النص المسرحي على منصة التشريح (الحلقة: 15) / عبد الصاحب إبراهيم أميري

النص المسرحي يستنشق الحياة

 
تمهيــــد:
عنوان، قد يبدوا غريبا للوهلة الأولى، ما علاقة استنشاق الحياة، بالنسبة للنص المسرحي، إن عملية أحياء النص المسرحي، وتقديمة بأسلوب، ناجع، هي عملية أشبه للعودة الي الحياة باسما، ومفاتيح عودته بيد فريق العرض وعلى رأسهم المخرج، اذن اتفقنا على العنوان، ونشرح قليلا مع المضمون.
يعد النص المسرحي من أصعب أشكال التأليف الأدبي،،،،،،،،،،
سلاح الكاتب في ساحة كتابة النص المسرحي هو، الحوار ، منه يستمد طاقة الخلق والبناء ، شأنه شأن النحات ، الذي يجعل من الصخر، لوحة تصرخ وتتكلم، وتبقى مئات السنين. يشهد الناس بجمالها، يمنح الحياة لها من حيث لا ندري، الكاتب المسرحي، الجيد، بحوار الكلم، يصور أجمل قصص الحقيقة والخيال، اذا ما تمكن ان يكون سيد الحرف، يغازلها لتكون طوع أمره، والعكس صحيح، عليه أن يمزق، أوراقه كي لا يصبح أضحوكة بين زملائة،، وامثلة النص الجيد لا تحصى،. بقيت حية لهذا اليوم، رغم اختلاف الثقافات،، على الكاتب ان يرسم كل تفاصيل الحدث،. الصغيرة والكبيرة لنعيش بين طيات الاحداث، ونتفاعل و نجد أنفسنا وسط الاحداث ، وفي تلك الدائرة الضيقة خشبة المسرح نغور في أعماق البحار،، نتسلق الجبال الشاقة، ونجتاز المحيطات،، فالكاتب بحراره حروفه يبث الروح، ويرسم لنا المشهد، بدقة متناهية
اذا ما أردنا القول ان النص المسرحي، ما يخرج من يد كاتبه، انتهينا منه وهو الكمال، فإنه تفكير خاطئ من الأساس، فالنص باي وجه من الوجوه لا يكتب للقراءة، بل يكتب للمنصة، للمسرح، والي جمهور يدرك النص من خلال المشاهدة.

قبل الدخول في محور البحث لابد أن نذكر، ان النصوص الجديدة. والتي تقدم لنا حتى اليوم، وبنفس الحوار،. الا ان اجتهادات التشريح. وواضحة،. وبصمة المخرج (الف) تختلف عن بصمة المخرج (ب) وهذا الاختلاف. هو ما توصل المخرج اليه من خلال التشريح،. وكشف الرؤيا، فالنص المسرحي وجبة طعام، يعيد المخرج ، صياغتها التصورية، لتلائم فكر وعقلية المتلقي و نقل الرسالة، كما يريد، صاحب الرجام،
وهذا لا تأتي عبطا، بل لا يمكن، ان يتم الا بعض قراءات متعدده للنص، والبحث خلف الحوار، عن حوار اخر وهو اللامكتوب، كما يجب استيعاب أبجدية النص بحذافيرها، كي نقارن النص الذي انتهى منه المؤلف، مع النص الذي اوجدته المخرج، ومدي تأثير النصين على الجمهور او قاعة العرض
ان تشريح النص المسرحي هي من مهمة المخرج اولا، واخرا،. لكن هذا لا يعني ان العاملين المتواجدين معه يمثلون دور المشاهد، فالمخرج ان اراد الوصول إلى الرأى المصائب عليه أن يستعين بالجميع وعلى رأسهم الممثل ننتهز الفرصة ونقدم تعريفا سريعا للممثل.
الممثــل:
ـ الممثل هو، صاحب قوة التخيل و الإعداد، وهذه القوة تساعده  على أن يصب كل أفكاره في دوره بعد أن يتلقى التوجيهات من المخرج .، وهوامش المؤلف، عند تشريحه بعض المواقف،
ـ الممثل الموهوب هو الذي يدرك الحياة حق الإدراك و يضعها في خدمة الدور عن طريق الشعور و الإحساس .
ـ التعمق في كل لحظة من اللحظات تأدية الشخصية بملامحها و حركاتها و حواراتها و إيماءاتها و نظراتها .
ـ قوة التخيل و الإعداد تساعدان الممثل على أن يصب كل أفكاره في دوره بعد أن يتلقى التوجيهات من المخرج .
كي يصل الممثل الي درك وتحليل الشخصية عليه:
اولا: قراءة النص المسرحي بعناية فائقة. اقرأ كل كلمة في النص وحاول اكتشاف ما خلف الكلمات
ثانيا: قم بالتركيز في تفاصيل الشخصية، التي ستؤديها، عش معها تحت سقف واحد
ثالثا: كي تصل إلى شخصيتك، عليك معرفة الشخصيات الأخرى المحيطة بالعمل، فتلك الشخصيات ستتعامل معها بشكل أو بآخر في تكوين شخصيتك.
رابعا: اعلم أن النص هو القائم الأساسي الذي تقوم عليه شخصيتك، حاول الوصول إلى ما يدور في ذهن الكاتب وما يريده من تلك الشخصية؟
خامسا: ابحث عن خفايا النص وما وراء الكلم، والصمت. والمؤثرات التصويرية
 
الممثل و النص
من شروط الابداع والتالق والنجاح في تسخير اية شخصية مسرحية هو ان يحدد الممثل علاقته مع النص المسرحي، والفكرة الاساسية وتحديد علاقته بالمشاهد المتلاحقة والعمل على تنمية الصراع فيها، و من الضروري جدا التعرف على شخصيته وتحديد هويتها وفعلها الاساسي، كما اسلفنا
النص باللغة الفصحى؟ باللهجة الشعبية؟ وهل ينتمي الى العالمية ام الى الاجواء المحلية– جميع هذه النقاط التي اوردتها يمكنها ان تحدد علاقة الممثل مع النص المسرحي. ثم ان الممثل حينما سيكتشف علاقته بالنص عندها يستطيع ان يحدد علاقة شخصيته مع الحدث الرئيسي ودوره في تنمية الصراع والمساعدة على تحديد العلاقة كشخصية من شخوص النص المسرحي والتي من خلالها تساعد على تكملة الفكرة الرئيسية ومن خلال تتابع المشاهد العرضية المساعدة للمشاهد الرئيسية حتى يتمكن الممثل ان يتعمق بالدور ويحدد علاقته بالنص المسرحي دون المساس بهيكلة النص ودايلوجاته الا بعد الاتفاق مع المؤلف والمخرج.
هناك علاقة من الضروري مراعاتها من قبل اي ممثل، فمثلا: كيف يمكننا تشخيص الممثل الجيد من الممثل الغير الحرفي؟ اي الممثل المتمثل فقط؟ وكيف نستطيع مقارنة الممثل الاكاديمي من الممثل الفطري؟ وهل يجب على الممثل الجيد ان يكون ممثلا اكاديميا ام هذا لا يؤخذ بنظر الاعتبار؟ كل ما يتعلق باحياء النص َوجعله يستنشق الحياة، يعد أمرا مهما وحياتنا. الخبرة مهمه، منبعها، ليس مهما .
فحينما يرسم المؤلف اية شخصية من شخوص نصوصه يحدد هويتها وطرازها وتاريخها وثقافتها ونفسيتها وعلاقاتها الاجتماعية (تحليل الشخصية وايجاد ابعادها الثلاثة – البعد الطبيعي – البعد النفسي– البعد الاجتماعي– اعداد الممثل ستانسلافسكي). ولهذا فان نجاح اي نص مسرحي لا يعتمد على جودة النص فقط، بقدر ما للممثل دورا بارزا ومهما في نجاح النص ومن خلال النهوض بمضمون النص بالاداء الجيد والابداع الحرفي في التمثيل لتجسيد مضمون النص، وفي بعض الاحيان يلعب الممثل في تطوير بعض الشخصيات ومستجدات حواراتها العمل المسرحي، هو تلاحم مجموعة زمن الأعمال والوظائف، لتكون النتيجة العمل الذي يدهش المشاهد منها، ولا ننسى العوامل الأخرى المشاركة في العرض المسرحي كالديكور، و الاضاءة.و بالازياء والإكسسوارات، و الموسيقى والمؤثرات الاخرى.
المخرج والنص
منذ أن أعلن الفيلسوف الفرنسي “رولان بارط” موت المؤلف بإيعاز ضمني من الكاتب الألماني برتولد بريخت، حتى أصبح النص الدرامي مسرحا لجدل قديم متجدد حول حدود الحرية التي يمتلكها المخرج للتصرف حذفاً، وتعديلا، واختصارا، واختزالاً.. ونتج عن هذا الجدل خلاف بين المؤلف والمخرج وصل في أحيان كثيرة إلى حدود القطيعة، وفي الجانب الآخر من الجدل بدت العلاقة (مخرج ـ مؤلف) ناجحة، يحكمها التوافق في مستوى الرؤية، والهدف، والنتيجة، وفي هذه الحال يبيح المخرج لنفسه حق التصرف في النص، ويتحول بمقتضى هذه الصفة إلى مؤلف ثان، أو شريك آخر في العمل، فيتحرر النص من سلطة المؤلف. نستنج من هذه المقدمة السريعة، ان المخرج بات هو الأب الشرعي للنص، يحسن تربية للنص، ليظهر بالشكل اللازم، ، وأن التغييرات التي تحصل في الكلمات والجمل لا تعد تغييرا، قد تسمى تصحيحا، فالتغيير، هو في شكل النص، وهذا التغيير لا نستطيع القول أنه تغيير ناجح بل أنه خلق جديد لفكر جديد

عبد الصاحب ابراهيم أميري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت