يعود الحديث من جديد/ بقلم: علاوة وهبي
وعاد الحديث من جديد عن الظاهرة التي سميت بمسرح الشارع، رغم قدمها وتأصلها في الحياة المسرحية. يعود الحديث عنها وتخصيصا في البلاد العربية وكأنها اكتشاف جديد وتلك حالتنا مع مختلف الظواهر والاتجاهات المسرحية التي غالبا ما نتحدث عنها بعد مرور النصف قرن وعن ظهورها في الغرب. ومرجع ذلك في اعتقادي يعود الي ضعف حركة الترجمة في البلاد العربية وعدم مواكبتنا لما يحدث في العالم من اكتشافات وابداعات في المجالات العديدة والي قلة او ندرة التجريب الابداعي عندنا كذلك.
عاد الحديث عن هذا النوع من المسرح بمناسبة تنظيم ملتقي افتراضي في مدينة بابل العراقية باسم مسرح الشارع . شخصيا اعتقد ان التسمية خاطئة ان القول مسرح الشارع يدل علي مكان تواجد البناية التي يقدم فيها العرض المسرحي, اذ نقول مسرح شارع كذا كذا كما نقول مسرح المدينة او مسرح البلدية او الولاية (المحافظة) وهي تسمية لا تدل علي الممارسة في المقصود هو الممارسة ومن ثمة فان اقرب تسمية لهذه الممارسة تكون المسرح في الشارع اي خارج جدران البناية .
هذه واحدة وقد يخالفني الكثير في ذلك. الثانية هي الحديث عن من يكون الرائد الاول لهذه التجربة والممارس لها . وقد تفرع النقاش وكان الاختلاف كذلك حول هو هو الممثل الاغريقي ثيسبيس او غيره الاجدر بهذه التسمية . ان الاحتكام الي التاريخ وما كتبه المؤرخون عن المسرح وبداياته الاولي في العالم . وبالعودة اليها وهي المرجع الذي نعتمده في كل كتاباتنا عن المسرح نجد ان هذه الكتب التأريخية لا تتحدث عن شخص اخر قبل ثيسبيس المولود في ايكاريا في قبيلة ايجاديس حوالي سنة 566 اي في القرن السادس قبل الميلاد .وتضيف هذه الكتب التأريخية ان ثيسبيس هو اول كتاب التراجيديا في العالم علي الاطلاق قبل سوفوكليس واسخيلوس ويوريبيس . وانه كان الي جانب ذلك ممثلا يؤدي ادوار نصوصه بنفسه وانه كان يقوم بجولات فنية مع فرفته علي متن عربة يتخد منها مسرحا لعرض اعماله في الشارع اي خارج بنابات المسرح والتي ربما لم تكن موجودة علي ايامه بعد تزيد المعلومات انارة لنا اذ تقول انه كان يفكر في ان يجعل مقطع تراجيدي يفصل به بين الكورس ويؤديه منفردا .ربمعني انه كان يفكر في اضافة شخصية ثانية قبل ان ياتي اسخيلوس وسوفوكليس بالاضافة وهو من اوحي اليهما بذلك وعلي خطاه كان سيرهم.
اذا اعتبرنا ما كان يفعله ثيسبيس خارج بناية المسرح . هو مسرح الشارع فانه يكون الرائد بلا منازع والظاهر انه فعله ذلك هو كذلك لانه كان يمارس المسرح في الشارع ومن هنا تكون التسمية الاصح هي المسرح في الشارع وليس مسرح الشارع . ثيسبيس اعتلي ركح المسرح لاول مرة حوالي سنة 534لاىقبل الميلاد مؤديا الدور الاول في تراجيديات يكتبها هو بنفسه وقد كان يستخدم ما يعرف الان بالماكياج. والذي كان يستحضره بنفسه من النباتات. كما كان يستخدم الاقنعة ومن معاني عربته ان من يقف عليها يعني ان يصبح ممثلا (ارما) وقد تحدثت عن الموسوعات والكتب التاريخية مشيرة الي عربته وجولاته في المقاطعات الاثينية واول ذكر له وعربته كان في مسرحية الضفادع لارسطوفانيس ثم في اوديسة هوميروس مرتين وقد وصفه بالمغني ونجد ذكرا له بعدها في الكتابات الكلاسيكية الغربية كما في مسرحية كرومويل لفيكتوروهوغو وفي رواية الملازم فراكاس لتيوفبل وكذلك في مسرحية سيرانو دي بيرجراك لادموند روستو . كما جاء ذكره في الانتولوجيا الاغريقية وفي كتابات بلوتارك وكتاب هوراس فن الشعر. وكتاب المسرح في اثينا. سنوات الابداع لفرانسوا جاكوسيت وفي الانسيكلوبيديا العالمية وقاموس لاروس الفرنسي..
تذكر الكتب التاريخية كذلك ان اثيسبيس اربع مسرحيات هي التي وصلت عناوينها الينا وقد يكون كتب غيرها ولمنها ضاعت ولم تذكر في كتب تاريخ المسرح اما نصوصه الاربعة المذكورة فهي:
1/ العاب جنائزية وشرف بيلياس او الحجر. وملخصها او موضوعها هو الاسطورة اذ يعود فيها ثيسبيس الي اسطورة اغريقية قديمة اين تقدم العاب عن جنازة بيلياس والتي ينظمها شعب الاكاستوس منذ القرن الثامن قبل اليلاد اذ يأتي ابن سيزيف غلوكون ليقدم حجره (انثي الحصان) المدربة علي التغذي بلحم البشر ولكن حجره هذه انقلبت عليه وافترسته ومن هنا كما يقال كانا تسمية الجنازة او الحجر كذلك وتعد هذه المسرحية اكثر اصالة من كل اعمال ثيسبيس
2/ الكاهن .وهذه المسرحية لا توجد اية معلومات عنها وعن موضوعها .فقط الموجود عنوانها
3/ شباب العشيرة. تتحدث هذه المسرحية عن الشباب الذبن تم ارسالهم لقتل المينوتور الوحش في الاسطورة الاغريقية. وحسبها هو اما ان يكون ارسال تيزي الي كريت وانتصاره علي المينوتور او تحريره لاولائك الشباب من طرف تيزي وتعد هذه الاسطورة من اشهر الاساطير الشعبية عند الاغريق وفي اثينا بالضبط .
4/باناتوس..تتحدث هذه المسرحية عن الملك باناتوس هو الذي خلف كادموس ملك تيبس والذي كان يرفض ادخال شعائر الاحتفال بشعائر ديونيزوس الي اراضي مملكته وقد كان يختبأ غي شجرة بجبل ستيرون لكن الميناديس يكتشفون مخباه ويقتلونه ويقطعون جثته.
هذه مجمل الاعمال التي وصلت الي علم المؤرخين في المسرح من اعمال ثيسبيس وقد تكون هناك له اعمال اخري ضاعت مثل الكثير من الاعمال التي ضاعت.
ونعود الي مسرح الشارع او المسرح في الشارع وهي التسمية الاقرب والاصح في راينا المتواضع ونقول انه لاواحد قبل ثييبيس مارس المسرح في الشارع فهو من بدأ ذلك وبالتالي لا رائد قبله فهو الرائد وهو الاب لهذه الظاهرة التي اصبحت اليوم محل جدل وفي البلاد العربية وكأنها ظاهرة جديدة اكتشفناها ولنا الريادة فيها .