لغة الشخصية في النص المسرحي (الحلقة: 13) / عبد الصاحب إبراهيم أميري

تمهيــــــد:
قبل الدخول في محاور هذا البحث، لابد أن نعرف ماذا تعني اللغة، اللغة، كاصطلاح مسرحي.. هو السك الحراري و الحواري الوسيط، بين الممثل والمتفرج القابع بالصالة، بأنواعه المتعدد الذي يوصل الحرارة الي فكر وقلب المتفرج، كيفما يريد وبالتالي يفهم المتفرج التفاصيل من دون مترجم يذكر، نفهم ان الحرارة وصلت بنجاح ورسمت الشخصية رسما قويما بوضوح دون تزعزع او اتجاج، ان كان الأمر كذلك، أن الطبيب (الكاتب المسرحي) كانت وصفته جيده، فهو رسم الشخصية كما يشاء، ولابد ان نفهم اللغة لغويا
( اللُّغَةُ، لُغَةُ: أصَواتٌ يُعَبِّر بها كل قوم عن أغراضهم. و جمعها: لُغًى، ولُغاتٌ. ويقال : سِمعتُ لُغاتِهم : اختلافَ كلامهم) (1)
اللغة كتعريف: كُلُّ وسيلة لتبادل المشاعر والأفكار، كالإشارات والأصوات والألفاظ. ولُغَة الجسم : إيماءات وأوضاع الجسم وتعابير الوجه اللاّإراديّة عادة في الاتّصال غير الشّفهيّ. إشارات اللُّغة المصاحبة : التعبيرات غير الصوتيّة المصاحبة للكلام، وتعطيه بعض المعاني، وتعبِّر عن الانفعالات المختلفة، كنغمة الصوت ووحدته والوقفات والابتسامات والتأوّهات ونبرات الصوت وغيرها.

من خلال الرؤية المعجمية لمعنى اللغة، اللغة هي ليست الحوار المسموع والمكتوب في النص المسرحي، بل هي كل أنواع الحوار اللامكتوب.
فهي متعددة، فهي لم تتوقف وتقتصر على الأصوات ” اللفظ ” بل تعدتها إلى لغات أخرى، كالصمت و إشارية ” حركة ” وصوتيه ” نغمة/ ضوء ” وحالات إداركية وانفعالية ” ذهنية وعاطفية “. فاللغة بمعنى إداركية وعاطفية أنها تتمثل في إطار الفكر أحيانا، وتدعو الذهن للتمعن بالكلام أو باللغة المتعددة، وأحيانا تتمثل بإطار القلب، وهي تمثل حالات عاطفية متعددة، وقد تأتي مندفعة لتعبر عن المشاعر الإنسانية نتيجة لموقف معين.
وهي أي اللغة تكون نغمية، وهنا نلمح إشارة إلى لغة الموسيقى والإيقاع، والإشارة ترمز أيضا إلى الصورة الضوئية، فالضوء بألوانه المتعددة، وسطوعه وخفوته، يعطي دلالات متعددة، ولغات يفهمها المخاطب وهو هنا المشاهد، وهي تعبير إشاري ينم عن التفكير، فتأتي الحركة كلغة مساندة للتوضيح والتفسير، وهنا نجد أن الجسد متعدد اللغة.
تعريف اللغة موسيقيا: اللغة، هي عزف ماهر على الكيتار او اية آلة موسيقية أخرى عزفا رائعا بصورة منفردة اوجماعية لنقول ما نريد، نوصل بها الحرارة إلى قلب وعقل المتفرج
نفهم من هذه التعاريف، ان اللغة والحوار بأنواعها يجب أن تكون سليمة وخالية من الفايروس، لتحقق العلاج، والا سيقع المشاهد بعسر الفهم، وصداع غريب، لا ينفعة اي علاج، وعلى أثر هذه الوصفة الغير سليمة يسقط المؤلف إلى أسفل السلم ويغيب عن الأنظار وعكسه صحيح تماما ومن دون تشبية فالمؤلف هو رسول النص المسرحي، رسالته، يجب أن تكون واضحة، كي يجد من يؤمن به، ويقبل افكاره، فهو يكتب لناس يعرفهم فلابد ان بلغة يفهموها من دون مترجم او دليل يوضح ، وهنا نستطيع القول: إن اللغة كأداة تواصلية ذرائعية تبين وتكشف عن البيان، والبيان التفسير والتوضيح.
قد أشار الله تعالى إلى هذا بقوله:(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)(2)
إن الآية القرآنية الكريمة تبين عن الغاية من الرسالة وهي الإفهام ودعوة الناس إلى الحق، ولا تتم الدعوة بالحق إلا بلغة مفهومة واضحة، يستطيع فهمها كل من يتكلمها. وحديث الرسول عليه السلام: ” (إن من البيان لسحرا “)
يؤكد على مقولة التواصل اللغوي بين المتكلم والمخاطب، وفي المسرح يبدو البيان متعددا، ولم يعد يقتصر على البيان اللغوي، بل إن طرق التواصل عند الجاحظ (159هـ-255هـ) متعددة منها:
1– اللغة ”
2– اللفظ ”
3– ثم الإشارة،
4-العقد،
5– الخط، ثم الحال.(3)
وقبل ذلك فإن الجاحظ يعرّف البيان بأنه ” اسم جامع لكل شيء كشف لك قناع المعنى، أي كل ما أوصل السامع إلى المعنى المراد، يستوي في ذلك كل أجناس الأدلة، فبأي شيء بلغت الإفهام ووضحت المعنى فذلك هو البيان في ذلك الموضع”
بعد هذا الاستيعاب لابد أن نقرب كلامنا الى ادراك الكاتب (الرسول المسرحي) كي يتمكن من بلوغ رسالته ليؤمن به، ويكونون من مريديه
واول معاناة الكاتب
الفصحى
ام العامية
ام لغة الصحافة
كي نرسم لنا خطا بيانيا صائبا، اقول كل هذه القواعد ،. هي صحيحة اذا استعملت في مكانها، حالها، حال الدواء، يكون نافعا لشخص،. وقاتلا لآخر،. وليس له تأثير على ثالث. فالطبيب الحاذق. هوالذي، يدون الدواء بدرايه ويرسم خارطة العلاج شانه، شان الكاتب الحاذق الذي يعرف أي الوسائل من اللغة تناسب أفكاره التي يود ان يبلغها،. وان المخاطب ماذا يستسيغ،. اذا ما توصل إلى ذلك هل انتهت ماموريته ووصل إلى الوصفة السريعة،. قد يجيب البعض
– بلي
انا اقول
– كلا فالوصفة لا تنتهي بانتخاب إحدى وسائل المخاطب للوصول إلى ذهن المشاهد
اننا نعلم علم اليقين ان أصابع اليد الواحدة، يختلف كل أصبع، عن اصبع اخر وان شعوب العالم، اختلافهم واضح في الشكل والعواطف والثقافة واللغة والأفكار ، فإن رسم كل واحد منهم يحتاج إلى مهارة فائقة، اما اذا اقتربنا الي شعبنا وثقافتنا والنموذج الواحد، كان نقول( عامل،) هذا العامل الواحد يختلف عن الأعمال الباقين الذين هم يعملون في مصنع واحد، ويمكن ان تكون مرتباتهم متساوية. وتحصليهم العلمي بمنزلة واحدة، ومع هذا هناك اختلاف في ثقافتهم الاجتماعية، نتيجة البيئة البيتيه وظروف الحياة، لذا نجد ان طريقة كلامهم وتصرفاتهَم لا تتشابه.
فالكاتب الجيد، هو الرسام الماهر الذي يرسم الشخصية حية وكأننا نلمسها وحاله حال الكاتب المبدع، الذي يهتم بالجزء، الكليات لا تساهم في الرسم بل الجزيئات، فالكاتب الجيد عليه الغور في شخصياته ودواخلهم. كوامننهم ويبدأ بالرسم لتكون الصورة حية وفيها إبداع
بعد أن اتضحت هذه الصورة، نقول ان شخصيات عديدة التقت في عمل واحد لتسيير أحداث مسرحية ما،. والكاتب،. قضى فترة طويلة حتى اكتشف كوامنهم، فاي اسلوب يستعمل لكتابة مسرحيته:
1-الفصحى
2- العامية
3- لغة الصحافة
وكل واحدة من هذه المسميات لها فروعا، الفصحى، تعني اللغة العربية المعتمدة على قواعد النحَو وتعتمد على أحداث يومية،
أم معاصرة. أم أحداثها تعود إلى قرون مضت. أم ان شخصياتها من طبقة الشعراء كذلك حال العامية او لغة الصحافة. انا قول لا هذ وذاك، الشخصية هي من تأتي بحوارها.
لتوضيح ذلك لابد من الإشارة للاية المباركة، بسم الله الرحمن الرحيم :(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)
فهو ابتداء، علية ان يكتب بلغة القوم. وهم هنا مشاهدي العرض، وكل شخصية تتحدث بلغتها ولقومها (المشاهد), نستنتج من هذا البحث ان اللغة في المسرحية هي لغة الشخصية معجونه بلغة المشاهد.
الهامش:
1 / المعجم الوسيط: مادة لغة
2 / سورة إبراهيم الآية 4
3 / ينظر الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر، البيان والتبيين ج 1، تحقيق عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، ط7، القاهرة. 1998م.

عبد الصاحب ابراهيم أميري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت