صياغة دراما الحياة..قراءة في كتاب لعبات يعقوب صنوع التياتريه وحواريته (دراسه تداوليه)/ د. محمود سعيد
توالينا ا د نجوي عانوس كل يوم بجديد يعقوب صنوع واليوم هي تقرأ صنوع عبر الصور في طرح نقدي جديد صدر عن دار المعارف 2020
يقول لنا المصطلح النقدي إن كلمة “سياق” ذات دلالتين:-
- الدلالة الأولى أنها علامة على العالم الداخلي للنص بما فيه من تدفق وتتابع وتناسق وتآلف وترابط بوصف المنتج الأدبي كائناً لغوياً منسجماً مؤسساً على وحدة عضوية تمنحه هويته وشخصيته وجماله ومقصديته ومراميه حينما تمر عليه حواس المتلقي وعقله وبصيرته ورؤيته وثقافته وخبراته وغاياته.
- الدلالة الثانية أنها تشير إلى العالم الخارجي للنص بما فيه من بشر وعلاقات ومثل وسلوك، عالم تعامل معه النص على نحو ما وحاول تنظيمه وتنسيقه وتأليفه وتقديمه في رموز تحيل إلى كل هذا الصخب الذي عايشه منتج النص، ذلك المؤلف المبدع الذي استقبل ما يدور حوله وتفاعل معه واحتواه في ذهنه ووجدانه وأدخله إلى برنامج موهبته ليعالجه ويستخرج منه قطعة من النسيج تذكرنا خيوطها بما رآه المبدع حوله وبما كان يجري في أعماقه أيضاً.
العمل الإبداعي من هذه الزاوية يحمل دائماً قيمة مزدوجة، ويمكن معالجته من مدخلين:
- القيمة الأولى أنه كائن له وجوده الذاتي بمعزل عن أي شيء آخر ويستمر حضوره ممتداً في أفق التاريخ مخاطباً أصحاب الرؤى الجمالية للتفاعل معه، ومن هذه الزاوية يمكن قراءة الأعمال الإبداعية كلها قراءة نصية عن طريق إعداد أبجديات جمالية للفنون وتطبيق قواعد هذه الأبجديات على النصوص.
- القيمة الثانية أن كل أداء إبداعي وصلنا في نص هو خطاب، رسالة تحمل حلماً بالتواصل من ذات إنسانية عاقلة واعية لها أبعاد نفسية ورؤية اجتماعية وموقف من العالم، وحينما نتعامل مع الخطابات الإبداعية من هذه الزاوية نجد النصوص كنوزاً معرفية حافلة بالمعاني الكاشفة لطبيعة الإنسان وقوانين عقوده الاجتماعية.
لكن من الصعب الفصل بين الاتجاهين، لذلك يمكن اعتماد القراءة التداولية مدخلاً إيجابياً ومتكاملاً لمعالجة الخطاب الإبداعي عن طريق تحليل سياقه اللغوي النصي كي نصل إلى السياق الأكبر الذي يحيط به وهو المقام أو الموقف أو عملية الاتصال ذاتها التي تتم في منظومة ثقافية كلية ذات خلفية معرفية وغايات اقتصادية واستراتيجية وقنوات ومنابر لها تقنياتها وأهدافها عبر لعبه الصورة وإعادة قراءتها نقديا .
وهذا العمل في حد ذاته هو بحث عن منسق دراما الحياة، أي الشخصية الأدبية المبدعة التي تقوم بتأليف خطاب تسعى فيه إلى تأليف الأرواح والأذهان والوجدان، عن طريق إعادة صياغة الوقائع السياقية التي تمر بها وتراها وتتفاعل معها أو التي تصل إليها من سجلات التاريخ، ويتم هذا التنسيق بمعالجة مادة الحياة عن طريق ضغطها في نسق رمزي تصويري جمالي، وتمكننا العملية النقدية من إعادة إنتاج هذا الكائن المضغوط وتحريره في أفق التلقي ليخرج كالمارد من المصباح السحري كما عودتنا د / نجوي عانوس والتي كيفت المارد ولعبت بالمصباح في طرح سحري نقدي مصور
د محمود سعيد