مرغريت ديراس..المسرح جاء الي / بقلم: علاوة وهبي
تقول الكاتبة مرغريت ديراس(1914. 1996).: “لم افكر في الكتابة للمسرح .ولكن المسرح هو الذي جاء الي”
اسمها الحقيقي هو مرغريت دوناديو ولدت في جيا دينه بالهند الصينية اين كان عمل والدها ، كاتبة رواية وكاتبة مسرحية وسيناريو اهم افلاها (هيروشيما حبيبي) وهو قصة حب في هيروشيما بعد تدميرها بالقنبلة الذرية ..
كتبت ديراس الكثير من الروايات والكثير من سيناريوهات لافلام سنيمائية .كما كتبت الكثير من المسرحيات .وهي مخرجة كذلك .قامت باخراج بعض نصوصها في المسرح وتعد ديراس من الاسماء ذات المكانة المرموقة في الادب الفرنسي الحديث .كما ان نصوصها المسرحية و كذا رواياتها وافلامها تلاقي الاستقبال الجيد من طرف النقاد ووسائل الاعلام .لها رصيد كبير في الكتابة .نذكر من اعمالها المسرحية:
1/ يوم كامل بين الاشجار مجموعة من النصوص صدرت سنة1954
2/ المياه والغابة كذلك مجموعة نصوص مسرحية صدرت سنة1956
3/ سيزانا ادلير.مجموعة اخري صدرت سنة1968
4/ انديا سونغ صدرت سنة1973
5/ عدن نص مسرحي وسيناريو فيلم سنة 1977
6/ الوحش في الغابة ونصوص اخري سنة1984
ونود التوقف عند نصها الموسوم (سفناه باي) الصادر سنة 1982, هذا النص كتبته خصيصا للممثلة النجمة .نجمة المسرح الفرنسي ماداين رونود واخرجته بنفسها للمسرح.تقول مرغريت (المسرح يسمح لنا بتحرير الصرخات انه الحضور الاني) كتبت مرغريت المسرحية انطلاقا من اغنية للمطربة اديت بياف تقول كلماتها:
“جنون هو ان احبك, يمكنني ان احبك عدة مرات.. احيانا اريد ان اصرخ..لأنني لم يسبق لي الحب لم احبب هكذا..يمكنني ان اقسم علي ذلك..لو حدث وذهبت..ذهب وهجرتني. .اظنني سأموت,, سأموت من الحب..حبيبي..حبيبي”
العمل باخراجها قدمه مسرح الرونبوا ولعبت بطولته مادلين رونود طبعا وقد لقي الصدي الجيد
مرغريت تريد مسرحها ..مسرح تغيير .تقول انه مسرح الصوت .اي مسرح الكلمة الشعرية القوية وهذا ما فعلته في نصها (سفناه باي)
في هذه المسرحية التي عنواها هو اسم المكان واسم المراة المنتحرة اسم مكان الواقعة واقعة الانتحار . واسم الطفلة التي ولدت بدون اسم وعندما عرفت انها ولدت في هذا المكان اعطت اسمه لنفسها. فيسفناه ترسم ديراسفضاء للعرض فضاء متخيل.ولا تنتج مكانا فالشخصيات لا تنمو او تتطور في فضاء واقعي انما تعبر عدة اماكن من الذاكرة في حركة هي اقرب الي موجات البحر في هذا الفضاء الذي هو في كل مكان وفي اللامكان تعيش امرأتان مواقف وحالات واحاسيس حقيقية .انهما في مكان مغلق به ستائر منسدلة وكراسي بينما المراتان في حركة بين المشي علي ارضية صلبة وسط ستائر متحركة كأتها اموج بحر انها صورة تجريدية .انها صورة البحر والذاكرة في ان واحدالي جانب صخرة بيضاء هي شاهد الحادثة.
باختصار تقول مرغريت في مدخل نصه الجميل الذي كتبته بلغة شعرية رائقة وزرعته بالاحساس المرهف بالغوص في تجاويف الذاكرة . ذاكرة المرأة الام الممثلة النجمة الي اصاب ذاكرتها مرض النسيان بعد تقدمها في السن تقول ديراي (انت لا تذكرين من انت. ومن كنت. فقط تعرفين انك مثلت لكنك لا تعرفين ماذا مثلت. تمثلين وتعرفين انه يجب ان تمثلي ولكنك لا تعرفين ماذا مثلت ولا ما هي الادوار التي مثلت. ولا من هم اطفالك الاحياء ولاومز هم الاموات. ولا ما هي الاماكن ولا الركوح المسرحية التي وقفت عليها ولا العواصم .ولا القارات التي لقيت فيها اعجاب المحبين.فقط القاعة مدفوعة الثمن ويجب تقديم تلعرض. انت ممثلة مسرح ..زهرة عمر العالم. لقد نسيت كل شيئ ولكنك لم تنسي سفناه ..نعم سفناه باي)
هما اذن امرأتنا تستعيدان جزئيات الذكريات والحديث عن حادثة وقعت هما لم تكونا شاهدتين فيها ولكنها قلبت حياتهما الحادثة هي انتحار فتاة في سفناه باي بعد ان انجبت طفلا..
في سفناه تلتقي فتاة مع رجل مجهول وتعيش معه قصة حب يلتقيان عند صخرة بيضاء وسط البحر جاءت بها الامواج الي هنا الفتاة تنتحر بعد الانجاب من الرجل المجهول والمراة المسنة نجمة المسرح سابق مادلين امها تحاول ان تتذكر وفي مواجهتها امراة شابة تقول انها ممرضتها ويبدا الحوار بين المرأتبن وهناك يقين واحد هو الصخرة البيضاء مكان لقاء العاشقين انها اذن ذكريات الحب والموت وهي الذاكرة والنسيان وكأنها لعبة القط والفأر وتلك مز الموضوعات التي تفضلها ديراس وقد سبق لها ان فعلت مثل هذا في فيلمها.(هيروشيما حبيبي) انها تعيد اللعبة هنا الان في هذا النص المسرحي الجميل والمثير رغم طوله وقلة شخصياته انه في الواقع ديودرام . ام مريضة بفقدان الذاكرة وممرضة تحاول مساعدتها علي التذكر.
هي ذكريات اللقاء بين الموت والحب ذكريات لقاء الحب مع الموت غلا يمكنه ان يعيش.
اقول ديراس “لا يمكنني ان احدثكم عن التاريخ. هنا لا شيى مؤكد. هنا الواقع مبهم الواقعية. مسرح .سيننا. فانتازيا .كل هذا يتدهل بقوة .لا سيى مؤكد انهليس الا شيئ قوي يعرض امامنا.” شيئ ما اذن ينكفأ ثم يولد من جديد انهزالحب والموت.البحر والذاكرة. التي تموت انه الواقع الباهت وانها الكتابة الرائعة والشاعرية الجميلة وحتي الغنائية عند ديراس في هذه اامسرحية الكتابة التي تاخذك حد الدوخة تلك الطاقة الغريبة واكنها حميمية في ذات الوقت. انها تكشف لنا عن شيى . شيئ مدفون في ذاتياتنا نحاول ان نمسك به ان نقبض عليه هذا الذي لا وجود له والذي رغم كل شيى هو اهم شيئ ببن الاشياء المهمة كلها.. الشيئ الوحيد الذي يستحق الذكر وهو الوحيد كذلك الذي لا يمكننا قوله. هل هو الجنون . اوا حقا ان فقدان الذاكرة نوع من انواع الجنون تلذ نخجل ان نسميه .
ان سفناه باي التي تعد من اجمل ما كتبت ديراس للمسرح .مسرحية كتبتها خصيصا لصديقتها نجمة المسرح في فرنسا مادلين رونود التي كانت تتهيأ للتقاعد فكرمتها ديراس بهذا العمل .
وهل فعلا ان ديراس لم تكن تريد الكتابة للمسرح وان المسرح هو تلذي جاء اليها لقد فعل خيرا اذن لانه اعطي باختياره هذا اعطي للمسرح كاتبة كبيرة .