هل الموسيقى في المسرح عنصر من عناصر السينوغرافيا / الدكتور قيس عودة قاسم الكناني

إن سماع الموسيقى المناسبة يزيد من نشاط عضلات الجسم، ويرفع كفاءته، تضافرا مع مجموعة من بحوث أوضحت دور بعض من الألحان او المعزوفات المهم، باعتبارها تعطي حافزاً للمخرج والممثل، لإبراز مهاراتهما من خلال رسم لوحة او صورة فوتوغرافية في مخيلته، تتكون من النص والديكور والإضاءة والموسيقى، التي يتمحور حولها المنجز.
وغالباً ما تؤازر الموسيقى الحدث الدرامي وتوصل الحالات والقيم الجمالية المتعددة، انها تساعد الممثل على المسرح ــــــ أي خشبة المسرح ــــ في الانسجام مع الحوار، وإيصال الحدث بشكل واقعي ومنطقي للمشاهد، مبينا انها في السينما والتلفزيون، توضع بشكل مستقل، بعيدا عن موقع التصوير، وتربط مع الصورة داخل الأستوديو، وهذا من اختصاص المخرج ومصمم الاستعراضات، حيث يتم اختيارها حسب المشهد ونوعيته وهنا الممثل لا يتعامل معها ابداً، لأنه لا يسمعها ولا يتحسسها ولا يراها كصورة افتراضية ولا حتى يحس بوجودها لا من قريب ولا من بعيد بل يعمل بعيدا عنها ومن دون أي وجود لها في أداءه، وربما يأتي دمج الموسيقى في المشهد بعد فترات طويلة عن أكمال الأداء التمثيلي فربما بأيام طويلة حسب قناعة وظروف الإنتاج والمخرج.
بيمنا في المسرح الآمر يختلف كثيرا فإنها تكون قوة ضغط ايجابي للكثير من الممثلين بالإضافة الى دعمها للجو العام فهي تساعد الممثلين في لبوس الشخصية والانطلاق في الحدث الدرامي، الا ان في بعض عروض المسرحية نجد هناك الكثير من العشوائية في اختيارها وتوظيفها، اما من مقطوعات موسيقى عالمية او من مقدمات الأغاني او أجزاء من موسيقى الأفلام، ونادراً ما نجدها تؤلف خصيصاً للعرض المسرحي.
فالكثير يصنفها كعنصر مهم وفعال يسهم في دعم الصراع الدرامي، ويدخل في نسيج العرض كقوة ترفع من أداء الممثل وروح العرض، واخرون يرونها انها جزء من العرض ككل بل انها تكمل الفضاء وتملئ المكان بالأحاسيس النغمية التي تشبع العرض بالصور الافتراضية التي يتلقاها المشاهد حسياً ويدركها سمعياً، لذلك اختلف المختصون بشأن الموسيقى، فمنهم من يقول انها من عناصر السينوغرافيا، لأنها تدخل ضمن العرض المسرحي والتأثيث السمعي وانها جزء من الديكور الصوتي, اما الآخر فيعترض على هذا الرأي لأنه يعتبر عناصر السينوغرافيا، هي تلك التي يمكن مشاهدتها، الا ان الغلبة تكون مع الرأي الأول بأنها عنصر سينوغرافياً، لأنها جزء مهم من جسد العمل، وهي طاقة خفية توازي الحوار الذي لا نراه، بل نسمعه، ومن خلالها نستطيع رفع مستوى الحدث، وشد المشاهد، وربطه شعوريا مع ما يحدث على الخشبة، اما بالنسبة للممثل فان الموسيقى هي القوة التي تسانده للتعايش مع اداء الشخصية والمواقف التي يمر بها، لذلك فان المشكلة الحقيقية  أمام تقديم موسيقى تصويرية مناسبة لأعمالنا، تكمن في جهة الإنتاج، التي غالباً ما تتجاهل هذا الدور المهم، ومن ثم لا يتوفر لها الوقت أو العائد المادي المناسب, لان  العرض المسرحي الجيد والمتكامل لا يكتمل الا باختيار موسيقى صحيحة متناسقة مع العرض المسرحي,
ومن أهم الأسباب التي تسيء تكاملية العرض المسرحي هو الانتقاص من دور الموسيقى وغياب المختص الذي يجمع خبراته الموسيقية والمسرحية مما يعطي الشرعية للمخرج في التلاعب بعناصر العرض المسرحي كقائد دكتاتوري لا غير لذا فانه يلغي كافة المختصين والمهنيين والتقنيين ويقوم بالأدوار بنفسه وهذه ميزة متجذرة لدى الكثير من المخرجين وبالتالي يتيه في آفاق توظيفها وطبيعة اشتغالها .

قيس الكناني

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت