(بايخو بويرو ) يكتب عن سيد التراجيديا (تشيخوف)/ ترجمة: علاوة وهبي
منذ سنوات كانت (بستان الكرز)و (الشقيقات الثلاث) مفاجاة الموسم المسرحي في مدريد. وفي السنة الماضية (لم يحدد السنة) فان الحديث الاكثر في الموسم ودون شك كان (الخال فانيا) ان اهتماما مثل هذا باعمال تشيخوف ليس اهتماما روسيا فقط بل هو اهتمام العالم والامر ليس مدهشا لارتباطه بالسرد ولكن بالمسرح،وبكاتب مسرحي.
انني شديد الاهتمام بشكل خاص بحياة درامات تشيخوف واذا ما سمعت القول بان الأمر يتعلق بكاتب كلاسيكي فانني ارد في كل مرة بأنه هناك كلاسيكيات تصبح صورتها باهتة بمرور الزمن. فما الذي انقذ مسرح تشيخوف من الشيخوخة ولماذا حين اتواصل معه لا اشعر بشيخوخته. انما بالعكس اشعر بشبابيته. انه لمن الضروري ان نولي اهمية لعنصر له اهميته في تطور الادب المعاصر . وكان يمكن ان يكون عائقا امام نجاح اعمال تشيخوف في السرد والدراما في السنوات الاخيرة اتجاه يتطور ويمكن ان نسميه الباروك الجديد (اسلوب تعبيري في الادب والفن مخالف للاسلوب الاتباعي). بمعني اتجاه يعقد ويثقل البناء التمثيلي والالسلوب في القصص مما يؤدي الي ابعاد لا تشجع علي القراءة العادية. انني لا استبعد الابحاث التي استقبلت بشكل جيد بفضل كتاب عصرنا والتي وجدت لها انعكاسات في اعمالي.
البحث عن شكل اصيل غير متعود عليه وهو دون شك متجدد دائما. ولكن هل يجعل الاستغراب اكثر استمرارية نجاح مسرحيات تشيخوف هل هو نتيجة ردود فعل الجمهور الايجابية نحو كل ما هو بسيط وواضح ورفضه لكل ما هو معقد ومشوش. ربما في بعض الجوانب .ولكن لا يجب ان ننسي بأن المسرح، مسرح تشيخوف البسيط والواضح في القراءة الأولي هو اكثر تعقيدا (فبساطته) اصبحت شيئا مشتركا في النقد الادبي وهذا يقوم علي عفوية دقة اللغة عنف التركيب.
تشيخوف المسرحي يستهلك المراحل المعقدة ويستخدم الكلمات الاكثر اعتيادية. ولكن مل جملة ينطق بها ابطال اعماله تبدو كأنها عفوية طيلة فصل واحد يبدو ان لا شيء يحدث فيه ولكنها تعري لنا اعماق الحياة الانسانية.
بهذه الرقة وهذه الحدة التي لا يعرف تركيباتها سوي تشيخوف. ان بساطته هي هذا الحذق الذي لم نتوصل بعد الي الامساك به كلية. فمفهوم الانطباعية والواقعية لا يكفيان لاعطاء مفهوم لاعمال تشيخوف ولو كان الامر كذلك كانت اعماله قد ماتت منذ زمان. في بداية حياته المسرحية كانوا يتهمونه بجهل (القواعد وانه لم يخلف لنا فعلا ولا قاعدة .لمنه بالمقابل اضاء الواقع الذي لا احد من الدراميين بعده يمكنه تجاهله او نسيانه اي كان تقليدي او سوريالي او اي اتجاه اخر هنا وحب التذكير بكلمات تشيخوف) لماذا نفسر جمهور اي شيء. بل بكل بساطة علينا اخافته وعندها سوف يهتم ويبدا في التفكير) وبمعني اخر الفن المسرحي لا يجب ان يكون تعليمي مدرسي. وبهذا فقط يمكن الوصول تلي التعاون مع المرجو من الجمهور وان نجعل استقباله الحسي والتأثري حادا. البساطة في التعبير اساسية في هذا . ولكنها بساطة لا علاقة لها بالبدائية انما هي بساطة تخص وتتعلق برؤية جديدة وحديثة عن الحياة واكتشاف اصالتها. والتعبير عنها باللغة الاكثر اعتيادية والتي تبدو هي كذلك في النهاية اكثر اصالة وهذه لا شك اكثر صعوبة.
ان الدرس الاكثر اهمية الذي يعطينا اياه تشيخوف ولكنه ليس الوحيد اذ الحق به سريعا درس اخر عن مفهومه للتراجيديا او المأساوي وهو عكس المفهوم تعام الذي تلقاه القراء الاكثر تبصرا ويعرفون بان التراجيديا لا تعطي فرضا الاحساس بالنكبة واليؤس. فالتراجيديا ليست تعبير مضد للديالكتيك او امتياز زمني للمجتمع والافراد ولمنها تأمل مؤثر يدعو الي التفكير في سبل تسمح لنا بتجاوز حالة مأساوية. في كل توجد وهي فعلا كبيرة (بوجد هذا المفهوم) الخفي.
لكن مسرحيات تشيخوف بفضل الديناميكية الاجتماعية الخاصة بها نشعر اننا داخلها كلية. انها اعمال بالرغم من اليؤس الذي يلف ابطالها فان شعلة الامل لا تنطفأ فيها. ولكن ليس النص او الحوارات هي التي تشعلها .فالاحساس بالالم واللاعدل عابران. بل هي نابعة من مواقف محددة سلفا بتاريخ يخصها. (رغم انه يمكنان لا يتحدث عنها تعبيرا) ولكن كذلك من فنيات متكاملة والتي فيها الوقفات والحركات والصوت ليست اقل تعبيرا من الكلمات(لن يمون الامر دائما كذلك) اننا نسمع في الاعم من فم اابطل عند تشيخوف ولكن حتي عندما يسكت .
فان القارئ او المتفرج مستعد ان ينطق هو بكلمات الامل وكل العمل يقوده الي هذا التفكير. وهذه التراجيديا ودون الصراخ الاجش الملهب والذي ينتشر في ذات الوقت مع رجال يناصلون سيرا نحو غد لا مفر منه هو ما بجعل من تكاتب سيد خالد في عالم الدراماتورجيا.