نص مسرحي: " الماعز الجبلي" / تأليف : حيدر علي الاسدي
مهداة الى صديقي الشاب المثقف الواعي حد اللعنة (سيف واثق)
ونحن شركاء الالم والبوح والهواجس…..ليت الكلمات تلامس شغفنا بغموض واسرار الوجود..
(ملحوظة : كلما يدور في هذا النص المسرحي هي حقيقة جرت لأربع شباب من العراق وهم ينون الهجرة بحثاً عن ملاذا من …جرت أحداث النص على الحدود التي تجمع تركيا باليونان).
الشخوص:
شاب 1
شاب 2
شاب 3
شاب 4
(( المشهد الاول))
(المكان : على الحدود اليونانية بقرية زراعية محاذية للغابات وتتاخم على مناطق جبلية، وعلى مرتفع جبلي مستوي من الأعلى وبمنتصفه ثمة وادي على شكل حفرة كبيرة)
شاب 1: اربعة ايام مضت، لم ناكل شيئاً، هربنا من الموت في اوطاننا، وها نحن نعبر الجحيم علنا نصل لضفة لا نعرف بعد شكلها او الحياة فيها….
شاب 2: لا تبتأس يا صديقي…نحن لدينا هدف…ان نصل….لابد ان انصل…لا تنهزم بهذه السهولة..
شاب 3 : معدتي تصرخ من الجوع….لم يحدث ان امضيت اربعة اياما ًدونما اكل…
شاب 4: اعتبر نفسك مسجون ….او في غيبوبة …
شاب 1 : يبدو اننا ضللنا البوصلة؟
شاب 4 : من زمان…من زمان يا صاحبي
شاب 2: كل منا ترك خلفه ذاكرة مرة …
شاب 1 : كل منا ترك خلفه …ام …حبيبة …
شاب 3 : وانا تركت دراستي…
شاب 1: سنعوض ذلك حينما نصل الى النعيم …اوربا …النساء الجميلات والحفلات…والتسكع بالازقة والشوارع الجميلة…
شاب 3: لابد ان نصل…مهما كلف الامر…
شاب 1 : معدتي تصرخ من الجوع….لم يحدث ان امضيت اربعة اياماً دونما اكل…
شاب 3: وانا كذلك ..ما رايك ان نتحدث …الحديث ينسينا الجوع…ربما…
شاب 2: ماذا لو كانت السنتنا لا تحتوي الا على احادى ثمرة …مرة جدا لا يمكن تجرعها…
شاب 1: دعونا نفكر باي شيء اخر ينسينا الجوع…
شاب 2 : ارى من الامن لنا ان ننزل للوادي…فالجو هنا مخيف …مخيف جدا…اشعر ان ارواح تخبئ خلف هذا الهواء وتكاد تصفعني كل حركة او ازيز صوت غريب…اشعر ان وحوشاً لا مرئية تكاد تهاجمنا..
شاب 3: اذن دعونا ننزل للوادي لنأمن من شر هذه الهواجس الكاسرة…
(لحظات صمت)
(( المشهــد الثانـــي))
(المكان : داخل الوادي.. بعد لحظات استراحة قضوها داخل الوادي…اصوات جرس ترن في اذان الشباب))
شاب 1 : اصوات…هل تسمعون…
شاب 3: ربما صوت الهواء….
شاب 2 : يبدو انه الجرس علق على عنق ماعز …
شاب 3 : ماعز
شاب 4 :نعم ماعز جبلي….انا شاهدت الرعاة هنا بهذه الجزيرة يربطون اعناق الماعز بالجرس…كان نفس الصوت تماما…
شاب 1: ماعز جبلي في الثانية صباحا وفي هذا الظلام الدامس!
شاب2 : دعونا نبحث عنه عله يكون طعاما لنا….فانا ساموت جوعا لو استمرينا دونما طعام ، لن نمضي قدماً…صدقونا سنموت دون ان يعرف احد بذلك..!
((يلاحقون الصوت معا))
شاب 1: يبدو انه بهذا الاتجاه..
شاب 3: يبدو انه في المنحدر داخل الوادي…
شاب 2: ربما وقع….او تخلف عن راعيه …او ضل الطريق ….
شاب 4: ربما مائدة انزلها الله لنا من السماء بعد ان صرخت معدتنا بالجوع الرهيب
شاب 1: لا وقت للمزاح…ربما هذا رزقنا…دعونا نبحث…
((يلاحقون صوت الجرس))
شاب 2: انه هناكب المنحدر، اسفل الوادي..
شاب 3: دعونا ننزل بهدوء حتى لا يهرب من صوت اقدامنا…
شاب 2: كيف يهرب وهو مسجون داخل الوادي ….لو كان باستطاعته الخروج لخرج منذ النهار…
((يقتربون شيئا فشيئا))
شاب 1: نحن نبتعد عنه بحوالي 30 ياردة..
شاب 4 : ان ياراه..
شاب 2: وانا كذلك …
شاب 3: اسرعوا فلم اعد اطيق الجوع…
((يقتربون اكثر))
شاب 2: يا الهي …اين ذهب الماعز…
شاب 3: اختفى…(بصوت مرتجف)
شاب 1 : (اختفى)
شاب 4: ربما هرب باتجاه اخر…
((يلتفتون يمينا ويسارا))
شاب 1: انه هناك …هناك..
((يظهر الماعز باتجاه اخر من الوادي))
شاب 2 : دعونا ننقض عليه قبل ان يهرب مجددا …
((يقتربون مرة اخرى))
شاب 3: يا الهي…اختفى مرة اخرى…
شاب 2: اختفى (بصوت خائف مرتجف))
شاب 4 : انه ليس بماعز…
شاب 1: ماذا تقول؟
شاب 4: شاهدته يختفي ويظهر بسرعة خيالية…يبدو انه..
شاب 2: انه ماذا؟
شاب 4: جن …شبح…شكل الوادي المخيف يقول ذلك…
شاب 2: لا تخيفنا اكثر مما نحن فيه من خوف…قلبي تتسارع دقاته من شدة الخوف…
((شاب 4 يصاب بنوبة هلع و يدخل معه الشباب بنفس النوبة من الخوف…))
شاب 1: دعونا مع بعض…قرب بعض لا تبتعدوا عن بعض…لنشبك ايدينا ببعض…حتى لا نتوه في هذا الظلام الحالك..
((يتماسك الشباب كانهم جسد واحد))
شاب 3: يقرا القران بصوت جميل وهو مطأط أراسه للارض…
(( شاب2 منكفأ على وجه ويبكي))
شاب 4 : يبدو ان نهايتنا كتبت هنا…كنت اشعر ان يسام وتغريبا…
شاب 1 : اصدقائي…يبدو اننا مصابون بالوهم الجمعي…
شاب 2: وهل هذا وقت للتفلسف…دع عنك الكتب اللعينة …نحن نواجه الموت جدلنا طريقا للخروج من هنا…
شاب 1 : صدقونا يبدو اننا مصابون بالوهم الجمعي
شاب 4: لم اسمع من قبل بهذا الامر..هل هو مرض….؟
شاب 1: مرض نفسي….او ربما اجتماعي.. لا عليكم بالتفاصيل الان…دعوني اعرف منكم مواصفات الماعز…وهنا ساتبين هل نحن مصابون بهذا الوهم املا؟
شاب 2: وكيف تعرف كل هذا..
شاب 4: من الكتب بالتاكيد الم ترى هذا المعقد يقرا الكتب طوال الطريق…
شاب 1: كل واحد منكم يقول لي ماذا يرى في هذا الماعز…
شاب 2: الجرس احمر اللون
شاب 3: الجرس احمر اللون
شاب 4: الجرس احمر اللون
شاب 2: لون القرون اسود داكن
شاب 4: لون القرون اسود داكن
شاب 3 : لون القرون اسود داكن..
شاب 1 : يا للمصيبة يبدو ان الامر حقيقي…
شاب 4: قلت لكم ان هذه الحفرة تشبه بيت الجن..وهذه الغابات مسكونة…ارواح …ارواح …منذ الوهلة الاولى كنت اشعر ان ارواحا ما تسير معنا…
شاب 1: يبدو ان التقاليد العربية لازالت تسيطر على دماغك…
شاب 3 : جدولنا الحلو دعكم من هذا الجدال…
شاب2: الماعز…انه امامكم مباشرة …
شاب 1: مرة اخرى…اللعنة
((لحظات صمت تلف المكان))
((المشهد الثالث))
((الماعز يقترب منهم خطوة بخطوة، وهم احدهم يقرا القران والاخر يدعو الله، واحدهم يتوسل بمريم العذراء، واخر بالاولياء الصالحين والاخير يبكي حرقة لوداع اهله وقرب ساعة الموت ويستمرون هكذا لدقيقتين او اكثر))
شاب 1 : (يرفع راسه) هي…هي…..انتم …يبدو انه رحل…دعونا نتحرك بسرعة…
شاب 2: كم الساعة؟
شاب 1 : الرابعة…
شاب 4: ساعتين امضيناها! كم غادر هو الزمن….
شاب 1 : دعونا نغادر بسرعة وهدوء
((يبدو انهم يمشون كجس دواحد…بترقب وتوجس))
شاب 3: يبدو اننا اجتزنا الوادي…
((صمت كبير وترقب وبعد ان يسيروا لدقائق وهم صامتون تحاصرهم دوريات الحدود المتكونة من الكوماندوز ويلقون القبض عليهم وسط شتم وضرب دون ان يتحرك الشاب او يَنْبِسُوا بِبِنْ تِشَفَةٍ))
((يبدو الشباب خلف القضبان او تم ترحيلهم حسب ما يراه المخرج من رؤية تخدم فكرته في معالجة النص))
شاب 1 : يبدو ان السعادة التي كنا نبحث عنها وهم في وهم…..وسجن اخر لا يقل ماساة ورعب عن سجون اوطاننا…
شاب 2: يبدو ان الارواح التي كانت ترافقنا ولم نشعر بها….هي لاولئك الذين يرفضون ان نهرب من الجحيم الذي نعيش به جميعا برضا كبير….
شاب 3 : لازلت جائعاً….معدتي تكاد تنفجر من شدة الجوع…..انا جائع….
شاب 4: يبدو اننا سنستمر بالحديث…دون ان يفهم احد لغتنا….
((يضحك الجميع بسخرية عالية))
((اظـــلام تــــــــام))