الدولية حفاظا على قداسة المسرح و حياة المسرحيين/ منال عبد القوي

في ظلّ ما يشهده العالم من صعوبات بسبب جائحة الكورونا، اختلفت التوجهات والقرارات حول مهرجانات المسرح الكبرى في العالم ، من إلغاء على أمل العودة إلى المسرح الحي وبعث كل المهرجانات في 2021 ان شاء الله مثل ما قررت الهيئة العربية للمسرح التي تشرف على عدّة مهرجانات بالعالم العربي ، وتحويل صيغة المهرجان إلى أون لاين en ligne كما قرّرت إدارة مهرجان القاهرة التجريبي للمسرح حتى تضمن استمرارية دوراتها وحتى لا تلغي ولا تؤجّل ، واختارت بعض المهرجانات في الشرق مثل مهرجان طقوس بالأردن على جعل المسابقة محليّة ودعوة لجنة التحكيم فقط من خارج الاردن، في حين قامت بعض الفرق بالعراق الحبيب بمهرجاناتها أون لاين كذلك بانتظار قرار مهرجان أربيل الدولي للمسرح الذي أصبح كذلك اسما تتمنى الفرق المسرحية المشاركة به ، امّا مهرجان ايّام قرطاج المسرحية فقد أعلن رسميا إقامة المهرجان بأوّل شهر ١٢، ديسمبر وبين هذا القرار وذاك نرى من يؤيّد ومن يبارك ومن يستنكر، (لم أشر طبعا لعديد المهرجانات الأخرى في كل العالم العربي لانها تزامنت مع ذروة الفايروس وألغيت تلقائيا)
لم تصلني معلومة مؤكّدة بشأن أفينيون؟؟؟

شخصيا أرى أن النقاش و اختلاف الآراء والجدل شيء “صحّي” يجعلنا تستنتج منه عدة أفكار ربما لم تخطر على بالنا يوما، اما بالنسبة لشخصي المتواضع فأرى مع احتراماتي لكلّ الأراء و التوجهات، أن هذه السنة استثنائية بكل المقاييس و من المجازفة الإصرار على إقامة مهرجان في ظروف غير مضمونة؟ فلو فرضنا مثلا أن المهرجانات المسرحية كلها ألغيت لهذه السنة؟؟؟ سنشعر بالحزن والحسرة والألم ولكن سنشعر في نفس الوقت بالراحة النفسية وإرضاء الضمير فحماية الروح البشرية هي قبل كلّ شي ثم إنّ البلدان التي بدأت تتعافى يمكنها إجراء مهرجاناتها بشكل محلي وطني مع تشديد وسائل وقواعد الوقاية والحماية وهكذا بإذن الله لا يموت أحد لان من يموت هو الكائن البشري وليس المسرح، لا الديكور ولا الملابس ولا الاضاءة ولا الموسيقى تموت بل من هم في خطر هم المخرج والممثل والتقني وفريق العمل والجمهور!!!!
وعليه لي سؤال : في تونس أعلن وزيرا الصحّة والسياحة منذ يومين ان تونس والحمدالله خالية تماما منذ أواخر شهر خمسة من الكوفيد ١٩ وليس هناك اي حالة إصابة محلية ولا عدوى افقية ، ولكن هناك حالات وافدة من ابناءنا خارج الوطن حفظهم الله وهم ، وجوبا ، يخضعون لحجر صحّي بين اسبوع واسبوعين وهذا حقهم فهذه بلادهم، ولكن في نفس الوقت حذّر السيد وزير الصحّة من إمكانية موجة ثانية أشدّ عنفا في الخريف اي قبل أيام قرطاج المسرحية، فماذا نفعل وقتها؟؟؟ سواء لا قدر الله ثبتت الموجة ام لم تثبت، مهرجان قرطاج دولي عربي افريقي، والدولة تفرض حجرا على كل من يدخل التراب التونسي من الخارج تونسيا كان ام لا، فهل سيأتي ضيوف المهرجان قبل باسبوعين من المهرجان ليقوموا بالحجر ثم يواكبون اسبوع المهرجان هذا في صورة انهم سلبيين للفايروس، ثم يعودون إلى بلدانهم ويقومون بحجر آخر تفرضه دولتهم : الحصيلة خمس اسابيع وهم “متعذبين” !!! وحتى ان أخذت إدارة المهرجان كل احتياطاتها للاسف وبكل ألم نقولها اغلب البلدان العربية وصلت الذروة حاليا في عدد الإصابات والوفيات فهل ستتمكن في أربع او خمس أشهر من القضاء نهائيا على الفيروس؟ نتمنى ذلك، ثم من يضمن لنا أن تونس في حد ذاتها لن تتعرض لموجة ثانية لا قدّر الله، رغم كل محاولاتي بان اكون متفائلة الا ان عقلي يرفض ذلك، وحياة الناس والزملاء والأصدقاء خط أحمر بالنسبة لي، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى مع احترامي للمهرجانات التي اعتمدت صيغة_اون لاين_ اقول اعذروني بالنسبة لي هذا ليس مسرحا هو أشبه بمشاهدة قرص مضغوط على شاشة حاسوبي، لست بحاجة لأن أعيد كلام كل الزملاء والأساتذة حول حقيقة المسرح، حميمية اللحظة والفعل تشارك اللحظة مع الجمهور حرارة أنفاس العرض الان وهنا ، كلمة العرض الحي في حد ذاتها ولن أطيل لأنني قرأت كل ما اريد قوله على لسان زملاء وأصدقاء لي،
خلاصة القول اتمنى إلغاء كل المهرجانات المسرحية الدولية هذه السنة وعدم اعتماد الاون لاين، اعرف انه قرار قاسي ومؤلم ولكن ان نضحّي بدورة لسنة احسن من أن نكرّم عديد الأسماء والوجوه الفاعلة التي تكون قد رحلت، في الدورات القادمة لا قدّر لها لذلك حتى في “الألم ” هناك الصعب والأصعب، شكرا لكل مبدعي الفن والحياة وعاش المسرح. محبتي
 


الفنانة التونسية  منال عبد القوي🇹🇳

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت