نص مسرحي: "الشمعة الأخيرة"/ تأليف: عبد الصاحب إبراهيم أميري

المنـــظر: ظلام رهيب، يعم خشبة المسرح، وصمت اشد رهبة، الناظر للخشبة، يحس انه أمام لغز عجيب ترفع الستارة، ببطء، أصوات أقدام تبتعد، بكاء ونحيب، وهمهمة غير واضحة (كفى اتركوه بحاله -تأخرت لدي موعد مهم) اسرعوا لا شيء نرى، لا شيء نسمع، سوى هبوب رياح متربة تهب من فتحة الباب، تحرك بعض الأشياء المتناثرة على الخشبة والتي من الصعب جدا، تمييزها، لحظات نور ضئيل ينفذ للمنصة، وأصوات أقدام ثقيلة، القادم شاب في الأربعين، يحمل بإحدى يديه شمعة حمراء، متوسطة الحجم، كلما يخطو للداخل، تكشف الإنارة عن أجزاء من المكان، المكان أشبه ببيت مهجور، على جوانبه غرف صغيرة، أبوابها متقاربة، مقفلة بقفل كبير ومظلمة، وعلى اكثر الأبواب عشعش العنكبوت، لا نسمع منها حركة، إحدى الغرف بابها مفتوح، نور ضئيل ينير الغرفة، لاشيء فيها، وسط ساحة المنزل، حوض صغير، ماءه داكن نسبيا، طبقة خضراء غطت المياه الداكنة، يقترب الشاب نحو الحوض، يجلس على حافة الحوض، يحاول بعصا صغيرة، كانت جنب الحوض. إن يحرك ماء الحوض الداكن، ما أن يضع العصا في الحوض ويحرك العصا حركة دائرية، عدد من الضفادع الكبيرة المتوحشة، تقفز نحو وجه الشاب، يهب صارخا، متراجعا للخلف
الشاب: (صارخا) . لا لا،،،،، إذن انا (ينفض الشاب وجه وملابسه، في اللحظة نفسها، صوت غلق الباب يجعله مذعورا، يظلم المكان، يسرع نحو الباب، يعثر بقطة ميتة، يقرب ضوء الشمعة نحوها، ما أن يراها ميتة، يصرخ بأعلى صوته) واه ويلاه. واه ويلاه إذن انا (يسرع نحو الباب، صارخا وباكيا) افتحوا الباب. افتحوا الباب (أصوات مطرقة تحكم غلق الباب،. بسامير كبيرة تجتاز الباب للداخل، يطرق الشاب على الباب دون شعور) افتحوا الباب (يديه تنزف بشدة، ينظر إلى يديه النازفتين) لا تتركوني وحيدا، اني انزف سأموت اني أخاف بالله عليكم. لا. تتركوني السنا أصحابا السنا إخوة (دموع الشمعة تتساقط على يده، يده تحترق، يترك الشمعة، تقع من يده، ما أن يريد أن يتناول الشمعة عقارب صغيرة تقترب. نحو الشاب رويدا رويدا ، يهب فزعا، والخوف سيطر عليه، يجمد دون حراك ، كتمثال، وقد ترك الشمعة على الأرض تحترق، لا يجرؤ أن يمد يده صوب الشمعة لأن العقارب ، باتت تدور حولها) آه لو كنت أبصر عاقبة الأمور، اه لم كنت أبصر النهاية كما ابصرها اليوم آه لو كنت أعي آه لو كنت أفهم آه لو كنت انسانا قرأت كل هذه الأمور ولم أعي ولم أصدق ولم افهم انا أدركت خطائي (يصرخ عاليا،) أريد أن أعود (يبكي) فهَمت لن اعيدها، ثانية. انا لا أطيق البقاء في هذا المنزل هل من الممكن أن يعودوا. اهلي واخوتي انا أدركت خطائي هل من الممكن أن يعودوا. ،، لأصحح أخطائي (يبكي) يا الهي يا أرحم الراحمين ويا سيد المسامحين أيها الغفور أرحم بحالي (ينظر للشمعة، الشمعة، تذوب تدريجيا) ستنطفي وينتهي أمرها وامري وأنا سجين العقارب (يصرخ) الهي. ارحم حالي . يا رب السموات والأرض ، اتعذب (العقارب تبتعد رويدا. رويدا عن الشمعه،.الشمعة قد ذابت بعض الشيء يلتقط الشمعة ويهرب بها صوب حوض الماء، يتنفس بصعوبة، يحاول جاهدا فتح صنبور الماء، يضع يده تحت الصنبور ليأخذ ماء بكفه ويغسل وجه، ماء داكن، اسود يصب من الصنبور، يحس ان شيئا يتحرك بكف يده، يدقق النظر وإذا بها ديدان صغيرة تتساقط مع المياه من الصنبور، يهب فزعا، يدور راكضا في ساحة البيت ويطرق على الأبواب المقفلة باقفال كبيرة) لا. ساجن ولا شك في ذلك انا لا أصدق عيني إين انا أين أكون كيف أتيت لا أحد. هنا يمكنه انقاذي، (يقترب صوب الأبواب، خيوط العنكبوت تلامس وجه، تأخذه الرهيبة، يبكي) افتحوا الأبواب الرحمة يا ناس ساجن يصرخ عاليا ساجن ساجن (الأصوات من وراء الأبواب – نزيل جديد) ان كنت نزيلا. أو سجينا، أنا لا ادري الأصوات – اتركنا نريد أن. ننام اتركنا (الشمعة تكاد ان تنتهي)
الأصوات من وراء الأبواب: أذهب ونم
الشاب: أين الأصوات؟
من وراء الأبواب:غرفتك بابها مفتوح. أذهب. دعنا ننام
الشاب: (يتجه نحو الغرفة الصغيرة،. الفارغة من كل شيء، جرذان عده يتحركون بحرية، ينظرون صوب الشاب.. الشاب يتراجع للخلف) أنام هنا مع الجرذان (يترك الغرفة هاربا ) لم اعتاد ان انم هكذا أين فراشي أين وسادتي بإلهي ، لا اطيق مكاني هذا والمكان لا يطيقني (أصوات اقدام تقترب نحو الباب، يسرع الشاب نحو الباب يلهث) انهم عادوا (ينصت للاصوات)
الأصوات من الخارج: اعتقد ان الميت قد استيقظ -لا اعتقد
الشاب: نعم استيقظ. انا حي
الأصوات:هل رأيت في حياتك ميتا يعود قبل دفنه
الشاب: نعم
الأصوات: انها أضغاث احلام، تصدق عنه
الشاب: (يصرخ)  انا حي. لا احتاج الى صدقه
الأصوات:هيا بنا، نذهب (أصوات الأقدام تبتعد تدريجيا)
الشاب : (يصرخ) افتحوا الباب انا حي
(أصوات الأقدام تبتعد نهائيا، دموع الشمعة، تتساقط على يده، الشمعة أوشكت على الانتهاء، يترك المكان باتجاه الغرفة يرمي بجسده المتعب، الشمعة ينتهي نورها، الغرفة تقفل كبير، ظلام دامس)

ستـــــــــــــار

عبد الصاحب إبراهيم أميري/ نيسان
 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت